icon
التغطية الحية

ما علاقة إسبانيا بغلاء سعر زيت الزيتون في إدلب؟

2023.08.01 | 07:17 دمشق

ما علاقة إسبانيا بغلاء سعر زيت الزيتون في إدلب؟
زيت الزيتون في سوريا
إدلب - عمر حاج حسين
+A
حجم الخط
-A

سجل سعر زيت الزيتون في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، السنة الحالية ارتفاعاً غير مسبوق تجاوز ضعف السعر عن السنوات السابقة، ما أدّى إلى انعكاس الأمر سلباً على سكان المنطقة وانتعاشاً على المزارعين والتجار، لأسباب تركزت على وفرة المحصول وزيادة الطلب بكميات كبيرة إلى الدول الأوروبية وأبرزها إسبانيا وبأسعار مغرية.

وتعد محافظة إدلب من المحافظات السورية الأكثر إنتاجاً للزيتون، كما يعتبر زيت إدلب من أفضل الأصناف في العالم، إذ تبلغ المساحة المقدّرة للأراضي المزروعة بأشجار الزيتون نحو 100 ألف هكتار، وما يزيد على 11 مليون شجرة زيتون، فيما يبلغ إنتاجها نحو 11 مليون عبوة (تنكة) زيت، أي ما يقارب 200 مليون كغ زيت، ما يجعلها عرضة للتصدير إلى مختلف دول العالم.

ووصل سعر تنكة زيت الزيتون (سعة 16 ليتراً) إلى نحو 85 دولاراً، بزيادة قدّرها موقع "تلفزيون سوريا" ضعف سعرها عن السنة الماضية والتي كانت تباع بـ45 دولاراً، الأمر الذي تسبب في عجز الأهالي عن تأمين احتياجات منازلهم السنوية من زيت الزيتون نظراً لارتفاع ثمن الصفيحة.

عجز الأهالي عن الشراء

يقول "محمد الصالح" الرجل الأربعيني من مدينة الأتارب غربي حلب لـ"تلفزيون سوريا"، إنه لم يستطع هذا العام شراء تنكة زيت واحدة بسبب غلائها الذي وصفه بـ"غير الطبيعي" بعد أن وصل سعر التنكة إلى ما يقارب دخله الشهري.

ووصف الصالح الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة على خط "الأتارب – سرمدا" هذا العام بأنه الأسوأ على جميع السوريين من حيث غلاء الأسعار وقلة العمل، مشيراً إلى أن الغلاء طرأ أيضاً على "الزيت" الذي يُعتبر من أهم المواد الأساسية بالنسبة للسوريين.

واستذكر بحسرة كيف كان يشتري مؤونة الزيت مع بداية كل موسم وبكميات تكفي لسنة كاملة، وكيف أصبح اليوم مجبراً على شراء الزيت بالليتر الواحد، إذ تكاد تنحصر هموم "الصالح" في سد الاحتياجات اليومية لعائلته في تأمين لقمة عيشهم، وفق قوله.

وعلى الرغم من الضائقة المالية وسوء الأوضاع الاقتصادية، يصرّ السوريون في كل عام على تخزين مؤونة الزيت، باعتباره المكوّن الأهم لمائدة الإفطار لديهم، إذ ينتظر "فؤاد العباس" (56 عاماً) وهو من أهالي مدينة بنش بريف إدلب الشمالي، انخفاض سعر تنكة الزيت ليبدأ بإعداد مؤونته السنوية، لعدم قدرته على شرائه في غير مواسمه لغلاء سعره وعدم استطاعته التأقلم مع غياب زيت الزيتون، لافتاً إلى أنه اعتاد تخزين 5 تنكات من زيت الزيتون في كل عام.

ويؤكد "الصالح" وهو أب لأربعة أطفال في حديثه لـ"تلفزيون سوريا" أن ارتفاع سعر زيت انعكس على الأهالي في المنطقة ولا سيما الفقراء والنازحين وأصحاب الدخل المحدود، والعوائل الكبيرة التي تستهلك كميات كبيرة من زيت الزيتون.

ولا يختلف الأمر عند الشاب "فؤاد لطوف" وهو عامل في مصنع كرتون والذي أكد لـ"تلفزيون سوريا" أنه امتنع عن شراء زيت الزيتون منذ مطلع هذا العام لغلاء سعره وعدم مناسبته إطلاقاً مع دخله المادي المنخفض، مؤكداً أنه يستخدم زيت عباد الشمس والذرة منذ أشهر بدلاً منه لرخص سعره مقارنة مع زيت الزيتون.

