icon
التغطية الحية

بين قذائف النظام وضرائب المعابر التركية.. تراجع في موسم زيتون إدلب

2023.11.15 | 05:57 دمشق

بين قذائف النظام وضرائب المعابر التركية.. تراجع في موسم زيتون إدلب
معصرة زيتون في إدلب - تلفزيون سوريا
إدلب - خاص
+A
حجم الخط
-A

"عين على الغصن وعين على السماء"، يقول عبد الله الخليل، متحدّثاً عن ساعات العمل في كرم الزيتون، تحت طائرات الاستطلاع التي تعمد على تحديد التجمعات واستهدافها بالتنسيق مع سلاح المدفعية التابع لقوات النظام وروسيا. 

يتعرض عبد الله، وهو ينحدر من بلدة كنصفرة في جبل الزاوية الواقعة على خطوط التّماس مع النظام، لمخاطر كبيرة، خلال عملية قطاف الزيتون، إذ إنّ أرضه مكشوفة على الجبهة العسكرية مباشرة وعرضة للقذائف والاستهداف المباشر. 

يتخذ النظام من موسم قطاف الزيتون، الذي يعدّ استراتيجياً لسكّان المنطقة، فرصةً لابتزاز الأهالي وإرهابهم، بسبب تعمّده لاستهداف الأحواش خلال الموسم، في ظل مخاطرة العائلات بالعمل بحثاً عن لقمة العيش، مع انعدام فرص العمل في الجبل.

وتقدّر أعداد أشجار الزيتون في منطقة إدلب، بـ 10 ملايين شجرة، والمساحة المزروعة بـ 95 ألف هكتار، بحسب أرقام المديرية العامة للزراعة في "حكومة الإنقاذ السورية".  

يؤكد عبد الله في حديث لموقع تلفزيون سوريا، استهدافه وعائلته خلال عملهم في قطاف زيتون أرضهم، ويردف: "الحمد لله سقطت القذائف في محيط الكرم، لكن مع الأسف أصابت طفلة وهي بحالة خطيرة اليوم". 

ويتابع: "في كل لحظة معرضون للاستهداف خلال الموسم، لأن النظام يساوم الأهالي الصامدين في جبل الزاوية في لقمة عيشهم، بعد أن يداوم على مدار العام على استهدافهم في منازلهم وقراهم هنا في الجبل". 

"ما عنا خيار تاني"

يختار عبد الله تواقيت مخالفة لتحليق طائرات الاستطلاع، والتي غالباً ما تكون في وقتٍ مبكرة، وفقاً لما يقول، لكن "أحيانًا تباغتنا فجأةً ونضطر للرجوع إلى المنازل خوفاً من الاستهداف". 

يوضح محدّثنا أنّ "معاناتنا لا تقتصر على فترة القطاف فقط، بل نحن محرومون من مختلف أعمال الزراعة المرتبطة بالكرم، من فلاحة وشحالة وغيرها، بسبب خطورة المكان".
يضطر عبد الله للعودة إلى المنزل، هرباً من القذائف، مرات عديدة خلال الموسم، وفي كل مرة يعاود العمل مع احتمالية تعرضه للقصف بأية لحظة. 

يختم لموقع تلفزيون سوريا: "جرّبنا العيش في المخيمات.. بس ما في شغل، ما عنا خيار ثان إلا الصمود في أرضنا والعمل فيها من أجل لقمة العيش". 

وفي هذا الموسم ليست التهديدات الأمنية، التحديات الوحيدة، إنما الموسم الخجول هو عامل معاناة آخر لسكّان المنطقة. 

يتحدّث أبو محمد دحروج، وهو صاحب معصرة زيتون في مدينة معرة مصرين، عن إنتاج ضعيف لحبة الزيتون، وهي ما تعرف محلياً بـ"المقطوعية"، إلى جانب تراجع في الموسم عموماً. 

ويرد ذلك في حديث لموقع تلفزيون سوريا إلى "لجوء بعض السكان لقطاف الزيتون مبكراً خوفاً من القصف، أو من السرقة، كما ساهم سقوط المناطق التي تحوي مئات الآلاف من أشجار الزيتون، إلى تراجع الموسم". 

ويضيف: "في سنوات سابقة، كانت الأحمال القادمة من جبل الزاوية ومنطقة جنوب إدلب ضخمة جداً، أما اليوم يمكن أن نرصد ـ نحن أصحاب المعاصر ـ التراجع الكبير في الكميات والإنتاج". 

