بيدرسن والعصف الذهني.. خطوة عائمة ودليل فشل مركب!

2022.02.08 | 06:01 دمشق

7202196351968.jpg
+A
حجم الخط
-A

طرح المبعوث الأممي إلى سوريا السيد غير بيدرسن مبادرة جديدة تحت عنوان خطوة بخطوة لمواجهة الجمود السائد في الحل السياسي من خلال القرارات الأممية ولاسيما ٢١١٨ و٢٢٥٤ بعد توقف التفاوض على ما عرف بالسلال الأربعة التي عرفت أيضاً بسلال ديمستورا نسبة للمبعوث الأممي السابق ستيفان ديمستورا حيث قام من خلال إدارته للملف بتقسيم التفاوض بين قوى الثورة والمعارضة إلى أربعة ملفات - سلال

السلة الأولى: إنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، والاتفاق على ذلك خلال ستة أشهر.

السلة الثانية: وضع مسودة دستور جديد، في مدة لا تتجاوز ستة أشهر.

السلة الثالثة: إجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور، وذلك خلال 18 شهرا، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم.

السلة الرابعة: استراتيجية مكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية، وبناء الثقة.

وبطبيعة الحال لم تنتج هذه السياسة أي تقدم يذكر ولم تعدُ سوى عنوان إعلامي لمعاناة السوريين في جنيف.

وبعد استقالة السيد ديمستورا ومجيء السيد بيدرسن خلفاً له بدأ من حيث انتهى بتشكيل اللجنة الدستورية كما يعلم الجميع على صيغة المثالثة؛ ثلث من قوى الثورة والمعارضة وثلث للمجتمع المدني وثلث للنظام.

تطرح روسيا فهمًا خاصاً لتطبيق القرار ٢٢٥٤ وهو بطريقة وبأخرى بقاء هذه المنظومة مع حكومة تشبه حكومات النظام السابقة

وبعد ست جولات لاجتماع اللجنة المصغرة المكلفة بالنقاشات للوصول لصياغة مواد دستورية، وأكثر من سنتين ولا نتيجة وربما لن تأتي هذه الجولات بنتيجة دون ضغط حقيقي فالنظام يدعمه الروسي ويروج لانتصارات ويرى أنه من غير الوارد أن يعطي الطرف المقابل أي شيء، وتطرح روسيا فهمًا خاصاً لتطبيق القرار ٢٢٥٤ وهو بطريقة وبأخرى بقاء هذه المنظومة مع حكومة تشبه حكومات النظام السابقة مع مشاركة حزب البعث أحزاب الجبهة الوطنية.. الفارق هو أن تشارك أسماء شخصيات محسوبة على قوى الثورة والمعارضة تحت عنوان حكومة وحدة وطنية مع تقليص بعض صلاحيات الرئيس. 

وفي ظل عدم وضوح طرح السيد بيدرسن حول خطواته من واجب السوريين طرح تخوفاتهم من تسويات بين القوى الإقليمية والدولية على شكل خطوات تعيد إنتاج خليط فاسد غير واضح، يزيد في معاناتهم في الداخل والخارج في ظل ظروف معيشية أمنية واقتصادية بائسة، ويعيد هيمنة أجهزة أمنية صادرت كل سبل الحياة العامة الطبيعية وحولت سوريا إلى وكالة أمنية دولية ومجموع جغرافي مقطع لدول النفوذ ورهن مقدراتها.

وهنا يجب على الفاعلين -مؤسسات وأفراداً وهيئات- دعوة السيد بيدرسن للعمل أولا على الخطوات الإنسانية والتي هي من المفترض أنها نفذت دون تفاوض وهي المعتقلون والمغيبون قسرياً، وعودة المهجرين والنازحين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها، وإيصال المساعدات الإنسانية لجميع السوريين بعيدًا عن سلطات النظام الذي سخرها في تنفيذ سياساته ومنعها عن مستحقيها.

بمعنى واضح كل المطالب الإنسانية هي ليست خطوات تقابلها خطوات سياسية، بل تنفيذها مقدمة ضرورية وملزمة للبدء لاحقاً بخطوات سياسية.

وفي السياق ذاته لا يمكن أن تتم الخطوات بعيداً عن تطبيق القرارات الأممية التي تحقق الحد الأدنى من مطالب وحقوق السوريين المشروعة، ولا يمكن القبول بخطوات بين السلطة الحاكمة والدول الفاعلة وفقًا لمصالحها!

فالخطوات هي في إطار الحل السياسي السوري، وتليه لاحقا تخفيف العقوبات ومن ثمة إزالتها مع تشكيل حكم ذي مصداقية يشمل الجميع.

وفي ظل تطبيق العدالة الانتقالية التي تسهم في إعادة بناء الهوية الوطنية والسلم الأهلي بعد أن ينال كل من أجرم بحق السوريين جزاء ما فعل.

وما يجب علينا البحث فيه والعمل عليه إنسانيًا وسياسيًا لمواجهة هذا الطرح هو تحديد المرجعية سياسياً وقانونيًا لهذه الخطوات أولًا وهذا يعني أن تكون هناك خطوات في تطبيق القرارات الأممية ذات الصلة وفق تراتبية منتجة وفاعلة.

وثانياً استنادًا لمرجعية جنيف أي تحت قبة الأمم المتحدة بعيداً عن خطر المسارات الموازية والتي غالباً ما تكون صفقات ومساومات على حساب الشعب صاحب المصلحة بالحل العادل.

وثالثًا التزام دولي بخروج كل القوى الخارجية والحفاظ على سوريا وسيادتها ودعم حقيقي لإعادة الإعمار في كل المجالات.

إن أي حل بخطوات أو سلال أو حل شامل،  من دون إشراك المنظومة العربية وعلى أساس حق الشعب السوري في التغيير سيبقى حلاً منقوصاً وغير دائم

إن الفشل في الوصول إلى حل سياسي قابل للاستمرار على أعتاب العقد الثاني للثورة السورية يدل على عمق التناقضات الدولية، وعلى تراجع دور وقدرة الأمم المتحدة في تطبيق مبادئها التي أسست عليها بسبب النظام غير العادل الذي يقوم عليه مجلس الأمن وخاصة حق الفيتو، والتعطيل لمصلحة قوى كبرى لم تكن على قدر المسؤولية في قيادة العالم نحو السلام، بالإضافة إلى فشل منظومة الأمن القومي العربي في الحفاظ على أمنها وتحقيق مصالحها، وتقدم قوى إقليمية أخرى لملء هذا الفراغ.

ولابد من القول إن أي حل بخطوات أو سلال أو حل شامل، من دون إشراك المنظومة العربية وعلى أساس حق الشعب السوري في التغيير سيبقى حلاً منقوصاً وغير دائم.

وفي الختام على السوريين مناقشة هذا الطرح ووضع تصور يحاكي الثوابت والحقوق التي يجب التمسك بها، وعدم ترك الآخرين يقومون بذاك فسواء تم القبول بها أم تم رفضها لابد من نقاشها والتحضير لها، فربما تجد صدى لدى الأطراف الفاعلة دوليًا وربما تحمل ثغره في ظلام الجمود.