icon
التغطية الحية

بعد البطاقة الذكية.. النظام يسعى لأتمتة المشافي ما رأي الأطباء في ذلك؟

2023.11.02 | 18:20 دمشق

مشفى المواساة في دمشق
مشفى المواساة في دمشق ـ (إنترنت)
اللاذقية ـ علي أحمد
+A
حجم الخط
-A

حاولت حكومة النظام السوري منذ فترة قريبة، تحويل قسم من المعاملات الرسمية لتنفذ عبر الحواسب الإلكترونية، كإخراج القيد ولا حكم عليه، ولاحقاً بدأت خدمة البطاقة الذكية والتي حصرت الحصول على الوقود والمواد الغذائية الأساسية عبرها، ومن ثم بدأت خدمات دفع الفواتير في قسم من الدوائر الحكومية عبر تطبيقات متصلة بحساب بنكي أو عبر حسابات الكاش عبر السيريتل، ورغم مشكلات "البطاقات الذكية" وفشلها، يحاول النظام اليوم تطبيق الأتمتة على المشافي رغم أزمة الكهرباء والاتصالات وانهيار الاقتصاد في البلاد.

مشاف "ذكية" في سوريا

يتحدث النظام عن أتمتة المشافي منذ العام 2016، وأخيرا بدأت وزارة الصحة التابعة للنظام السوري بالتعاون مع وزارة التعليم العالي ومنظمة الصحة العالمية، بتجهيز دورات تدريبية لقسم من الكوادر الطبية لتعليمهم نظاما جديدا، يعتمد هذا النظام على ربط المشفى بكامله ببرنامج متصل بكمبيوتر مركزي وإدخال بيانات المرضى على البرنامج الجديد، وتحديث بيانات المرضى وتحاليلهم ومستجدات وضعهم عبر هذا البرنامج، وبذلك يستطيع العاملون في المشفى البقاء على معرفة تامة بوضع المرضى.

وتقول "ريم" لموقع تلفزيون سوريا، وهي ممرضة تم اختيارها لتكون ضمن المتدربين على النظام الحديث، إن البرنامج الجديد سيشمل مشفى تشرين الجامعي والهيئة العامة لمشفى الحفة في اللاذقية، والبيروني الجامعي في دمشق وعددا من المشافي لم تحدد بعد بكاملها. وبحسب ريم هنالك مشكلات حاليا في الورقيات وأضابير المرضى وصعوبة العودة لأضابير قديمة للمرضى وتوثيق تطور حالتهم المرضية.

وتضيف "تم اعتماد ما يشبه هذا النظام في عدد من المشافي وذلك في قسم الأشعة، حيث تم ربط قسم الأشعة في عدة مشاف مع كل أقسام المشفى نفسه لسهولة الوصول إلى صور الأشعة"، وبحسب ريم هذه التقنية متبعة في المشافي العسكرية ومشفى المجتهد في دمشق.

أضابير المرضى كما تقول الممرضة تعاني من التلف إضافة إلى صعوبة تأمين أوراق لهذه الأضابير في ظل الأزمة الاقتصادية في سوريا وتطبيق سياسة التقشف من جديد. ولذلك تقرر اعتماد هذا النظام، حيث يتم تنصيب برامج على هواتف الموظفين ويحق لهم دخول البرنامج والاطلاع على وضع المرضى وإدخال كل معلوماتهم وتحديثها وتغييرها بحسب مستجدات وضع المريض وكل ذلك موصول بجهاز مركزي ضمن المشفى.

ما رأي الأطباء بأتمتة المشافي؟

تعتبر فكرة أتمتة المشافي وإلغاء الورقيات أمرا ضروريا لحفظ ملفات المرضى، رغم تأخره كثيرا عن باقي دول العالم، كما أن الاستغناء عن الأضابير الورقية سيوفر جهدا كبيرا على الممرضين والأطباء وعلى مراقبي الجودة في المشافي، ما يجعل إدخال المعلومات سهلا وسريعا، خاصة عند ضيق الوقت وضمان عدم نسيان أي خطوة أو دواء تم تقديمه للمريض.

"مازن" (طلب عدم ذكر اسمه كاملا) طبيب متدرب في أحد المشافي الحكومية، معجب إلى حد ما بالفكرة، ومؤيد لتطبيقها في المشافي الحكومية، حيث إن توثيق كل خطوة يتم القيام بها مع المريض تحمي الطبيب والممرض والمريض نفسه، فأي تقصير يمكن كشفه من خلال التوثيق.

