icon
التغطية الحية

للخروج من عنق الزجاجة.. 3 أهداف وراء تكثيف العمليات الانغماسية في إدلب

2024.03.23 | 05:44 دمشق

آخر تحديث: 23.03.2024 | 05:44 دمشق

تتزامن العمليات مع أشد موجة تصعيد في المنطقة منذ 4 سنوات (تلفزيون سوريا - أرشيفية)
تتزامن العمليات مع أشد موجة تصعيد في المنطقة منذ 4 سنوات (تلفزيون سوريا - أرشيفية)
إدلب - خاص
+A
حجم الخط
-A

كثّفت "هيئة تحرير الشام" عملياتها النوعية التي يُطلق عليها وصف "الانغماسية" على مواقع ونقاط لقوات النظام السوري في شمال غربي سوريا خلال الأسابيع الماضية، شملت نقاطاً في أرياف إدلب وحلب واللاذقية، وأسفرت عن قتلى وجرحى للنظام.

ترافقت عمليات الهيئة، مع مرورها بأزمة داخلية هي الأخطر من نوعها على الفصيل منذ تشكيله، كما أنها تزامنت مع ضغوط شعبية ومظاهرات شبه يومية مناهضة للهيئة، ومطالبة بإسقاط زعيمها أبو محمد الجولاني.

كذلك تأتي بعض العمليات في سياق الرد على تصعيد قوات النظام باتجاه مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وما حولها، لا سيما بعد تكثيفه استخدام الطائرات المسيرة FPV (المذخرة / الانتحارية) في الهجمات التي أدت إلى شلّ حركة المدنيين في البلدات والقرى القريبة من خطوط التماس.

سلسلة من العمليات الانغماسية

ونفّذت "هيئة تحرير الشام" منذ بداية شهر آذار الجاري، عدداً من العمليات الانغماسية، طالت مواقع للنظام في ريف اللاذقية الشمالي، وريف إدلب الجنوبي، وغربي حلب، ولعل آخر عملية في ريف حلب الغربي هي الأكثر تأثيراً، كونها أدت إلى استيلاء الهيئة على دبابة.

وكانت أبرز عمليات الهيئة خلال الشهر الجاري، على الشكل الآتي:

  • أعلنت "هيئة تحرير الشام" في 3 آذار، عن تنفيذ عملية "انغماسية" على مواقع لقوات النظام في محور قبتان الجبل بريف حلب الغربي، ما أدى إلى مقتل وجرح 8 عناصر للنظام.
  • في 4 آذار، أعلنت شبكات إخبارية محلية عن تنفيذ غرفة عمليات "الفتح المبين"، عملية استهدفت مواقع للنظام في محور عين البيضا، بجبل التركمان شمالي اللاذقية، ما أدى إلى إيقاع قتلى وجرحى.
  • بعد يومين، قالت "مؤسسة أمجاد الإعلامية" التابعة للهيئة إن عناصر لواء "معاوية بن أبي سفيان" نفذوا عملية نوعية ضد نقاط قوات النظام السوري في محور الصراف بريف اللاذقية الشمالي.
  • أعلنت "هيئة تحرير الشام"، في 9 آذار، عن مقتل وجرح 15 عنصراً من قوات النظام السوري، بهجومين محدودين استهدفا مواقعه في ريفي إدلب وحلب، الأول طال محور الدانا بريف معرة النعمان جنوبي إدلب، ما أدى إلى مقتل وجرح 8 عناصر، واغتنام أسلحة خفيفة وتدمير بعض النقاط، بينما قُتل وجُرح 7 عناصر للنظام، مع تدمير عدة دشم، بعملية منفصلة، استهدفت نقاطاً عسكرية في محور بسرطون بريف حلب الغربي، وفقاً لما أعلنت الهيئة.
  • أشارت الهيئة عبر معرفات رسمية تتبع لها، في 17 آذار، إلى تنفيذ عملية نوعية مباغتة مشتركة بين "العصائب الحمراء" و"لواء المدرعات" على نقاط للنظام في محور قبتان الجبل غربي حلب، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من عناصر النظام، والاستحواذ على دبابة، وتدمير دبابة أخرى.

أشد موجة تصعيد منذ 4 سنوات

تشير التقارير، سواء الأممية أو المحلية، إلى أن موجة التصعيد التي تشهدها منطقة شمال غربي سوريا، منذ نهاية عام 2023، هي الأكبر من نوعها، منذ توصل تركيا وروسيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب، في الخامس من شهر آذار 2020.

وقبل أيام قالت لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، إنّ البلاد تشهد أشد موجة تصعيد في القتال، منذ عام 2020، بالتزامن مع تزايد التوترات بين القوى والأطراف الأجنبية الستة النشطة في سوريا.

وحذّرت اللجنة، من أن سوريا تواجه موجة من العنف لم تشهدها منذ عام 2020، إذ قامت أطراف النزاع بشن هجمات ضد المدنيين والمرافق الأساسية بأشكال من المُحتمل أن ترقى إلى جرائم حرب، وتتسبب بأزمة إنسانية غير مسبوقة وتفاقم اليأس لدى السوريين.

وبدأت شرارة التصعيد بانفجار الكلية الحربية في حمص، ووفق تقرير اللجنة، تفاقم القتال في سوريا منذ 5 تشرين الأول، على إثر سلسلة من الانفجارات في أثناء حفل تخريج طلاب الكلية الحربية في مدينة حمص الخاضعة لسيطرة النظام، مما أدى إلى مقتل 63 شخصاً على الأقل، من بينهم 37 مدنياً، وإصابة العشرات.

