icon
التغطية الحية

سوق راكد.. أسعار اللوحات الفنية بسوريا تبدأ بنصف راتب حتى الملايين

2022.06.21 | 13:09 دمشق

microsoftteams-image_27.png
أسعار اللوحات الفنية في دمشق (تلفزيون سوريا)
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

تعد الفنون التشكيليلة من أكثر الفنون تأثراً في الأزمات والحروب عموماً، باعتبارها غير ذات رواج شعبي مثل الفنون الأخرى التي تشمل الدراما والسينما والكتابة الأدبية.

ولم تكن هذه الفنون تلقى اهتماماً واسعاً من المجتمع السوري، في ظل ترتدي وضع الحريات السياسية والثقافية في البلاد منذ ستينيات القرن الماضي، وانهارت بشكل شبه كلي بعد اندلاع الثورة السورية وآلة العنف التي واجه بها النظام الشعب.

وفي الأسواق السورية، ما زال الباعة المتخصصون في بيع اللوحات والتماثيل المنحوتة والقطع الفنية المزخرفة يعرضون بضاعتهم أمام الزبائن عله يمر في اليوم أو اليومين من يشتري لوحة أو "منحوتة" أو "أنتيكا".

وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام السوري، يعد بيع اللوحات الفنية وما يتصل بالفنون التشكيلية من أكثر المهن تراجعاً في نسب المبيع، باعتبارها من الكماليات غير الأساسية.

ومع ذلك شهدت أسعار اللوحات الفنية ارتفاعاً غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية، مع ازدياد أسعار السلع بشكل كامل، ما دفع الرسامين والبائعين في أسواق دمشق القديمة والمعارض "الغاليري" في الأحياء الراقية بدمشق، لرفع الأسعار بما يتناسب مع الوضع المعيشي.

كم يبلغ متوسط سعر لوحة فنية في دمشق؟

ويعد سوق التكية السليمانية في حي البرامكة من بين أرخص الأسواق بالنسبة للوحات الفنية مقارنة بأسواق دمشق الأخرى، كدمشق القديمة مثل الحميدية وباب توما أو الراقية مثل القصاع والقصور وأبو رمانة وشارع بغداد والمالكي.

ويستقطب الباعة في سوق "التكية السليمانية" إلى حد ما الفئات الشعبية مع تراجع عدد السياح إلى الحد الأدنى، واقتصار الزبائن على بعض المغتربين الذين يستطيعون العودة إلى سوريا سواء من الدول الأوروبية أو الخليج أو تركيا.

ورغم أن أعدادهم ليست كبيرة، إلا أنهم سبب أساسي في عدم إغلاق معارض بيع الفنون التشكيلية، والتحف القديمة.

وقال فؤاد زاهر، أحد أصحاب "المعارض" الفنية لموقع تلفزيون سوريا، إن "أسعار اللوحات الفنية قد ارتفعت خلال الأشهر الماضية بشكل كبير، إلا أنها مقابل الدولار قد انخفضت بسبب خسارة الليرة السورية الذي شهدته في الفترة الماضية".

وأضاف زاهر، أن "الأسعار تبدأ من 55 ألف ليرة سورية للوحات صغيرة الحجم، والتي تكون ليست معقدة جداً، وتبدأ بالارتفاع وصولاً لـ 5 أو6 ملايين ليرة وهناك أغلى بالطبع حسب التوصية".

وأردف أن "متوسط سعر اللوحة كبيرة الحجم لا يقل عن 350 ألف ليرة، حيث ارتفعت تكاليف يد الفنانين الرسامين، وكذلك أسعار الألوان والأقمشة والأخشاب".

ولفت إلى أن أسعار اللوحات ترتفع بما لا يقل عن 50 ألف ليرة بحسب نوعية الإطار (البرواز) ومدى زخرفته ونوعية الخشب أو البلاستيك المصنوع منه.

MicrosoftTeams-image (21).png
أسعار اللوحات الفنية في دمشق (تلفزيون سوريا)

سوق محلي راكد وتصدير غير مباشر

وأكّد زاهر على أن بيع اللوحات الفنية في سوريا قليل جداً وسوقه راكد، مقارنة بأي مكان آخر في العالم، وبصراحة عندما اخترت هذه المصلحة قبل عقدين كانت عيني على السياح الأجانب خصوصاً، والآن لا يوجد عدد سياح كبير.

وبيّن أن أكبر نسبة ممن يشتري اللوحات الفنية أو التحف القديمة هم المغتربون السوريون الذين يزورون سوريا من حين إلى آخر، وأظن أن معظمهم يبيع هذه اللوحات في الخارج بأضعاف ما يشتريها من سوريا.

ولفت المختص في بيع اللوحات الفنية، إلى أن سعر أقل لوحة قادمة من دمشق في أوروبا تتجاوز الـ 100 يورو، خاصة إن امتلك السوري لغة تسويقية جيدة وعلاقات، فالأوربيون متذوقون للفن، ولديهم حب خاص للتراث المشرقي.

وأوضح أن البائع بصراحة يسأل الزبون، إن كانت للتجارة فأعطني سعراً أفضل، يعني من غير المعقول أن تبيع باليورو خارج سوريا، وتعطيني قروش هنا.

