icon
التغطية الحية

أزمة المحروقات تبطئ وتيرة الحياة في سوريا

2022.12.20 | 12:54 دمشق

إحدى محطات الحافلات بالعاصمة السورية دمشق
إحدى محطات الحافلات بالعاصمة السورية دمشق
France 24 - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

لم يعد بوسع الطالب السوري زياد العز أن يذهب إلى الجامعة في ظل أزمة نقص المحروقات الحادة التي تعصف بالعاصمة دمشق، ما دفع الأهالي للبحث عن بدائل من أجل التدفئة بعد توقف معظم الأعمال.

إذ عقب تضرر اقتصاد البلاد بسبب الحرب التي امتدت لعقد ونيف من الزمان، رفعت حكومة النظام السوري أسعار الوقود أربعة أضعاف منذ بداية هذا العام، إلى جانب تقنين البنزين والمازوت.

وحول ذلك يخبرنا عز، 20 عاماً، الذي يدرس الأدب بجامعة دمشق: "تبدأ معاناتنا مع المحروقات من البيت ولا تنتهي عنده" بما أنها تصل للصف والجامعة كما ذكر ذلك الطالب، حيث أردف قائلاً: "يصبح البيت بارداً جداً بلا تدفئة، ومن الصعب أن تعثر على مواصلات عامة في الشارع".

في مدينة تتميز بشتائها القارس، تجاوزت أسعار وقود التدفئة كل الحدود، ولذلك طلبت منه أمه أن يكتفي بالتدثر بطبقات أخرى من الألبسة لتمحنه الدفء.

يلقي النظام السوري باللائمة بالنسبة لنقص المحروقات على العقوبات الغربية التي قيدت الواردات إلى حد كبير، وعلى خروج حقول النفط الأساسية للبلد عن سيطرته.

يعمل عز بدوام جزئي في توصيل طلبات الطعام بواسطة دراجته الهوائية، إلا أن الذهاب إلى الجامعة على متن الدراجة يعني قطع مسافة طويلة جداً، في الوقت الذي تزدحم فيه الحافلات التي نادراً ما تأتي بالناس، كما أصبحت سيارات الأجرة تطلب الكثير.

ولذلك قامت الجامعات بتعطيل الدراسة لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع بسبب أزمة المحروقات، وحول ذلك يقول عز: "كل ما يفكر به الناس هو كيف بوسعهم أن يتدفؤوا خلال فترة الشتاء، فكيف لي أن أفكر بالجامعة أو الدراسة في ظل هذا الوضع؟"

اختفاء الاختناقات المرورية

أصبحت الحياة أشد قساوة في دمشق خلال الأسابيع الماضية، بعدما صار تقنين الكهرباء الشديد يعني عدم حصول الأهالي إلا على ساعتين باليوم من مصدر الطاقة هذا.

ولذلك لجأ البعض لاستخدام قشور الفستق وما تبقى من الزيتون بعد عصره لأغراض التدفئة.

كما اختفت الاختناقات المرورية التي تحدث في ساعات الذروة بالعاصمة، في الوقت الذي بات فيه أصحاب السيارات يستبقونها بالقرب من بيوتهم ولا يستخدمونها إلا في الحالات الضرورية.

كان سائقو سيارات الأجرة يحصلون على الوقود اللازم من خلال المخصصات المدعومة التي تصلهم مرة بالأسبوع، إلا أن تلك المخصصات انخفضت لدفعة واحدة يحصلون عليها مرة بالشهر، ما دفع كثيرين منهم للجوء إلى السوق السوداء من أجل الحصول على الوقود، وهذا ما جعلهم يرفعون أجورهم.

كانت كلفة الليتر الواحد من الوقود في السوق السوداء تعادل نحو دولار أميركي واحد، ويتضاعف هذا السعر خلال الشتاء، في بلد لا يتقاضى فيه معظم موظفي الدولة أكثر من 21 دولاراً بالشهر وسطياً.

وحول ذلك يعلق بسام زهراوي وهو سائق سيارة أجرة، فيقول: "لا تكفيني مخصصات البنزين المدعوم إلا ليومين".

فيما أعلن رئيس وزراء حكومة النظام، حسان عرنوس، في مؤتمر صحفي عقد يوم الخميس الماضي بأن الحكومة اضطرت لرفع أسعار الوقود الرسمية لمنع توقف الخدمات الأساسية التي تشمل المواصلات والمشافي والمخابز عن العمل.

يخبرنا زهراوي، 39 عاماً، بأنه لم يعد يجوب شوارع دمشق، بل ينتظر الأشخاص حتى يتصلوا به هاتفياً ليقوم بنقلهم وتوصيلهم، ويعلق على هذا بالقول: "في السابق كنا نبحث عن الزبائن، ولكنهم اليوم هم من يبحثون عنا"  

أقسى أزمة من نوعها

تسببت الحرب السورية بمقتل أكثر من نصف مليون إنسان منذ أن بدأت في عام 2011، كما قسمت البلاد وتسببت بتدمير الاقتصاد والبنية التحتية.

ولذلك بات 90% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، فيما يعاني 12.4 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.

ومؤخراً، طرحت حكومة النظام إجراءات أخرى للتقشف، شملت تقليل أيام الدوام بالنسبة للموظفين خلال هذا الشهر، كما أطالت فترة الإغلاق بين عطلتي عيد الميلاد ورأس السنة.

وبذلك توقفت بعض مراكز الاستعلامات التابعة لشركات الاتصالات السورية عن الخدمة بصورة مؤقتة وذلك في مطلع شهر كانون الأول بعدما نفد الوقود لديها.

وإضافة لذلك يخبرنا بسام قلعجي رئيس جمعية المخابر بأن نصف المخابز الخاصة في العاصمة قد توقفت عن العمل بسبب نفاد الوقود من البلد.

في حين يحدثنا أبو محمد، 25 عاماً، بأنه لجأ للحطب ليواصل العمل في مخبزه بدمشق، ويعلق على هذا بقوله: "امتدت هذه الأزمة لأشهر، إلا أني لم أتوقع بأن يأتي ذلك اليوم الذي لن أتمكن فيه من تأمين ليتر واحد من الوقود"، ثم يخبرنا بأنه جعل حجم العجين المخصص لصناعة البيتزا أصغر بدلاً من أن يزيد في سعره.

يذكر أن الليرة السورية سجلت بهبوطها رقماً قياسياً جديداً خلال هذا الشهر بعدما أصبح الدولار الواحد يعادل أكثر من ستة آلاف ليرة سورية في السوق السوداء، مقارنة بقيمة الليرة التي كانت تعادل 47 مقابل الدولار الواحد في عام 2011، وهذا ما دفع أبا محمد للقول: "إنها أطول وأقسى أزمة عشناها.. بالرغم من أننا عشنا الكثير غيرها".

المصدر: France 24