icon
التغطية الحية

هولنديون يحتجون على استقبال "قُصر" سوريين في بلدياتهم

2022.11.26 | 07:01 دمشق

هولنديون يحتجون على استقبال طالبي لجوء قُصر في بلدية أوستستالينجفيرف
هولنديون يحتجون على استقبال طالبي لجوء قُصر في بلدية أوستستالينجفيرف
هولندا - أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

تشهد بعض البلديات الهولندية "غضباً متصاعداً" من قبل سكان رافضين لاستقبال طالبي اللجوء حتى "القصر" منهم والذين يشكل السوريون معظمهم، في وقت انتقدت فيه منظمة "اليونيسيف" الحكومة الهولندية قائلة إنها "لا تفي بمتطلبات استقبال اللاجئين".

وشهدت بلدية أوستستالينجفيرف في مقاطعة فرايزلاند شمالي البلاد غضباً بعد قرار استقبال 60 من طالبي اللجوء القصر معظمهم من سوريا إضافة إلى إريتريا واليمن.

البلدية عقدت اجتماعاً إعلامياً مع الأهالي الغاضبين من استقبال طالبي اللجوء الشباب بفندق في قرية أبلسخا وكانت الأجواء "مشحونة" و"غاضبة"، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية.

وسيكون فندق "آن دا فارت" مأوى طارئاً لطالبي اللجوء القصر غير المصحوبين بذويهم، ومن المتوقع وصولهم اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً في نهاية تشرين الثاني الجاري ويتم حالياً تجهيز الفندق لاستقبالهم.

وكانت مؤسسة "كوا" قد أبلغت البلدية قبل أسبوعين وما إن سمع أهلي القرية بالخبر قبل أيام حتى ثار غضبهم من القرار.

وقال يان فان خيلديرين أحد المسؤولين في البلدية والذي حضر الاجتماع مع أكثر من مئتي شخص من الأهالي الغاضبين: "كان هناك الكثير من الأشخاص الذين شعروا بالدهشة من القرار (..) كان الحوار صعباً والغالبية في الواقع أرادت ألا يأتي هؤلاء (الأطفال القصر) على الإطلاق".

وأعرب المسؤول الهولندي عن تفهمه لغضب الأهالي وقال إنه "كان هناك سابقاً مركز لطالبي اللجوء في القرية.. كانت هناك أيضاً العديد من الحوادث حتى أن شرطة مكافحة الشغب اضطرت للتدخل وفي النهاية تم إغلاق المركز.. ثم قال العمدة أوسترمان: لن يكون هناك المزيد من اللاجئين في أبيلشا.. هذا هو الغضب في الواقع، لأنهم يعتقدون أنه لم يف بالوعد".

ويضيف "دعونا نرى كيف ستسير الأمور (..) ربما نحن نخاف من لا شيء".

وقالت ساندرا كورتهاويس، القائمة بأعمال عمدة بلدية أوستستالينجفيرف للأهالي الغاضبين إن "أولويتنا الآن هي جعل العملية تسير بسلاسة قدر الإمكان، فالسلامة لها أهمية قصوى".
وتضيف "لقد عقدنا اتفاقيات واضحة مع COA (..) لقد طلبت نشر أربعة من حراس الأمن إضافية في مركز الإيواء في أثناء إقامة الشباب في القرية ووعدوا بتنفيذ ذلك".

بدوره، يقول هينك جروبن أحد السكان المحليين لصحيفة "هارت فان نيديرلاند": "إنني قلق جداً بشأن مستقبل سكاننا في القرية"، مضيفاً "لدي ابنة.. لن أجرؤ قريباً على تركها تقود الدراجة في الشارع بمفردها.. سمعت بالقصص عن الاضطرابات في تير آبل والقصص في مركز الإيواء الذي كان هنا في الماضي".

وتضمن اتفاقية القانون الخاص بين COA ومالك فندق "آن دا فارت" أن البلدية لا يمكنها فعل أي شيء ضد وصول ستين طالب لجوء إلى القرية.

اقرأ أيضا: القضاء الهولندي يلزم الحكومة بتحسين ظروف استقبال طالبي اللجوء "على الفور"    

ووفقاً لمتحدث باسم مؤسسة "COA"، فإن هولندا تعاني من مشكلات استقبال طالبي اللجوء القاصرين.

وفي بداية تشرين الأول الماضي، دعا وزير الدولة لشؤون الهجرة واللجوء فان دير بورغ جميع البلديات في هولندا إلى المساعدة في إنشاء 1700 مكان استقبال لهذه المجموعة قبل 1 كانون الأول المقبل.

بدوره قال متحدث باسم الكوا لهارت فان نيديرلاند: "نريد دائماً أن نكون جاراً جيداً ونعلم أنه يمكننا تسهيل رعاية الشباب بدرجة كافية".

وسيتلقى جميع طالبي اللجوء إشرافاً مكثفاً، كما سيخضعون أيضاً للتعليم الإلزامي، لذلك يذهبون إلى المدرسة، وسيتم استخدام عناصر الحراسة بشكل أساسي خارج ساعات الدوام المدرسي.

وستوفر "الكوا" النقل من وإلى المدرسة وأنشطة نهارية جيدة بعد المدرسة، كما سيكون هناك رقم هاتف متاح ليل نهار لأي شخص لديه شكاوى وعنوان بريد إلكتروني يمكن لأفراد القرية إرسال رسائلهم إليه  "عناصر الحراسة سيكونون على اتصال مباشر بالشرطة والكوا".

ويقول أحد السكان وسط تصفيق وهتاف وغضب ضد استقبال اللاجئين: "لا نريد أن نعرف ماذا لو ساءت الأمور فلا يجب أن يأتوا على الإطلاق".

