icon
التغطية الحية

هل استجابت "جامعة حلب الحرّة" لمناشدات تخفيض رسوم الدورة الاستثنائية؟

2022.08.08 | 18:01 دمشق

جامعة حلب الحرة
"جامعة حلب الحرة" في اعزاز شمالي حلب
+A
حجم الخط
-A

أثارت الرسوم المالية الخاصة بالدورة الامتحانية الاستثنائية التي أقرها مجلس التعليم العالي التابع لوزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، بداية شهر آب الجاري، جدلاً واسعاً بين الطلاب الذين اعتبروها مرتفعة جداً مقارنة بوضعهم الاقتصادي والمعيشي، ويستحيل على معظمهم تأمينها بسبب ضغط المصاريف المتعلقة بالأقساط السنوية للجامعة، ومصاريف التنقل والسكن وغيرها وسط واقع اقتصادي تسود فيه البطالة وقلة فرص العمل.

وراح فريق من الطلبة يتهم "جامعة حلب في المناطق المحررة" بكونها مؤسسة تعليمية ربحية يهمها جمع الأموال بأي شكل من الأشكال، ولا تأخذ بعين الاعتبار معاناة آلاف الطلاب، بينما عمل فريق آخر على بذل جهود في اتجاه تخفيض الرسوم المحددة، والتواصل مع إدارة الجامعة ومجلس التعليم العالي.

وبالفعل نجحت المساعي والمناشدات ونتج عن اللقاءات مع مسؤولي التعليم تخفيض جزئي للرسوم التي حُدّدت سابقاً، وقد بدأ التسجيل على دورة الامتحانات الاستثنائية التي من المفترض أن يستفيد منها آلاف الطلاب في سنة التخرج والسنوات الدراسية الانتقالية على حد سواء.

نص القرار

في 1 من آب الحالي، أعلنت وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة عن دورة امتحانية استثنائية في "جامعة حلب بالمناطق المحررة"، وفي 5 من آب أصدر مجلس التعليم العالي شرحاً للقرار، تضمن تحديد الرسوم والشريحة المستفيدة من الطلاب.

وذكر المجلس في إعلانه الذي حمل "رقم 2" أن موعد إجراء الامتحانات سيكون في الفترة الممتدة بين 27 من آب الحالي و8 من أيلول المقبل، وتخضع الدورة الاستثنائية لأحكام الدورات الامتحانية للجامعة.

قرار رقم 2
الدورة الامتحانية الاستثنائية في جامعة حلب الحرة

وبحسب القرار، يحق للطالب التقدم للدورة الامتحانية بصرف النظر عن عدد المواد التي يحملها، مع شرط أن يكون مسجلًا مسبقًا في إحدى كليات الجامعة أو معاهدها، وفرضت الجامعة رسوماً تعتبر مرتفعة على الطلاب، إذ حددت رسم التسجيل على الدورة الاستثنائية بخمسة دولارات، وأعفت المواد الأربع الأولى لطلاب سنة التخرج من الرسوم، في حين حددت رسوم أي مادة لهم فوق الأربع مواد بعشرة دولارات. وبالنسبة لطلاب المرحلة الانتقالية فيجب عليهم دفع 10 دولارات مقابل أي مادة يسجلون لتقديمها، ونص القرار أن يكون الطالب بريء الذمة المالية تجاه الجامعة.

معاناة الطلبة

أفرح الإعلان عن دورة امتحانات استثنائية شريحة واسعة من الطلاب في "جامعة حلب بالمناطق المحررة"، وبالأخص أولئك الطلاب في السنوات الانتقالية الذين يطالبون بالدورة منذ أشهر، والتي من المفترض أن تتيح لهم فرصة الترفع والانتقال إلى سنة دراسية جديدة، وبالفعل تحقّقت أمانيهم لكن الشرح التفصيلي للقرار والرسوم والشروط المحدّدة أصابت معظمهم بالصدمة، وخيبة الأمل، لأنّ الكثيرين لن يكون في إمكانهم استثمار الفرصة، وليس لديهم أصلاً القدرة المالية على دفع الرسوم المفروضة على كل مادة، ولا حتى إجراء براءة ذمة مالية والتي حددها القرار كشرط لازم للتقدم، أي على الطالب الذي يريد أن يتقدم للدورة الاستثنائية أن يدفع الأقسام والرسوم الجامعية المترتبة عليه.

رامي السيد، وهو صحفي سوري وطالب في قسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، يقول لموقع تلفزيون سوريا إنّ "قسماً كبيراً من الطلاب في الجامعة مهجر ونازح ويسكن أغلبهم في المخيمات، وفي حال حالف الحظ بعضهم بأن يجد فرصة عمل فالأجور بالكاد تكفي لتغطية مصاريف التنقل والمواصلات للوصول إلى الجامعة، ولتغطية جزء من القسط السنوي".

