icon
التغطية الحية

اختناقاً وحرقاً.. "القاتل الخفي" يلاحق النازحين في مخيمات الشمال السوري

2024.01.15 | 14:08 دمشق

مخاطر مواد التدفئة تصل إلى الموت في مخيمات الشمال السوري - إنترنت
مخاطر مواد التدفئة تصل إلى الموت في مخيمات الشمال السوري - إنترنت
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

تتكرر المأساة في فصل الشتاء من كل عام، وتعود حوادث الموت اختناقاً أو حرقاً بسبب مواد التدفئة غير الآمنة إلى المشهد مجدداً في منطقة شمال غربي سوريا، خاصة ضمن مخيمات النازحين، وكان آخر ضحاياها شابا وطفلين فارقوا الحياة الليلة الماضية، من جراء استنشاق رائحة الفحم المستخدم في التدفئة وهم نيام في أحد مخيمات أطمة شمالي إدلب.

وقال مراسل تلفزيون سوريا، "توفي ثلاثة أطفال أعمارهم (7-8-18) من عائلة عبد المنعم النوري الحمادة، باستنشاق رائحة مدفأة الفحم في مخيم مطوع 2، التابع لتجمع مخيمات أطمة"، مشيراً إلى أن العائلة من نازحي مدينة اللطامنة بريف حماة.

بدوره قال مستشفى أطمة الخيري في منشور على صفحته في فيسبوك: وصل إلى قسم الإسعاف الساعة 4.18 صباحاً طفلان وشاب في مقتبل العمر بحالة اختناق نتيجة مدفأة الفحم. استنفر الكادر الطبي المناوب (طبيب الداخلية وأطباء الإسعاف وفني التخدير وممرضين الإسعاف والجناح ) وتم إجراء الإنعاش القلبي الرئوي للإخوة الثلاثة لمدة نصف ساعة دون استجابة".

وأشار الدفاع المدني السوري إلى أن مخاطر كبيرة تواجه المدنيين في فصل الشتاء، مع الواقع الصعب الذي تعيشه مناطق شمال غربي سوريا، من خطر المدافئ مع استخدام وسائل تدفئة غير صحية وآمنة بسبب تردي الأوضاع المعيشية، وخطر البرد والسيول والعواصف وانتشار الأمراض والكوليرا، واستمرار حرب النظام وروسيا لـ 13 عاماً من القصف والتهجير".

حوادث اختناق وحرق

وقال فريق "منسقو استجابة سوريا"، إنه وبالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة في شمال غربي سوريا وبدء منخفض جوي جديد في المنطقة، سجلت المنطقة العديد من حالات الحرائق والاختناق نتيجة استخدام مواد تدفئة غير آمنة.

وسجل الفريق 3 حالات وفاة نتيجة الاختناق بانبعاثات المدفاة في مخيمات أطمة شمالي إدلب، وإصابة طفلة نتيجة اختناق بانبعاثات التدفئة ضمن أحد المنازل في قرى جبل الزاوية جنوبي إدلب، و3 حرائق ضمن المخيمات مما تسبب بإصابة اثنين من المدنيين بينهم امرأة، وحريق ضمن أحد المنازل بريف حلب الشمالي مما تسبب بإصابة رجل وطفلين.

حرائق ضمن المنازل والمخيمات

ومنذ مطلع العام الحالي، وصل عدد الحرائق ضمن المخيمات والمنازل إلى 17 حريقاً، أدت إلى احتراق أكثر من 7 منازل و12 خيمة.

ولفت الفريق إلى أن انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير واعتماد النازحين على وسائل التدفئة البدائية غير الصالحة للاستخدام داخل المخيمات والاعتماد على مواقد الطهي داخل الخيم يزيد من خطورة اشتعال الحرائق بشكل أكبر، وخاصةً أن 90 في المئة من العائلات النازحة تعتمد على مواد تدفئة غير صالحة (مواد بلاستيكية، نفايات..) داخل الخيم وسط عدم توافر أماكن آمنة نسبياً للحد من الحرائق، مع توقع بزيادة وتيرة الحرائق ضمن المخيمات خلال الفترة القادمة نتيجة انخفاض درجات الحرارة بشكل مستمر.

خيام قماشية سريعة الاشتعال

ويعد استخدام الخيام القماشية أحد أبرز أسباب انتشار الحرائق داخل الخيم، وعدم توافر العوازل، حيث تبلغ نسبة المخيمات التي تغيب عنها العوازل اللازمة لمنع الحرارة أو الحرائق أكثر من 98 في المئة.

