icon
التغطية الحية

مرضى غسيل الكلى.. فساد وتلاعب بالدور يفاقم معاناتهم في مشافي دمشق

2023.10.22 | 10:54 دمشق

آخر تحديث: 22.10.2023 | 14:46 دمشق

مرضى غسيل الكلى.. فساد وتلاعب بالدور يفاقم معاناتهم في مشافي دمشق
مستشفى المواساة في دمشق ـ (فيس بوك)
دمشق ـ جوان القاضي
+A
حجم الخط
-A

تشهد عمليات غسيل وزرع الكلى في مشفى المواساة الجامعي بالعاصمة دمشق انتشار الفساد والرشى من خلال التلاعب بدور المرضى، فضلاً عن قلة التعقيم وتعطل بعض أجهزة غسيل الكلى، وما ينتج عن ذلك من تضرر المرضى صحياً ونفسياً من جراء انتظار بعض منهم أياماً لإجراء الغسيل وأشهراً للزرع في حال توفر كلية.

تلاعب بدور المرضى في مشافي دمشق

ثائر "36" عاماً، مريض كلية يحتاج إلى الغسل مرة أسبوعياً وهو من سكان حي كفرسوسة بدمشق يقول لموقع تلفزيون سوريا، إن ما يجري "فساد ورشى علناً وتقديم دور لمن يدفع".

ويشير إلى أنَّه أحياناً يتحمل الألم والوجع لعدم ثبات مواعيد غسل كليته في المشفى الحكومي، وعدم قدرته على الغسل في المشافي الخاصة بسبب ارتفاع كلفة غسيل الكلى بما لا يتناسب مع دخله الشهري.

يعمل ثائر موظفاً حكومياً براتب لا يتجاوز 200 ألف ليرة، وأصيب منذ ما يقارب العام بفشل كلوي لتبدأ بعدها رحلة معاناته مع المرض والعلاج والغسل، "عدا عدم توفر الدواء في أحيان كثيرة وارتفاع سعره"، بحسب قوله.

وكان ثائر يغسل مرة كل أسبوع بعد انتظار لساعات، لكنه اليوم يضطر للعودة إلى منزله من دون إجراء الغسل في بعض الأحيان نتيجة الازدحام والتلاعب بالدور من قبل مسؤولي قسم الكلية في المشفى، كما قال، مضيفاً أنه في شهر أيلول الفائت أجرى غسيل كلية مرتين فقط بدلاً من أربع مرات وهو عدد جلسات الغسيل المحددة له من قبل الأطباء نظراً للتلاعب بدوره وتأخيره.

الأوضاع داخل مشفى المواساة

يجري مشفى المواساة غسيل الكلية ضمن شقيه العام والخاص، وفي حين لا يتحمل المريض أية تكاليف مالية بالقسم العام الذي يجري جلسات الغسيل مجاناً، تبلغ قيمة جلسة غسيل الكلى في القسم الخاص 250 ألف ليرة، وفقاً لممرض يعمل داخل المشفى.

وقال الممرض (طلب عدم ذكر اسمه)، لموقع تلفزيون سوريا، إنَّ أغلب المرضى يتجهون للقسم العام نتيجة ارتفاع كلفة عمليات الغسيل سواء في القسم الخاص ضمن مشفى المواساة أو في المشافي الخاصة التي تبلغ قيمة جلسة غسيل الكلية فيها نحو 750 ألف ليرة.

ويقدَّر المصدر الطبي، أنَّ مشفى المواساة يجري شهرياً ما يقارب الـ 700 جلسة غسيل كلى، وأنَّ كل جلسة غسيل كلى تحتاج إلى مواد غسل الكلى -أدوية ومستلزمات طبية منها أنابيب وقساطر وفلترات وسيرومات وغيرها- تركب على جهاز الغسيل والمريض تبلغ كلفتها نحو 200 ألف ليرة تُقدم مجاناً في القسم العام.

وتقوم مشاف عدة منها المواساة الجامعي والأسد الجامعي ومشفى الكلية وتشرين العسكري بعمليات زرع وغسيل الكلى للمرضى ضمن أقسامها العامة والخاصة، وذلك بعد منع وزارة الصحة التابعة للنظام عمليات الزرع في المشافي الخاصة عام 2008 بسبب اكتشاف شبكة للاتجار بالأعضاء البشرية بينهم أطباء، وفقاً لتقارير صحفية نشرت حينذاك.

