icon
التغطية الحية

نيوزويك: لا يمكن للحملة الأميركية ضد جرائم بوتين أن تتجاهل ما يحدث في سوريا

2022.07.19 | 18:25 دمشق

لافتة في إحدى المظاهرات كتب عليها: "بوتين مجرم حرب" - المصدر: الإنترنت
لافتة في إحدى المظاهرات كتب عليها: "بوتين مجرم حرب" - المصدر: الإنترنت
نيوزويك / طارق كتيلة - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في زيارة مفاجئة لأوكرانيا قام بها المدعي العام الأميركي ميريك غارلاند، أعلن هذا الرجل عن تشكيل فريق جديد معنيّ بالمحاسبة على جرائم الحرب لمساعدة المسؤولين الأوكرانيين في الكشف عن هوية مجرمي الحرب الروس واعتقالهم، حيث قال: "سنمضي في كل السبل المتاحة لنضمن محاسبة من يتحمل مسؤولية تلك الفظائع".

وقد حظيت تلك المبادرة بترحيب بالغ، ولكن عندما تحاول وزارة العدل الأميركية أن تحاسب مجرمي الحرب الروس، عليها ألا تقصر جهودها على ما يحدث داخل الأراضي الأوكرانية. إذ في سوريا، ساهم تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدعم الديكتاتور المجرم بشار الأسد النظام السوري على تعذيب وقتل الآلاف من المعتقلين السياسيين. ثم إن محاسبة هؤلاء الأشخاص الذين مارسوا التعذيب والقتل والإعدام لا يعدّ الشيء الوحيد الصحيح من الناحية الأخلاقية، بل إن كل ذلك يعدّ جزءاً لا يتجزأ من النضال ضد اعتداء بوتين على النظام الدولي القائم على قوانين واضحة.

منذ بداية الحرب السورية في عام 2011، قتل أكثر من 350 ألف سوري بحسب ما أوردته هيئة الأمم المتحدة، كما فر من البلاد ما يقدر بـ 6.8 ملايين شخص وهؤلاء تحولوا للاجئين، في حين أصبح 6.7 ملايين شخص آخرين نازحين داخل سوريا.

بيد أن عدد القتلى واللاجئين لا يمثل سوى جانب واحد من تلك الحكاية، وذلك لأن نظام الأسد يرتكب جرائم يندى لها الجبين بحق المدنيين كل يوم، خاصة هؤلاء القابعين في غياهب السجون في سوريا. إذ في سجن صيدنايا المعروف باسم "المسلخ"، يتم إخراج ما لا يقل عن 50 سجيناً من زنزاناتهم في منتصف الليل كل أسبوع، حتى يتعرضوا للضرب المبرح في قبو مظلم، بعد ذلك يتم إعدامهم بحسب ما ورد في تقارير صادرة عن منظمة العفو الدولية. وذلك لأن التعذيب ومنع الطعام والماء والرعاية الطبية عن السجناء بشكل مقصود تحول إلى أمر معتاد في ذلك الجحيم الذي يعيشونه.

وصف أحد السجناء السابقين، وهو عمر الشغري، كيف اقتلعوا أظافر يديه في أحد السجون السورية عندما لم يكن عمره يتجاوز الخامسة عشرة، ثم أطلق سراحه في نهاية الأمر، لكنه اعتقل مجدداً وهو في عمر السابعة عشرة، برفقة أبناء خالته الثلاثة. وفي أثناء مكوثه في السجن، تم تعليق هؤلاء الشبان الأربعة بالسقف، وتعرضوا للصعق بالكهرباء، وأرغموا على ضرب بعضهم بعضاً. إلى أن فارق الحياة اثنان من أولاد خالة الشغري، أمّا الثالث فهو بنظره بين عداد القتلى، دون التأكد من صحة تلك المعلومة.

في حالات كثيرة، لم يكن هؤلاء السجناء من بين من طالبوا بالديمقراطية أو أبدوا أي تعاطف مع المعارضة السورية أي تلك الفئة من الشعب التي حاربت لإسقاط نظام الأسد القمعي منذ عام 2011، وذلك لأن أغلب المعتقلين في سوريا يُعتقلون من بيوتهم بلا سبب في كثير من الأحيان، كما أن عائلات السجناء ليست لديها أية وسيلة للتواصل مع أبنائها، أو حتى معرفة مصيرهم إن كانوا أحياء أم أمواتاً.

يحدث هذا النوع من الوحشية بصورة يومية في سوريا الأسد، إذ تورد إحدى التحليلات وجود أكثر من 130 ألف شخص وقعوا ضحية الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري" على يد النظام. كما يتعرض اللاجئون السوريون في أغلب الأحيان لمضايقات من قبل نظام الأسد، وكثيرون منهم يتعرضون لتهديدات مستمرة بإعادتهم إلى بلدهم لأسباب بيروقراطية بحتة.

 

المؤسف في الموضوع هو أن المسؤولين الأميركيين سكتوا عن جرائم الأسد كثيراً، ولهذا يتعيّن على الولايات المتحدة أن ترفع مشروع قرار أمام الأمم المتحدة على أقل تقدير تطالب فيه الأسد بفتح سجونه للمنظمات الإغاثية الإنسانية، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر. كما يجب على حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ألا يطبعوا العلاقات مع سوريا مع مواصلة نظام الأسد لارتكاب جرائم بحق الإنسانية.

وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على المسؤولين الأميركيين أن يدفعوا باتجاه فرض قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا بشكل كامل، بما أن هذا القانون يفرض عقوبات على كل من يدعم نظام الأسد مالياً.

كما يجب بذل جهود قائمة على تنسيق وتعاون للعمل على الالتفاف على البيروقراطية التي تتحكم بعملية إصدار جوازات السفر السورية، وذلك لأن نظام الأسد يحصل ملايين الدولارات  عبر ابتزاز السوريين، وبينهم لاجئون في دول عديدة، عند تقديمهم طلباً لتجديد جواز السفر. بل إن بعضاً منهم تعرض للاعتقال والاختطاف في القنصليات والسفارات السورية في دول الجوار عندما زاروها بهدف تجديد جوازات سفرهم.

لحماية هؤلاء الأفراد، ينبغي على الولايات المتحدة أن تشجع هيئة الأمم المتحدة على إصدار جوازات سفر زرقاء لطالبي اللجوء السوريين، كتلك الجوازات التي تخصص عادة لأعضاء المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي.

ويجب على الولايات المتحدة أن تطلب من الدول المجاورة لسوريا، وغيرها من الدول الحليفة لها بالاعتراف بجوازات السفر الصادرة عن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بما أن الحكومة الأميركية أقرت اعترافها بالائتلاف على أنه "الممثل الشرعي" للشعب السوري في عام 2012.

إن ردة الفعل الأميركية القوية تجاه جرائم بوتين في أوكرانيا أمر يستحق الثناء، إلا أن جرائم الحرب التي يرتكبها الأسد، بمساعدة بوتين وبتحريض منه، بقيت تحدث بصورة يومية في سوريا منذ أكثر من عقد من الزمان، أي أن الوقت قد حان لتكف الولايات المتحدة عن غض الطرف عن وحشية الأسد، ولتدافع عن ملايين السوريين الذين ما يزالون يعانون الأمرّين على يد ذلك الديكتاتور المجرم.

المصدر: نيوزويك