icon
التغطية الحية

شوارع خاوية وأسعار كاوية.. أزمة محروقات تطول النقل والغذاء في سوريا

2022.06.16 | 21:25 دمشق

untitled.png
صور الأسد تتجانس مع الدمار الذي خلفه في كل المدن السورية (الغارديان)
دمشق ـ فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

يعاني السوريون في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام السوري من أزمة مواصلات خانقة ناجمة عن شح غير مسبوق بالبنزين والمازوت، في وقت يسعى فيه السوريون لتأمين الغاز المفقود بشتى الوسائل دون جدوى، وسط انقطاع التيار الكهربائي لنحو 20 ساعة في اليوم، وكل ذلك بسبب نقص توريدات النفط (التي من المفترض أن تأتي عبر إيران) بحسب تبريرات حكومة النظام.

وتؤكد مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن السبب الرئيس في نقص إمدادات الطاقة، هو عجز حكومة النظام السوري عن دفع ثمن النواقل القادمة من إيران نتيجة ارتفاع أسعار النفط، في الوقت الذي تريد فيه إيران قطعاً أجنبياً وموارد لخزينتها ما يدفعها للتوجه نحو بيع النفط لمن يدفع أكثر.

البنزين

وباتت رسائل البنزين تأتي مرة واحدة في الشهر، ووصلت مدة الانتظار لـ 19 يوماً في بعض المحطات بدمشق، وفقاً لسائقي سيارات سياحية خاصة، مؤكدين أن الانتظار على محطات الوقود يستمر لأكثر من ساعتين للحصول على البنزين "المدعوم" رغم تنظيم الدور بحسب الرسائل النصية.

ويعتبر شهر حزيران الحالي هو الأسوأ في تاريخ أزمة المحروقات على السوريين، إذ لم تشهد رسائل البنزين تأخراً إلى هذا الحد وفقاً لسائقين، علماً أن أزمة تأخر الرسائل بدأت منذ بداية العام واشتدت في آذار الماضي، حتى وصلت مدة انتظار الرسالة لأكثر من أسبوعين حينذاك، ما دفع شركة "محروقات" لإصدار بيان رسمي في نيسان حددت فيه مدة الرسالة لتسلّم البنزين بـ 10 أيام للسيارات الخاصة (كانت 7 أيام) و6 أيام للسيارات العمومية (كانت 4 أيام)، و10 أيام للدراجات النارية (كانت 7 أيام).

تخفيض المخصصات ثلاث مرات

وبعد قرار زيادة مدة تواتر الرسائل، وفي الشهر ذاته، جرى تخفيض مخصصات البنزين والمازوت بنسبة 25 في المئة بحسب مصادر لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام حينذاك، وبالتأكيد كان سبب التخفيض هو أن تعبئة البنزين على سبيل المثال باتت ثلاث مرات في الشهر بدلاً من 4، أي أن المخصصات السابقة باتت أكثر من المطلوب.

وفي الشهر التالي، كشف عضو المكتب التنفيذي للمحروقات في محافظة ريف دمشق، ريدان الشيخ، عن قيام شركة "محروقات" بتخفيض مخصصات المحافظة للمرة الثانية من مادتي البنزين والمازوت، بدءاً من الأسبوع الأخير من أيار دون تحديد النسبة، وكان هذا التخفيض لجميع المحافظات.

لم يعلن رسمياً عن تخفيض ثالث لجميع المشتقات النفطية في المحافظات خلال حزيران الجاري، لكن في القياس على السيارات الخاصة، فإن تأخر رسائل البنزين من أسبوع كما كان مقرر سابقاً إلى 19 يوماً أي نحو ثلاثة أسابيع، يعني أن مخصصات المحافظة من البنزين انخفضت على الأقل في دمشق لنحو 66 في المئة عما كان معمول به نهاية العام الماضي.

عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق شادي سكرية، كشف صراحة لصحيفة "الوطن" عن تخفيض مخصصات المازوت على صعيد المحافظة بنسبة تصل إلى 30في المئة، ما دفع المحافظة لتوقيف توزيع المازوت على السرافيس أيام الجمعة والسبت.

أزمة مواصلات

أحد سائقي التكاسي أكد لموقع تلفزيون سوريا أنه يتسلم رسالة البنزين كل 12 يوما، وهي من المفترض أن تصله بحسب قرار محروقات كل 6 أيام، ما يعني أن مخصصاته انخفضت إلى النصف، دون أي إعلان أو توضيح رسمي من قبل شركة "محروقات"، في وقت وصل فيه سعر ليتر البنزين في السوق السوداء إلى 7500 ليرة سورية إن وجد، أي أن سعر التنكة (20 لترا) نحو 150 ألف ليرة، ما انعكس فوراً على كلفة النقل.

