icon
التغطية الحية

في مخيمات المهجّرين بإدلب.. سيدة تفتتح مركزاً تعليمياً في موقع أثري |صور

2022.03.08 | 16:16 دمشق

أطفال مهجرون
أطفال مهجّرون في مركز تعليمي داخل موقع أثري بريف إدلب (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

على باب موقع أثري روماني تحوّل بجهدٍ تطوعي إلى مركز تعليمي في ريف إدلب، تقف السيدة نجلاء معمار، كلّ صباح، تستقبل الأطفال المهجّرين في المخيمات.

الموقع وهو بقايا قلعة أثرية تقع وسط مخيمات منطقة دير حسان شمالي إدلب، لم يعد وجهةً سياحية كما يُفترض أن يكون، إنّما أصبح مكاناً يقبل عليه الأطفال حاملين معهم ما توفّر من متاعٍ دراسيّة وقرطاسية، إلى جانب سيدات وجدنَ في النزوح دافعاً نحو التعلّم واكتساب مهارات جديدة بعد انقطاع طويل.

السيدة نجلاء معمار - المهجّرة منذ سنتين تقريباً من معرة النعمان جنوبي إدلب - حوّلت موقعاً أثرياً بعد إجراء عدة ترميمات إلى مركز تعليمي للأطفال يحمل اسم (شام)، تحاول من خلاله أن تخلق من واقع النزوح والبؤس، أملاً جديداً لدى الأطفال والسيدات المهجّرات.

01_0.jpg
السيدة نجلاء معمار مديرة مركز "شام" الأثري في ريف إدلب

تقول "معمار" لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ "المهمّة صعبة جداً أمام احتياج كبير للفئة المستهدفة، وهي فئة نازحة ومقهورة ومتعبة بسبب ظروف النزوح والتهجير القسري وويلات الحرب مع تراجع مستوى التعليم وتدهوره بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية".

لماذا الموقع الأثري؟

استفادت السيدة نجلاء من طبيعة الموقع الجغرافي الذي نزحت إليه في منطقة دير حسان، التي تضم العديد من المواقع الأثرية التاريخية وهي بقايا كنائس وقلاع تعود للقرن السادس الميلادي، وحوّلت بقايا قلعة أثرية تأخذ شكلاً مستطيلاً إلى مركز يستقطب أطفالاً وسيدات للتعليم والتدريب.

وعمِلت على ترميم أرض الموقع الأثري وتغطية جدرانه بالستائر حتى تخلق جواً مناسباً للتعليم، إلى جانب سقف المكان بالأغطية (الشادر والعوازل)، مشيرةً إلى أنّ اختيار القلعة لمشروعها التعليمي، كان سببه "الهرب من غلاء أجور المنازل ومراكز التدريب التي لا تناسب حال المشروع التطوعي والذي يكاد أن ينعدم عنه الدعم تماماً".

وسبق أن استأجرت "معمار" فور نزوحها، منزلاً ليكون مركز تدريب مهنياً وتعليمياً للأطفال، إلا أنّ إيجاره الشهري المتزايد شهراً بعد شهر، دفعها نحو التفكير بسبيلٍ آخر يوفّر هذه الكلفة على المشروع، الذي يتشارك فيه مع السيدة نجلاء، قرابة 15 متطوعاً تنوّعت مهامهم بين الإدارة والتدريس والتدريب.

تخريج 20 مستفيداً من المركز شهرياً

تشير "معمار" إلى أنّ "ظروف التعليم القاهرة التي تعاني منها مخيمات النزوح في الشمال السوري كانت دافعاً نحو إطلاق مركز تعليمي للأطفال، وللسيدات اللاتي يطمحن لإيجاد فرص عمل بعد الحصول على تدريبات نوعيّة".

والمشروع ليس وليد الأيام القليلة الماضية، إنما بدأ في معرة النعمان، عام 2015، ونزح مع "معمار" الحاصلة على إجازة في التاريخ، إلى مكان تهجيرها الجديد في منطقة دير حسان.

وركّزت "معمار" من خلال المركز على إطلاق عدة تدريبات مهنية للسيدات أسهمت في تأمين فرصة عمل ودخل شهري لهن، ليكنّ معيلات لأسرهنّ، ومن أبرز هذه التدريبات: الخياطة والإسعاف الأولي والكوافير والتجميل، والتوعية والنسيج.

المركز يُخرّج قرابة 20 مستفيدة شهرياً في مختلف التخصّصات التدريبية التي يوفّرها، كما أسهم في دخول قسم كبير منهنّ في سوق العمل من خلال مشاريع صغيرة أطلقتها السيدات بعد اكتساب المهارة والمعلومات.

"ممرضة المخيم"

الشابة علا حلاق تعدّ من القصص الملهمة التي خرّجها مركز "شام" الأثري، بعد أن صارت "ممرضة المخيم" (مخيم "الأناضول" في دير حسان)، بحسب ما ذكرت السيدة نجلاء معمار.

وبدأت حكاية علا - المهجّرة من بلدة كفر سجنة جنوبي إدلب - حينما التحقت بدورة تمريض وإسعاف أولي في المركز وحقّقت نجاحاً ملحوظاً خلالها، لتخدم بدورها سيدات المخيم اللاتي يسمينها بـ"ممرضة المخيم".

تقول علا لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ "مشهد الإبرة مخيف بالنسبة لها، فكيف استخدامها؟ لكن سرعان ما أتقنت مهارات التمريض والإسعاف الأولية وكسرت حاجز الخوف"، مشيرةً إلى أنّ "سيدات المخيم يعتمدن عليها في وخز الإبر ومراقبة الضغط وكذلك خياطة الجروح والإسعاف الأوّلي، مع بُعد المراكز الصحية والمستشفيات عن المخيم".

روضة أطفال

يستقبل مركز "شام" في فترته الصباحية أطفالاً في مرحلة الروضة، من المخيمات المحيطة في الموقع الأثري ضمن منطقة دير حسان، التي ينتشر فيها قرابة 600 مخيم يؤوي مئات آلاف المهجّرين.

وتقول مديرة المركز نجلاء معمار إنّ "تجمع المخيمات الكبير في منطقة المركز، لا يوجد فيها روضة أطفال، لذلك كان لا بدّ من التفكير بإطلاق هذه الروضة الأولى في المنطقة".

وبحسب "معمار" فإنّ عدد أطفال الروضة خلال فصل الشتاء يصل إلى 30 طفلاً، بسبب برودة الطقس وعدم قدرة المركز على تأمين مواد تدفئة، في حين يصل العدد في فصل الصيف إلى نحو 70 طفلاً.

دعم غائب

تذكر "معمار" أنّ "غياب الدعم عن المركز وافتقاره إلى كثير من التجهيزات، يسبّب حزناً لها، على اعتبار أنّ في جعبتها الكثير من الأفكار التي يمكن أن تبدأ بها لتحقق نفعاً كبيراً لفئتي الأطفال والسيدات على حدّ سواء"، كما أنّها تطمح إلى "توسيع حزمة التدريبات لتشمل اللغات ومهارات الـ(أوفيس)، إلا أنّ الأخيرة تحتاج إلى دعم وتغطية مالية وكذلك لوجستية من أجهزة ومعدّات".