icon
التغطية الحية

حقول ريف دمشق ملوثة بمياه الصرف.. تركيز الرصاص بالخُضر فوق حد السلامة بألف مرة

2023.07.10 | 09:31 دمشق

مزارع سوري يفتح قناة لجر المياه بين شتول غرسها في حقله في الغوطة الشرقية بريف دمشق - (Getty)
مزارع سوري يفتح قناة لجر المياه بين شتول غرسها في حقله في الغوطة الشرقية بريف دمشق - (Getty)
تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

كشفت نتائج تحليل لعينات من مناطق زراعية في الغوطة الشرقية بريف دمشق، أن تراكيز الرصاص (PB) تجاوزت بنحو 1000 مرة بالنسبة للخُضر الورقية الحد الأقصى المسموح، الذي توصي به منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية (FAO/ WHO).

وأثبتت نتائج التحليل الذي أجراه موقع "هاشتاغ سوريا" المقرب من النظام السوري في "مخبر حكومي"، تلوث الحقول الزراعية في ريف دمشق بشكل كبير جداً، نتيجة السقاية بمياه الصرف الصحي.

ويعمد مزارعون في ريف دمشق على ري أراضيهم الزراعية بمياه الصرف الصحي لأسباب متعددة؛ منها قلة مصادر المياه وشح مصادر الطاقة اللازمة لتشغيل الآبار، على الرغم من مخاطرها على صحة الإنسان.

ما تأثير الرصاص على صحة الجسم؟

وتعليقاً على نتائج التحاليل، قالت اختصاصية علوم وسلامة الغذاء والتقانة الحيوية، الطبيبة شيم سليمان، إن محتوى الرصاص في العينات المحللة سجل تركيزاً بحدود 300 "ملغ/كغ" في عينات البقدونس، و250 "ملغ/كغ" في عينات السلق، وهذه التراكيز تجاوزت بنحو 1000 مرة الحد الأقصى المسموح به للرصاص الذي توصي به منظمتا الأغذية والزراعة والصحة العالميتان في الخُضَر وهو 0.3 "ملغ/كغ".

والرصاص هو أحد الملوثات البيئية شديدة السمية، والتي يمكن أن تشكل مركبات معقدة مع جزيئات حيوية مختلفة وتؤثر سلباً على وظائفها.

وقد يكون للرصاص تأثير سلبي على الدم، والجهاز العصبي، والجهاز المناعي، والكلوي، والهيكل العظمي، والعضلي، والتناسلي، والقلب والأوعية الدموية، مما يتسبب في ضعف في تنسيق العضلات، وفي أعراض على الجهاز الهضمي، وتلف الدماغ والكلى، وضعف السمع والبصر، وعيوب الإنجاب.

ويرتبط التعرض للرصاص في مرحلة الطفولة المبكرة وقبل الولادة بتباطؤ النمو المعرفي ونقص في القدرة على التعلم، والعديد من التأثيرات الأخرى، بحسب الطبيبة سليمان.

الرصاص ليس الملوث الوحيد للخضراوات

أما بالنسبة لمعدن الكادميوم (CD)، فقد تجاوزت تراكيزه بنحو 45 مرة و20 مرة (بالنسبة للخضر الورقية: البقدونس والسلق على الترتيب) الحد الأقصى المسموح والموصى به من قبل منظمتي "FAO" و"WHO"، وهو 0.2 "ملغ/كغ".

وقالت الطبيبة سليمان، إن "المستويات العالية من الكادميوم لها تأثير سام خطير على صحة الإنسان، إذ تعتبر الكلى هي العضو المستهدف الحاسم عند الأشخاص المعرضين".

ويكون إطراح الكادميوم بطيئاً جداً، ويتراكم في الكليتين عند الإنسان لفترة طويلة نسبياً، ما يؤدي إلى ضعف مديد في الجهاز الكلوي.

 يتسبّب الكادميوم بتراكيز عالية بتأثيرات خطيرة على الكبد والأوعية الدموية والجهاز المناعي، وفقاً للطبيبة سليمان.

الكروم يدخل على خط الملوثات

فيما يخص معدن الكروم (CR)، أظهرت التحليلات أن التراكيز تجاوزت بنحو 35 مرة و20 مرة (بالنسبة البقدونس والسلق على الترتيب) الحد الأقصى المسموح به لمنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية، للكروم في الخضر وهو 2.3 "ملغ/كغ".

ويعد معدن الكروم (CR) من المعادن الضرورية بكميات معتدلة من أجل مسار سليم للعمليات الحيوية الفيزيولوجية في جسم الإنسان، ويجب توفيرها للكائن الحي بكميات مناسبة، لكن الاستهلاك المفرط له مع الطعام يؤدي إلى "هيبوغلايسيميا -hypoglycemia" (هبوط سكر الدم) وآثار على الجهاز الهضمي، كذلك فإن زيادة استهلاكه يؤثر على الكبد والكلى والأعصاب، ما قد يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب، كما توضح د.سليمان.

أمراض متعددة 

وبحسب الدكتور بشار شعاع، المتخصص في الأمراض الداخلية والإنتانية، فإن تناول الخضراوات الملوثة بمياه الصرف الصحي، هو سبب لأمراض متعددة منها الكوليرا، الإسهال، التهاب الكبد، الايكولاي، الزحار، والتهاب الدماغ.

ويشير شعاع إلى أنه حتى اللحظة لا توجد إحصائيات أو دراسات في سوريا حول نسب الإصابة بالسرطانات الناجمة عن تناول خضر ملوثة ومسقية بالصرف الصحي.

أين محطات معالجة مياه الصرف الصحي؟

تملك سوريا في الغوطتين الشرقية والغربية أربع محطات تحلية، اثنتان منها هي محطة عدرا وداريا والهجانة وحران العواميد، وجميعها خارج الخدمة حالياً ولا تقوم بأي دور يذكر في عملية تكرير مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها في عملية الزراعة وهو الهدف القريب من إنشائها.

ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، فإن نحو 15 مليون شخص في مختلف أنحاء سوريا بحاجة إلى المساعدة للحصول على المياه، حيث تنفق الأسر ما يصل إلى 25 في المئة من دخلها لتلبية احتياجاتها اليومية من المياه.