icon
التغطية الحية

تزوير واستغلال.. هكذا يحتال النظام على أهالي المعتقلين في درعا

2023.11.13 | 13:37 دمشق

جرى احتجاز المسؤول في فرع "أمن الدولة" على يد أقارب المعتقل وبمؤازرة مجموعة أهلية
تلفزيون سوريا - خاص
+A
حجم الخط
-A

تواصل الأجهزة الأمنيّة للنظام السوري عمليات الابتزاز والاحتيال التي تمارسها على أهالي المعتقلين في سجونها، وذلك عبر عناصرها والمتعاونين معها.

وأفادت مصادر محليّة لـ موقع تلفزيون سوريا بأنّ أهالي المعتقلين في درعا يتعرّضون لـ عمليات ابتزاز واحتيال على يد أشخاص مرتبطين بالنظام السوري، يزعمون أنّهم يستطيعون العمل على إفراج معتقلين محدّدين مقابل مبالغ مالية.

وقالت المصادر إنّ ضبّاطاً في قوات النظام يرسلون قائمة بأسماء بعض المعتقلين إلى "عملائهم" في المناطق التي ينتمي إليها المعتقلون، ليبحثوا بدورهم عن ذويهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يتصلون بهم لاستغلال عواطفهم عبر سرد الأوضاع الصعبة التي يعيشها أبناؤهم المعتقلون داخل السجون.

وأوضحت المصادر أنّ عملية الاحتيال تبدأ بـ"محاولات استعطاف ذوي المعتقلين من خلال الحديث عن الحالة السيئة والصعبة لأبنائهم داخل السجن وما يعانونه من تعب وإرهاق، يتبع ذلك طلب مبالغ مالية كبيرة تضع العائلات في حالة من اليأس، حيث يضطر الأهل إلى دفع مبالغ يصعب عليهم تحمّل أعباء استدانتها، ما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم وفقرهم، في ظل ظروفٍ اقتصاديّة مترديّة تشهدها سوريا".

وهذا التقرير يسلّط الضوء على الظاهرة المأساوية المنتشرة في سوريا، ويكشف عن الأساليب والممارسات غير الإنسانية التي يتّبعها ضبّاط النظام السوري للاستفادة من ذوي المعتقلين، وذلك بسرد قصص لعائلات تعرّضت للاستغلال والاحتيال في محافظة درعا.

محمد القاسم من محافظة درعا يروي لـ موقع تلفزيون سوريا، أن والد زوجته اعتُقِل نهاية العام 2013 ولم يُعرف عنه أي شيء منذ اعتقاله، رغم كل جهود عائلته ومحاولاتها للبحث عنه، مضيفاً أنّه "قبل عدة أشهر تواصل شخص معه عبر تطبيق واتساب من رقم مجهول، عرّف عن نفسه بـ(أبو جعفر)، وقال إنّه يحمل رسالة من والد زوجته (محمد المحمود)".

ويضيف "القاسم"، أنّ "أبو جعفر" قدّم له معلومات عن عائلة المعتقل من أسماء البنات والأبناء ومكان اعتقاله ومواليده، وكلّها تفاصيل حقيقة جعلته يدخل في حيرة من أمره واختلطت مشاعر الفرح والقلق معاً.

وأرسل المدعوّ "أبو جعفر" صورة شخصية لوالد زوجة محمد القاسم، وبلّغه بوجوده داخل أقبية سجن صيدنايا وقد حكم عليه بالمؤبد وأنّ وضعه الصحي سيئ جدا، موضحاً القاسم: "استعطفني بأنه رجل كبير ومتعب وسيعمل على إخراجه من السجن مقابل مبلغ مالي، ما جعلني أثق به ثقةً عمياء لا تترك مجالاً للشكّ بأنه قد يكون محتالاً".

وتابع: "بعد مرور نحو أسبوع أبلغني أنه بإمكانه استخراج إخلاء سبيل خلال يومين مقابل  12 ألف دولار أميركي، وبقيت المفاوضات مستمرة عدة أيام حتى توصّلت معه لمبلغ مالي قدره 3 آلاف دولار أميركي قبل أن يخرج من السجن، على أن يُستكمل بعد خروجه من السجن".

وأشار "القاسم" إلى أنّ المدعوّ "أبو جعفر" أرسل له صورة هوية شخصية لشخص يدعى (رضوان مشهور) ينحدر من محافظة السويداء ويقيم في لبنان من أجل إرسال المبلغ المطلوب إليه، كما أرسل له صورة عن إخلاء السبيل للمعتقل، وبعد تحويل مبلغ 3000 دولار، أصبح رقم "أبو جعفر" خارج التغطية.

وبعد التحقيق في صورة المُعتقل المرسلة من قبل "أبو جعفر" من قبل مختصين، تبيّن أنّها طُبقت عبر برنامج ذكاء اصطناعي، كما تبيّن أنّ وثيقة إخلاء السبيل مزوّرة، وقد حصل موقع تلفزيون سوريا على الصورتين.

