icon
التغطية الحية

الجيش الوطني يتآكل.. تعرف إلى التركيبة الفصائلية شمالي سوريا لعام 2023

2023.11.08 | 08:36 دمشق

التركيبة الفصائلية شمالي سوريا لعام 2023
التركيبة الفصائلية شمالي سوريا لعام 2023
تلفزيون سوريا - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

خلال العامين الماضيين، سادت أخبار الاندماجات بين الفصائل العسكرية في شمالي سوريا، والانشقاقات الداخلية فيما بينها، وتشكيل غرف عمليات، وقوىً، تارة "موحدة"، وتارة "مشتركة"، لتطغى الفوضى الفصائلية بشكل واضح على المشهد خلال هذه المدة، وبطبيعة الحال، انعكست الفوضى سلباً على أطراف محددة، بينما وظّفت أطراف أخرى تلك المتغيرات لتحقيق مكاسب تعتبرها "استراتيجية" على طريق الاستفراد بالقرار العسكري والأمني والإداري في كامل مناطق سيطرة المعارضة السورية.

ومع اضطراب واقع الفصائل وتشتتها وولادة كثير من التحالفات العسكرية وفشل بعضها، يكشف موقع تلفزيون سوريا في هذا التقرير التركيبة الفصائلية شمالي سوريا لعام 2023، وفق آخر التحديثات المتعلقة بالاصطفافات بين التشكيلات والفصائل، إضافة لعرض مآلات ونتائج هذه الاندماجات، والرابح والخاسر منها حتى الآن، بالنظر إلى معطيات ومعلومات تفصيلية.

أبرز التحالفات العسكرية خلال عامين

أنتجت التحالفات العسكرية خلال العامين الماضيين عدة مسميات لغرف عمليات وقيادات مشتركة، وهذه أبرزها:

غرفة القيادة الموحدة (عزم)

في 15 تموز عام 2021، أعلن فصيلا الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد العاملان في الجيش الوطني السوري، عن تشكيل غرفة للتنسيق بينهما حملت اسم القيادة الموحدة "عزم"، بقيادة قائد "الشامية" مهند الخلف (أبو أحمد نور).

وجاء الإعلان بعد أن عقدت قيادة فصيل "الجبهة الشامية"، عدة اجتماعات مع نظيرتها في "فرقة السلطان مراد"، بهدف تقريب وجهات النظر بين الفصيلين، ووضع أسس لتسهيل العمل المشترك بينهما، وصولاً إلى مرحلة الاندماج لاحقاً.

وانضمت عدة فصائل إلى "عزم" في وقت لاحق، منها فرقة الحمزة، وفرقة السلطان سليمان شاه، وجيش الإسلام، وفيلق المجد، ولواء السلام، وبعد أشهر من الإعلان، بدأ مسمى "عزم" يتلاشى شيئاً فشيئاً ليعود كل فصيل عمل فيها إلى وضعه الطبيعي قبل الاندماج.

هيئة ثائرون للتحرير

بعد تشظي غرفة "عزم"، نتج عنها تكتل بعض الفصائل العاملة فيها ضمن مسميات أخرى، فبعضها شكّل "حركة ثائرون"، وبعضها "الجبهة السورية للتحرير"، وفي 23 كانون الثاني 2022، أعلن هذان التشكيلان اندماجهما ضمن تشكيل جديد يحمل اسم "هيئة ثائرون للتحرير".

كانت "حركة ثائرون" تضم خمسة فصائل أعلنت اندماجها، مطلع شهر تشرين الأول 2021، وهي: "فرقة السلطان مراد، فيلق الشام - قطاع الشمال، ثوّار الشام، فرقة المنتصر بالله، الفرقة الأولى بمكوناتها (لواء الشمال والفرقة التاسعة واللواء 112)".

أمّا تشكيل "الجبهة السورية للتحرير" فقد أُعلن عنه، مطلع شهر أيلول 2021، وذلك باندماج خمسة فصائل، أربعة منها خرجت من "عزم" وهي: "فرقة الحمزة، وفرقة السلطان سليمان شاه، والفرقة 20، وصقور الشمال"، إضافةً إلى "فرقة المعتصم"، وكذلك اندثر تشكيل "ثائرون" فيما بعد ليعود كل فصيل للعمل منفرداً.

الفيلق الثالث

مع بدء تلاشي غرفة "عزم"، قررت عدة فصائل عاملة فيها، الاستعاضة عنها في 18 تشرين الأول 2021، بالإعلان عن الاندماج الكامل تحت مسمى "الفيلق الثالث"، وهي الجبهة الشامية، وجيش الإسلام، وفيلق المجد، والفرقة 51، ولواء السلام، وفرقة ملك شاه.

