icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: إيران ترسل أسلحة بين المساعدات لاستهداف القوات الأميركية في سوريا

2023.05.08 | 13:06 دمشق

مصفحات أميركية بالقرب من نقطة عسكرية في سوريا - التاريخ: 2018
مصفحات أميركية بالقرب من نقطة عسكرية في سوريا - التاريخ: 2018
The Washington Post- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

ساهمت إيران وميليشياتها بوقوع هجمات استهدفت القوات الأميركية في سوريا من خلال شحنات أسلحة سرية خبأتها بين المساعدات الإنسانية التي تدفقت على المنطقة عقب وقوع الزلزال المدمر الذي قتل الآلاف في شباط، وذلك بحسب ما ورد ضمن معلومات استخباراتية أميركية سرية وأكده مسؤول عسكري إسرائيلي مطلع على القضية.

انتشرت تلك النتائج التي وردت ضمن تسريب لأسرار أميركية على منصة ديسكورد للمراسلة وحصلت عليها صحيفة واشنطن بوست، ما أثار تساؤلات مريعة حول قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على اعتراض شحنات الأسلحة القادمة من إيران والتي تستخدم عادة لاستهداف الجنود الأميركيين، والقوات الشريكة لهم والمدنيين في منطقة الشرق الأوسط. ولقد أوردت الوثيقة السرية للغاية التي تم الكشف عنها تفاصيل كثيرة وردت في تقارير سابقة حول ما تبذله إيران من جهود لتخفي المعدات العسكرية الدفاعية بين شحنات المساعدات المرسلة إلى سوريا عقب مصيبة شباط التي تسببت بدمار كبير في سوريا وجارتها تركيا.

تورط إيراني حتى النخاع

بيد أن المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بمناقشة أسرار حساسة، رفض مناقشة مدى صحة الوثيقة وأصالتها، واكتفى بالقول بأن النشاط الذي تحدثت عنه ينسجم مع ما بذله الحرس الثوري الإيراني من جهود في السابق من أجل الاستعانة بالإغاثة الإنسانية الموجهة إلى العراق وسوريا لإيصال مواد لجماعات مرتبطة بالحرس الثوري على حد وصفه.

كما لم ترد البعثة الإيرانية إلى الأمم المتحدة عندما طُلب منها التعليق على الموضوع، وخلال الشهر الماضي، ذكر مسؤولون إيرانيون لوكالة رويترز للأنباء بأن تقريرها الذي تحدث عن استعانة طهران بطائرات شحن لتهريب نظم دفاع جوي إلى سوريا تحت ستار المساعدات المخصصة لمنكوبي الزلزال، ليس بصحيح، في الوقت الذي عزت فيه رويترز الخبر لتسعة أشخاص موجودين في سوريا وإيران وإسرائيل والغرب.

تشمل الأسلحة الهجومية التي هربتها إيران إلى سوريا أسلحة صغيرة غير محددة وذخائر ومسيرات بحسب تقييم استخباراتي أميركي مسرب، ورد فيه بأن تلك الشحنات تم تمريرها بالاعتماد على قوافل ضمت مركبات توجهت من العراق بالتنسيق مع جماعات مقاتلة صديقة موجودة في العراق إلى جانب التنسيق الذي قدمته قوات فيلق القدس، والذي يعتبر من قوات النخبة الإيرانية المتخصصة بإدارة المقاتلين بالوكالة وجمع المعلومات الاستخباراتية.

أما المسؤول العسكري الإسرائيلي الذي رفض الكشف عن اسمه لأنه يناقش معلومات حساسة، فقد أكد تورط فيلق القدس في هذه العمليات.

عقب وقوع الزلزال مباشرة، سارعت إيران وأتباعها لاستغلال الفوضى الحاصلة، وذلك بحسب ما ورد في وثيقة استخباراتية مسربة، ولهذا وفي يوم 7 شباط، أي بعد يوم على وقوع الكارثة التي جعلت البيوت والأبنية "بالأرض"، أطلقت إيران جهودها الإغاثية الحثيثة، إذ زعمت جماعة مقاتلة في العراق بأنها رتبت عمليات نقل البنادق والذخائر و30 طائرة بلا طيار تم إخفاؤها ضمن قوافل المساعدات وذلك لدعم الهجمات التي ستستهدف القوات الأميركية المتمركزة في سوريا مستقبلاً.

وفي حادثة وقعت في 13 شباط، أمر ضابط من فيلق القدس ميليشيا مقاتلة في العراق بإخفاء أسلحة بين المساعدات القانونية المخصصة لمتضرري الزلزال، وذلك بحسب ما ورد في وثيقة أميركية مسربة جاء فيها بأن ضابطاً آخر من فيلق القدس أعد قائمة تضم المئات من المركبات والمواد التي دخلت إلى سوريا من العراق عقب الزلزال، في تصرف واضح يعبر عن إدارة الوجهات التي تصل إليها الأسلحة المهربة.

العراق ليس بحاجة لأي حجة

وألمح التقييم الأميركي المسرب أيضاً إلى تورط رئيس أركان الحشد الشعبي، حيث وردت إشارة واضحة لأبي فدك المحمداوي، وهو مسؤول رفيع لدى قوات الحشد الشعبي العراقية، إذ يتلقى تحالف الميليشيات الشيعية المتحالف مع إيران على عدة أصعدة، تمويلاً من قبل الحكومة العراقية وذلك عبر جهاز رسمي تابع للدولة يعرف باسم لجنة الحشد الشعبي.

