icon
التغطية الحية

معظمها بدائي وغير آمن.. 5 وسائل تدفئة يضطر السوريون لاستخدامها

2023.01.20 | 06:13 دمشق

وسائل تدفئة بدائية وغير صحية في سوريا
وسائل تدفئة بدائية وغير صحية في سوريا
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

دفعت الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام السوري إلى لجوء السكان القاطنين فيها للعودة إلى الوراء لعقود وقرون في البحث عن وسائل تدفئة معظمها بدائي بحثاً عن الدفء لأطفالهم في شتاء قارس بعموم المناطق السورية.

وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمة محروقات خانقة وغلاء هائل في أسعارها، يعد من بين الأعلى عربياً، في الوقت الذي ما تزال الليرة السورية تشهد انهياراً دراماتيكياً أمام الدولار، إذ وصل سعر الصرف إلى 6550 ليرة لكل دولار، بحسب موقع الليرة اليوم.

ولم يكن يتخيل السوريون أن تؤدي بهم الأحوال إلى استخدام طرق بدائية بعضها غير آمن لتدفئة أنفسهم في الشتاء، مع فشل النظام السوري وداعميه في إيجاد حلول فعالة لمشكلة تأمين الوقود بأسعار تتناسب مع الرواتب التي تعطيها حكومة النظام للموظفين والتي لا تتجاوز الـ 16 دولاراً شهرياً.

ومع ندرة المحروقات من مازوت وغاز وغلاء أسعارها، باتت التدفئة على الكهرباء من الأحلام المفقودة للسوريين، حيث تشهد مناطق سيطرة النظام أزمة خانقة بانقطاع الكهرباء تصل إلى 22 ساعة يومياً ببعض المناطق.

ومع تصنيف نحو 90% من سكان سوريا تحت خط الفقر، لا يملك آلاف السوريين ثمن شراء المازوت للتدفئة، خصوصاً مع تفشي الفساد وسرقة حصص المازوت المدعوم أو تأخر الرسائل لأشهر، وارتفاع سعر المازوت في السوق السوداء لأسعار فلكية.

كما ارتفعت أسعار "صوبيات" بمختلف أنواعها في دمشق وريفها، تزامناً مع بدء موسم البرد واقتراب فصل الشتاء، حيث بلغ سعر "صوبيا" المازوت المليون ليرة سورية، في حين وصل سعر مدافئ الكهرباء إلى نحو نصف مليون ليرة من النوع المتوسط، ومدافئ الحطب لنحو 700 ألف ليرة.

وتؤدي وسائل التدفئة البدائية إلى مخاطر الاحتراق أو الاختناق لسوء نوعية المواد المستخدمة في التدفئة أو لاستعمال هذه المواد في صوبيات المازوت غير المجهزة لمواد من هذا النوع.

روث البقر

وتعد مخلفات الأبقار من وسائل التدفئة القديمة جداً التي تعود لمئات السنين، حيث كان الفلاحون الذين يملكون الأبقار في القرى يجمعون روث الأبقار ويجففونه تحت الشمس على شكل أقراص ويشعلونه في الشتاء ليكون وسيلة للدفء رغم رائحته الكريهة وما يسببه من ضرر على الصحة.

وقال أحمد مشاح أحد الفلاحين في قرية كفر حور بريف دمشق، إن التدفئة على روث البقر كان يستخدمها أجدادنا قبل أن تنتشر مدافئ المازوت والحطب.

وأضاف مشاح في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، أنه لم نكن نتوقع أن نعود لاستخدام روث أبقارنا في التدفئة وأحياناً الطبخ، لأن رائحته سيئة وطريقة تجفيفه صعبة.

وأشار إلى أن بعض مالكي الأبقار وجدوا في روث الأبقار وسيلة لتأمين رزقهم خاصة أنه أرخص من أي وقود آخر متوفر بالسوق، وخصوصاً المازوت.

ويبلغ سعر شوال روث البقر نحو 6 آلاف إلى 7 آلاف ليرة سورية، وتنتج البقرة من 15 إلى 20 شوالاً شهرياً، بحسب حجمها ونوع غذائها.

روث البقر
روث البقر

"جفت" الزيتون

ومن المخلفات التي يستخدمها السوريون للتدفئة "جفت الزيتون" أو ما يعرف تفل الزيتون، وهو بقايا حب الزيتون بعد عصره، إذ يتم تجفيفه تحت الشمس على شكل أسطوانات ويباع بأسعار ليست قليلة.

وقال أحد العاملين بمعصرة زيتون بمنطقة عرطوز بريف دمشق، لم تكن مخلفات عصارة الزيتون مهمة قبل عدة سنوات، على العكس كانت المعاصر لا تعرف كيف تتخلص منها خصوصاً لتكاليف نقلها إلى أماكن بعيدة.

وأضاف لموقع "تلفزيون سوريا"، أن الوضع حالياً تغير، فالفقر يدفع الناس لشراء أي شيء رخيص يمنع البرد عن أطفالهم، رغم الضرر المترتب عن حرق بقايا الزيتون ومافيه من دخان ضار على أجسام الأطفال في حال كانت المدافئ غير مجهزة جيداً لذلك.

