icon
التغطية الحية

مشافي شمال غربي سوريا مكتظة بضحايا الزلزال والأطباء أمام قرارات مصيرية

2023.02.13 | 16:48 دمشق

أحد الأطباء في إدلب وهو يعالج رضيعاً خرج من بين الأنقاض بعد الزلزال
أحد الأطباء في إدلب وهو يعالج رضيعاً خرج من بين الأنقاض بعد الزلزال
Middle East Eye - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يخبرنا الأطباء في شمال غربي سوريا بأن المستشفيات أصبحت مكتظة بالضحايا بعد وقوع الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة خلال الأسبوع الماضي، وبأنها تفتقر إلى الموارد أو ما يكفي من المعدات والتجهيزات لمعالجة الإصابات الحادة التي يعاني منها الناجون.

فقد زاد الزلزال المدمر الذي بلغت شدته 7.8 درجة والذي ضرب المنطقة فجر يوم الإثنين الماضي من حجم الخسائر والمعاناة التي يعيشها الناس في المنطقة، بعد سنوات من القتال والقصف.

تم تأكيد وفاة أكثر من 4300 شخص في عموم مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة، في ظل ظروف جوية سيئة وانعدام للبنية التحتية الأساسية التي أعاقت عمليات إنقاذ الناجين إلى حد بعيد.

ويقول الدكتور أحمد غندور مدير مشفى الرحمة بمدينة دركوش التابعة لمحافظة إدلب: "أمضينا السنوات الخمس الماضية ونحن نعمل لساعات طويلة بلا نوم أو راحة حتى ننقذ الجرحى".

ويقول لنا اليوم بأن المشفى الذي يديره صار يعج بالكثير من الضحايا والمصابين مع توفر عدد قليل من الكوادر الطبية والتي اضطرت لاتخاذ قرارات مصيرية صعبة بالنسبة لتصنيف الحالات من جراء قلة الموارد.

وبما أن معظم الكادر الطبي يتعين عليه أن يتعامل مع حالات الكسور في الذراع أو الساق أو الجروح المصابة بالتهابات، لذا لابد أن تحمل الأيام المقبلة المزيد من الأمراض المنقولة عبر الماء مثل الكوليرا، مع زيادة طفيفة في حالات الإصابة بكوفيد-19 وانخفاض حرارة الجسم أو ما يعرف بعضة الصقيع حسب رأي هذا الطبيب.

يذكر أن مشافي شمال غربي سوريا، أي تلك المنطقة التي تمثل الجيب الأخير الذي بقي بيد الثوار، لم تعد بالأصل قادرة على تنفيذ أهم الإجراءات والعمليات الأساسية بسبب تكرر هجمات النظام السوري وحلفائه على تلك المنطقة منذ بداية النزاع في عام 2011.

تؤوي تلك المنطقة نحو 4.4 مليون نسمة بينهم أكثر من مليوني نازح داخلياً، بحسب أرقام الأمم المتحدة، كما أصبح 70% من هؤلاء السكان تقريباً بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.

أين المجتمع الدولي؟

زادت الضغوط على الأمم المتحدة حتى تقوم بتقديم المساعدات الطارئة لتلك المحافظة التي يجب أن يصلها كم كبير من المعونات بعد مرور سبعة أيام على الزلزال الذي ضرب المنطقة.

فقد دخلت قافلة مؤلفة من 14 شاحنة أممية إلى المناطق التي يسيطر عليها الثوار عبر معبر باب الهوى يوم الجمعة الماضي، إلا أن تلك المساعدات كان من المقرر أن تصل إلى المنطقة قبل وقوع تلك الكارثة.

ولهذا يخبرنا الدكتور غندور بأن الزلزال خلق أسوأ ظروف شهدها منذ بداية النزاع، ولهذا ستواصل أعداد الضحايا الارتفاع ما لم يسرع المجتمع الدولي والأمم المتحدة من عمليات تسليم المساعدات، ويعلق على ذلك بقوله: "إن فشل المجتمع الدولي في مساعدتنا في عمليات الإخلاء والإغاثة زاد من المأساة التي نعيشها".

