icon
التغطية الحية

رجل خامنئي الواقف في ظلال رئيسي.. من هو محمد مخبر وما علاقته بسوريا؟

2024.05.23 | 07:21 دمشق

آخر تحديث: 23.05.2024 | 11:43 دمشق

ابا
محمد مخبر مع حسين عرنوس (irna)
+A
حجم الخط
-A

مع مقتل إبراهيم رئيسي المأساوية، أصبح نائبه محمد مخبر تحت الأضواء والتدقيق العالمي. ووفقاً للمادة 131 من الدستور الإيراني، سيتولى مخبر منصب القائم بأعمال الرئيس للنظام الإيراني لمدة لا تزيد على خمسين يوماً، ريثما يتم انتخاب رئيس جديد. وأمضى محمد مخبر عقودًا من العمل وراء الكواليس في سياسات النظام، ونهب الموارد، وخدمة علي خامنئي، المرشد الأعلى للنظام.

وبحسب الملفات المسربة التي اطلع عليها تلفزيون سوريا، كان مخبر بمثابة الدينامو لحكومة إبراهيم رئيسي، حيث كانت أغلب القرارات الحكومية الإيرانية، خاصة تلك المتعلقة بسوريا، تمرر تحت إشراف مباشر منه، وبتوقيعه الخاص.

الدور الحاسم الذي لعبه رئيسي في النظام الإيراني

في عام 2017، حاول خامنئي تعيين رئيسي رئيساً، لكنه فشل بسبب تورط رئيسي في الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين خلال صيف عام 1988. أدت فتوى عاجلة أصدرها المرشد الأعلى آنذاك، روح الله الخميني، إلى إعدام 30 ألف سجين سياسي، معظمهم مرتبطون بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. خلال الحملة الانتخابية لعام 2017، استغل الرئيس السابق حسن روحاني الغضب الشعبي بشأن مذبحة عام 1988 لمهاجمة رئيسي، حيث قال إن رئيسي لا يعرف سوى إدارة السجون وتنفيذ عمليات الإعدام.

واعترف جواد موغويان، وهو مخرج أفلام وثائقية تابع للدولة ويعمل لدى وكالات المخابرات، في مقابلة مع صحيفة اعتماد التي تديرها الدولة، نُشرت بعد انتفاضة 2022، بأن مذبحة أعضاء مجاهدي خلق كانت قضية محورية في انتخابات 2017. وبعد هزيمة رئيسي في الانتخابات الصورية، عينه خامنئي رئيسًا للسلطة القضائية في أوائل عام 2019 لتعزيز صورته وتمهيد الطريق لمحاولته الانتخابية التالية.

لعب إبراهيم رئيسي دورًا رئيسيًا في القمع الوحشي لانتفاضة 2019، التي قتلت فيها قوات الأمن أكثر من 1500 متظاهر. وخلال الحملة الانتخابية لعام 2021، أطلقت المقاومة الإيرانية حملات دولية متعددة تكشف دوره في الجرائم ضد الإنسانية وارتكاب الإبادة الجماعية. كما دعت منظمات حقوقية مستقلة إلى إجراء تحقيق في قضية رئيسي. وفي السنوات الثلاث الماضية، ألغى رئيسي العديد من رحلاته الدولية بسبب مخاوف من الاعتقال والملاحقة القضائية.

من هو محمد مخبر؟

يتمتع محمد مخبر، نائب الرئيس رئيسي، بخلفية مثيرة للجدل. وقد شغل مناصب مختلفة داخل النظام الإيراني، بما في ذلك أدوار في الحرس الثوري، حيث أشرف على الخدمات اللوجستية في دزفول خلال الحرب الإيرانية العراقية. كما شارك في التجارة لصالح مؤسسة مستضعفان (مؤسسة المحرومين)، وشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة خوزستان للاتصالات، ومناصب نائب حاكم محافظة خوزستان.

وقد اتسمت مشاركة مخبر في الشؤون الاقتصادية والحكومية بانتهاكات حقوق الإنسان ودعم الإجراءات القمعية للنظام. وقد فرض الاتحاد الأوروبي عليه عقوبات في عام 2010 لدوره في الحصول على المواد اللازمة لبرامج إيران النووية والصاروخية. علاوة على ذلك، ارتبط مخبر بمؤسسة تنفيذ أمر الإمام الخميني (EIKO)، وهو تكتل اقتصادي كبير متورط في مصادرة الأصول من المنشقين وتمويل السياسات القمعية.

