icon
التغطية الحية

حفرة تتسع لسيارة.. وفاة "ندى داؤد" تكشف إهمالاً وفساداً في محافظة اللاذقية

2022.11.28 | 13:38 دمشق

الشتاء في اللاذقية
الحفرة مكان وقوع الحادث في مدينة اللاذقية بعد تغطيتها من قبل البلدية ـ وسائل التواصل
اللاذقية ـ علي أحمد
+A
حجم الخط
-A

أثارت وفاة الفتاة "ندى داؤد" في اللاذقية غضباً على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن الوسط "الموالي" للنظام السوري في المحافظة وعموم سوريا، وطالب الأهالي بمحاسبة الفاعلين والمقصرين. في وقت أكد فيه عدد من القاطنين قرب مكان وقوع الحادثة لموقع تلفزيون سوريا، أن الحفرة "تتسع لسيارة" ولم يتم وضع أي إشارة أو تحذير للسكان أو السيارات بالقرب منها، خصوصاً في الليل ولا سيما أن الطرقات غير منارة والكهرباء غير متوافرة، مشيرين إلى أن الإقالات التي أعلنها النظام غير كافية. 

شتاء اللاذقية.. أضرار تتكرر

لم تعتد مدينة اللاذقية أن يمر الشتاء عليها مرور الكرام دون أن يخلف أضراراً جسيمة على السكان والمحاصيل، وسط إهمال حكومي مقصود وواضح سببه فساد إداري على أقل تعبير. حيث احتلت سوريا المرتبة 178 من أصل 180 في قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم وذلك بحسب تقرير لـ "منظمة الشفافية الدولية.

لكن حادثة الوفاة الأسبوع الفائت كانت كارثة تحصل لأول مرة في المحافظة، وهي أن تبتلع حفرة فتاة في مقتبل العمر وتجرفها في أنابيب الصرف الصحي.

يقول أحد سكان المدينة لموقع تلفزيون سوريا "حادثة تقرب للخيال وأفلام هوليود السينمائية، لكنها واقع حصل في اللاذقية في أثناء هبوب العاصفة الأخيرة التي سببت فيضانات في شوارع المدينة وقطعا للطرق وغمرت منازلنا بالمياه".

ويذكر أن (ندى داؤد) 25 عاماً، خريجة كلية الهندسة الحراجية، سقطت في حفرة للصرف الصحي بالمقربة من دوار الأزهري في اللاذقية، حيث جرفتها مياه السيول القوية نتيجة العاصفة يوم الخميس السابق هي ووالدتها وسقطت ووالدتها ضمن الحفرة، وبعد نداءات متكررة استطاعوا إنقاذ الأم وتوفيت الفتاة بعد انتشالها من الحفرة ومحاولة إنعاشها.

الحفرة بحسب تصريحات شقيق الفتاة بقيت أكثر من ثلاثين يوماً على وضعها دون أن يتم ردمها أو معالجتها، وأضاف شقيق "داؤد" أنه وبعد ثلاث ساعات من انتشال جثة الفتاة تم ردم الحفرة بشكل سريع لإخفاء إهمال وفساد مجلس مدينة اللاذقية.

مشكلات اللاذقية تطفو على السطح

بحسب ماتداوله ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي فإن وفاة الفتاة يتحمل مسؤوليتها منفذو مشروع الصرف الصحي ومديرية الصرف الصحي في اللاذقية، ويقول علاء وهو أحد القاطنين بالقرب من موقع الحادثة لموقع تلفزيون سوريا "طلب عدم ذكر هويته" إن "الحفرة قديمة وعمرها أكثر من شهر، وأنهم طالبوا مجلس المدينة بردمها تجنباً لأي حادث كالذي وقع مع ندى ولكن لم يكن هناك تجاوب من المسؤولين".

ويضيف "يفترض أن تكون اللاذقية على أهبة الاستعداد خاصة بعد تعرض المدينة لعاصفة في بداية الشهر الجاري تسببت بإغلاق الطرقات وطوفان المدينة.. من المعيب أن يستمر الوضع بالشكل الحالي، بداية الشهر طافت الشوارع وعلقت الناس في الطرقات ولم تكن قادرة على التحرك ولم يحاول مجلس المدينة أن يعزل أنابيب الصرف"، وأضاف مستهزئاً أن "الحكومة السورية تتفاجئ بالشتاء كل عام".