بيد أن هذه الجماعة أنكرت ما ورد حول استغلال أتباعها لشحنات المساعدات الإنسانية بهدف إيصال شحنات الأسلحة، وذلك لأن المساعدات مرخصة من قبل الحكومة العراقية ووصلت إلى المحتاجين من أبناء الشعب السوري بحسب ما ذكره مؤيد السعدي الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، ووصف تلك المزاعم بأنها لن توهن عزيمة الشعب العراقي أو تثنيه عن مساعدة الشعب السوري الشقيق والوقوف بجانبه في محنته الإنسانية، بصرف النظر عن أي اعتبارات سياسية أو غيرها.

غير أن نتائج المعلومات الاستخباراتية المسربة سلطت الضوء على حقيقة مزعجة، وهي أنه بالرغم من أن القوات الأميركية التي يبلغ تعدادها 2500 والتي ماتزال تخدم في العراق بصفة استشارية وتعمل إلى جانب الجيش العراقي، إلا أن حكومة بغداد تبدو غير مستعدة لملاحقة مقاتلي قوات الحشد الشعبي التي تمثل خطراً على كلا الجيشين، فقد وصل رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى منصبه خلال العام الفائت بفضل دعم الجماعات المرتبطة بإيران، ولهذا رفض الناطق الرسمي باسمه من الإدلاء بأي رد حول الموضوع، أما أحد المسؤولين الكبار الذين يعملون في مكتبه فقد أنكر النتائج التي تم التوصل إليها في الوثيقة الأميركية ووصفها بالمزورة وذكر بأنهم ليسوا بحاجة إلى أي حجة أو ذريعة لتوريد الأسلحة إلى الجماعات الموجودة في سوريا والتي تتعامل مع إيران، حيث قال: "إن الحدود مفتوحة في الواقع، ومازلنا نعاني حقاً من الذين يعبرون الحدود السورية بطريقة غير قانونية، ما يعني أنه في حال صحة هذه الوثائق، فإن الأمر متاح أمامنا في أي وقت، إذن لم علينا أن ننتظر قافلة مساعدات لنبرر العملية؟"

ورطة إسرائيل

يذكر أن إسرائيل تستهدف القوافل التي تشك بأنها تحمل أسلحة إلى سوريا ولبنان، وذلك بحسب ما ورد في وثيقة الاستخبارات المسربة، إلا أن خطر استهداف المساعدات الإنسانية المرسلة بنية طيبة يعتبر تحدياً بالنسبة لها، ومن المرجح جداً لإسرائيل أن تواصل عملياتها الساعية لمنع تمرير الأسلحة، ولكن الأمر يستلزم تأكيدات استخباراتية أدق قبل استهداف أي شحنة للمساعدات بحسب ما ورد في الوثيقة.

الأميركيون تحت النار

وفي سوريا التي يتعاون فيها نحو 900 جندي أميركي مع القوات المحلية لمنع تنظيم الدولة الإسلامية من العودة، مايزال خطر الجماعات المرتبطة بإيران قائماً، بحسب ما أورده مسؤولون أميركيون.

في آذار الماضي على سبيل المثال، قتل متعاقد أميركي يعمل في إحدى القواعد العسكرية هناك بسبب مسيرة إيرانية الصنع بحسب تصريح للبنتاغون، كما أصيب متعاقد آخر في ذلك الهجوم، وتعرض عدد من الجنود الأميركيين لإصابات في الرأس من جراء الانفجار.

هذا وإن المسؤولين الأميركيين على ثقة من أن المسيرة التي قتلت المتعاقد الأميركي، واسمه سكوت دوبيز، لم يتم تهريبها إلى البلد عبر قوافل المساعدات التي وصلت عقب الزلزال، بحسب ما ذكره مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، من دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.

قتل دوبيز وهو أحد المتعاقدين مع الجيش الأميركي، في 23 آذار الماضي في أثناء عمله على مركبة مصفحة في قاعدة عسكرية أميركية قريبة من مدينة الحسكة، وذلك لأن حظيرة الطائرات التي كان يعمل فيها عند وقوع الهجوم لم تكن محمية بشكل جيد كباقي أجزاء القاعدة، بحسب ما أورده مسؤول عسكري أميركي آخر، وعلى الرغم من وجود منظومة آفينجر للدفاع الجوي هناك لتقوم بحراسة الجنود وحمايتهم من أي تهديد جوي، لم يتضح سبب تعطل المنظومة وكيف لم تقم بالاشتباك مع المسيرة.

وعقب وفاة دوبيز، ضربت طائرات مقاتلة أميركية ميليشيات تدعمها إيران لاعتقادها بأنها هي المسؤولة عن هذا الهجوم، ما أدى لتوجيه إيران لتحذير شديد للرئيس الأميركي جو بايدن الذي أعلن بأن الولايات المتحدة سترد بقوة على أي هجوم عنيف يستهدف القوات الأميركية.

في حين ذكر ميكي دوبيز، شقيق سكوت الأكبر، بأن المسؤولين الأميركيين لم يقدموا لعائلته أي تفاصيل حول التحقيق الذي فتح حول الحادثة، كما كانت المعلومات المسربة محبطة برأيه، لأن أسئلة خطيرة ماتزال قائمة حول كيف تمكن المقاتلون من خرق الدفاعات الموجودة في القاعدة العسكرية الأميركية، وأضاف: "يبدو بأنهم لم يفعلوا ما يجب لمنع وقوع ذلك".

المصدر: Washington Post