icon
التغطية الحية

كيف حول نظام الأسد سوريا إلى دولة المخدرات الأكثر ربحاً في العالم؟

2022.11.17 | 15:43 دمشق

مخدر الكبتاغون
أصبح مخدر الكبتاغون من أكبر الصادرات السورية ويوفر 90 في المئة من العملة الأجنبية للبلاد - Getty
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

نشرت مجلة "سبيكتاتور" البريطانية تحقيقاً عن تجارة الكبتاغون في سوريا، موضحة أنها أصبحت أكبر الصادرات السورية، وتوفر 90 % من العملة الأجنبية للبلاد، في حين قد يكون نظام الأسد "أكبر دولة مخدرات في العالم".

ونقلت المجلة عن رئيس إحدى عصابات تصنيع وتجارة مخدر الكبتاغون في لبنان بالقرب من الحدود مع سوريا، تفاصيل عن الكيفية التي يجني فيها النظام السوري المال من تجارة الكبتاغون.

البداية من الوسيط السوري

ووفق أبي حسن، رئيس عصابة تصنيع وتجارة الكبتاغون، تبدأ العملية بمكالمة من وسيط في سوريا، يقدّم فيها تاجراً من العراق أو الأردن أو المملكة العربية السعودية طلباً على المخدر، ما يجعل أبا حسن يسارع للحصول على المكونات، وهي ما يطلق عليه "الأملاح الصينية" والبنزين، وهي مواد كيميائية مشروعة وكلفتها قليلة، يتم شحنها عبر ميناء بيروت، حيث يقوم رجاله بخلط المكونات في وعاء وتصنيع الحبوب عبر آلة خاصة.

ويضيف أبو حسن أن كل دفعة من مخدر الكبتاغون تحصل على دفعة إضافية مكونة من خمسة كيلوغرامات من الميثامفيتامين، أو الكريستال ميث، وهو عقار يتسبب في تساقط أسنان المدمنين وشعرهم.

وأصغر طلب حصل عليه أبو حسن من خلال الوسيط السوري كان لثلاث علب (سعة العلبة 10 آلاف حبة)، والأكبر كان لـ 300 علبة، في حين تباع الحبة الواحدة مقابل دولار واحد إلى دولارين، لكن يتعين دفع ثمن الطريق عبر سوريا.

وتبلغ كلفة نقل شحنة عبر الحدود دولارين لكل حبة، ثم دولارين آخرين للانتقال قليلاً على الطريق المؤدية إلى مدينة حمص، وهكذا عبر جميع نقاط التفتيش التابعة للنظام السوري، حيث يمكن أن تمر الحبوب عبر عشرات الأيدي في طريقها إلى التجار وعملائهم في جميع أرجاء الشرق الأوسط، ويرتفع السعر في كل مرحلة، حيث تباع الحبة في الرياض بـ 24 دولاراً أو أكثر، في حين بيع صندوق كلفته 20 ألف دولار بربع مليون.

"الجميع يأخذ نصيبه"

يؤكد أبو حسن أن كثيراً من هذه الأموال تذهب إلى أجهزة الأمن السورية، بما فيها أجهزة الاستخبارات و"الفرقة الرابعة" بقيادة ماهر الأسد، في حين يسيطر رجل أعمال كبير، يستخدمه النظام للإشراف على قوافل المساعدات الأممية، على عدد من نقاط التفتيش.

"الجميع يأخذ نصيبه" يقول أبو حسن، ويضيف "أصغر شحنة تعني نصف مليون دولار للنظام السوري، و100 صندوق ستضع 10 ملايين دولار بين يديها، ودعونا نقول إن 100 رجل مثلي ينقلون المنتج عبر سوريا، ما يعني ميزانية النظام السوري بكامله".