وفاة المهندسة "داؤد" كشفت عن ضعف وسوء البنية التحتية في سوريا والذي قد يرده المسؤولون في النظام السوري للحرب والعقوبات، ولكن عدم وجود عمال لفتح الطرقات وتسليك الصرف الصحي، وعدم وجود أشخاص في الدفاع المدني مؤهلين لمثل هذه الحوادث يكشف عن هشاشة البنية التحتية في اللاذقية تحديداً.

وحسب شقيق "داؤد"، لم يحضر لمساعدته سوى قلة وأغلب الحاضرين كانوا يقومون بالتصوير في حين كان يتوجب حضور "ضفادع بشرية" وقوات دفاع مدني مدربة. ونقلاً عن فيديو لشقيق الفتاة فإن فريق الإسعاف الأولي لم يكن مدرباً لإنعاش "ندى" وعليه وصلت متأخرة للمشفى و فارقت الحياة رغم محاولات إنعاشها المتكررة.

مشكلة الطرقات في اللاذقية مشكلة قديمة ودائما ما تقع حوادث على الأوتوستراد الدولي أو ضمن المدينة بسبب سوء وضع الطرقات، ودائما يتم إصلاح الطرقات في أوقات غير مناسبة لا تسمح الظروف الجوية بها.

"عماد" مهندس عمل سابقاً في مشاريع الطرق، يؤكد لموقع تلفزيون سوريا أن "الطرق في اللاذقية يتم تنفيذها بأقل من الميزانية لتتم سرقة المواد وبيعها، ودوماً ما يكون تنفيذ شبكات الصرف الصحي خاطئاً ويستدرك "لكن أنا كنت مجرد مهندس وليس منفذاً للمشاريع".

اللاذقية.. اعتراض وسخط عقب حادثة الحفرة

بعد اعتراض أهالي اللاذقية والسخط الشعبي الكبير الذي حصل بعد وفاة "ندى داؤد"، أصدرت حكومة النظام عدة قرارات في محاولة لضبط النفوس وذر الرماد في العيون وتجنب أي احتجاجات شعبية متوقعة في أي لحظة نتيجة الوضع المعيشي السيئ، من ضمنها إعفاء مدير شركة الصرف الصحي في اللاذقية وعزل مدير فرع الإنشاءات العسكرية في المدينة وإحالة المشرف على مشروع الصرف الصحي للقضاء وملاحقة المتعهد المسؤول عن المشروع ورئيس الشركة المنفذة، ولكن هذا كله لم يخفف من الاحتقان الشعبي الحاصل.

ويقول أحد القاطنين بالقرب من مكان الحادثة الأخيرة لموقع تلفزيون سوريا "يعتبر أهالي اللاذقية نفسهم مظلومين دوماً نسبة لبقية المدن السورية، رغم أن كثيراً من السوريين يعتبرون أن وضع اللاذقية أفضل من غيرها من المدن لكن الواقع يحكي قصصاً مختلفة، فواقع الكهرباء أسوأ من غيرها والمياه التي تكاد تشح رغم غناها بالينابيع والمياه الجوفية والسدود".

ويعيش أهالي اللاذقية اليوم رعبا سببه الشتاء الذي يبدو قاسيا وما سيحمله لهم من كوارث جديدة، فحتى اليوم لم تتعافى أراضي أهالي اللاذقية من الحرائق التي حلت بهم منذ عامين ولم تعوضهم حكومة النظام بقدر خساراتهم، إضافة للعاصفة التي ألحقت بهم خسائر كبيرة بداية فصل الصيف الماضي ولم يحصلوا على أي تعويض.

يقول باسم لموقع تلفزيون سوريا، وهو مزارع أربعيني مازال يعتمد على الزراعة ليؤمن قوت يومه ويساعد عائلته أن "هذا الشتاء سيكون أصعب من أي شتاء مضى على السوريين، فنقص توزيع المحروقات اللازمة في موجات الصقيع ومشكلات بيع المنتجات الزراعية التي لا تأبه بها الحكومة وتعتمد على الاستيراد سيجعل من وضعهم صعباً للغاية".