icon
التغطية الحية

أغنى مناطق سوريا "نفطياً" أيتامها جائعون

2022.06.18 | 15:23 دمشق

dwma_sbtmbr.jpg
طفل يبيع الذرة في دوما بريف دمشق ـ تعبيرية ـ رويترز
دير الزور ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

يدفع أطفال سوريا ثمنا باهظا منذ أكثر من عشرة أعوام، كثيرون منهم خبروا ظروف الحرب القاسية وخسروا منازلهم ومدارسهم ورفاقهم وبلداتهم، وعانوا من الحصار والتجويع، في حين أنّ مئات الآلاف خسروا ذويهم، لتتفاقم معاناتهم.

في شرقي سوريا، لا توجد حصيلة دقيقة أو حتى قريبة لعدد الأطفال الأيتام في محافظة دير الزور ، لعدم وجود جهات تهتم بهم أو تساعدهم، إضافة إلى تقاسم السيطرة على المحافظة بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) من جهة، وقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية من جهة أخرى.

وبين هذا وذاك ضاعت حقوقهم وغاب مستقبلهم، وأصبح هؤلاء الأطفال معيلين لأسرهم قبل بلوغهم أشدهم، فمنهم من بدأ العمل في الورشات الصناعية، وآخرون في البناء وبعضهم في الزراعة والمحال التجارية، أما أغلبهم فيعمل في جمع المواد من النفايات وبيعها، إضافة إلى التسول.

أطفال معيلون لأسرهم في دير الزور

بركات وصهيب وجاسم أطفال بأعمار (13، 10، 8) توفي والدهم بقصف لطائرات النظام الحربية على منطقة الجزرة بمحافظة دير الزور، ثم تخلت أمهم عنهم، حيث بدأت معاناتهم مع أختهم "تهاني"، وبالرغم من أنهم يعيشون في أغنى محافظة نفطيا في سوريا، فإنهم يعملون في جمع الألومينيوم والحديد والبلاستيك لبيعه والحصول على بعض المال، ويقدر مدخول الإخوة الثلاثة نحو 4000 ليرة سورية، يشترون بها بعض الاحتياجات الأساسية، حيث يسكن الأطفال الأربعة مع جدتهم في قرية حمار العلي بريف دير الزور الشرقي.

يتمنى بركات أن يصبح معلما عندما يكبر، أما في حياته الحالية فيحلم أن يعيش كباقي أطفال العالم يلعب ويمرح مع أقرانه وأن يرتاد المدرسة مع إخوته ويلبس ألبسة جديدة ونظيفة وأن ينام في فراش دافئ، وألا يفكر في العمل واحتمال أنه قد ينام مع إخوته وجدته وهم جياع.

بركات وإخوته ليسوا وحدهم من يعانون، "خالد وفهد ومنى" أطفال أيتام من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقدوا والدهم نتيجة قصف مدفعي لقوات النظام على قرية في دير الزور، خلال عمله في زراعة أرضه، وبعد أشهر تركتهم أمهم عند عمهم "أبو صالح" الذي لديه 12 ابنا وابنة، ووضعه المادي في حال يرثى لها، إلا أنه لم يتخل عن أولاد أخيه اعتنى بهم كأولاده، لكن الأزمة المعيشية أجبرته على السماح لبناته بالعمل في الورشات الزراعية لتأمين مستلزمات المنزل.

أما "أم عبد الله" فلم تترك أولادها عبد الله 14 عاما وعبد العزيز 12 عاما وأحمد 9 سنوات وأمل سبع سنوات، بعد وفاة والدهم نتيجة انفجار حراقة نفط بدائية خلال عمله بها، إلا أن الظروف الاقتصادية الصعبة أجبرتها على العمل في الأراضي الزراعية لتأمين الطعام لهم، والأطفال يتسولون في المحال التجارية المجاورة، غياب المعيل والجهات المسؤولة والمنظمات الإنسانية حرمت الأطفال الأربعة من أبسط حقوقهم في الحياة والتعليم والطعام.

مساعدات "الإدارة الذاتية" مخصصة لأطفال الذين قتلوا في صفوفها

قال مصدر خاص لـ موقع تلفزيون سوريا إن "الإدارة الذاتية" لا تلقي بالا للأطفال الأيتام المنتشرين في الشوارع ويعملون في جمع القمامة أو في مهن خطرة كـ "حراقات النفط أو البناء"، في حين لديها مكتب يدعى "مكتب عوائل الشهداء" ودوره متابعة عوائل وأطفال عناصر "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) الذين قتلوا خلال المعارك مع تنظيم "الدولة" (داعش) أو "الجيش الوطني السوري" وتركيا.

