icon
التغطية الحية

"رويترز": تطبيع السعودية مع النظام السوري إشارة قوية للولايات المتحدة

2023.05.24 | 10:49 دمشق

آخر تحديث: 24.05.2023 | 13:24 دمشق

محمد بن سلمان وبشار الأسد
القبلات والأحضان والترحيب الكبير الذي حظي به الأسد في قمة جدة هي إشارة لتحدي الرفض الأميركي لعودة سوريا إلى الجامعة العربية - رويترز
تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

قالت وكالة "رويترز" إن تطبيع المملكة العربية السعودية مع النظام السوري يحمل إشارات قوية للولايات المتحدة الأميركية بأن الرياض هي صاحبة القرار في المنطقة، مشيرة إلى أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يسعى لإعادة تشكيل العلاقات بين الخصوم.

ووفق التقرير، فإن القبلات والأحضان والترحيب الكبير الذي حظي به رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في القمة العربية بجدة الأسبوع الماضي، هي إشارة لتحدي الرفض الأميركي لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وتوّجت تحولاً في حظوظ ولي العهد السعودي، مدفوعة بالحقائق الجيوسياسية.

ويسعى محمد بن سلمان، الذي كان يوصف بأنه منبوذ بين الدول الغربية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018، إلى إعادة تأكيد مكانة السعودية كقوة إقليمية، باستخدام مكانه على قمة عملاق الطاقة في عالم يعتمد على النفط استهلكته الحرب في أوكرانيا، في حين يظهر الأمير كلاعب لا يمكن لواشنطن أن تتجاهله أو تنكره، ولكن يجب أن تتعامل معه على أساس صفقات المصالح المتبادلة.

وبسبب شكوكه في وعود الولايات المتحدة بشأن الأمن السعودي وتعبه من توبيخها له، يقوم محمد بن سلمان بدلاً من ذلك ببناء علاقات مع قوى عالمية أخرى، وبغض النظر عن خوف واشنطن، يعيد تشكيل علاقاته مع خصومها المشتركين.

وأشار التقرير إلى أن ثقة ولي العهد السعودي الفاضحة لم تكن على المسرح العالمي واضحة فقط في استقباله للأسد، بل وحضور الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قمة جدة، وعرضه للوساطة بين كييف وموسكو.

وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية لا تزال تعتمد عسكرياً على الولايات المتحدة، فإن واشنطن تبدو أقل انخراطاً في الشرق الأوسط، وأقل تقبلاً لمخاوف الرياض، الأمر الذي جعل بن سلمان يتبع سياسته الإقليمية الخاصة، مع احترام أقل لوجهات نظر حليفه الأقوى.

ونقلت "رويترز" عن رئيس مركز "الخليج للأبحاث" في السعودية، عبد العزيز الصقر، قوله إن مشاركة بشار الأسد في قمة جدة "إشارة قوية للولايات المتحدة بأننا نعيد تشكيل علاقاتنا ونعيد رسمها بدونكم".

وأضاف الصقر أن "تفاعل السعودية مع خصومها في المنطقة يستند إلى نهجها في الأمن الإقليمي"، مشيراً إلى أن الرياض "لم تحصل على ما تريده من الجانب الآخر".

السعودية في موقف أقوى

وتعزز موقف محمد بن سلمان العام الماضي عندما لجأت الاقتصادات الغربية إلى السعودية للمساعدة في ترويض سوق النفط الذي تزعزع استقراره بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث أتاح ذلك الفرصة لمحمد بن سلمان لشن هجوم دبلوماسي تضمن حضوراً رفيع المستوى في القمة.

وساعد هذا الجهد عندما أعلنت واشنطن أن محمد بن سلمان محصن من الملاحقة القضائية في مقتل خاشقجي، على الرغم من إثبات تورطه المباشر في القضية من قبل المخابرات المركزية الأميركية.

وأظهرت زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى السعودية في تموز الماضي، عودة تأثير الرياض، حيث غادر بايدن خالي الوفاض، في حين تمتع بن سلمان باستعراض علني لالتزام الولايات المتحدة بالأمن السعودي.

