icon
التغطية الحية

أسواق دمشق تشهد أسوأ ركود قبل أعياد الميلاد ورأس السنة

2023.12.10 | 12:13 دمشق

سوق الحميدية
سوق الحميدية في دمشق ـ إنترنت
دمشق ـ فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

مشهد أسواق دمشق في شهر الأعياد نهاية العام الجاري، يشير إلى تدهور الوضع الاقتصادي إلى مستوى "خطير" كما وصفه بعض الخبراء، إذ كان من المفترض أن تنتعش عمليات البيع والشراء في هذا الشهر بفعل الحوالات الخارجية، إلا أن ذلك لم يحدث. وفي وقت يشتكي فيه تجار دمشق من ضعف الإقبال، يشتكي متسوقون من تدني جودة البضائع وقلّة التنوع وسط ارتفاع الأسعار.

ركود في أسواق دمشق

يرى الخبير الاقتصادي زاهر أبو فاضل، أن التضخم المستمر في سوريا جعل من الحوالات بالكاد تكفي لتأمين الطعام والشراء والدفء، بينما التضخم في أوروبا أسهم في تقليص قيمة الحوالات الواردة إلى الأسر، مؤكدا لموقع تلفزيون سوريا أن "القدرة الشرائية الناجمة عن الحوالات تآكلت نحو 50 في المئة بفعل العاملين المذكورين، ما أسهم بفرض ركود خطير على الأسواق انعكس سلباً على الجميع في سلسلة البيع سواء المستورد أو المصنّع إلى تاجر الجملة فالمفرق ثم الزبائن، خاصةً وأن كلفاً مرتفعة بشكل دائم تركّب على البضائع في سلسلة البيع ما يجعل سعرها غير منطقي".

في سوق الحميدية والصالحية والشعلان، تكثر حركة المتسوقين في مثل هذا الشهر من العام لشراء الملابس الشتوية، لكن الأسواق باتت شبه خالية وسط قلة في عرض الموديلات الجديدة والاعتماد على تكرار ما لم يتم بيعه منذ أعوام.

"بات من غير المستغرب أن تدخل محلاً وترى فيه بضائع منذ 3 سنوات تباع بأسعار اليوم، وعند السؤال عن سبب عدم طرح ألبسة جديدة، يجيب التجار بأن ضعف الإقبال وارتفاع الأسعار يمنعهم من ذلك"، بحسب رياض 35 عاما (طلب عدم ذكر اسمه كاملا)، الذي كان يبحث عن لباس رياضي شتوي في سوق الحريقة.

جودة متدنية

وتابع قائلا "بعد بحث طويل وجدت بيجامة شكلها جديد، لكن أثناء تجريبها في المحل تمزقت من تحت الإبط، وعند سؤال البائع عن سبب تدني الجودة، أجاب حرفياً بأن: المعامل والورش باتت تختصر مراحل من الدرزة توفيراً للخيطان، وتوفيراً لعدد العمال. اليوم بات على من يريد شراء ملابس سورية جديدة، أن يتجه بها فوراً إلى الخيّاطين لدرزها من جديد على حسابه الخاص رغم دفع مئات آلاف الليرات على القطعة".

ويقول أحد الخياطين لموقع تلفزيون سوريا "تعتمد الورش على النساء حالياً بالغالب لأن أجرتهن أقل من الرجال، وغالباً ما تكون النساء اللواتي دفعتهن الحاجة المادية للعمل من دون أي خبرة مسبقة، وخلال أيام فقط تتسلّم النساء العمل وتبدأ بالإنتاج دون تدريب كافٍ، ما يُفضي بالنهاية إلى نتائج سيئة على جودة الملابس"، ويضيف "أصحاب الماركات باتت عتمد على الورش البسيطة التي لا تختصر الخيطان والعمال فقط، بل حتى شراء الإبر الجديدة المناسبة لكل قطعة، وكل ذلك يزيد من تدني جودة الملابس".

