icon
التغطية الحية

جامعات الشمال السوري بين ارتفاع الأقساط وتذمّر الطلاب

2021.08.31 | 06:21 دمشق

جامعة حلب الحرة
جامعة حلب "الحرّة" في الشمال السوري (إنترنت)
تلفزيون سوريا - فايز دغيم
+A
حجم الخط
-A

أعلن مجلس التعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة، في الـ 27 من شهر آب الجاري، عن بدء قبول طلبات التسجيل المباشر وفق الرسم العام والموازي للطلاب في كليات ومعاهد "جامعة حلب بالمناطق المحرّرة".

وشمل الإعلان الرسوم السنوية لطلاب المعاهد والجامعات في نظامي التعليم العام والموازي، وذلك بزيادة عن العام الماضي، حيث أصبح القسط الدراسي للكليات الطبية 300 دولار بعدما كان 250 دولاراً، وفق نظام التعليم العام، و500 دولار للتعليم الموازي بعدما كان 300 دولار.

تذمّر الطلاب من ارتفاع الأقساط

الارتفاع في الأقساط شمل مختلف الكليات والمعاهد، الأمر الذي لاقى استياء الكثير من الطلاب وذويهم وعبّروا عن ذلك من خلال منشورات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، منهم الطالب عبد الله الزير الذي غرّد قائلاً: "قال بدهم يخففوا عدد الطلاب بالإرشاد النفسي قاموا رفعوا الرسوم"، متسائلاً: "ليش اخترعوا المفاضلة والتفاضل بمعدل الشهادة الثانوية؟.. انتوا هيك اخترعتوا مفاضلة جديدة، بتفاضلوا فيها بين الغني والفقير وليس بين الشاطر والكسلان..!".

من جهته قال سليمان حسين "جامعة حكومية (ربحية) بهيك أقساط!؟ جامعة حلب عم تعامل الطلاب بعقلية الدكان أو المحل التجاري يلي زاد عدد زواره فطمع وبلش برفع الأسعار شو المبرر للزيادة هذه يقولوا إنهم جامعة خاصة وخلصنا.. وبدهم يطالعوا التكاليف كلها من رقبة الطلاب.. مرحبا حكومية تقول مختومة من البورد الألماني أو مصدقة من إكسفورد.. يلي استحوا ماتوا".

وكتب مدرس التحرير الصحفي في جامعة حلب "عندما تتحول المشاريع من مشاريع بناء بلد إلى مشاريع بناء عمارات فلا تستغرب الحال الذي وصلنا إليه، فالكثير منا  أصبح يلهث وراء المادة على حساب جودة التعليم وبناء الجيل".

وعلّق طلاب آخرون عبر صفحة تحت اسم "فشة خلق طلاب جامعة حلب الحرة" على "فيس بوك" قائلين: "صاير التسجيل متل الحج.. لمن استطاع إليه سبيلاً"، مشيرين إلى أنّ "القسط الجامعي أصبح أحد أكبر المعوقات التي تواجه الطلبة وتحول دون إكمال تعليمهم".

رئيس جامعة حلب يرد ويوضح

علّل رئيس "جامعة حلب في المناطق المحررة" عبد العزيز الدغيم، ارتفاع الأقساط بما وصفه "حاجة الجامعة"، لافتاً أنّ نسبة ارتفاع الأقساط في الأفرع الطبية بلغت قرابة 20 في المئة.

وقال "الدغيم" إنّ "الجامعة تعتمد على الدعم المقدّم لها من بعض الجهات المانحة بنسبة 35 في المئة، فيما يبلغ اعتمادها الأكبر في تغطية نفقاتها على الرسوم والأقساط التي تحصل عليها من الطلاب وهو ما نسبته 65 في المئة".

وأشار إلى أنّ "جامعة حلب لا تتلقى دعماً من الحكومة المؤقتة، التي لا تملك وزارة مالية تخصّص كتلاً مالية للجامعة"، مردفاً أنّ "افتتاح كلية جديدة يحتاج لأكثر من 60 ألف دولار أميركي سنوياً كمصاريف تشغيلية، بينما رسوم طلابها لا تساوي 10 في المئة من ذلك".

تصريحات "الدغيم" هذه جاءت مع إعلان الجامعة افتتاح العديد من الكليات الجديدة كـ كلية الإعلام التي افتتحت بقسط سنوي قيمته 250 دولاراً للتعليم العام و400 للموازي.

جامعة إدلب: لا ارتفاع في الأقساط والطلاب: أقساطكم مرتفعة أصلاً

طلاب جامعة إدلب أيضاً يعانون من ارتفاع القسط الجامعي أساساً، كما أنّ مخاوفهم تضاعفت من رفع الأقساط على غرار جامعة حلب، لكنّ رئيس الجامعة  أحمد أبو حجر طمأن الطلاب من خلال حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا بأنّه "لا تغيير في قيمة القسط الجامعي، وهو في الأصل ليس مرتفعاً".

هذا وتبلغ قيمة القسط الجامعي في الكليات الطبية 250 دولاراً وفق نظام التعليم العام، بينما في الموازي فتبلغ قيمته 600 دولار.

