icon
التغطية الحية

تطبيع عير مشروط.. انحسار الأمل بإعادة إعمار سوريا مع دخول الثورة عامها الـ 13

2023.03.16 | 17:54 دمشق

الدمار في حي الأنصاري الذي كان بيد الثوار في حلب الشرقية - التاريخ 20 كانون الثاني 2017
الدمار في حي الأنصاري الذي كان بيد الثوار في حلب الشرقية - التاريخ 20 كانون الثاني 2017
Greenwich Time-ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

إثر وقوع الزلزال المدمر الأخير في تركيا وسوريا وتسببه بخسائر تقدر بمليارات الدولارت، تعززت آمال رأس النظام بالعودة إلى الجامعة العربية، بعدما نأى عنه الجميع لفترة من الزمان، ولكن من غير المرجح البدء بقفزة إعادة الإعمار على نطاق واسع في البلد التي مزقتها الحرب.

مع دخول النزاع في سوريا عامه الثالث عشر يوم الأربعاء الماضي، بقيت حكومة بشار الأسد ترفض تقديم أي تنازل لخصومها من أبناء البلد، ضاربة عرض الحائط بما طالبتها به الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ أمد بعيد، في الوقت الذي بقي فيه الحل السياسي أمراً بعيد المنال.

زادت دول الخليج العربي من جهودها الساعية لتطبيع العلاقات مع حكومة نظام الأسد، في حين يرجح محللون أن الشلل السياسي الذي بقي قائماً ومستمراً يمنع تلك الدول من ضخ مليارات الدولارات لإعادة إعمار سوريا.

خسائر بالجملة

لقد فاقم زلزال 6 شباط الذي ضرب تركيا وسوريا وقتل أكثر من 50 ألف إنسان بينهم ستة آلاف سوري من حالة الدمار التي سببها النزاع السوري طوال 12 عاماً والذي قتل فيه نحو نصف مليون إنسان.

ويقدر البنك الدولي في تقييمه الأولي لمرحلة ما بعد الزلزال أن الكارثة تسببت بأضرار مادية بلغت قيمتها 5.1 مليار دولار في كل من مناطق النظام ومناطق الثوار، في الوقت الذي سبق أن قدر الخسائر بنحو 226 مليار دولار ويشمل ذلك الأضرار المادية والاقتصادية، خلال السنوات الأربع الأولى من الحرب في عام 2016،  أي ما يعادل أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي في سوريا لعام 2010.

منذ أن تغيرت موازين القوى لصالح الأسد خلال السنوات القليلة الماضية، قامت حكومة النظام بإعادة بناء أجزاء صغيرة من البلد بمساعدة حلفائها، وقد شمل ذلك جزءاً من السوق الأثري في حلب، وبعض المساجد الأثرية فيها، إلى جانب إعادة إعمار مركز مدينة حمص. بيد أن كامل المدن والقرى والبلدات بقيت مدمرة، في حين تسبب النزاع بأضرار دائمة طالت شبكة الكهرباء والنقل إلى جانب المنظومة الصحية في سوريا.

ثم أتى الزلزال ليجعل الوضع أسوأ بكثير.

ولذلك تخشى الوكالات الطبية والإنسانية الدولية من خطر تفشي الأمراض بسبب دمار شبكة المياه والصرف الصحي في سوريا بنسبة أكبر بعد وقوع الزلزال. ومنذ فترة قريبة، صرح الرئيس الدولي للصليب الأحمر بأن السعي لإعادة بناء البنية التحتية يجب أن يكون أولوية.

تقارب نضج على مهل

بيد أن الزلزال والتقارب الذي تم مؤخراً بين قطبي القوى في إيران والسعودية بعد دعمهما للفرقاء المتناحرين في النزاع السوري منذ عام 2011، قد يمثل نقطة تحول بالنسبة لحظوظ النظام السياسية.

يبدو الأسد ميالاً لفكرة العودة سياسياً إلى العالم العربي، بعد تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية لأكثر من عقد من الزمان إثر القمع الوحشي الذي مارسه النظام على المتظاهرين، وعلى المدنيين خلال الحرب التي تلت الاحتجاجات.

ثم إن التعاطف الدولي الذي ظهر بعد وقوع الزلزال قد سرع على ما يبدو من التقارب الإقليمي الذي بقي ينضج على مهل طوال سنين. إذ قبل وقوع تلك المأساة، أعادت الإمارات علاقاتها مع النظام، في الوقت الذي زاد فيه الأخير من تواصله مع تركيا، التي تعتبر أهم داعم للمعارضة السورية.

بعد وقوع الكارثة، قامت دول عربية كانت معادية للنظام في السابق، مثل السعودية، بتقديم المساعدات في المناطق التي يسيطر عليها النظام، إلى جانب الداعمين التقليديين للأسد، أي روسيا وإيران، في حين بدأ أهم حلفاء واشنطن بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع حكومة النظام وتعزيزها.

