icon
التغطية الحية

كم تحتاج لتحتفل كما يجب في ليلة الميلاد بدمشق؟

2022.12.25 | 08:14 دمشق

حي باب شرقي في العاصمة دمشق (رويترز)
حي باب شرقي في العاصمة دمشق (رويترز)
دمشق ـ فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

غابت شجرة الميلاد الضخمة هذا العام عن ساحة العباسيين، حتى الزينة المعتادة بكل عام في تلك المنطقة، لم تكن موجودة. في جولة على باب توما والقصاع وصولاً إلى ساحة العباسيين قبل السابعة مساءً من يوم السبت، بدت الشوارع شبه فارغة من السيارات، والأسواق لا توحي باقتراب العيد، وفي الشعلان المكتظ عادةً في مثل هذا اليوم من السنة أُغلقت مداخله أمام السيارات لوجود كرنفال للكشاف الكنسي، وبدا الشارع شبه فارغ من المارة.

ربما كانت أكثر المظاهر الاحتفالية وضوحاً هذا العام هي الكرنفالات التي تقيمها الكنائس مع بعض أشجار الميلاد البسيطة هنا أو هناك في الشوارع التي تحتاج إلى مولدات لإنارتها، في حين "كان تركيز الزينة من نصيب أتوستراد المزة الذي أنير بشكل لافت مع محيط أبنيته حيث تقطن الطبقة الميسورة، وكأن الفرح بات طبقياً والنور حكر على البعض" هكذا يقول باسل وهو من سكان باب توما، ويضيف "قد لا نستطيع أن نضيء الشرفات اليوم ونحتفل كما يجب أن نحتفل بينما سكان المزة ينعمون بكل شيء".

اشترى باسل زينة تعمل على البطارية لإضاءة الشجرة، فإلى جانب كل شجرة ميلاد في منزل السوريين هناك قطعة تشير إلى محاولة انتزاع الفرحة من وسط الظلام سواء ليدات أو بطاريات تنير الشجرة عدة ساعات ثم تعلن انتهاء الأجواء المقررة لسهرة اليوم.

لكن، حتى شراء الشجرة نفسها غير متاح للجميع. تبدأ أسعار شجرات الميلاد الخفيفة الوزن البلاستيكية الرخيصة بطول 90 سم، بـ120 ألف ليرة، والـ120 سم بـ150 ألف، والـ150 سم بـ190 ألف ليرة، وتتدرج الأسعار وصولاً إلى المليون ليرة وأكثر بحسب نوع الشجرة وكثافتها وطولها.

كرة الزينة بحجم متوسط تبدأ من 8 آلاف ليرة سورية، والنجمة وحدها قد تصل إلى 300 ألف ليرة، وخلال جولة على سوق العصرونية بدمشق الذي كان يعاني من ضعف الحركة، أكد أحد الباعة أن الإقبال على شراء الأشجار وحتى هدايا الأطفال ضعيف جداً، بل هو الأضعف بتاريخ البلاد.

بابا نويل يرفع أسعاره

من طقوس الميلاد أيضاً، سانتاكلوس أو بابانويل الذي يلبي أمنيات الأطفال ويحضر لهم الهدايا ليلة العيد، لكنه أيضاً رغم قداسته وارتباطه المعنوي بالنسبة للأطفال في العيد، رفع هو أيضاً أسعاره كما فعلت حكومة النظام ليحرم كثيرين من رؤيته. وفي رصد لأسعار توصيل الهدايا مع بابانويل سواء في عيد الميلاد أو رأس السنة، فقد بدأت من 5000 ليرة للطفل وصولاً إلى 20 ألف ليرة، تبعاً للمنطقة، والزي الذي يرتديه وما يحمله من كيس وأجراس (إكسسوارات) ومرافقين، وفقاً لوئام في جرمانا الذي وضع إعلاناً على فيسبوك بأنه سيقدم الهدايا بزي بابانويل مقابل 20 ألف ليرة للطفل.

وعن السعر المرتفع قال، إنه يرتدي زياً يقارب سعره الـ600 ألف ليرة، ومعه اثنان من أصدقائه يرتدون الزي ذاته ليساعدوه بحمل الهدايا، إضافةً إلى تنقلهم بالسيارة ضمن جرمانا بظل شح البنزين وارتفاع سعره بالسوق السوداء، مشيراً إلى أن الأسعار الأرخص قد تكون بزي تنكري رخيص لا يبهر الأطفال، وقد يكون تنقلّهم مشياً على الأقدام.

في شوارع باب توما وجرمانا وباقي أسواق العاصمة قد تصادف شخصاً يرتدي زي بابانويل ويحمل بيديه بوالين للأطفال، لكن المفارقة أن الصورة التذكارية معه ليست بأقل من 200 ليرة عدا سعر البوالين.

تقاسم الكلفة مع الضيوف

ربما عنوان هذا العيد مع رأس السنة، الاحتفال بالمنازل مع الأقارب والأصدقاء كما في الأعوام الماضية، لكن حتى هذا الاحتفال قد تغيب عنه كثير من الطقوس مثل شواء اللحم أو تقديم المشروبات الفاخرة، فإطعام الضيوف في هذه الأوقات العصيبة اقتصادياً مكلف جداً، لذلك لجأت بعض الأسر التي تسهر معا إلى تقاسم تكاليف الطعام والضيافة.

لكن، الاكتفاء باحتفال ضيق في المنازل، لا يعني بالضرورة عدم انتشار الحفلات في المطاعم والفنادق الموجهة للطبقة الميسورة في مشهد يمثل الوجه الآخر للعاصمة. بطاقة دخول حفلة زياد برجي وسيرين عبد النور ومعين شريف تبدأ من نصف مليون ليرة وصولاً إلى 700 ألف للشخص الواحد، أما ريم السواس مثلاً وهي مغنية نوادٍ ليلية فباتت تحيي حفلاتها مؤخراً في مطاعم باب توما، أسعار بطاقات دخول حفلاتها تبدأ من 175 ألف ليرة وصولاً إلى 450 ألف ليرة، أما المغنون غير المعروفين أو حفلات الدي جي فأقل بطاقة بـ100 ألف ليرة.

الغريب أنه ورغم تلك الأسعار المرتفعة، وباتصالات مع المطاعم والفنادق المعلنة، فإن الحجوزات انتهت قبل يوم من ليلة الميلاد. يعلّق على ذلك صاحب أحد المطاعم مفضلاً عدم ذكر اسمه بأن "دمشق تستقطب زواراً من مجمل المحافظات ومن المغتربين في هذا العيد، إضافةً إلى أن نشاط التحويلات المالية من الخارج في هذه الفترة، وكل هذه عوامل تساعد على الإنفاق على الحفلات، وهذا لا يعني أن السوريين لديهم فائض مالي يتيح لهم الإنفاق في هذه الأجواء.

وتابع "نتحدث عن أسعار تصل حتى مليون ليرة ربما لفنانين معروفين لكنهم ليسوا من الصف الأول وهم معدودون على أصابع اليد، فتخيل لو كانت هناك حفلات لنجوم الصف الأول بكم ستكون البطاقة؟

لو أرادت الأسرة السورية الاحتفال بالميلاد بطقوسها كاملةً لاحتاجت إلى إنفاق الملايين في ليلة واحدة، وفقاً لنبراس من جرمانا، مضيفاً "تخيل أنك ستشتري شجرة كبيرة، وتشتري الحلويات والهدايا للأطفال وتستدعي سانتاكلوس، ثم تذهب للمطعم مع عائلتك لتحضر احتفالاً!. هذا المشهد بات حلماً لكثيرين.