icon
التغطية الحية

في ظل أزمات خانقة.. كيف بدت ليلة عيد الميلاد في سوريا؟

2022.12.25 | 15:35 دمشق

عيد الميلاد في سوريا
أشخاص يتجمعون حول شجرة عيد الميلاد خلال موسم الأعياد في دمشق (رويترز)
إسطنبول - محمد حسن
+A
حجم الخط
-A

شهدت بعض المحافظات السورية مساء أمس السبت احتفالات في الأماكن العامة والشوارع بمناسبة عيد الميلاد، في حين غابت الكثير من مظاهر الفرح وطقوس الاحتفال في البيوت، في ظل أزمات معيشية غير مسبوقة اشتدت حدتها في الأشهر الأخيرة.

عيد الميلاد لا يختلف عن الأعياد الأخرى كالفطر والأضحى الذي يعتبر فرصة للاحتفال ونشر الفرح والبهجة وتبادل التبريكات والتهاني، لكن في سوريا ومنذ أكثر من عشر سنوات، غيّرت الأزمات المعيشية والاقتصادية الكثير من مظاهر وطقوس الاحتفال في العيد، وسط تردي الواقع الخدمي والغلاء وغياب المحروقات والكهرباء.

ومع بدء الاحتفال بعيد الميلاد لدى الطوائف المسيحية التي تعتمد على التقويم الغربي، أضاءت محافظات دمشق وريفها والسويداء ودرعا وطرطوس وحمص وحماة والحسكة وغيرها من المدن، أشجار أعياد الميلاد احتفالاً بميلاد السيد المسيح، وقرعت أجراس الكنائس، احتفالاً بهذه المناسبة.

ويستقبل السوريون عيد الميلاد في ظل آمال بأن يكون العام القادم أفضل من المنتهي وأن يحمل انفراجات من أزمات اشتدت عليهم في هذا العام وخصوصاً في الأشهر الأخيرة. بحسب صحيفة (الوطن) المقربة من النظام السوري.

فرح في الشوارع والمطاعم وعتمة في البيوت

وبدا واضحاً أن أغلب مظاهر الاحتفال بمناسبة عيد الميلاد في سوريا، اقتصر على إضاءة أشجار الميلاد في الشوارع والتي تحتاج إلى مولدات لإنارتها، وإقامة كرنفالات نظمتها الكنائس، بالإضافة إلى الحفلات الغنائية التي أُقيمت في المطاعم، والتي وصلت أسعار بطاقات دخول بعضها إلى نصف مليون ليرة، أو الاكتفاء بالاحتفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ونشرت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري، صوراً وتسجيلات مصورة، من بعض الساحات والأماكن العامة في دمشق وحلب وغيرها، لمظاهر الاحتفال بعيد الميلاد، وبدا واضحاً من خلال الصورة والتسجيلات العتمة والظلام المخيمين على الأبنية والمنازل التي تحيط بالساحات المضاءة فقط بأشجار عيد الميلاد المزينة بشكل بسيط.

وأقامت محافظة حلب احتفالاً بإضاءة شجرة الميلاد في ساحة الحطب بالمدينة، وحول الساحة، تُظهر الصور العتمة والظلام، بالإضافة إلى الدمار الذي تعرضت له مدينة حلب من جراء قصف النظام وروسيا للمدينة قبل سنوات.

عيد الميلاد
إضاءة شجرة الميلاد في ساحة الحطب بمدينة حلب (الميادين)

 

حلب
تزيين شجرة عيد الميلاد في ساحة الحطب بمدينة حلب بين ركام المنازل المدمرة (أ ف ب)

وفي دمشق "كان تركيز الزينة من نصيب أوتوستراد المزة الذي أنير بشكل لافت مع محيط أبنيته حيث تقطن الطبقة الميسورة، وكأن الفرح بات طبقياً، والنور حكر على البعض" وفق ما قال أحد سكان باب توما لموقع تلفزيون سوريا، أمس السبت. مضياً "قد لا نستطيع أن نضيء الشرفات اليوم ونحتفل كما يجب أن نحتفل بينما سكان المزة ينعمون بكل شيء".

شراء شجرة الميلاد لم يعد متاحاً للجميع في سوريا، حيث اكتفى بعض السوريين بشراء شجرة صغيرة وزينة بسيطة، في حين استخدم آخرون الشجرة القديمة، وإلى جانب كل شجرة ميلاد، بات هناك قطعة تشير إلى محاولة انتزاع الفرحة من وسط الظلام سواء ليدات أو بطاريات تنير الشجرة عدة ساعات ثم تعلن انتهاء الأجواء المقررة لسهرة اليوم.

دمشق
أشخاص يمشون بجوار شجرة عيد الميلاد خلال موسم الأعياد في دمشق (رويترز)

وجهان للاحتفال في دمشق

بعض الأسر التي تسهر معاً في ليلة عيد الميلاد، لجأت هذا العام إلى تقاسم تكاليف الطعام والضيافة، فإطعام الضيوف في هذه الأوقات العصيبة اقتصادياً مكلف جداً، لكن حتى هذا الاحتفال قد تغيب عنه كثير من الطقوس مثل شواء اللحم أو تقديم المشروبات الفاخرة، ولو أرادت الأسرة الاحتفال بالميلاد بطقوسها كاملةً لاحتاجت إلى إنفاق الملايين في ليلة واحدة. وفق أحد المواطنين من جرمانا.

وفي مشهد يمثل الوجه الآخر للعاصمة دمشق، تنتشر الحفلات في المطاعم والفنادق الموجهة للطبقة الميسورة، حيث يبدأ سعر بطاقة دخول حفلة زياد برجي وسيرين عبد النور ومعين شريف من نصف مليون ليرة وصولاً إلى 700 ألف للشخص الواحد، ورغم تلك الأسعار المرتفعة، فإن الحجوزات انتهت قبل يوم من ليلة الميلاد.

تفاقم الأزمات

وأجبرت الأزمة الاقتصادية الخانقة، وتفاقم أزمة المحروقات، الكثير من السوريين على تقليص احتفالات عيد الميلاد، وتقول رولا بتال لوكالة (رويترز) "نحاول أن نبقي الأطفال فرحين، ونحاول ألا نشعرهم بشيء، ولكن يبقى هناك شيء ناقص".

وبالتزامن مع فترة أعياد الميلاد ورأس السنة، ارتفعت أسعار الفروج واللحوم لأرقام كبيرة متجاوزة التسعيرة الرسمية، ليتجاوز سعر الكيلوغرام من بعض أنواع اللحوم حاجز الـ 40 ألف ليرة.

وشهدت الأسواق السورية ارتفاعاً قياسياً، طال معظم السلع والمواد الغذائية والخضراوات والفواكه، وصل بعضها إلى أكثر من الضعفين، وذلك بعد قرار حكومة النظام السوري برفع أسعار المحروقات.

وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري منذ أكثر من أسبوعين أزمة حادة في الوقود، تكاد تكون الأسوأ على الإطلاق بالنظر إلى حالة الشلل التام التي أصابت القطاعات كلها، وأسفرت عن شلل كبير في المواصلات والكهرباء وتوقف كثير من الفعاليات والصناعات والأعمال، وسط فشل مؤسسات النظام في تأمين أبسط الاحتياجات الأساسية.