وتابع: "أما مسألة الرسوم المفروضة في الدورة الاستثنائية فالجميع لم يحسب حسابها، فما بالك بالطلاب العاطلين عن العامل والذين يستدينون لكي يغطوا مصاريفهم الشخصية ومصاريف النقل، وبالتالي فهناك أعداد كبيرة من الطلاب لن يكون في إمكانهم التقدم للدورة، والاستفادة من هذه الفرصة".

إبراهيم الخلف طالب في جامعة حلب، وهو مهجر من بلدة جرجناز في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ويقيم حالياً في معرة مصرين شمالي إدلب، وبسبب الفقر، وإعالته لأسرته والتفرغ للعمل بأجر يومي لا يزيد على 50 ليرة تركية، لم يتمكن خلال سنواته الجامعية السابقة من حضور المحاضرات خلال العام الدراسي، وكان حضوره فقط في فترة الامتحانات الفصلية.

يقول "الخلف" لموقع تلفزيون سوريا إن "الرسوم المفروضة لا تراعي الشريحة الأكثر فقراً بين الطلاب، فأنا لدي 8 مواد أريد التقدم لامتحاناتها في الدورة الاستثنائية، أي عليّ دفع مبلغ 80 دولاراً ما عدا مصاريف المواصلات، ومجموع ما أحتاجه يزيد على 150 دولاراً، وهذا المبلغ لا أمتلك منه شيئاً".

موقع تلفزيون سوريا التقى شريحة واسعة من الطلاب الذين يتوزعون في سكنهم على عدة مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية شمال غربي سوريا، أبو محمود الحمصي - مهجر يقيم في جرابلس شمال شرقي حلب - قال "أغلب الأحيان أتساءل هل أخطأت أو تورطت لأنني قمت بالتسجيل في هذه الجامعة، والله الكادر التدريسي جيد والمعاملة طيبة جدا، ولكن همنا الأكبر هو الأقساط والرسوم السنوية ومثل هذه المصاريف التي لم تكن في الحسبان".

ويضيف الحمصي: "أنا مقيم في مدينة جرابلس وتبعد عن الجامعة في اعزاز ما يزيد على 100 كيلو متر، يعني أكثر من ثلاث ساعات في وسائل النقل كي أصل لتقديم الامتحان، وليس لي قدرة مالية كي أقيم في اعزاز، أو على الأقل إقامة مؤقتة خلال فترة الامتحانات، معاناتي تتلخص في بعد المسافة ومصاريف المواصلات الكبيرة، إضافة لكوني معيلاً لأسرتي، وفرص العمل غير متوفرة وفي حال توافرت فالأجور جداً قليلة ولا تتناسب بأي شكل من الأشكال مع المصاريف اليومية ومع مصاريف الجامعة".

وتابع: "اضطر في كثير من الأحيان للاستدانة حتى أصبح حجم ديوني ما يقارب الـ 5 آلاف ليرة تركية منذ بداية العام الدراسي، وفي حال قررت التقدم لامتحانات الدورة الاستثنائية سيتوجب علي دفع مبلغ 70 دولاراً المترتبة علي من القسط السنوي لأحصل على براءة ذمة مالية".

تعديل رسوم الدورة الاستثنائية

التقى "اتحاد طلبة سوريا الأحرار" برئاسة "جامعة حلب في المناطق المحررة"، يوم 6 من آب، وحصل رئيس الاتحاد على وعد بخفض الرسوم المالية بالنسبة لطلاب السنوات الانتقالية، وقال رئيس الاتحاد حسين عكاس لموقع تلفزيون سوريا إن "رئيس الجامعة والمسؤولين في مجلس التعليم العالي كانوا متعاونين، ومتفهمين جداً وضع الطلبة، ويعرفون جيداً مدى الضغوط والمعاناة التي يعيشونها، لذا تمت الموافقة على إعفاء المتقدمين للدورة الامتحانية الاستثنائية من رسوم أول مادتين للسنوات الانتقالية وهذا أقصى ما يمكن تقديمه بالنظر لحجم كلفة إقامة هذه الدورة وما تحتاجه من مصاريف تشغيلية".

في 7 من آب التقى موقع تلفزيون سوريا برئيس "جامعة حلب في المناطق المحررة" الدكتور عبد العزيز الدغيم في مقر الجامعة، والذي أكّد على أنّ "الدورة الامتحانية الاستثنائية ليست من الدورات العادية، بالتالي لا يحسب حسابها عند تقدير البنود المالية في نواحي الإيرادات والإنفاق، بينما تعتبر الدورة الامتحانية التكميلية للطلاب في سنة التخرج حقاً لهم، لكن مطالبات الطلاب في السنوات الانتقالية بالجامعة بإقرار دورة استثنائية ألقت على عاتقنا عبئاً أدبياً، وبالتالي رفعنا مقترحاً لمجلس التعليم العالي بهذا الخصوص وقد تمت الموافقة عليه بالفعل".