وتتقاضى المعاصر عن عصر كل 100 كيلو زيت، 3 كيلو، بحسب "أبو محمد"، كما أنّها لا تمانع أن تتقاضى ما بقيمة الـ 3 كيلو في السوق، نقوداً. 

لماذا ترتفع أسعار الزيت؟ 

في وقتٍ يحمّل فيه الأهالي، التصدير، مسؤولية ارتفاع أسعار الزيت، يعتبر تجار ومصدّرون أنّ "أسعار صفيحة الزيت معقولة جداً قياساً بأسعار الدول الأخرى وخاصةً الجوار، مثل تركيا التي يصل سعرها لـ 120 دولاراً". 

ويتراوح سعر صفيحة الزيت (16 لتراً) في إدلب من 75 إلى 85 دولاراً أميركياً، بحسب الجودة ونسبة مادة الأسيد. 

وفي هذا السياق، يقول فضل حميدي، وهو تاجر زيت، إنّ "ارتفاع الأسعار مرتبط بالسوق الحرة في مرسين التركية ـ وهي وجهة التصدير لمنطقة شمال غربي سوريا ـ وهي سوق مرتبطة بالطلب العالمي، تتأثر بتأثره". 

ويرى أنّ "الطلب العالمي وتراجع كميات الزيت عالمياً، هي السبب الغلاء، ليس فقط في الشمال السوري، بل عالمياً". 

الزيت مادة فائضة

من جهته، يقول عبد الإله ظاظا، وهو مدير التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد التابعة لـ"الإنقاذ السورية"، إنّ "موضوع التصدير هو أولوية للمنطقة المحررة، إذ تسعى حكومة الإنقاذ لزيادة الصادرات بشكل كبير لتخفيض العجز الكبير في الميزان التجاري، كما أنّ زيت الزيتون هو مادة فائضة عن حاجات المحرر".

وأشار في حديث لموقع تلفزيون سوريا إلى أن مادة الزيت هي دخل رئيسي لمعظم الطبقات الفقيرة من الأهالي في الشمال السوري، وزيادة سعر الزيت ينعكس إيجاباً على شريحة واسعة من المزارعين.

وحول أسعار الزيت، أوضح أنّ "السوق المحلية تحتوي على عدة أسعار لزيت الزيتون تبعاً للجودة والصنف، فهناك زيوت نوع أول وهي تصديرية، وهناك أنواع أقل جودة لا يتم تصديرها، ويتوفر منا كميات كبيرة في الأسواق وتناسب القوة الشرائية للسكان"

تضييق على التصدير

يشتكي مصدّرون وتجار من إجراءات تصدير زيت الزيتون، التي يتخذ الجانب التركي في منطقة شمال غربي سوريا، بما فيها منطقة إدلب وعفرين. 

يشرح تاجر زيت فضل عدم الكشف عن اسمه، أنّ "الجمعية التركية (ترم أو بنك الزيت) العاملة في منطقة جنديرس بريف عفرين، تشتري صفيحة الزيت من التجّار المحليين في الشمال السوري، بسعر 66 دولاراً فقط من التاجر ـ أي أقل من سعر السوق بـ 20 دولاراً ـ لأنها الشركة الوحيدة المخولة بإدخال الزيت (ترانزيت) إلى المنطقة الحرة في مدينة مرسين التركية بشرط هذا السعر فقط، في حين يتكفّل التاجر في المنطقة الحرة بمرسين بتعويض التاجر المحلي، بتتمة المبلغ حتى يصل إلى سعرها في السوق وهو نحو 85 دولاراً". 

ويضيف: "تكلّف الصفيحة الواحدة ما يقارب الـ 24 دولاراً، بين تعويض السعر الأصلي والرسوم، حتى تعبر إلى السوق الحرة، وهذا المبلغ يذهب للجانب التركي، بينما المفارقة أن كلفة الشحن من مرسين إلى إسبانيا فقط 7 دولارات عن الصفيحة". 

كما يفرض الجانب التركي، مقابل عبور الزيت المفلتر والمصنّع والمعلّب، عن كل 4 سيارات من دون رسوم، بيعه سيارة واحدة بسعر 66 دولاراً للصفيحة، على الرغم من أن الزيت "ترانزيت" وممنوع من بيعه في الأراضي التركية، وفقًا للتاجر، من دون أن يتسنى لموقع تلفزيون سوريا التحقق من هذه المعلومة.