وفي عام 2021، واجه مخبر مزيدًا من التدقيق عندما أدرجته الولايات المتحدة على القائمة السوداء لتمويل مشاريع تهدف إلى قمع المعارضة والاستيلاء على أصول معارضي النظام الإيراني. من خلال تعيينه نائبًا للرئيس، يبدو أن خامنئي كان ينوي توطيد سلطته وضمان تنفيذ سياساته، على الرغم من الإدانات والعقوبات الدولية.

مخبر وسوريا

إن دور مخبر في حكومة رئيسي هو جزء من استراتيجية أوسع لإنشاء "اقتصاد مهندس" حيث يمكن للمؤسسات الاقتصادية التابعة لمكتب خامنئي مصادرة أصول الدولة، وتمويل مشاريع النظام الطموحة في الخارج، بما في ذلك دعم الوكلاء الإقليميين وانتشار أسلحة الدمار الشامل. وقد سهلت علاقاته الوثيقة مع الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، الذراع العسكري للنظام خارج الحدود الإقليمية، دعم النظام للجماعات المسلحة في المنطقة وتدخله في شؤون الدول الأخرى تحت إدارة رئيسي.

في السنوات الأخيرة، أصدرت المجموعة المنشقة "انتفاضة حتى الإطاحة" المقربة من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية العديد من الوثائق التي تشير إلى تورط محمد مخبر في جهود تجاوز العقوبات الدولية وتأمين الموارد المالية للنظام الإيراني. وتشير إحدى هذه الوثائق إلى رسالة سرية من مخبر، نائب الرئيس ورئيس مقر التهرب من العقوبات، موجهة إلى رؤساء فروع الحكومة الثلاثة عشر في 1 من يناير 2023، تكشف فيها هذه الجهود السرية.

ومن بين هذه الوثائق رسالة كتبها محمد مخبر تناول فيها علاقات طهران مع دمشق. وفي هذه الرسالة الموجهة إلى خامنئي، أقر مخبر بأن ديون سوريا لنظام الملالي في القطاعات المدنية وغير الأمنية تبلغ نحو 11.6 مليار دولار بحلول عام 2020. وأظهرت المزيد من الوثائق أن نظام الأسد مدين لطهران بأكثر من 50 مليار دولار.

توقيع اتفاقيات

يعود آخر لقاء بين محمد مخبر ورئيس الوزراء في حكومة النظام، حسين عرنوس، إلى أبريل 2024، حيث تم التوقيع على عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم تشمل مجالات متعددة، كالتعاون في المصارف، وتعزيز التبادل التجاري، والصناعة، والثقافة، والضرائب والجمارك والتجارة الحرة، والطاقة والمشتقات النفطية والنقل والسياحة.

وأجرى الرئيس الإيراني المؤقت محمد مخبر بعد ذلك اتصالاً هاتفياً مع حسين عرنوس في 18 من أبريل 2024، ناقشا فيه تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وهو ما يؤكد حرص مخبر الشخصي على استمرار الجهود الإيرانية الحثيثة لتثبيت قدم اقتصادية راسخة في سوريا.

وتشير المعلومات التي اطلع عليها تلفزيون سوريا أن موت رئيسي الكارثي والمفاجئ في ظل استمرار قيادة مخبر للملفات المتعددة وعمله السابق كمدير مكتب رئاسي ذي خبرات بيروقراطية واسعة، لن يؤثر في سير الأعمال الاقتصادية والتجارية الإيرانية في سوريا.

سيعمل مخبر بناء على توصيات سلفه الراحل رئيسي على النهج القائم نفسه على تعزيز الحضور الاقتصادي الإيراني في سوريا، ودعم عمل الشركات الخاصة التي تعمل كشركات واجهة وتغطية للحرس الثوري وفيلق القدس ومستضعفان والجيش الإيراني وغيرها، لترسيخ حضور إيران المستقبلي في سوريا، وتجاوز العقبات الحكومية الناشئة هناك بشتى السبل.