أسباب غلاء الزيت

بدوره يؤكد تاجر الزيت "عبيدة عبد الله حاج أسد" أن سبب غلاء الزيت هذا العام يعود بالمرتبة الأولى للطلب الزائد عليه من قبل دولة إسبانيا وذلك لمطابقته كل شروط الجودة وتميزه بخاصية "الزيت العطري" والذي يعتبر من أكثر أنواع الزيوت شهرةً وندرة في إسبانيا.

وأضاف "حاج أسد" خلال حديثه لـ"تلفزيون سوريا" أن المندوبين الإسبان طلبوا منذ بداية الموسم من التجار السوريين إجراء تحاليل "البروكسيد والدلتا والحموضة" لدى الزيت الموجود في إدلب، والذي بدوره يكشف مدى جودة الأشجار، بالإضافة لمعرفة مدى تطابقه مع الجودة العالمية.

وأشار إلى أن التحاليل التي أُجريت حملت مواصفات عالية، الأمر الذي زاد من رغبة إسبانيا لطلب كميات كبيرة من زيت إدلب وبأسعار أعلى من سعر السوق المحلي بما يقارب الضعف، ما دفع التجار لتصديره بكميات كبيرة.

ووصف التاجر في حديثه معنا هذا الموسم بأنه أكثر المواسم ازدهاراً في إنتاجية الزيت منذ عام 2006، لافتاً إلى أنه على الرغم من وفرته هذا الموسم، لكن التجار في معظمهم لم يخزنوا في مستودعاتهم لسببين "الأول" هو زيادة الطلب بأسعار مغرية للخارج.

و"الثاني" هو تخوف التجار من تخزينه، والذي وصفهم بـ"الخزّينة" وتكرار ما حدث في شهر شباط في أثناء الزلزال المدمر الذي أسفر عن انسكاب الزيت، وخسارة مئات الأطنان منه.

وأوضح أن تنكة الزيت يبلغ سعرها من داخل المعصرة قرابة 50 دولاراً، بيّد أن أجور الشحن ترفع سعر التنكة الواحدة حتى وصولها إلى ساحة باب الهوى أو مناطق الجيش الوطني السوري قرابة 25 دولاراً؛ ليصبح سعرها 75 دولاراً وما يزيد على ذلك.

ولكن التاجر "خالد الشون" يعتقد في حديثه لـ"تلفزيون سوريا"، أن السبب الرئيسي وراء غلاء الزيت وطلبه إلى إسبانيا، هو تصنيف زيت الزيتون السوري على أنه أجود أنواع الزيوت على مستوى العالم.

أسعار الزيت وكلفة حصاده

وأمّا عن الأسعار في السوق المحلي شمال غربي سوريا، يقول "الشون" إن سعر عبوة الزيت (التنكة) من النوع الأول ارتفع بشكل تدريجي خلال أقل من شهر ليصل إلى 86 دولاراً بعد أن كان 43 دولاراً.

وأسدل الشون الستار عن أسعار الزيت بحسب أنواعه، إذ بلغ سعر العبوة "أسيد 5" أصبحت 86 دولارا، و"أسيد 6" بـ82 دولارا، و"أسيد 7" بـ 78 دولارا، و"أسيد 8" بـ77.50 دولارا، و"أسيد 9" بـ77 دولارا، و"أسيد 10" بـ.76.25 دولارا، و"أسيد 12" بـ76 دولارا.

وخلال إعداد هذا التقرير التقينا مع المزارع "توفيق الحسين" والذي يملك أرض زيتون تحوي 420 شجرة بريف حلب الغربي، وشرح لنا كلفة قطاف موسم الزيتون لهذا العام.

وأكّد أنه احتاج هذا الموسم إلى 30 عاملاً لحصاد موسمه على مدار شهر كامل، وبأجرة يومية لكل عامل 50 ليرة تركية، واصفاً موسمه بـ"الممتاز" وأن هذه السنة كانت حصته من أرضه 350 عبوة زيت (16 كيلوغراما).

واسترسل الحسين في حديثه لـ"تلفزيون سوريا"، أن معاصر الزيتون لا تتقاضى أموالاً على عصر الزيتون وأنها تأخذ حصتها من الزيت بنسبة 2 بالمئة من نسبة الزيت بالإضافة إلى حشوة الزيتون (البيرين).

وأردف أنه عقب عصر الزيتون يتم بيعه مباشرةً للتجار من داخل المعصرة والتي يوجد بداخلها طيلة الموسم تجار مهامهم شراء الزيت وبعروض مختلفة.

ويعتمد سكان محافظة إدلب بالدرجة الأولى على الزراعة وخاصة موسم الزيتون الذي تمتد أشجاره على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، فيما تعتمد معظم العوائل في كل عام على تأمين احتياجاتها الحياتية على موسم الزيت الذي ينتظره المزارع طيلة السنة.