واعتبرت "هيئة تحرير الشام" في إدلب أن الفيلق يشكل خطراً عليها، متذرعة بوجود جيش الإسلام داخله، لكون الطرفين خاضا مواجهات عنيفة فيما بينهما في منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، ويعود الصراع بينهما إلى سنوات، فبدأت بالتحريض عليه إعلامياً، إلى أن استغلت أحداثاً معينة في ريف حلب الشمالي، نتج عنها هجوم عسكري للهيئة على مواقع الفيلق الثالث في ريف حلب خلال عام 2022، انتهى بخسارة الأخير لمعاقله في عفرين، إضافة لتجريده من أكبر مورد مالي له (معبر الحمران)، وانتهى الحال بالفيلق إلى عودة تشكيلاته للعمل شيئاً فشيئاً ضمن مسمياتها القديمة، خاصة الجبهة الشامية.

حركة التحرير والبناء

أسست "حركة التحرير والبناء" في 15 شباط 2022، من قبل فصائل معظمها من المنطقة الشرقية في سوريا (تحديدا دير الزور)، وهي أحرار الشرقية وجيش الشرقية والفرقة 20 وصقور الشام (قطاع الشمال)، بقيادة العقيد حسين الحمادي، وإلى الآن لم يشهد هذا التحالف أي تغيرات جذرية أو تفكك.

القوة المشتركة

بدأ تداول مسمى "القوة المشتركة" مطلع عام 2023، وهي تحالف بين فرقة السلطان سليمان شاه (بقيادة محمد الجاسم أبو عمشة)، وفرقة الحمزة (بقيادة سيف بولاد)، وتنخرط الفرقتان ضمن الفيلق الثاني في الجيش الوطني، ورغم ذلك قررتا العمل ضمن هذا المسمى بشكل منفرد، بعد خلافات مع قائد الفيلق فهيم عيسى.

تجمع الشهباء

أُعلن عن تشكيل "تجمع الشهباء" المتهم بالتبعية لهيئة تحرير الشام في شهر شباط من العام الجاري، من قبل فصائل "أحرار الشام - القطاع الشرقي" و"الفرقة 50 - أحرار التوحيد" و"حركة نور الدين زنكي"، بقيادة حسين عساف، دون أن ينسب نفسه لأحد من فيالق الجيش الوطني السوري الثلاثة، في حين أصدرت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة بياناً في الفترة نفسها، أكدت فيه عدم انتماء التجمع للجيش الوطني.

القوة الموحدة

في الخامس من الشهر الجاري، أعلنت فرقة المعتصم، والجبهة الشامية، وتجمع الشهباء عن تشكيل "القوة الموحدة"، وقالت إن القوة ضمن صفوف الجيش الوطني السوري، دون صدور بيان من وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة حول طبيعة هذا التشكيل الذي اتُهم مع الإعلان عنه بـ "التنسيق مع هيئة تحرير الشام".

محافظة إدلب.. من أبرز الفصائل؟

تعمل الفصائل في محافظة إدلب ضمن إطار تنسيقي بمسمى "غرفة عمليات الفتح المبين"، وتضم بشكل رئيسي، هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير، وجيش العزة.

تُعدّ هيئة تحرير الشام بقيادة "أبو محمد الجولاني" الفصيل الأكبر العامل في إدلب، وقد أُعلن عن تشكيلها في عام 2017، وهي اسم بديل للمسمى القديم "جبهة فتح الشام" و"جبهة النصرة"، وتمكنت من بسط نفوذها على إدلب والتحكم بشؤونها العسكرية والمدنية بعد إقصاء بقية الفصائل وقتالها، وعلى رأسها حركة أحرار الشام.

أما "الجبهة الوطنية للتحرير"، فقد أُعلن عن تشكيلها في شهر أيار 2018، وضمّت 11 فصيلاً من "الجيش السوري الحر" سابقاً، وذلك بقيادة العميد فضل الله الحجي، ومن أبرز فصائلها "فيلق الشام، وجيش إدلب الحر، والفرقة الساحلية الأولى، والجيش الثاني، والفرقة الساحلية الثانية، وجيش النخبة، والفرقة الأولى مشاة، وجيش النصر، وجيش الأحرار"، ورغم أن أحرار الشام ذُكر اسمها في بيان التشكيل، إلا أن قسمها العامل في إدلب بقيادة "عامر الشيخ" يعد حلفاً في صف هيئة تحرير الشام، أكثر مما هو في الجبهة الوطنية.

جيش العزة كان ينشط في ريف حماة الشمالي بقيادة جميل الصالح، وبعد حملة عسكرية روسية، وخسارة فصائل المعارضة لمنطقة شمالي حماة، انتقل الجيش للعمل في محافظة إدلب.

التركيبة الفصائلية لعام 2023

قبل الخوض في تفاصيل التركيبة الفصائلية شمالي سوريا خلال عام 2023، يجب التذكير بأن الفصائل خاضت مواجهات عسكرية متبادلة فيما بينها لأكثر من مرة منذ عام 2022 إلى الآن، كان المحرك الأساسي لها الصراع على الاقتصاد والمعابر والنفوذ.