وأضاف المصدر أن أغلب المنظمات الإنسانية المحلية والدولية تهتم بتقديم المساعدات لعوائل وأطفال عناصر "قسد" الذين قتلوا خلال معاركها ضد "داعش"، وبعض المنظمات الأخرى تقدم مساعدات للنازحين في المخيمات، كما تقيم دورات محو أمية وتأهيل للفتيات.

وأشار المصدر أنه منذ سيطرة "قسد" على المنطقة لم تقدم "الإدارة الذاتية" أو المنظمات الإنسانية والمحلية أي مساعدات أو برامج دعم نفسي أو إعادة تأهيل للأطفال الأيتام الذين فقدوا ذويهم خلال الثورة السورية، كما أنه لا يوجد أي دار لرعاية الأيتام الذين لا أحد لهم.

وأشار المصدر أنه رغم انتشار الأطفال الأيتام في المنطقة وعملهم في مختلف المجالات، لم ترصد أي جهة وضعهم المعيشي ولم تحص عددهم ولو تقريبيا.

وتقول "أم فرح" إنها فقدت زوجها والآن تعيش في غرفة واحدة في قرية "حمار العلي" بريف دير الزور الغربي، مع بناتها الثلاث حيث ناشدت وطرقت أبواب معظم المنظمات الإنسانية والجهات المسؤولة إلا أنها لم تتلق أي إجابة، ما دفعها للتسول بهدف تأمين الطعام لها ولبناتها، في ظل الواقع المتردي الذي تعيشه دير الزور وارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل إضافة إلى تقاعس عمل المنظمات الإنسانية في تأدية عملها في إغاثة العوائل التي تعيش تحت خط الفقر.

لا حصة للأيتام من أموال نفط دير الزور

ذكرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها نشر في 19 من أيلول 2019، أن الحقول النفطية الخاضعة لسيطرة “قسد” تنتج ما يقارب 14 ألف برميل يوميا.

اقرأ أيضا: الأطفال الأيتام في مخيمات الشمال السوري.. معاناة معيشية ومصير مجهول

واستنادا إلى شهادات حصلت عليها الشبكة الحقوقية، فإن "قسد" تبيع برميل النفط الخام للنظام السوري بقرابة 30 دولارا، أي بعائد يومي يقدر بـ 420 ألف دولار، وبعائد شهري يقدر بـ 12 مليونًا و600 ألف دولار، وبعائد سنوي يقدر بـ 378 مليون دولار، باستثناء عائدات الغاز.

رغم كل هذه الأموال التي تجنيها "قسد" والإدارة الذاتية" فإن مشهد عمالة الأطفال يبدو واضحاً بشكل كبير، حيث يعمل طفل أو أكثر في معظم المعامل والورش الصناعية.

يشار إلى أنّ معظم حقول النفط والغاز الرئيسية في سوريا والمنتشرة شمال شرقي البللاد (بينها حقول رميلان) تسيطر عليها "قسد" بدعمٍ من قوات التحالف الدولي

ويضطر الكثير من الأطفال إلى ممارسة مهن شاقة تشكل خطراً جسيماً على حياتهم لتأمين لقمة العيش، وذلك بعدما أصبح الطفل المعيل الوحيد لعائلته بعد فقدان الأب أو الأبوين، كما أن من أسباب عمالة الأطفال في سوريا التسرب المدرسي. 

وقالت منظمة اليونيسيف في بيان عام 2021 بمناسبة اليوم الدولي للتعليم إن نحو 2.4 مليون سوري متسربون من المدارس في سوريا، و750 ألف طفل في دول اللجوء. وجدوا أنفسهم مشردين في الشوارع وبين الخيام، في حين يفترض أن يكونوا في أحضان أبائهم وتحت سقف منزلهم.

وأضافت المنظمة أن 10% من أطفال سوريا أيتام أحد الوالدين أو كليهما بسبب الحرب، واليوم ومع دخول الحرب في سوريا عامها الثاني عشر ازدادت تلك الأرقام وتضاعفت، وباتت معاناة أولئك الأطفال كبيرة جدا مع موجات النزوح والأزمات الاقتصادية والصحية التي تعصف بسوريا.