ولفتت اللجنة إلى أن ردة فعل قوات النظام والقوات الروسية كانت عنيفة، من خلال القيام، خلال ثلاثة أسابيع فقط، بقصف 2300 موقع على الأقل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، مما تسبب في قتل وإصابة المئات من المدنيين.

170 هجوماً لقوات النظام منذ بداية العام

في سياق متصل، وثّقت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) 170 هجوماً لقوات النظام بالأسلحة المختلفة على شمال غربي سوريا، منذ بداية العام الحالي وحتى 9 من آذار الجاري، ما أدى إلى مقتل 16 مدنياً بينهم أطفال و4 نساء، وإصابة 82 آخرين بينهم أكثر من 22 طفلاً وأكثر من 10 نساء.

وذكر الدفاع المدني، في تقرير له، أن الهجمات بالصواريخ الموجهة والمسيرات الانتحارية على شمال غربي سوريا، متواصلة من قبل قوات النظام، "لتحرم السكان من بهجة شهر رمضان، وتحوّل فرحتهم واستعداداتهم لاستقبال رمضان إلى حزن وعزاء".

ولفتت المنظمة، إلى سياسة ممنهجة لقوات النظام، تهدف إلى إطالة أمد الحرب وقتل المزيد من المدنيين، عبر استخدام الطائرات المسيرة الانتحارية في الكثير من الهجمات على المدنيين لتقويض حياة السوريين والحد من تنقلاتهم ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم وجني محاصيلهم في وقت تتراجع فيه الاستجابة الإنسانية ويزيد تغافل المجتمع الدولي عن احتياجات السوريين في شمال غربي سوريا.

3 أهداف وراء العمليات الانغماسية

ذكر الباحث في الشأن السوري، وائل علوان، أن "هيئة تحرير الشام" كانت تسمح في وقت سابق بتنفيذ عمليات انغماسية، إما من قبل مجموعات تابعة لها، أو مجموعات أخرى في إدلب ليست ضمن الفصيل، لحسابات وتوازنات عسكرية وأمنية معيّنة.

أما في الوقت الحالي، فقد اختلف الأمر، حيث أوضح علوان في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن الهيئة تعمل اليوم بشكل مباشر على تنفيذ مثل هذه العمليات، لاستثمارها بشكل كبير من أجل التقدم خطوة إلى الأمام، لحل بعض الإشكالات الداخلية، أو على مستوى إدلب بشكل عام.

استطلع موقع تلفزيون سوريا آراء عدد من الباحثين والناشطين في محافظة إدلب، لمعرفة دوافع "هيئة تحرير الشام" من تكثيف العمليات الانغماسية، فمنهم من قال إنّ هذه العمليات مستمرة ولم تتوقف منذ سنوات، فيما يعتقد آخرون أن للهيئة عدة أهداف من وراء هذه الهجمات.

هناك فئة من المطلعين، ترى أن "تحرير الشام"، تهدف إلى استعادة الزخم في جناحها العسكري، بعد اعتقال عسكريين بارزين من قبل الهيئة نفسها بتهمة "العمالة"، لتعطي انطباعاً من خلال هذه العمليات، بأن قوتها العسكرية لم تتأثر بالأزمة الداخلية.

وتعزز هذه الفئة وجهة نظرها، بأن الهجمات تتزامن مع تغييرات في هيكلة الجناح العسكري التابع للهيئة، وتعيين عدد من العسكريين المفرج عنهم في مناصب قيادية ضمن الألوية، في سياق جهود يبذلها الجولاني لترضية العسكريين وحفظ ماء وجههم بعد اعتقالهم لأشهر وتعرّض معظمهم للتعذيب.

يعتقد آخرون، أن "تحرير الشام" تهدف من هذه الهجمات، إلى الهروب من الضغوط الشعبية في إدلب، المنادية بإسقاط الجولاني، ومحاولة الهيئة حرف أنظار المتظاهرين عن مطالبهم، عبر تكرار الادعاءات أن الوقت لا يسمح بتنفيذ المطالب، بسبب انشغال الهيئة بتنفيذ العمليات ضد النظام.

وبرزت عدة معطيات تعزز هذه الجزئية أيضاً، منها إطلاق "هيئة تحرير الشام" حملة إعلامية، تضمنت ظهور ألويتها من القادة والعناصر بفيديوهات يعلنون من خلالها تجديد الولاء والبيعة للجولاني، إضافة لمحاولة الهيئة مجابهة الحراك الشعبي المناهض لها، من خلال تصدير شخصيات في مظاهرات دعت لها في إدلب، للحديث ضمن المظاهرة عن عمليات الهيئة ضد النظام، فضلاً عن تكريم مقاتليها وسط حشد من المتظاهرين.

ويُفَسّر تحرك "تحرير الشام" بهذا الاتجاه، بأنه محاولة لتوسيع الفجوة بين العسكريين أو المقاتلين بشكل عام، والمتظاهرين المطالبين بإسقاط الجولاني، علماً أن هؤلاء المحتجين دائماً ما يؤكدون أن مقاتلي الهيئة على خطوط التماس جزء منهم، وأن الحراك الشعبي لا يمسّهم بأي حال من الأحوال، عكس ما تحاول منصات رديفة ترويجه بغية حرف المظاهرات عن مسارها.

ق

أما الرأي الثالث، فيشير إلى أن الهيئة جمعت عدة أهداف من العمليات، كان منها، محاولة الضغط على قوات النظام السوري بعد تكثيفها استخدام الطائرات المسيرة المذخرة في هجماتها على أهداف عسكرية ومدنية شمال غربي سوريا، خاصة أن تساؤلات محلية عدة طُرحت عن سبب تأخر الهيئة بالتعامل مع هذا الخطر، باعتبارها الفصيل الذي يتصدر المشهد العسكري في المحافظة.