تزوير صناعي

موسى الحمد تحدّث لـ موقع تلفزيون سوريا عن تجربته في إفشال محاولة احتيال دقيقة بعدما تواصل معه شخص يدعى حيدر علي، والذي ادّعى أنه موظف في "الفرع 48" التابع للنظام السوري.

وبحسب "الحمد"، فإنّ حيدر علي أخبره بأنّه يمكنه الإفراج عن أخيه المُحتجز في سجن "الفرع 48" مقابل 30 ألف دولار أميركي، ورغم التهديدات بملف كبير يشير إلى تطبيق حكم الإعدام بشقيق "الحمد"، إلا أنّ الأخير رفض دفع المبلغ حتى يتأكّد بنفسه من وضع أخيه في السجن.

وبعد زيارة موسى لأخيه في سجن آخر وهو سجن عدرا، تبيّن له أنّ حيدر علي كان يحاول خداعه وابتزازه، وأوهمه بانتقاله إلى سجن "الفرع 48" وأنّه يمكنه إطلاق سراحه، ورغم ذلك، حاول حيدر مع موسى مجدّداً بتقليص المبلغ المطلوب إلى 15 ألف دولار مع وعد بسداد المبلغ المتبقي بعد خروج أخيه من السجن، لكن في نهاية الأمر اتخذ "الحمد" إجراءات لحماية نفسه وعائلته وغيّر رقم هاتفه مع تحذير أفراد عائلته بمحاولة الاحتيال التي تعرّض لها من قبل حيدر علي.

سليم الموسى من ريف محافظة درعا يروي لـ موقع تلفزيون سوريا عمّا جرى معه قائلاً: "اعتُقل شقيقي جبير على أحد حواجز النظام في درعا، فراسلني شخص على فيس بوك يدعى أبو علي، وأرسل لي صورة لأخي كانت منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخبرني بأنّه يقبع في سجن صيدنايا والتقى به داخل السجن".

وتابع: "نقل لي سلاماً من أخي جبير، وأنّه قال له: أرجوكم طالعوني من السجن وضعي صعب جدا، ثم أرسل رقمه (يوناني) على واتساب، وطلب مبلغ 3 آلاف دولار مقابل إرسال جبير عبر سيارة الهلال الأحمر، بشرط إرسال المبلغ فوراً بحجة أنّه سيُرسله لوسيط من "حزب الله".

وأضاف "الموسى" أنّه طلب من المدعو "أبو علي" قبل إرسال المبلغ، أن يرسله له مقطع فيديو لشقيقه جبير، وفي اليوم التالي أرسل له مقطعاً مسجّلاً فعلاً مع وثيقة إخلاء السبيل، فأرسل الموسى المبلغ المتفق عليه.

وبعد ذلك، أخبره "أبو علي" بأنّه خلال ساعتين سيصل شقيقه جبير إلى المنزل، ومرّ يومان ولم يخرج، وبعدها طلب مبلغاً آخر قدره 3000 آلاف دولار أميركي، فأرسل والد جبير المبلغ مرة أخرى أملاً بإطلاق سراح ولده، وعندها أغلق "أبو علي" هاتفه وصفحته على "فيس بوك"، وتبيّن أنّ الفيديو المُرسل مطبّق عبر برنامج ذكاء اصطناعي أيضاً، وأنّ وثيقة إخلاء السبيل مزوّرة.

معاناة أهالي المعتقلين

تعكس هذه القصص الثلاث -ويوجد المئات مثلها- معاناة مريرة يعيشها أهالي المعتقلين الذين يتعرّضون لعمليات ابتزاز ونصب واحتيال، تترك آثاراً مدمّرة على حياتهم، خاصةً بعد بيع منازلهم أو أرضهم بهدف توفير المبالغ المطلوبة لإطلاق سراح أحد المعتقلين من أفراد عائلتهم، الذي لم يخرج، فيما هم زادت أوضاعهم المعيشية سوءاً وتراكمت عليهم الديون.

ويُضاف إلى ذلك، معاناة أهالي المعتقلين من حالات نفسية صعبة نتيجة للصدمة التي يتعرّضون لها بعد فقدان الأمل مجدّداً بخروج أبنائهم من السجون، وتترك آثاراً عميقة على صحتهم النفسية وعلى علاقاتهم الاجتماعية، إذ يواصلون العيش في حالة من القلق والحزن المستمر، في حين يواصل النظام السوري اعتقال المزيد من السوريين، وابتزاز ذويهم.

يشار إلى أنّ رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا أطلقت دليلاً تحت عنوان: "الاحتيال والابتزاز المالي لأهالي المعتقلين والمختفين قسراً: كيف تحمون أنفسكم من الوقوع ضحية الاحتيال والابتزاز خلال رحلة البحث عن أحبتكم؟"، خصّصته لعائلات وأسر المعتقلين والمختفين قسراً داخل أقبية نظام الأسد وسجونه في سوريا.