icon
التغطية الحية

"ذا تايمز" البريطانية: فاتورة الجزار.. الأسد يسعى للاستفادة من مأساة الزلزال

2023.03.07 | 14:46 دمشق

ي
اجتماع بشار الأسد مع المنظمات المتهمة بسرقة المساعدات وتوزيعها غير العادل بحسب تقارير
The Times- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

عبر عاملون إنسانيون عن استيائهم من المساعدات الأممية التي وجهت للآلاف من ضحايا الزلزال في سوريا لكنها سُرقت لترفد المشاريع الخاصة بالديكتاتور بشار الأسد، ولم يصل منها لضحايا الزلزال الحقيقيين سوى النزر اليسير، بحسب تقارير وأخبار وردت من الميدان. والأنكى من ذلك هو أن النظام يستغل تدفق الأموال والمساعدات حتى يعيد تلميع صورته وسمعته في المنطقة، وليغسل أدرانه الكثيرة.

اتفق كثيرون على محاسبة بشار الأسد وأفراد أسرته الحاكمة على جرائم الحرب التي تصنف بأنها الأسوأ خلال القرن الحادي والعشرين، إذ قتل أكثر من 350 ألف إنسان في الحرب السورية، إلى جانب عمليات الاعتقال والتطهير العرقي التي تمت كمحاولة لكبح جماح ثورات الربيع العربي بعد انطلاقها في سوريا في عام 2011. كما أجبر 14 مليون نسمة على النزوح مع عدم تمكنهم من العودة خوفاً من الانتقام العنيف والتعذيب الشديد. إلى جانب قصف النظام للمشافي والمدارس وطوابير الخبز واستخدامه للأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة التي رماها من مروحيات على أسواق مكتظة بالناس.

لذلك يجب أن يصبح مستقر الأسد الطبيعي هو قفص الاتهام في المحكمة الجنائية الدولية، بيد أن روسيا والصين تعرقلان أي محاولة لملاحقة الأسد وزمرته في النظام من قبل مجلس الأمن الدولي، كما أن الدعم الجوي الروسي للنظام، والذي تمثل في أبلغ صورة خلال قصف حلب، جعل من روسيا دولة متواطئة في الجرائم، لذا لا عجب عندما تشكك بعض الدول الأجنبية بمثول الأسد في قفص الاتهام بلاهاي.

ومع ذلك تم جمع أدلة بشق الأنفس من أجل المحاكمات التي ستقام مستقبلاً وقد شملت تلك الأدلة مخبأ للصور يشتمل على 900 ألف صورة للضحايا، تم تهريبها من سوريا على يد مصور عسكري يعرف بالاسم الحركي: قيصر. وقد تم التأكد من صحة تلك الصور عبر تقنية مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي لتكون جزءاً من أساس القضية القائم على أدلة والذي لا بد أن يحرم الأسد وعائلته من زيارة الغرب مرة أخرى دون أن يتم اعتقاله.

ولكن ثمة تحركات تجري في العالم العربي حالياً، هدفها تغيير وضع الأسد الذي استحق لقب المنبوذ بكل جدارة، إذ عقب وقوع الزلزال، أرسل قادة ورؤساء الدول الذين كانوا في السابق ينأون بأنفسهم عن الأسد ويتحاشونه، ببرقيات التعزية وبالأموال وبالطائرات المحملة بالأدوية والأغذية المخصصة للحالات الطارئة إلى سوريا، وقد تصدرت دولة الإمارات تلك الموجة الداعية لتخفيف العقوبات عن الجزار في دمشق، ظاهرياً لتسريع عملية تقديم المساعدات المخصصة لضحايا الزلزال، غير أن ذلك في الحقيقة يسعى لإنهاء حالة العزلة والمقاطعة التي تعرض لها آل الأسد من قبل الجميع، وهذا يعكس رغبة في الوصول إلى مرحلة إعادة الإعمار في سوريا من قبل الدول العربية، مع توقعات بإبرام عقود إنشاءات مجزية، كما تحدو تلك الجهود الرغبة بإبعاد نظام الأسد عن طهران وتشكيل جبهة موحدة بشكل أكبر أمام الإيرانيين في الوقت الذي يسعى فيه هؤلاء نحو تطوير قنبلة نووية. وفي ذلك أيضاً محاولة لاستعادة الشرق الأوسط بعيداً عن نفوذ واشنطن، ولذلك فتح الأردن من جديد العلاقات التجارية الإقليمية مع سوريا، وعبرت كل من مصر والسعودية عن تعزيزهما لدور الأسد بصرف النظر عن تاريخه القذر.

بالنسبة لكل تلك الأطراف مجتمعة، لم يكن الزلزال كارثة قاتلة فحسب، أدت لمقتل ستة آلاف إنسان في سوريا و45 ألف نسمة في تركيا، بل فرصة جيوسياسية أيضاً. وذلك لأن العقوبات الأميركية قد فرضت على أي توسع في مد خطوط الغاز الطبيعي في سوريا وكذلك الأمر بالنسبة للمنتجات النفطية، بيد أن جلب الغاز المصري الطبيعي إلى لبنان يعني تمريره عبر الخطوط السورية، وقد تراجعت الولايات المتحدة والغرب عن تلك العقوبات بصورة جزئية، بما يتيح رفع القيود المصرفية لمدة ستة أشهر بهدف السماح للأموال بالتدفق بحرية إلى سوريا، بيد أن تلك اللفتة الإنسانية لم تقوي سوى ثقة العرب بأنفسهم، والمستفيد المباشر من كل ذلك هو ديكتاتور تلطخت يداه بالدماء.

المصدر: The Times