وأشار إلى أن مالك المعصرة اشترى منذ عدة أشهر ماكينات لكبس مخلفات عصير الزيتون وتجفيفها أسرع من القوالب التقليدية السابقة، خاصة أن الطلب عليها زاد مؤخراً.

ويصل سعر الطن الواحد من تفل الزيتون الجاف بين 150 إلى 200 دولار، (من 900 ألف ليرة إلى مليون و700 ألف ليرة سورية)، بحسب المكان وكلفة النقل والتحميل.

تفل الزيتون
تفل الزيتون

قشر الجوز والفستق 

ولم يكن في متخيل أي سوري، أن يتم استيراد قشر الجوز أو الفستق الحلبي أو الكستناء أو البندق أو أكواز الذرة أو بذورة الفاكهة من مشمش ودراق وغيره من خارج سوريا بهدف التدفئة، وهذه وسيلة بدائية أخرى تضاف إلى الوسائل السابقة.

ويعد استخدام هذه القشور مكلفاً أكثر من تفل الزيتون أو روث البقر، لأنها تندرج ضمن الأخشاب والحطب ورائحتها ليست سيئة، إلا أنها سريعة الاشتعال ولا تعطي جمراً كافياً للتدفئة مقارنة بالحطب الذي ارتفعت أسعاره لأعلى مستوى.

وقال عمران حمودة الذي يعمل في مجال بيع القشور للتدفئة، إن هناك طلباً متزايداً عليها هذا العام أكثر من الأعوام السابقة، غالباً لأن أزمة المحروقات هذه السنة متفاقمة والأسعار مرتفعة أكثر.

وأكّد لموقع تلفزيون سوريا، أن كثيرين لا يمكنهم شراء قشور الجوز أو أكواز الذرة فهي أيضاً غالية حالياً، ويصل سعر طن قشر الجوز إلى نحو 800 ألف ليرة بالحد الأدنى في الوقت الذي يصل طن الحطب الجيد إلى أكثر من مليوني ليرة.

وأشار قائلاً: "صحيح أن السوريين لم يكونوا معتادين على التدفئة بهذه المواد إلا أن الحال صعبة، ورغم مخاطر التدفئة بالحطب والقشور على الصحة التنفسية لكنها رخيصة مقارنة بالمازوت".

السبيرتو

لا تعتبر صوبيا السبيرتو أو الكحول التي انتشرت العام الماضي في سوريا بدائية أو قديمة، إلا أنها ذات طرق بدائية للتدفئة وقد تؤدي لمخاطر الاحتراق المرعبة في بيوت ينتشر فيها السجاد والحصر بشكل كبير.

وارتفع سعر صوبيا السبيرتو إلى 200 ألف ليرة، وأصبحت تتوفر بأشكال وأنواع مختلفة مع زيادة الطلب عليها باعتبار أن السبيرتو متوفر بشكل عام. 

ويعتقد كثيرون أن صوبيا السبيرتو غير آمنة وخطيرة، لأن السبيرتو سريع الاحتراق مثل البنزين ولا ينفع استخدامه للتدفئة ورائحته وخاذة جداً.

وسبق أن قالت لميس شاكر في تصريح سابق لموقع "تلفزيون سوريا"، إن "هذه الصوبيات رخيصة السعر، صحيح، ولكنها لا تعطي النتيجة نفسها لصوبيا المازوت من حيث الدفء أو الأمان، حيث إن وزنها خفيف جداً، ومصنوعة من أسوأ أنواع المعادن، وقاعدتها صغيرة يعني ممكن أن تقع وتحرق البيت كله".

وأضافت شاكر أن استخدامها كموقد هو الأخطر، حيث إن حجمها لا يساعد أبداً في وضع طناجر أو الطبخ عليها لأن احتمال أن تحترق كثيرة جداً.

ويبلغ سعر لتر الكحول من 7 آلاف ليرة إلى 9 آلاف ليرة سورية في أسواق دمشق، ويتوقع أن تزيد أسعاره مع كثرة الطلب عليه.

صوبيا السبيرتو
صوبيا السبيرتو

البلاستيك والقمامة

ولعل من أسوأ أنواع التدفئة البدائية الضارة، هو التدفئة على القمامة وأكياس النايلون والبلاستيك والكرتون، حيث يسبب حرق البلاستيك انبعاث بعض المواد الكيميائية مثل الديوكسين الذي يعد من المسببات الأساسية لمرض السرطان.

وتعتمد الكثير من العائلات خصوصاً في ريف دمشق على حرق البلاستيك والقمامة التي ينبشونها من "حاويات الزبالة" في الطرقات للتدفئة.

وقالت أم حسن التي تقطن في بيت متهالك برفقة أطفالها الأربعة في منطقة الكسوة بريف دمشق، إنها مضطرة لإشعال ما تجده في الزبالة، إذ لا خيار آخر لديها ولا معيل بعد مقتل زوجها قبل 7 سنوات.

وأضافت لموقع تلفزيون سوريا، أن حرق الزبالة أفضل من الموت برداً، أو جوعاً حيث لا يوجد لدينا غاز للطبخ ولا مازوت للتدفئة ولا حطب.

ويمنع المزارعون أي أحد من الاقتراب من أراضيهم، التي حصنوها جيداً لمنع أي شخص من تكسير الأشجار للتدفئة على أغصانها، إلى جانب وجود كلاب شرسة تلاحق كل من يقترب من تلك الأراضي.