وأكّد أن "البعض يتجاوب معنا ويعطينا فوق سعر اللوحة 100 ألف إلى 200 ألف ليرة حتى نؤمن له احتياجاته بوقت أسرع، وأحياناً نقدر الثمن بالدولار ونقبض بالسوري باعتبار أنه ممنوع تداول القطع الأجنبي في سوريا".

MicrosoftTeams-image (24).png
أسعار اللوحات الفنية في دمشق (تلفزيون سوريا)

اللوحات الفنية لا تطعم الفقراء

ورصد موقع "تلفزيون سوريا" رأي عدد من السوريين في شوارع دمشق، بخصوص الاهتمام بشراء لوحات فنية وأعمال تشكيلية وغير ذلك، حيث اعتبر معظمهم أن الوضع المعيشي اليوم مقتصر على الأساسيات من طعام وشراب وأدوية، والفنون تتصل بالرفاهية ووفرة المال.

وقالت سامية (مهندسة عمارة - 29 عاماً) لموقع "تلفزيون سوريا"، "بصراحة أحب اللوحات وأتمنى أن أشتري لكن أولادي اليوم أحق بكل ليرة أستطيع توفيرها في ظل هذا الغلاء الجنوني الذي نعيشه".

وأضافت "أنا غير قادرة على شرا لوحةء، وبالتأكيد لن أهدي أحدا لوحة فنية، اليوم اللوحة بخمسين ألف ليرة أقل شيء، يعني ثمن كيلو ونصف لحمة تقريباً، وأنا أعمل فما بالك بمن لا يجد قوت يومه".

من جانبه قال محمود (معلم في مدرسة - 33 عاماً)، الراتب اليوم لا يكفي لشراء لوحة واحدة عليها القيمة، حتى اللوحات المطبوعة غالية، السوريون اليوم بحاجة إلى الحاجيات اليومية، نحن لا نرى الكهرباء مرة في اليوم أحياناً لنبحث عن لوحة".

وتصل رواتب الموظفين الحكوميين في سوريا إلى قرابة 95 ألف ليرة سورية، يزيد بضعة آلاف مع وجود شهادة جامعية عليا، بما لا يتجاوز الـ 110 آلاف ليرة سورية.

MicrosoftTeams-image (26).png
أسعار اللوحات الفنية في دمشق (تلفزيون سوريا)

وأضاف لموقع "تلفزيون سوريا" بالطبع أنا لا أقلل من أهمية الفن، ودوره في صنع ثقافة البلد، بس لا تؤاخذني، ما قيمة اللوحة إن العائلة تحت خط الفقر، أنا رأيت الكثير باع لوحات عزيزة عليه ليعيش، وفي ناس راحت بيوتها باللوحات، ببساطة الفن ما بيطعمي الفقراء خبز لهيك الإقبال عليه قليل".

من جانبها، قالت أم حسن ( ربة منزل - 60 عاماً)، "يمكن يجب أن يكون السؤال في سوريا قادرة تعملي سفرة أكل، أو قادرة تعملي عزيمة اليوم، وبظن الجواب عند كثيرين لاء صعب".

وأردفت أم حسن لموقع "تلفزيون سوريا"، أنا أفضل اللوحات التي تضم آيات قرآنية وفن خط عربي، أظن أنها تعبر عنّا بشكل أكبر، لكن الواقع سيئ جداً من الناحية المادية، والناس تبحث عما تسد به رمقه، صحيح أنا كبيرة في السن، لكن عندي اطلاع، اليوم حتى الفن صاير رديء وما في روح مثل قبل".

MicrosoftTeams-image (25).png
أسعار اللوحات الفنية في دمشق (تلفزيون سوريا)

أسباب تراجع الاهتمام الفني

الرسام والناقد الفني راجي (فضل عدم ذكر اسمه كاملاً لأسباب أمنية)، قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن الفن التشكيلي في سوريا والوطن العربي عموماً كان نخبوياً منذ ولادته، والفقراء لا يهتمون به، كم عدد الطلبة الذين خرجوا من المدرسة وهم يعرفون عن الرسم شيئاً، أظن العدد أقل من محدود".

وأضاف أن الفن التشكيلي يحتاج حريات، والحريات بطبيعة الحال تعطي مجالاً للإبداع، والإبداع يحسن الذائقة الفنية، والناس تشتري الأعمال الفنية من لوحات ومنحوتات وأعمال تشكيلية.

وأشار إلى أن محافظات سورية كاملة لا يوجد بها أي معرض لبيع اللوحات الفنية، ما يعني اقتصار الفن على المدن الكبرى، وهذا دليل على فشل كبير، وانكماش النشاط الفني إلى أدنى مستوياته.

وختم قائلاً: "ليس المهم السؤال عن أسعار اللوحات، فذلك شأن اقتصادي تجاري، من الناحية الفنية والثقافية، كم رساما ونحاتا سوريا اسمه معروف وطنياً، أو له حضور شعبي؟، بعد ذلك ممكن السؤال كم معرضاً نظم وكم لوحة باع؟".

 

أسعار اللوحات الفنية في دمشق (تلفزيون سوريا)