البائعون في حيرة من أمرهم

البائعون الذين التقاهم الموقع في سوق الحميدية والحريقة، أشاروا إلى أنهم "في حيرة من أمرهم، فهم غير قادرين على تسوق بضائع ذات جودة لأن سعرها مرتفع جداً وقد لا يشتريها أحد وينتهي بها الحال إلى المستودعات، وبين تبضّع ملابس رخيصة بأقمشة أقل من متوسطة وبجودة صناعة متدنية تسبب لهم الخسائر في عمليات الإرجاع والاستبدال".

وأكدوا أن الأسواق السورية تفتقد الأقمشةَ الجيّدة حاليا والتجار عزفوا عن استيرادها أو تهريبها لأن سعرها مرتفع ولا يتناسب وقدرة السوريين، فاتجه معظم التجار والمصانع للأقمشة الرخيصة والتصنيع بجودة متدنية لخفض التكاليف.

وبشكل عام، حتى الملابس ذات الجودة المتدنية سعرها مرتفع جدا قياسا برواتب السوريين، فالكنزة القطنية "الولّادي" يمكن أن يصل سعرها إلى 100 ألف ليرة للنوعية الأقل من متوسطة، بينما "الرجالي" بـ200 ألف، ويتضاعف السعر تقريبا للنوعية الجيدة، وكل ذلك أثّر على حركة الأسواق ومردود التجار ودفع الطرفين للتذمر.

سوق الميلاد "شحيح"

في سوق العصرونية التي يفترض أن تعجّ في مثل هذه الأوقات بمتسوقي أشجار الميلاد وزينتها، باتت السوق شبه خالية من المتسوقين ومستلزمات الأعياد على حد سواء. وأكد عدد من أصحاب المحالّ لموقع تلفزيون سوريا قلة عدد الأشجار المعروضة قياسا بالعام السابق، وذلك بسبب "عدم وجود استيراد"، وعند الاستفسار عن إيقاف استيرادها، برر أبو رائد (اسم مستعار) وهو صاحب محل في السوق "أن التجار عزفت عن الاستيراد هذا العام بنسبة 80 في المئة نتيجة ضعف الإقبال الذي واجهوه العام الماضي، وبالتالي أسهم ذلك في شحّ المعروض ورفع سعره أكثر.

وصل سعر شجرة الميلاد 120سم، والمصنوعة بنسبة 70 في المئة من النايلون الرقيق جدا إلى 750 ألف ليرة سورية، بينما هناك نوعيات أقل جودة بـ600 ألف ليرة، في حين لا توجد زينة في السوق بأقل من 30 ألف ليرة بعدد قطع لا يتجاوز الـستة.

لم تتجه المعامل السورية بعد لصناعة مستلزمات العيد محليا، فلا توجد لا أشجار ولا زينة ولا حتى ملابس تنكرية لزي بابا نويل مصنعة محليا، لأنها لو صُنعت محليا لارتفع سعرها أكثر من المستورد، والتجار والصناعيون يؤكدون ذلك. والنتيجة كانت أن المتسوقين لم يحصلوا على مبتغاهم، في حين يعاني البائعون من أسوأ فترة ركود.

يقول مراد وهو بائع في السوق أيضا "أغلب من يريد شراء حاجيات الأعياد، يتجه للشراء من لبنان بالتهريب، فالأسعار أرخص بهذا الأسلوب والسوق أوسع وفيه الكثير من الخيارات".

في العام الماضي، كان سوق العصرونية يعجّ بكل مستلزمات العيد، لكن في جولة للموقع لم نستطع العثور بسهولة على بائع لديه لباس "بابا نويل" التنكري للاستفسار عن سعره. يكاد يكون هناك 3 محال متباعدة فقط لديها هذا اللباس وأكد الثلاثة أن بضائعهم من العام الماضي ولا يوجد لديهم سوى نوع واحد فقط وبسعر يتراوح بين 75 – 125 ألف ليرة بحسب القياس، وهو مصنوع من قماش رقيق جدا يكاد يكون مخصصا للاستخدام مرة واحدة.