وناشد "منسقو الاستجابة" المنظمات الإنسانية العاملة في محافظة إدلب وريفها، للعمل على تحسين الوضع الإنساني للمدنيين في المنطقة والنازحين في المخيمات وتأمين المستلزمات الضرورية لمنع تكرار تلك الحرائق أو انتشارها، وإنشاء نقاط إطفاء ضمن التجمعات الأساسية والكبرى في المخيمات، تضم عناصر متدربين على التعامل مع الحرائق لتلافي وقوع ضحايا.

وأشار إلى ضرورة إيجاد أماكن سكن مناسبة للنازحين تستطيع مقاومة الظروف المختلفة وذلك بالقرب من مراكز المدن والتجمعات السكنية، ريثما تتهيأ الظروف الملائمة لعودة النازحين إلى مدنهم وقراهم والتي تعتبر الحل الوحيد لقضية المخيمات في شمال غربي سوريا.

غاز أول أوكسيد الكربون.. القاتل الخفي

وحذّر الدفاع المدني السوري من تسجيل حالات تسمم بين السكان في شمال غربي سوريا، من جراء استنشاق غاز أول أوكسيد الكربون، الناجم عن تشغيل المدافئ، والحرائق.

وقال الدفاع المدني، إنّ غاز أول أوكسيد الكربون، هو "غاز عديم اللون والرائحة، ويصعب التحقق من وجوده، يؤدي استنشاقه إلى التسمم، وقد يصل للموت".

ومن مسببات الغاز المذكور، إشعال المدافئ أو أي نار أو مصدر حراري بأماكن مغلقة، وعدم وجود تصريف جيد للدخان عبر المدخنة، وتشغيل مدافئ الكهرباء في أماكن مغلقة، أو تشغيل الفوانيس أو مدافئ الغاز، إضافة للأبخرة الناتجة عن الحرائق.

9

ونصح الدفاع المدني بعدد من الإجراءات لتفادي حدوث حالات تسمم، منها تهوية المكان فوراً، وإطفاء المصدر الحراري، والاتصال بالإسعاف، وإخراج جميع من في المكان.

وللوقاية من التسمم، يتوجب التأكد من التصريف الجيد لنواتج الاحتراق، وعدم إدخال "المجامر" إلى داخل الخيام أو الغرف، ووجود فتحة تهوية، كما يُنصح أيضاً بصيانة المداخن وتنظيفها وعدم تركيب أغلاق لها، وعدم ترك المدافئ مشتعلة في أثناء النوم، وفحص دوري للأدوات التي تعمل بالغاز.

أمراض تنفسية ترهق القطاع الطبي

واجهت منطقة شمال غربي سوريا تزايداً في عدد المصابين بالأمراض التنفسية الحادّة، مع دخول فصل الشتاء واستخدام السكان لوسائل تدفئة ضارة وغير صحية.

وسجلت شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأمراض والأوبئة في مناطق شمالي سوريا، ازدياداً في حالات الأمراض التنفسية الحادة وخاصة بين الأطفال، في حين ذكر الدفاع المدني السوري أن ذلك تزامن مع ظهور حالات مرض شبيهة بالإنفلونزا (ILI)، والمرض التنفسي الحاد الشديد (SARI).

وذكر أطباء لموقع تلفزيون سوريا، أن الارتفاع في معدل المصابين بالأمراض التنفسية في شمال غربي سوريا، بدأ منذ نحو ثلاثة أشهر، مؤكدين أن 85 في المئة من الحالات المسجلة في المنطقة هي من الأطفال تحت عمر 5 سنوات.

من جهته، قال الطبيب المختص بأمراض الأطفال في مشفى الأندلس بإدلب، وائل نجم، إنّ تغيّرات الطقس وانخفاض درجات الحرارة، أدت إلى زيادة واضحة في الأمراض الصدرية والتنفسية عند الأطفال.

وأضاف نجم في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن الحالات الأكثر تسجيلاً، كانت لأطفال أصيبوا بضائقة تنفسية تترافق مع التهاب القصيبات الشعرية، خاصة لمن هم تحت سن الـ 6 أشهر.

مواد خطرة لكنها حلم للنازحين

ورغم أن مواد التدفئة التي يتحصل عليها النازحون في مخيمات الشمال السوري من التبرعات أو المنظمات الإنسانية تعتبر خطرة وغير آمنة، إلا أنها تعد حلماً لغالبيتهم، أملاً بتدفئة الأطفال قدر المستطاع، وإلا فإن مصيرهم سيكون الموت من جراء البرد وانخفاض درجات الحرارة.

وكان "منسقو استجابة سوريا" قد قال في بيان سابق إنّ 94% من النازحين في شمال غربي سوريا غير قادرين على تأمين مواد التدفئة للشتاء الحالي، في حين لم يحصل 74% منهم على مواد التدفئة لهذا العام حتى الآن (7 كانون الأول الماضي).