icon
التغطية الحية

ناشيونال إنترست: حتى تنعم أميركا بالأمن ينبغي على الأسد أن يرحل

2022.10.03 | 12:33 دمشق

مركبة عسكرية أميركية في سوريا - المصدر: الإنترنت
مركبة عسكرية أميركية في سوريا - رويترز
ناشيونال إنترست / طارق كتيلة - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

منذ فترة قريبة، قصفت الطائرات الحربية الأميركية الميليشيات المدعومة من قبل إيران في شرقي سوريا رداً على الهجمات التي شنتها تلك الميليشيات ضد القوات الخاصة الأميركية التي تشارك في عمليات محاربة تنظيم الدولة.

تكشف تلك الحادثة -التي لم تحظ باهتمام كبير من قبل الإعلام- السبب الذي جعل من سلسلة الأفكار السائدة في مجتمع السياسة الخارجية الأميركي مضللة للغاية. فقد سئم البعض في واشنطن من التدخل المستمر لأميركا في الحرب السورية التي دخلت عامها الحادي عشر، إذ يرى هؤلاء بأن الديكتاتور بشار الأسد في سوريا هزم العديد من فصائل المعارضة، ولذلك بات من المنطقي إصلاح الأمور مع الأسد، وإلغاء العقوبات المفروضة على نظامه، والتخلي عن تلك المحنة برمتها.

يمكن استيعاب رغبتة هؤلاء بالابتعاد عن كل ذلك، إلا أن تلك الرغبة خطيرة، وذلك لأن الأسد يعتبر رأس الحربة في عيون أغلب الأعداء الجيوسياسيين لأميركا، وعلى رأسهم إيران وروسيا وحزب الله وآخرون. ولهذا فإن إصلاح ذات البين معه، وتمكين نظامه من إعادة فرض سيطرته القائمة على الإرهاب على كامل التراب السوري لابد أن يقوي أعداء أميركا ويوحدهم.

رسالة ردع أميركية مفقودة

اندلعت الحرب السورية قبل عقد من الزمان تقريباً، وذلك عندما خرجت القوى المطالبة بالديمقراطية ضد نظام الأسد القمعي، ومنذ ذلك الحين، والأسد يشارك في شن هجمات وحشية لا هوادة فيها ضد شعبه، حيث قتل من خلالها أكثر من نصف مليون إنسان، وشرد نحو نصف سكان سوريا. كما استخدم السلاح الكيماوي والسجن والتعذيب بحق الأبرياء الذين قتلهم بشكل جماعي، بل إنه كان يتعمد استهداف المدنيين.

بالمختصر، يمكن القول بأن الأسد ديكتاتور ومجرم حرب وقاتل، إلا أنه تصادف أن يمثل تهديداً حقيقياً للمصالح الأساسية التي تهدد أمن الولايات المتحدة.

وإذا بدأنا من هنا، بوسعنا أن نقول إن الحصانة النسبية التي تمتع بها الأسد عندما نفذ جرائم الحرب التي ارتكبها أطلقت مؤشر خطر للعالم بأسره، ولو تصرفت الولايات المتحدة وحلفاؤها بقوة أكبر لمنع اعتداءات الأسد منذ الأيام الأولى للنزاع، لتحول ذلك إلى رسالة قوية بما يكفي لردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومنعه من شن غزوه على أوكرانيا.

لذا ليست مصادفة أن يكون بوتين أحد الحلفاء المقربين من الأسد خلال النزاع السوري، إذ منذ عام 2015، شارك الجيش الروسي في حملات قصف جوي وحشية نفذها في سوريا لصالح الأسد، تم من خلالها استهداف المدارس والمشافي والأسواق، ومثل ذلك التدخل نقطة تحول في تلك الحرب، لم تبرأ منها قوات المعارضة بشكل كامل.

سوريا.. الحاضنة الآمنة لإيران

ثم إن روسيا ليست خصم أميركا الوحيد الذي تربطه علاقات متينة مع الأسد، فلقد أرسلت إيران دعماً عسكرياً لهذا الديكتاتور منذ بداية الحرب، وساعدته في تجنيد ميليشيات من العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان لتحارب في صفه.

بيد أن تلك العلاقة متبادلة، وذلك لأن الأسد سمح لإيران باستخدام سوريا كحاضنة آمنة يمكن من خلالها لإيران  أن تشن هجماتها على دول أخرى في الشرق الأوسط، ومن بينها إسرائيل والأردن.

وفي أيار الماضي، قام الأسد بزيارة لطهران، هي الثانية من نوعها منذ بدء الحرب، ليقوي علاقته مع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وفي ذلك الاجتماع، أثنى خامنئي على الأسد، وأعلن بأن: "احترام سوريا ومكانتها الرفيعة باتا أعظم مما كانا عليه من قبل، والجميع أصبح ينظر لهذا البلد بوصفه يمثل قوة مهمة".

يرتبط الأسد أيضاً بعلاقة شراكة متبادلة ومتينة مع ميليشيا حزب الله اللبناني. فلقد أرسل حزب الله آلاف المقاتلين ليدعموا الأسد، كما استطاع ذلك الديكتاتور قلب الأمور لصالحه عبر تمرير السلاح الإيراني لتلك الجماعة.

أي إن نظام الأسد -باختصار- قام بجمع بعض أخطر الأعداء الجيوسياسيين لأميركا، حتى يقوض المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وفي العالم بأسره.

الأسد ويداه الملوثتان بدماء أميركية

وقد لعب نظام الأسد هذا الدور من قبل، إذ في عام 2003، وبعد أن قامت القوات الأميركية بإسقاط نظام مماثل ترأسه صدام حسين، أخذ نظام الأسد يجند ويرسل المقاتلين الجهاديين إلى العراق حتى يقوموا بهجمات ضد القوات الأميركية والعراقيين الموالين لأميركا، وهكذا تلوثت يدا الأسد بدماء أميركية، كما دعم تجارة المخدرات الخطيرة التي تتم عبر إشرافه، فتحولت سوريا بذلك إلى إحدى أهم الدول المصدرة للكبتاغون في العالم.

غير أن المسؤولين الأميركيين رفضوا مواجهة تلك الحقيقة للأسف، إذ بقي الهدف الرسمي لإدارة بايدن هو التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا عبر التفاوض، وبناء على عدد القوات الأميركية التي بقيت في سوريا، أصبح الهدف الرئيسي لأميركا -كما قيل لنا- هو إبقاء تنظيم الدولة تحت السيطرة.

بيد أن تلك الأهداف المحدودة للغاية لا تمثل استجابة كافية للتهديد الذي يمثله الأسد، ولهذا تتراجع السياسة الأميركية حتى في قدرتها الدفاعية بمرور الأيام، فقد تنطوي مقاربة أميركية أفضل على الاستعانة بالضغوط الدبلوماسية المستمرة لتحقيق "انتقال سياسي" كما تصورته الأمم المتحدة في القرار رقم 2254 الصادر في عام 2015. بيد أن وجود نظام الأسد يعتبر إهانة للقيم الغربية، وتهديداً للنفوذ الأميركي في العالم، وخطراً وشيكاً على الأمن القومي الأميركي، ولهذا ينبغي على قادة أميركا الاعتراف بتلك الحقائق والالتزام بمساعدة الشعب السوري على تحقيق الانتقال نحو الديمقراطية وإنهاء حكم الأسد الديكتاتوري.

 

المصدر: ناشيونال إنترست