"أبو حجر" أقر بأنّ القسط الجامعي يعتبر عثرة أمام بعض الطلاب من ذوي الدخل المحدود، مشيراً إلى تطبيق نظام التعليم المجاني، مطلع العام المقبل، والذي يُعفى بموجبه الطلاب ذوو الدرجات العالية في الثانوية العامة من الأقساط طوال دراستهم الجامعية في حال توجهوا نحو اختصاصات معينة تراها الجامعة حاجة للمجتمع كـ الهندسات بمختلف أنواعها والاقتصاد وغيرها.

من جانبهم اعتبر بعض الطلاب بأنّ القسط الجامعي الذي يدفعونه في جامعة إدلب مرتفعاً، وأضافت مرام - إحدى الطالبات - بأنّها أُخرجت من قاعة الامتحان بسبب عدم دفعها القسط، خلال الفصل الأول، واضطر زوجها - من أصحاب الدخل المحدود - لاستدانة القسط حتى أكملت تقديم امتحاناتها.

جهات خيرية تساعد الطلبة على تسديد الأقساط الجامعية

قال رئيس جامعة حلب - وفق المكتب الإعلامي التابع للجامعة - إنّ الجهات المانحة عمِلت على تسديد أقساط 1200 طالب، مضيفاً أنّهم رفعوا لوائح لتلك الجهات تضم الطلاب الذين يتمتعون بمعايير الالتزام بالدوام والدرجات التعليمية الجيدة والعوز المادي، دون التدخل ببقية الأمور والتي تتم بين الجهات المانحة والطلاب، وأبرز تلك الجهات "مداد ورحمة والرواد".

الإعلامي في جامعة حلب محمد الكنش قال لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ التواصل يتم بين مؤسسات مانحة أبرزها "مداد" وبين الطلاب، وذلك عبر روابط تُعلن عنها المؤسسة لمساعدة طلاب الجامعة في تسديد أقساطهم.

كذلك أفاد رئيس جامعة إدلب بوجود نحو 3200 طالب وطالبة من الذين عجزوا عن تسديد أقساطهم الجامعية، مشيراً إلى إنشاء مكتب اجتماعي يتبع لرئاسة الجامعة يُعنى بمتابعة وتقييم حالة الطلبة المتعثّرين مادياً، ورفع بياناتهم للجهات التي ترغب بمساعدتهم.

وأبرز تلك الجهات هي "الهيئة العامة للزكاة والتي تكفّلت بتسديد أقساط ألفي طالب، وجمعية مسك، وجمعية الصيب الوابل، والهيئة الإغاثية العامة ومنظمة (ون نيشن)، إضافة لفريق ملهم التطوعي الذي أفاد مكتبه الإعلامي بكفالته لـ438 طالباً في جامعة إدلب من ناحية الأقساط، و86 طالباً في جامعة حلب، خلال العام الدراسي 2020-2021.

جامعات خاصة ترفع الأقساط أيضاً

لم يقتصر رفع الأقساط الجامعية على جامعة حلب، بل تنوي جامعة ماري الخاصة في إدلب أيضاً رفع الأقساط الجامعية لطلابها المستجدين إلى 2000 دولار سنوياً، بحسب مصادر من داخل الجامعة، بينما يبلغ قسط طالب طب الأسنان فيها حالياً 1500 دولار.

وتنتشر عدة جامعات خاصة في الشمال السوري أبرزها جامعتا الشمال وماري، اللتان تزيد الأقساط الدراسية السنوية فيهما عن 1500 دولار في الأفرع الطبية.

وحسب ما قال رئيس مجلس التعليم العالي والبحث العلمي التابع لـ"حكومة الإنقاذ" فإنّه "لا رفع رسوم في جامعة ماري حتى هذه اللحظة، وإن قرار كهذا يحتاج إلى طرحه على المجلس ودراسته وإقراره ولا تستطيع أي جامعة إصدار القرارات منفصلة، طالما تعمل ضمن مظلة مجلس التعليم العالي".

التعليم الجيد في المدارس للطلاب الأغنياء فقط

مبدأ المال مقابل الحصول على تعليم جديد شاع في المدارس أيضاً فباتت تنتشر المدارس الخاصة في عموم شمال غربي سوريا وإدلب تحديداً، والتي بلغ عدد المدارس الخاصة فيها 232 مدرسة منها 88 للحلقة الأولى بعدد طلاب 12 ألفاً و545، و98 مدرسة للحلقة الثانية بعدد طلاب 9432، و46 مدرسة للمرحلة الثانوية بعدد طلاب 2058.

وقد يصل قسط العام الدراسي في المدارس الخاصة إلى قرابة 400 دولار، وخاصة في المرحلة الثانوية، وذلك عدا الدورات الخاصة التي يلجأ لها طلاب الشهادتين الأساسية والثانوية، والتي يمكن أن تصل تكاليف دراسة جميع المواد الدراسية فيها لقرابة الـ 1000دولار.

ويلجأ الأهالي لدفع أبنائهم نحو المدارس الخاصة والدورات والدروس الخصوصية، بسبب تدني مستوى التعليم العام وحرص الأهالي على عدم ضياع مستقبل أبنائهم، وهو ما يجعل الطلاب من العائلات أصحاب الدخل الجيد والمرتفع يحظون بفرصة تعليم أفضل من أقرانهم أبناء العائلات ذوي الدخل المحدود أو معدومة الدخل.

جميع هذه المعطيات تضع المؤسسات التعليمية أمام اتهامات بـ"الحبو وراء المال" على حساب التعليم وبناء المجتمع في الشمال السوري.