ولا يتوافر "البنزين الحر" أو (الأوكتان 95) بشكل دائم في المحطات، وعند توافره بمحطة ما، يتناقل السائقون الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو مجموعات التلغرام، لتكتظ المحطات بالسائقين خلال دقائق وتطول مدة الانتظار لأكثر من 6 ساعات مقابل الحصول على 20 لتراً فقط، حيث تمتنع المحطات عن البيع أكثر من تلك الكمية.

ونتيجة شح المادة وارتفاع سعرها، توقف سائقو التكاسي عن التجول ضمن المدينة بحثاً عن زبائن، مكتفين بالوقوف في الساحات بانتظار الركاب، وامتنع جميعهم عن التنقل بين مركز المدينة وأطرافها أو بين دمشق وريفها خوفاً من استهلاك البنزين وعدم القدرة على شراء غيره، في وقت بلغ فيه متوسط أجرة التكسي ضمن دمشق 12 ألف ليرة، ما زاد الضغط على باصات النقل الداخلي والسرافيس التي فُقدت أيضاً من الشوارع نتيجة عدم انتظام توزيع مخصصاتها اليومية.

حتى أصحاب السيارات السياحية أوقفوا سياراتهم لعدم قدرتهم على تأمين البنزين، ما فاقم أزمة المواصلات أكثر نتيجة الضغط على السرافيس التي تعاني أصلاً وقبل مشكلة المحروقات، من قلة عددها وعدم قدرتها على تخديم المحافظات، ناهيك عن أن مخصصاتهم لا تكفيهم للعمل يوما كاملا في الوقت الذي وصل فيه سعر ليتر المازوت في السوق السوداء إلى 5000 ليرة، علماً أن سعر المدعوم 1700 ليرة والصناعي 2500 ليرة إن توفر.

غذاء وغاز

وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمة في توافر الغاز المنزلي، حيث وصل سعر الأسطوانة في السوق السوداء إلى 300 ألف ليرة، في وقت وصل فيه انتظار الغاز المدعوم عبر الرسالة بسعر 11 ألف ليرة إلى ثلاثة أشهر، في ظل معاناة الصناعيين من عدم توافر مخصصاتهم سواء من الغاز أو المازوت.

أزمة المحروقات التي انعكست على قطاع النقل والصناعة والتجارة، ساهمت برفع أسعار كل شيء تقريباً، بتضخم واضح صدم السوريين، حيث ارتفعت أسعار الفواكه والخضراوات، وكل البضائع والسلع الغذائية التي تنقل عبر سيارات، أو تحتاج لاستخدام المازوت والغاز والكهرباء لتشغيل منشآت صناعتها أو حفظها أو بيعها، ما زاد الكلف اليومية على السوريين وبات أمنهم الغذائي مهددا.

وأثارت أزمة المحروقات الاستياء في الشارع السوري خاصة وأن قيام الحكومة بإقصاء نحو 600 ألف أسرة من الدعم لم ينعكس ولا بأي شكل على تأمين المواد المدعومة.

وعود لا تثمر

مصدر في "وزارة النفط" بحكومة النظام السوري أكد في 13 حزيران الحالي، وصول ناقلة نفط خام إلى ميناء بانياس النفطي، والبدء بتفريغها في المصب بحمولة مليون ونصف برميل من النفط الخام، مؤكداً لصحيفة "الوطن" أن الانفراج سيكون خلال أيام.

وفي 17 من نيسان الماضي الذي شهد قرار زيادة مدة الانتظار للحصول على مخصصات البنزين، أكد مصدر مشابه وصول ناقلة بالحمولة نفسها، لكن لم ينعكس ذلك على أرض الواقع بأي انفراج، بل على العكس اشتدت الأزمة أكثر، وبعد أكثر من 10 أيام من الشهر ذاته، أعلن رئيس حكومة النظام حسين عرنوس وصول ناقلة نقط أخرى أيضاً بحمولة مليون برميل، إلا أن ذلك لم يؤثر على واقع المحروقات بأي انفراج أيضاً.

وتؤكد مصادر في "وزارة النفط" أن الأولوية عند وصول النواقل، هي لترميم المخزون الاستراتيجي الذي بات بمرحلة خطرة نتيجة الاستنزاف، ولذلك قد لا يشعر المواطنون بالانفراجات المرجوة.