ويوضح أنه سابقا كان يتم التوثيق بعد إجراء الخطوة أو تقديم الخدمة الطبية ويتم أحيانا بسبب الضغط نسيان توثيق معلومات على الأضابير الورقية وهذا مايسبب مشكلات خاصة عند حصول دعاوٍ على الجهة الطبية من قبل المريض وذويه، فهذه الطريقة الحديثة تضمن الحماية القصوى لكل طرف.

ويقول لموقع تلفزيون سوريا "أحيانا لا أجد وقتا لتوثيق المعلومات الطبية الخاصة بالمرضى، ويأتيني مريض آخر فأضيع بسبب الضغط بين المريضين، فيساعدني التمريض بهذه المهمة، وعبر البرنامج الجديد سيحول قدر الإمكان دون حصول أخطاء".

ومن وجهة نظر مازن البرنامج الجديد إن تم تطبيقه فعلا فسيحمل بعض الأخطاء والسلبيات، فيفترض ليتم تطبيقه توزيع أجهزة لوحية خاصة بالمشفى موصولة بقسم مركزي لتوثيق المعلومات، وتوفير شبكة اتصال قوية ضمن المشفى، وتوظيف خبيري تكنولوجيا واتصالات موجودين بشكل دائم لضمان عدم انقطاع الخدمة عن هذه الأجهزة، لكن كما يبدو حتى الآن لن يتم توفير أجهزة لوحية، وهنالك مشكلة الاتصالات، "ففي سوريا عموما يعاني السوريون من مشكلات في شبكة الاتصال والإنترنت، عوضا عن الكلفة العالية على الموظفين والتي ينبغي على المشافي التكفل بها، وحتى وإن تم وضع شبكة اتصال خاصة بالمشفى فلن يفلح الأمر إلا بميزانية كبيرة"، يوضح الطبيب مازن.

ويتابع "حتى في المشافي التي تعتمد مبدأ نقل صور الأشعة بين الأقسام عبر شبكة اتصال تعاني من مشكلات تقنية وأعطال دائمة فإن للبرنامج سلبيات لن تحل في وضع سوريا حاليا".

مشافي سوريا من دون أدوية ومعقمات

يعاني القطاع الصحي اليوم في سوريا من أزمة حقيقية تطول الأدوية والتحاليل المخبرية، إذ اختفى فجأة قسم كبير من الأدوية في المشافي، ومن دون سابق إنذار وجد الممرضون والأطباء أنفسهم عاجزين عن تقديم الخدمات الطبية في ظل عدم وجود أدوية وعدم توافر تحاليل مخبرية معينة لتساعد في تحديد مشكلات المرضى وعلاجها.

"زبيدة" (طلبت عدم ذكر اسمها كاملا) ممرضة في أحد المشافي الحكومية، تعاني أخيرا من مشكلات يومية مع المرضى، خاصة في ظل انقطاع الأدوية من مشافي الدولة واضطرار الأهل لشراء أدوية من خارج المشفى، ودوما المرضى لديهم جملة واحدة (جايين ع مشفى دولة وبدنا نشتري أدوية؟). ولا تملك زبيدة قدرة على فعل شيء.

"سابقا كان المرضى يضطرون لشراء نوع واحد فقط من الأدوية، إضافة إلى التحاليل إن طلبت، أما اليوم فمعظم الأدوية التي يشتريها المرضى والتحاليل فغير متوافرة، حتى الأنابيب التي نستخدمها للتحاليل أحيانا تكون غير موجودة" تقول زبيدة.

وتضيف أن نهاية العام يشهد عادة نقصا في الأدوية بسبب مشكلات الموازنة، ولكن هذا العام اختفت الأدوية فجأة منذ منتصف العام، كما أن الأدوية التي أتت كمساعدات عقب زلزال شباط اختفت أيضا.

وتستطرد "أحيانا يحضرون لنا أدوية نستخدمها فتسبب حساسية للمرضى فنضطر لإتلافها.. كيف يريدون تطبيق نظام سيكلف ميزانية كبيرة وهم غير قادرين على توفير أدوية للمرضى".

وبحسب "جمال" وهو طبيب اختصاصي في مشفى حكومي، فإن الواقع الصحي في سوريا أصبح أسوأ من قبل، فهناك مشكلات بالجملة من أخطاء طبية وإنتانات بعد العمل الجراحي، ونقص كبير بأدوية التخدير والشاش والخيوط الجراحية التي ينبغي على المريض شراؤها في بعض المشافي.

ويختم قائلا "لسنا ضد تحسين الواقع الطبي وتطويره، ولكن علينا البدء بالأساس وتدعيمه وتحسينه، كيف تريد لمنشأة طبية أن تتقدم وأنت غير قادر على تقديم الأدوية والمعقمات..؟".