اعترف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش بمدى سوء الأوضاع هناك، ووعد في مطلع هذا الأسبوع بوصول المزيد من المساعدات، بيد أن الحاجة أكبر بكثير من كل تلك المعونات حسب تعبيره.

مع تراجع الأمل بالوصول إلى من علقوا تحت الأنقاض، يخبرنا هيثم دياب وهو رئيس قسم التمريض بمشفى الشفاء في محافظة إدلب بأن الإحباط قد زاد بين صفوف من يحاولون النجاة في ظل درجات حرارة منخفضة مع تضاؤل المواد الغذائية ونقص اللوازم الطبية، ويقول: "عندما كانت المنطقة تتعرض للقصف من قبل نظام الأسد وحلفائه، كان المشفى يستقبل نحو 15 إصابة بالحد الأعلى، حيث يتم تخصيص عدد مناسب من الأطباء والمرضى لكل مصاب حتى يقدموا له المعالجة الطبية اللازمة، ولكن أعداد المصابين التي تعين التعامل معها ومعالجتها منذ وقوع الزلزال قد زادت من وطأة الضغط على كادرنا الطبي".

نافذة الأمل.. تغلق!

أكد النظام السوري يوم الجمعة الفائت موافقته على تسليم المعونات الإنسانية لـ شمال غربي سوريا، بعدما أصدرت وزارة الخزانة الأميركية ترخيصاً يسمح بوصول المعونات والإغاثة لأسباب لإنسانية والتي يمكن أن تخضع للعقوبات في ظل أي ظرف آخر.

بيد أن الخبراء لا يرجحون بأن يقوم النظام بتوزيع أي مساعدات يتلقاها بشكل عادل في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بما أن قوات النظام سبق لها أن استهدفت المدارس والمشافي والمخابز في تلك المناطق.

اقرأ أيضا: ساعات من حياة طبيب.. عندما ضرب الزلزال شمال غربي سوريا

بل حتى بعد الزلزال المدمر الذي وقع يوم الإثنين الماضي، لم تسلم إحدى قرى المعارضة من قصف النظام، كما استبعد النظام فكرة السماح للمساعدات بالانتقال بشكل مباشر إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار، إذ تم إغلاق أربعة معابر حدودية أقامتها الأمم المتحدة في عام 2014 لتمرير المساعدات،

وأتى ذلك بشكل تدريجي على يد النظام وروسيا، وهذا ما جعل معبر باب الهوى الخيار الوحيد المتبقي أمام تمرير المساعدات.

ولهذا يخبرنا الطبيب شاكر الحميدو وهو مدير مشفى باب الهوى بأن المشافي ومنها المشفى الذي يعمل فيه باتت بحاجة ماسة للأدوية والمعدات واللوازم الطبية، بما أن المعونات الطبية التي تصل إلى هناك شحيحة للغاية، إذ يقول: "لقد تواصل فريقنا الإداري مع الجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) بخصوص تقديم طلب عاجل من أجل تأمين لوازم طبية إضافية، فحصلنا في نهاية المطاف على شيء يسير منها، وبدأنا بمعالجة بعض الجرحى".

باتت حصيلة القتلى بسبب الزلزال في ارتفاع سريع لا يتواءم مع وتيرة تقديم المساعدات التي أتت بطيئة للغاية بالنسبة للآلاف من الناس الذين مايزالون يحلمون برؤية أحبائهم وقد تم انتشالهم من بين خرائب الأبنية المنهارة.

لذلك ستصبح مهمة فرق الإنقاذ صعبة للغاية خلال الأسابيع المقبلة، حيث سيقومون بانتشال الجثث، كما سيحتاج الكثير من الناجين للأدوية الخاصة بارتفاع الضغط والسكري، فضلاً عن الأدوية التي باتت مفقودة حسبما ذكر ذلك الطبيب.

المصدر: Middle East Eye