عبد العزيز الدغيم
رئيس "جامعة حلب في المناطق المحررة" ومدير شؤون الطلاب

وأضاف "الدغيم" أن "الجامعة تتوقع أن يصل عدد الطلاب المستفيدين من الدورة الاستثنائية إلى ثلاثة آلاف طالب وطالبة، وهذا الرقم وعلى مدار 25 يوماً من الامتحانات يحتاج إلى مصاريف تشغيلية تزيد على 60 ألف دولار، والتي تشمل الأوراق الامتحانية والقرطاسية وأجور الكادر الإداري والتدريسي في الجامعة، ومصاريف الرصد والتصحيح وغيرها من المصاريف المتعلقة بالعملية الامتحانية".

وتابع: "جامعة حلب في المناطق المحررة ليست مؤسسة ربحية، وهو القول الذي شاع مؤخراً بين مجموعات من الطلبة، وقد استجبنا بالفعل للمطالبات الأخيرة وأعفينا مادتين من الرسوم بالنسبة لطلاب السنوات الانتقالية، ونتوقع أن يتم تحصيل مبلغ لا يزيد على 50 ألف دولار، أي تغطية الجزء الأكبر من المصاريف التشغيلية للدورة الاستثنائية وليس كلها، علماً بأنه قبل الإعفاء كانت الجامعة ستحصل على مبلغ فائض من المفترض أن تنفقه في قطاعات أخرى داخل الجامعة، ولكن أمام مناشدات الطلبة كان لا بد من الاستجابة بقدر المستطاع لهم".

اقرأ أيضاً.. تحديات وآمال.. طلبة الدراسات العليا في ريف حلب

يدرس في "جامعة حلب في المناطق المحررة" قرابة 8 آلاف طالب وطالبة، وتغطي الجامعة النفقات التشغيلية بنسبة 65% من الرسوم والأقساط السنوية التي يدفعها الطلاب، وتغطي الجزء المتبقي من الواردات القادمة من عدة مؤسسات ومنظمات تعنى بالتعلم، فمثلاً تقدم مؤسسة مداد مبلغ 25 ألف دولار شهرياً لجامعة حلب (300 ألف دولار سنوياً)، بينما تدعم مؤسسة سواسية كلية طب الأسنان التي تطورت بشكل لافت مؤخراً بعدما أنشأ قسم للعيادات الخارجية التي من المفترض أن يستفيد منها طبياً عامة الناس.

وتصل المصاريف التشغيلية لجامعة حلب سنوياً إلى مبلغ مليوني دولار تقريباً، والرقم قابل للزيادة مع توسع الجامعة وتطور أقسامها، وإنشاء مرافق جديدة تستوعب الأعداد المتزايدة من الطلاب. ويحظى أكثر من 1500 طالب وطالبة في الجامعة بدعم من عدة جمعيات ومؤسسات تدعم قطاع التعليم، بينها الرواد وتكافل ومداد وملهم التطوعي وغيرها.

اللغة الكردية في "جامعة حلب بالمناطق المحررة"

وفي أحدث منجزاتها المفترضة، أعلنت الجامعة عن إطلاق برنامج المعهد العالي للغات، والذي يضم عدة برامج تعليمية للغات عالمية متنوعة، أهمها الإنكليزية، وقد أضافت الجامعة اللغة الكردية إلى برنامج اللغات في المعهد مؤخراً بعدما تمكنت من تأمين كادر تدريسي من منطقة عفرين شمالي حلب.

يؤرق الطلبة في "جامعة حلب بالمناطق المحررة" وفي عموم الجامعات الخاصة والعامة التي تتبع لجهات رسمية كحكومتي "الإنقاذ" في إدلب و"المؤقتة" في ريف حلب، مسألة الاعتراف بالشهادات الصادرة عن هذه الجامعات.

ويمكن القول إن كل الجهود التي بُذلت لتحصيل اعتراف دولي بالجامعات قد فشلت حتى الآن، ويقول رئيس جامعة حلب "الدغيم" إنّ "الاعتراف مسألة معقدة، فالأمر له علاقة بالبعد السياسي والقانوني ومدى الاعتراف الدولي بالحكومة المؤقتة"، وبالنسبة لطلاب وطالبات كلية الطب لا يؤرقهم الاعتراف الخارجي بشهاداتهم فقط، فهم أيضاَ غير معترف بهم محلياً، ومحرومون من التدريب في المشافي التي تديرها المجالس المحلية في مارع واعزاز والراعي وعفرين والباب.