ليس فقط الانتظار لساعات والتلاعب بالدور مقابل رشىً ما يعاني منه مرضى الكلى، بحسب الممرض، إنما هناك نقص تعقيم وتعطل أجهزة غسيل الكلى وعدم توفر مستلزمات الغسيل كالأدوية والمواد الأخرى في القسم العام مقابل توفرها في القسم الخاص، بحسب قوله.

في المقابل يؤكد خلدون، 44 عاماً، -وهو مريض بفشل كلوي منذ أكثر من 3 سنوات- ذلك قائلاً: لموقع تلفزيون سوريا "في إحدى أيام شهر أيلول الفائت اضطررت لدخول القسم الخاص في مشفى المواساة لإجراء الغسيل من جراء عدم توفر دور لي في القسم العام"، ليكتشف أنَّ القسم الخاص يختلف تماماً عن العام الذي يمتاز بقلة العقامة، مشيراً إلى أن  كلفة جلسة الغسيل لمدة 3 ساعات 300 ألف ليرة.

ويوضح الرجل الأربعيني أن القساطر والأنابيب وغيرها كلها مغلفة ومعقمة في القسم الخاص، بينما في جلسة الغسيل التي أجراها منذ أيام في القسم العام "هناك ممرضون يأتون بمستلزمات الغسيل غير مغلفة، عدا عدم نظافة المكان والأسرة وتعطل الأجهزة"، وفقاً لقوله.

زراعة الكلى

وما يحدث في دور الغسيل ينسحب على دور زراعة الكلى في مشفى المواساة، إذ يحتاج من يحظى بكلية إلى انتظار دور لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، كما حصل مع محمد، 31 عاماً، وهو من سكان حلب اشترى كلية بمبلغ 150 مليون ليرة بعد تطابق أنسجته مع أنسجة المتبرع.

ويقول محمد لموقع تلفزيون سوريا "في شهر آب أجريت الفحوص في مشفى المواساة مع المتبرع وكانت النتيجة تطابقاً في الأنسجة ليتم بعدها تحديد دوري في شهر كانون الثاني 2024". مضيفاً أنه مقيم في خارج البلاد وأتى لإتمام عملية الزرع بعد حصوله على متبرع.

لكن الشاب الثلاثيني استطاع تقديم دوره إلى شهر تشرين الأول الجاري، "دفعت رشوة لمسؤولة في قسم الكلية تدعى د.(ف.ر) بحسب قوله. وتم تقريب موعد عملية الزرع.

وتبلغ كلفة عملية الزرع في مشفى المواساة نحو 2 مليون ليرة، يضاف إليها مليون ليرة لإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة للتأكد من تطابق الأنسجة بين المريض والمتبرع، وفقاً لحديث محمد.

وتخضع عمليات زرع الكلية في سوريا للقانون رقم 30 عام 2003 الذي يسمح بنقل الأعضاء من شخص حي أو شخص متوفى وفق شروط عديدة، منها ألا يكون التبرع مقابل مبلغ مادي أو لغاية الربح، وفقاً لكلام د. عمار الراعي رئيس وحدة زرع الأعضاء بمشفى المواساة الجامعي بدمشق.

وقال الراعي في تصريحات صحفية لوسائل إعلام مقربة من النظام، إنَّ أخذ أعضاء من متوفين دماغياً لا يطبق حالياً وذلك لوجود اختلاف على تعريف الوفاة بين وزارة الصحة ووزارة العدل، مشيراً إلى وجوب السماح بأخذ أعضاء المتوفى دماغياً كحل لتأمين أعضاء لمرضى الفشل الكلوي ولمرضى قصور القلب والكبد وغيرها.

وتحتل سوريا المرتبة السادسة عالمياً فيما يخص زرع الكلية من متبرع حي، وفقاً للراعي، الذي قال أجرينا 106 عمليات في عام 2010، مضيفاً أنه خلال الحرب انخفض العدد لأسباب منها تسرب عدد من الأطباء إلى خارج البلد وصعوبة وصول المرضى من بعض المحافظات إلى العاصمة دمشق.

ويوضح الراعي تزايد عدد العمليات خلال عام 2019 إذ وصل إلى 107 عمليات، وفي عام 2021 بلغ 132 عملية، وعام 2022  أجريت 159 عملية.