icon
التغطية الحية

تنفيذ مشاريع خدمية في الحجر الأسود جنوبي دمشق.. إعلانات "زائفة" للعودة

2022.12.18 | 15:43 دمشق

الدمار في الحجر الأسود
الدمار في الحجر الأسود بريف دمشق - أيار 2018 (وكالة تسنيم)
تلفزيون سوريا - عائشة صبري
+A
حجم الخط
-A

يُحاول النظام السوري الترويج لـ عمليات إعادة إعمار ما دمّرته قواته وآلته العسكرية، خاصة المناطق القريبة من العاصمة جنوبي البلاد، إذ أعلن قبل أيام عن تنفيذ الورشات الخدمية لعدد من الأعمال في حي الحجر الأسود جنوبي دمشق، إلا أنَّ الواقع مغاير لما يروّجه إعلامه.

ونقلت وكالة أنباء النظام الرسمية "سانا" عن رئيس المجلس المحلي في الحجر الأسود خالد خميس، يوم الثامن من الشهر الجاري قوله: إنَّ "الورشات الخدمية التابعة لعدد من القطاعات نفذّت عدداً من الأعمال في المنطقة منها توصيل الشبكة الكهربائية، وتمديد خطوط التيار المنخفض، وتأهيل مدرسة الحجر الأسود الثالثة".

وفيما يخصّ تأهيل المنازل، ادعى "خميس" تأهيل وترميم 136 منزلاً من قبل منظمة الهلال الأحمر العربي السوري وأنّ العمل جارٍ لترميم 300 منزل آخر من قبل أصحابها، فيما تجاوز عدد العائلات التي سكنت فعلياً في الحجر الأسود 150 عائلة، إضافة إلى أعمال تأهيل المركز الصحي، وستعمل مديرية الصحة في محافظة القنيطرة على تأهيل المستوصف التابع لها بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "يو إن دي بي".

الدمار الذي ألحقه النظام السوري بحي الحجر الأسود جنوبي دمشق

يزعم النظام أنَّه يهدف إلى "تسهيل وتأمين عودة الأهالي إلى منازلهم بمدينة الحجر الأسود"، لكن ناشطي المنطقة يؤكّدون لـ موقع تلفزيون سوريا، استحالة عودة الأهالي لا سيّما أنَّ نسبة دمار المنازل والبنية التحتية تتجاوز الـ90%، ولا يوجد بناء لأيّ مؤسسة رسمية خدمية، فضلاً عن عراقيل الموافقة الأمنية.

ويقول الصحفي فادي شباط - المهجّر من الحجر الأسود ويعيش في مخيم دير بلوط شمالي حلب - إنَّ "نظام الأسد وحلفاءه رغم سيطرتهم على المدينة منتصف العام 2018، إلا أنَّ النظام حتى اليوم لم يسمح فعلياً بعودة السكان إليها".

ويؤكد لـ موقع تلفزيون سوريا، أنَّ صاحب القرار في عودة السكان إلى مدينة الحجر الأسود هي ميليشيات "الحرس الثوري" الإيراني، التي تتخذ من مدينة السيدة زينب المجاورة جنوبي دمشق معقلاً رئيسياً لها وعلى وجه الخصوص ميليشيا "أبو الفضل العباس"، وذلك بالتنسيق مع "الفرقة الرابعة" المنضوية شكلياً في صفوف جيش النظام بقيادة ماهر الأسد.

وبحسب "شباط"، فإنَّ تلك الميليشيات سمحت منذ نحو عام بعودة 200 عائلة فقط من منتسبيها حصراً، مشيراً إلى أنَّ مدينة الحجر الأسود كان يقطنها قبل الثورة 80 ألف نسمة وفق الإحصاءات الرسمية، إلا أنَّ التقديرات تذهب لأبعد من 300 ألف إنسان غالبيتهم من نازحي الجولان المحتل، منذ العام 1967، ويليهم اللاجئون الفلسطينييون وأبناء درعا، ثم من بقية المحافظات السورية.

ويعود سبب منع العائلات من العودة والحرص على أن يكون مَن يعود منتسباً للميليشيات، هو "الحفاظ على الطوق الأمني لمنطقة جنوبي دمشق وغربها، لا سيما مناطق السيدة زينب والسيدة رقية وداريا، معقل الميليشيات الإيرانية، وبالتالي تنفيذ التغيير الديمغرافي، مع الاطمئنان للعائلات الموالية للنظام، بعد عمليات التهجير القسري، فلا يريدون عائلات غير مضمونة من هذا الجانب".

إعلانات زائفة للعودة

يُعلن النظام السوري بشكل مستمر، منذ العام الفائت، عن تسجيل أسماء الراغبين بالعودة إلى مدينة الحجر الأسود وأعمال ترحيل الأنقاض وفتح الطرقات أمامهم وترميم منازلهم، الأمر الذي يتلقاه السكان الموجودون في مناطق دمشق وريفها بـ"تفاؤل شديد"، بسبب إيجارات المنازل المرتفعة وتفاقم الأزمات المعيشية.

ويستدرك الصحفي "شباط" قائلاً: "لكن لا يوضح النظام ولا يعلن عن الجهات المخوّلة باستقبال الطلبات والموافقة عليها أو رفضها، ما يضع الناس في حيرة من أمرهم"، لافتاً إلى أنَّه يعيش بين 5 و8 آلاف شخص من أبناء الحجر الأسود في بلدات "يلدا وببيلا وبيت سحم"، وهم ممنوعون من مغادرة البلدات جنوبي دمشق، كما لا يتم منحهم أيّ مساعدات إنسانية.