من أبرز هذه المعارك، تلك التي كانت بين هيئة تحرير الشام وفرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه وحركة نور الدين الزنكي، وحركة أحرار الشام (القسم الموالي للهيئة)، ضد الفيلق الثالث في ريف حلب، وانتهت بإضعاف الفيلق وتحجيمه.

ثم اندلعت مواجهات بين هيئة تحرير الشام وحلفائها (تجمع الشهباء)، ضد فرقة السلطان مراد، وانتهت المواجهة أيضاً باتفاق على وقف إطلاق النار بعد أن فرض حلفاء الهيئة أمراً واقعاً بالسيطرة على معبر الحمران مجدداً واعتقال العشرات من عناصر "السلطان مراد" واقترابهم من معقله في مدينة الراعي.

في مختلف هذه المواجهات وغيرها، كان فصيل أو فيلق واحد يخوض المواجهة منفرداً ضد هيئة تحرير الشام، بينما يكتفي الآخرون بالمتابعة، الأمر الذي أفقد فصائل الجيش الوطني الثقة فيما بينها، خاصة أن وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة لم يكن لها أي دور في إدارة المواجهة.

هذه المعطيات، إضافة إلى شكل تعامل الجانب التركي مع الملف، دفع بعض الفصائل إلى التحالف مع هيئة تحرير الشام وتعميق العلاقة بشكل أكبر، بالتالي إضعاف الجيش الوطني ووضعه في حالة موت سريري، وتفتيت فكرة فيالقه الثلاثة تباعاً، على اعتبار أن معظم الفصائل عادت للعمل ضمن مسماها القديم.


التحالفات العسكرية

بعد التفصيل في تاريخ الاندماجات وطبيعتها وسياقها، وما تبعها من مواجهات عسكرية وخذلان فصائل الجيش الوطني السوري لبعضها بعضا أمام هجمات هيئة تحرير الشام على ريف حلب الشمالي، يمكن الإشارة إلى أكثر من حلف عسكري في الشمال السوري حالياً، ربما يتغير واقعها في أي وقت، ويمكن تصنيفها كالآتي:

  1. حلف عسكري تنسيقي لا يعني الاندماج، ويشمل ذلك "غرفة عمليات الفتح المبين" في إدلب (هيئة تحرير الشام - الجبهة الوطنية للتحرير - جيش العزة).
  2. حلف عسكري ينشط شمالي حلب، مدعوم من هيئة تحرير الشام، كان من دوافع تشكيله المصالح الاقتصادية والخوف من هجمات مضادة، ويشمل ذلك "القوة المشتركة" (العمشات - الحمزات)، ويعد الحلف يداً للهيئة بريف حلب يخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية.
  3. حلف شمالي حلب يكتنفه الغموض، يجمع بين خصوم سابقين للهيئة، وحلفاء لها في آن واحد، ويشمل "القوة الموحدة" (الجبهة الشامية - فرقة المعتصم - تجمع الشهباء)، ورغم أن القوة أعلنت التبعية للجيش الوطني، إلا أن أطرافاً اتهمتها بالتعاون مع هيئة تحرير الشام للمساهمة بتنفيذ مخططاتها التوسعية في ريف حلب.
  4. حلف تجتمع مكوناته على أساس مناطقي، وهو "حركة التحرير والبناء" (فصائل المنطقة الشرقية).
  5. حلف يصنّف من خصوم هيئة تحرير الشام، ودخل في مواجهات ضدها مؤخراً، ويشمل فرقة السلطان مراد، وجيش الإسلام، رغم أن الفصيلين في فيلقين مختلفين ضمن الجيش الوطني، إلا أنهما تشاركا القتال قبل أسابيع ضد الهيئة، ما يزيد من فرص انتقال جيش الإسلام من الفيلق الثالث إلى الفيلق الثاني.

هناك فصائل لم يأت التقرير على ذكرها، بسبب صغرها أو ضيق المساحات الجغرافية الخاضعة لسيطرتها وعدم انخراطها خلال السنوات الماضية في التحالفات العسكرية أو امتلاكها القدرة على التأثير فيها، وبناء على ما ورد، تشير الوقائع والأحداث الماضية والحاضرة، إلى أن حلف "هيئة تحرير الشام" في اتساع على حساب الجيش الوطني، لتبدأ الهيئة حلقة جديدة في مسلسل جهودها للسيطرة على كامل مناطق سيطرة المعارضة، وذلك لا يشكل تهديداً على فصيل بعينه فقط، إنما على وزارة الدفاع والجيش الوطني بكافة فيالقه بشكل عام، ثم المؤسسات المدنية والسياسية التي تستمد الشرعية - حسب وصفها - من مناطق شمالي حلب، مثل الحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني، وربما يكون للجانب التركي وما يتبناه  من رؤية في المرحلة المقبلة الكلمة الفصل بتحديد الشكل النهائي لواقع الفصائل والسيطرة والنفوذ في الشمال السوري.