ومؤخراً، أعرب الرئيس التونسي عن تمنياته بإعادة العلاقات مع سوريا، في حين التقى كل من وزيري خارجية الأردن ومصر الأسد في دمشق لأول مرة منذ عام 2011. كما اتفق أهم برلمانيي المنطقة في قمة بغداد التي أقيمت خلال الشهر الماضي على العمل باتجاه إنهاء العزلة السياسية المفروضة على النظام.

أقر وزير خارجية السعودية بتزايد الإجماع بين الدول العربية حول ضرورة فتح الحوار مع دمشق، ولذلك ستستقبل الرياض قمة الجامعة العربية المقبلة في أيار القادم، حيث تأمل غالبية الدول العربية بإعادة العضوية لسوريا عقب تجميدها في عام 2011، وذلك بحسب ما صرح به الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط يوم الثلاثاء الماضي.

واشنطن تقف في طريق إعادة الإعمار

وهنا تأمل سوريا أن يُفتح الباب أمام الأموال التي طال انتظارها والتي رُصدت لإعادة إعمار البلد، إلا أن المحللين لا يرجحون لذلك أن يتم على نطاق واسع في الوقت الراهن، إذ يرى الباحث الاقتصادي السوري المقيم في اسطنبول، سمير سعيفان أن: "إعادة الإعمار وتمويل هذه العملية من الأمور الشائكة التي لم تطرح على الطاولة في الوقت الحالي".

ويعود أحد أسباب ذلك لحجم التحديات الكبير، إذ قدر سعيفان أن الأضرار المادية في سوريا قد وصلت قيمتها إلى 150 مليار دولار تقريباً، وعليه قد تكلف عملية إعادة الإعمار أكثر من 400 مليار دولار، لكونها تشمل الفرص الضائعة المتمثلة بمشاريع تنموية كان من المقدر لها أن تنفذ في ظل ظروف غير هذه.

ثم إن بعض الدول العربية، وعلى رأسها قطر التي تعتبر أهم داعم للمعارضة السورية، تريد من الأسد أن يقدم تنازلات للمعارضة حتى تتم عملية المصالحة، حسب رأي سعيفان.

ولعل أكبر عائق أمام إنهاء عزلة سوريا على المستوى الدولي هو عدم تغيير واشنطن لموقفها تجاه الأسد.

إذ ذكر ناطق رسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية لأسوشيتد برس مع تحفظه على ذكر اسمه بسبب القوانين التي تمنعه من التصريح، بأنهم كانوا واضحين فيما يتصل بسياستهم تجاه نظام الأسد، وقال: "في ظل غياب تقدم دائم نحو حل سياسي للنزاع السوري، لن نطبّع العلاقات مع النظام، كما لن نؤيد بقية الدول في تطبيعها للعلاقات معه".

يذكر أن النظام في سوريا لم ينفذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي أقر في كانون الأول 2015، ليكون خريطة الطريق نحو السلام في سوريا، وهذا هو المطلب الأساسي الذي تقدمت به الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتطبيع العلاقات مع النظام.

إذ يدعو هذا القرار لقيام عملية سياسية يقودها سوريون، تبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي، ويعقبها صياغة دستور جديد، ثم تنتهي بانتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة.

خلال السنوات الماضية، استرجع النظام سيطرته على معظم أرجاء سوريا، فتجمدت المفاوضات التي تمت بوساطة دولية بين النظام والمعارضة.

وفي الوقت الذي بقيت فيه واشنطن وأهم الدول الأوروبية على عداء مع الأسد، لم يظهر للولايات المتحدة أي حليف قوي من قلب المعارضة برأي المحللين، كما انقسمت السيطرة على شمال غربي سوريا بين جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وهي هيئة تحرير الشام، وبين فصائل تدعمها تركيا والتي حاربت القوات الكردية المدعومة أميركياً.

وحول ذلك يعلق جوزيف ضاهر، وهو باحث سوري- سويسري وأستاذ جامعي لدى معهد الجامعة الأوروبية بفلورنسا الإيطالية، فيقول عن هيئة تحرير الشام بأنها: "لن تنال أي اعتراف لتكون جزءاً من المعارضة بوسعنا أن نتحدث إليه، خاصة من قبل الولايات المتحدة أو الأوروبيين"، وأضاف بأنهم ما زالوا يصورون هذه الجماعة على أنها متطرفة.

يتمنى مسؤولون أمميون أن يعيد الزلزال أطراف النزاع إلى الطاولة اليوم، بعد  مفاقمته للخراب الذي خلفته الحرب، إذ حول ذلك صرح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، في بيان حول الذكرى الثانية عشرة لقيام النزاع في سوريا، فقال: "ينبغي أن يذهب الدعم المقدم عقب تلك الزلازل لتجديد طاقة المسار السياسي، ولمعالجة المشكلات الأساسية التي تعتبر محور النزاع في سوريا".

المصدر: Greenwich Time