ووفق المهرب وتاجر المخدرات، فإن الآلية نفسها تعمل في لبنان، حيث يجب دفع الرشى والتعويضات للشرطة والمخابرات و"حزب الله"، في حين يجتمع منتجو ومهربو المخدرات في منطقة سهل البقاع، التي يسيطر عليها "حزب الله".

مصانع الكبتاغون في كل مكان بسوريا

وأشار تحقيق "سبيكتاتور" إلى أن "تورط نظام الأسد في تجارة الكبتاغون أكبر بكثير من مجرد ابتزاز المهربين مثل أبي حسن"، مضيفاً أن الحكومة الأميركية تعرّف ماهر الأسد على أنه "الزعيم، وراء التصنيع وكذلك التهريب".

ووفق الاستخبارات الأميركية، فإن مصانع للكبتاغون تنتشر في كل مكان بسوريا: اثنان في حمص، وواحد في حماة، والعديد في طرطوس واللاذقية على طول الساحل السوري، كما تم تحويل مصنع للورق في مدينة حلب إلى إنتاج الكبتاغون.

ونقلت المجلة عن الباحث في معهد الشرق الأوسط، تشارلز ليستر، قوله إنه "ما من شك في أن الكبتاغون يتم إنتاجه على نطاق صناعي في سوريا"، مؤكداً أن "الأرقام مذهلة، ففي العام الماضي، تم الاستيلاء على ما قيمته 5.5 إلى 6 مليارات دولار من الكبتاغون السوري في الخارج، في حين تبلغ القيمة الإجمالية للصادرات السورية القانونية نحو 800 مليون دولار".

مخدر الكبتاغون
الكبتاغون في بسوريا

وأوضح ليستر على أن تجارة الكبتاغون هي على الأقل خمسة أضعاف ما تم الاستيلاء عليه، إن لم يكن أكبر بعشرة إلى عشرين مرة، بالنظر إلى سهولة التهريب عبر الحدود في الشرق الأوسط، ما يعني أن أكثر التقديرات تحفظاً تشير إلى أن قيمة صادرات الكبتاغون بين 25 – 30 مليار دولار".

ولفت الباحث في معهد الشرق الأوسط إلى أن القيمة الإجمالية للمخدرات التي تصدرها العصابات المكسيكية إلى الولايات المتحدة تتراوح بين 5 و7.5 مليار دولار سنوياً، مؤكداً على أنه "لا يوجد سوى تدفق دخل واحد مهم للنظام السوري في الوقت الحالي، وهو المخدرات".

المال السهل للنظام السوري

من جانب آخر، قالت مجلة "سبيكتاتور" إنه "لا توجد مخاوف بشأن الكلفة البشرية لإنتاج الكبتاغون"، مضيفة أن "النظام السوري قتل عشرات الآلاف للبقاء في السلطة، ووضعت هذه الجرائم سوريا تحت وطأة عقوبات دولية خانقة، وكما يقول أحد المراقبين إن العقوبات تعاقب الناس العاديين على فشلهم في قلب نظامهم".

وأضافت المجلة أنه لذلك الأمر "يجادل بعضهم في اتخاذ إجراءات أكثر استهدافاً للنظام السوري، لكن أشخاصاً مثل ماهر الأسد يخضعون بالفعل للعقوبات، فالمشكلة الحقيقية أنه كلما زاد عزل النظام السوري، زاد اعتماده على مصدر دخله غير القانوني، وهو الكبتاغون".

وأشارت "سبيكتاتور" إلى أن "بعضهم يجادل لإعادة النظام السوري إلى المجتمع السوري، لكن هذا من شأنه أن يسمح لعائلة الأسد وحلفائها بالإفلات من العدالة"، لكنها أكدت أن تجارة الكبتاغون هي "المال السهل للنظام، فالمخدرات رخيصة الصنع، والسوق مستمر في النمو، خاصة الآن بعد ازدهاره في أوروبا".

ووفق الباحث تشارلز ليستر فإنه "من وجهة نظر النظام، سيكون من الجنون الخروج من تجارة الكبتاغون".