وفي غضون ذلك، كان اتجاه السعودية بالابتعاد عن الاعتماد على الولايات المتحدة واضحاً بعد توسط الصين للمصالحة بين الرياض وخصمها الإقليمي اللدود إيران، بعد سنوات من العداء.

ولم يتم التوصل إلى الصفقة مع إيران من موقع القوة السعودية، فقد خرج حلفاء طهران من الصفقة أقوى من حلفاء الرياض في العراق وسوريا ولبنان، واستولوا على معظم الأراضي المأهولة بالسكان في اليمن.

إلا أن السعودية، أظهرت مع ذلك أنها قادرة على تقليص خسائرها والعمل مع خصومها وأعدائها لدعم مصالحها الإقليمية، مثل تهدئة حرب اليمن التي تعثرت القوات السعودية فيها منذ العام 2015، وتحسين العلاقات مع تركيا، وإنهاء مقاطعة قطر.

وقال الكاتب السعودي في صحيفة "الشرق الأوسط"، عبد الرحمن الراشد، إنه "على مدى السنوات الثلاث الماضية، دفنت السعودية الأحقاد، وتم إصلاح العلاقات".

العلاقات وفق المصالح المتبادلة

ونقلت "رويترز" عن مسؤول خليجي كبير قوله إن "علاقة السعودية الجديدة، التي تتسم بمعاملات مباشرة أكثر مع الولايات المتحدة، حلت محل نموذج النفط مقابل الدفاع القديم، بسبب ما اعتبرته الرياض مظلة أمنية مهزوزة بعد اندلاع الربيع العربي في العام 2011".

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن "العلاقة مع الرياض مهمة، وتمتد لثمانية عقود، وتمتد عبر الأجيال وعبر الإدارات المختلفة وعبر القادة في المملكة"، مشيراً إلى أنه "لدينا مصالح متعددة عندما يتعلق الأمر بعلاقتنا مع السعودية، وتسعى سياستنا ومشاركتنا إلى ضمان أن تظل علاقتنا سليمة، وقادرة على مواجهة تحدياتنا المشتركة في المستقبل".

من جانب آخر، رأت السعودية أن الولايات المتحدة تخلت عن حلفائها القدامى خلال ثورات الربيع العربي، وربما تتخلى عن عائلة آل سعود أيضاً، وفي الوقت نفسه، اعتقدت الرياض أن سعي واشنطن للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران دفعها إلى تجاهل النشاط المتزايد لوكلاء طهران، الذين تعتبرهم المملكة تهديداً لها في المنطقة.

وتعزيزاً لهذا الانطباع، أشار مصدر مسؤول سعودي مقرب من دائرة الأمير محمد بن سلمان إلى ما اعتبره "تهاوناً في تطبيق العقوبات على إيران، وخفض عدد القوات في سوريا"، معتبراً أنه "نتيجة لذلك، ستفعل دول المنطقة ما هو أفضل بالنسبة لها".

كما أعربت الرياض عن انزعاجها من وقف الولايات المتحدة دعمها للعمليات السعودية في اليمن، والتي بدأت بعد أن حثّت واشنطن مراراً المملكة على تحمل مسؤولية أمنها.

وقال المصدر السعودي إنه "بدون تدخل أميركي مباشر، أو دعم للجهود العسكرية، لم يكن أمام الرياض سوى خيار إبرام صفقة مع إيران، حتى لو أزعج ذلك واشنطن"، مؤكداً أن ذلك "نتيجة للعمل الأميركي".

ولفت المسؤول السعودي إن "كل طرف لديه قائمة طلبات لا يرغب الآخر في الموافقة عليها"، مضيفاً أنه "مع ذلك، قد لا يكون لدى كل الجانبين خيار سوى تنحية خلافاتهما جانباً".

وخلص تقرير "رويترز" إلى أن السعودية قد ترى أن مظلة الأمن الأميركية قد ضعفت، لكنها لا تزال تعتبرها مهمة للدفاع السعودي، في حين تنبهت الدول الغربية أن نفوذ الرياض في سوق النفط المتقلب يتطلب منها إبعاد مخاوفها والتعامل مع ملكها المستقبلي وحاكمها الفعلي.