ويهدف النظام من كلّ تلك الإعلانات، وفق "شباط"، إلى "امتصاص غضب السكان وتجديد الأمل في قلوبهم، مع محاولة حصوله على قدر كبير من مشاريع التعافي الصادرة عن الأمم المتحدة"، وذلك ليس غريباً عليه باعتباره بات محترفاً في المتاجرة بالركام والدمار والدماء والأرواح منذ آذار 2011.

وهنا يشير إلى أنَّه من أبرز الإعلانات كان تصوير الفيلم الصيني في مدخل المدينة، لنجم أفلام الفنون القتالية، جاكي شان، منتصف تموز الماضي، حيث لاقى الممثل الشهير موجة واسعة من الجدل والانتقادات لاختياره منطقة "الحجر الأسود" المدمّرة موقعاً لتصوير فيلمه الجديد"Home Operation" الذي يحاكي عملية إجلاء طارئ لصينيين وأجانب ودبلوماسيين خلال حرب اليمن في العام 2015.

اقرأ أيضاً: فيلم"جاكي شان" في الحجر الأسود يروج لسوريا آمنة ويمسح جرائم النظام

في حين يمنع النظام عمليات بيع وشراء عقارات المدينة التي بغالبيتها العظمى "عقود بيع قطعي" خارج "الطابو الأخضر"، يشير "شباط" إلى أنَّ محافظة ريف دمشق باشرت بوضع مخطط تنظيمي لمدينة الحجر الأسود مطلع تشرين الأول 2021، ولم يتم حتى اليوم الإعلان عن المخطط أو أيّ خرائط تتعلق به.

دمار ممنهج وعراقيل جمّة

بدوره، الصحفي رامي السيّد، المهجّر من الحجر الأسود والمقيم في مخيم المحمدية شمالي حلب، يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: إنَّ الدمار في المدينة يفوق الـ90 بالمئة، لدرجة أنَّ النظام كان يقصفها عمداً بهدف التدمير وليس بحجة محاربة الجيش الحر أو تنظيم الدولة (داعش).

وتابع: "بعد الاتفاق على خروج عناصر التنظيم إلى بادية السويداء، سارعت قطعان الشبيحة إلى نهب البنى التحية وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وكلّ ما تبقى من أثاث"، موضحاً: "لم يبق شيء على الإطلاق"، حيث تعاقبت مجموعات التعفيش بالاتفاق مع قيادات من "الفرقة الرابعة" على سرقتها، منذ أيار 2018.

ولم يسمح النظام للأهالي بالعودة، وهناك كثير من المهجّرين يقطنون في منازل أجرة بمناطق مجاورة وقد أثقلتهم الديون وغلاء الأسعار، لذلك يتوقون للعودة إلى بيوتهم المدمّرة، لكن حجج النظام تتمحور حول "الموافقة الأمنية" وسط عراقيل، خاصة الخوف من أن يكون أحد أقاربهم من المعارضة أو يتم اتهامهم بتهم تتعلق بالثورة.

ويضيف "السيّد"، أنَّه حتى الذين سجلوا على طلب موافقة أمنية لزيارة الحجر الأسود ينتظرون أشهراً لهذه الموافقة، ومَن حصل عليها لا يستطيع إعادة تصليح منزله، كونه كلّما مدّد الكهرباء والماء تكون مهدّدة بالسرقة وعلى الشخص حراسة بيته 24 ساعة، مشيراً إلى حادثة وقوع سقف على مجموعة كانت تسرق حديد أحد المباني، قبل أشهر، فقتلوا وجرحوا.

ويستبعد "السيّد" أن تعود الحياة إلى الحجر الأسود كونها منطقة تحتاج إلى كثير من العمل والمال كي تصبح صالحة للعيش مع منع الأهالي من العودة، رغم إعلان النظام نهاية العام الفائت، منح الموافقات لعدد من العائلات، بعد أن بدأت محافظة ريف دمشق في 5 أيلول 2021، بتسلّم طلبات الأهالي المتعلقة بملء الاستمارات الخاصة بعودتهم إلى المدينة للمباشرة بترميم ممتلكاتهم العقارية، بعد الحصول على الموافقات اللازمة.

وتبقى مزاعم النظام للعودة إلى الحجر الأسود وغيرها من المناطق المدمّرة في إطار إعادة تدويره دولياً واستقطاب المال من الأمم المتحدة بحجة إعادة الإعمار، في حين ما تزال أوروبا تؤكد عدم تراجعها عن رفع العقوبات المفروضة على النظام السوري، وسط غياب أيّ تقدّم في العملية السياسية.

يذكر أنَّ مدينة الحجر الأسود التي تبدأ حدودها من نهاية "شارع 30" في مخيم اليرموك، تتبع إدارياً إلى مجلس محافظة ريف دمشق ومجلس محافظة القنيطرة، وتضم أحياءً كبيرةً أبرزها: "الجزيرة، الثورة، الاستقلال، تشرين، الزين، الأعلاف"، وتبعد عن مركز مدينة دمشق ثمانية كيلومترات، وتعد من أولى المناطق الثائرة ضد النظام السوري.