تجهيز مأوى آخر لــ "القُصر" وسكان غاضبون

في سياق متصل، يجري إعداد مبنى "رايفاس زورخ خروب" الواقع في Seringenstraat في مدينة بابيندريخت لاستقبال العشرات من طالبي اللجوء القصر الذين يشكل السوريون معظمهم، وستبدأ أعمال التجهيز في نهاية نوفمبر وسيصل أول طالب لجوء في نهاية مارس 2023.

وبحسب صحيفة "الخمين داخبلاد" فإنهم من لاجئي الحرب الصغار ومعظمهم من سوريا إضافة إلى أفغانستان وإريتريا، نظراً لأنهم سيبقون هنا خمسة أشهر فقط، لا يمكن أن يكون عضو المجلس المحلي أرنو يانسن أكثر تحديداً. جاء الشباب إلى هولندا من دون أبوين أو مشرفين وتقدموا بطلبات لجوء، بمجرد بلوغهم سن 18، يتم الاعتناء بالمراهقين في مركز لطالبي اللجوء العادي.

ولاقى استقبال القصر أيضاً استياء من بعض سكان البلدية وأعرب العديد من سكان الحي عن صدمتهم و"تخوفهم" من قرار البلدية. بدوره أشار جان شولتن من "COA" إلى أن "الناس يفترضون دائما الإزعاج مقدماً لكن من الناحية العملية غالبا ما يتبين أنها تسير على ما يرام".

الناطق باسم البلدية أيضاً علق على مخاوف السكان المحلين وقال "نحن نتفهم أن السكان، بما في ذلك السكان المحليون المعنيون، يشعرون بالدهشة من هذا الخبر.. وبالطبع يمكن أن يكون لدى الناس أسئلة ومخاوف صحيحة حول هذا الموضوع".

وأضاف "هناك أزمة استقبال وطنية في هولندا.. يعد البحث عن أماكن استقبال مناسبة مشكلة كبيرة للحكومة والبلديات.. من خلال المبادئ الأساسية التي وضعناها سابقاً لاستقبال اللجوء، والتي أعلنا عنها في سبتمبر الماضي، أشار مجلس الإدارة لدينا إلى أنه يقبل مسؤوليتنا في هذا الصدد وأنه يرغب في المساهمة بشكل متناسب في الحد من هذه المشكلة".

وقبل أسابيع، شهدت بلدية فيلسن غضباً من استقبال طالبي لجوء على متن سفينة ترسو على شاطئ بحر الشمال، وشارك المئات من الهولنديين في مسيرة احتجاجية ضد استقبال اللاجئين في البلدية، كما تم تلطيخ لافتات الطرق التي كانت تهدف إلى إرشاد طالبي اللجوء على متن سفينة اللاجئين في القرية، وفق صحيفة "تراو" الهولندية.

كما شغلت قضية إيواء طالبي لجوء في أحد فنادق بلدة ألبيرخن وسائل الإعلام الهولندية قبل عدة أسابيع، ولا سيما بعد أن تم إشعال النار فيه بالتزامن مع قرار قضائي لصالح وكالة إيواء اللاجئين "الكوا"، وجاء ذلك بعد أن شهدت البلدة احتجاجات رافضة لاستقبال اللاجئين.

اليونيسيف تنتقد الحكومة

في الأثناء، انتقدت منظمة "اليونيسيف" قبل أيام الحكومة الهولندية وقالت إنها لا تفي بالمتطلبات القاضية بتحسين استقبال اللجوء بسرعة، وتهتم المنظمة بشكل خاص بحالة الأطفال اللاجئين.

وتم توبيخ مجلس الوزراء في 6 تشرين الأول من قبل المحكمة الإدارية في لاهاي، وقضت بأن "استقبال اللجوء لا يفي بالمعايير الأوروبية"، وكان جزء من الحكم مطلباً حازماً بالتحسين الفوري لوضع الأطفال اللاجئين.

وعلى سبيل  المثال، لم يعد يُسمح لهذه المجموعة بالبقاء في مراكز استقبال الطوارئ للأزمات وتم السماح لها بالبقاء في مركز تقديم الطلبات تير آبل لمدة أقصاها خمسة أيام.

واستنتجت اليونيسف أن الحكومة تفشل "ففي الأسابيع الأخيرة، أقام ما متوسطه 250 إلى 300 طفل يومياً في تير أبيل، أي خمسة أضعاف العدد المسموح به، ويبقون هناك لمدة خمسة إلى ستة أسابيع بدلاً من أيام. وفي نهاية كل أسبوع، يكون من المثير مرة أخرى ما إذا كان كل طفل لديه سرير".

وكتب وزير الدولة إريك فان دير بورغ (اللجوء والهجرة) في رسالة إلى البرلمان قبل أيام أنه لا يمكنه حالياً إعطاء الأطفال (وأفراد أسرهم) الأولوية عند البحث عن مأوى، ويرجع ذلك، بحسب قوله، إلى "قدرة الاستقبال المحدودة"، مضيفاً "أصبحت أماكن الاستقبال غير الكافية متوافرة في المواقع التي يمكن فيها إقامة عائلة".

وتشهد هولندا ازدحاماً كبيراً في مراكز الإيواء بسبب العدد الكبير من طالبي اللجوء الذي وصل إلى البلاد خلال الأشهر الماضية.

ومنذ بداية العام الجاري، وصل إلى هولندا عشرات آلاف اللاجئين شكل السوريون عدداً كبيراً منهم، وخلال الربع الثاني من العام الجاري كان معظم من تقدموا بطلب لجوء في هولندا من السوريين حيث بلغ عددهم بالمجمل 2260.

وعلى مدار العشرة أعوام الأخيرة فر من الحرب في سوريا عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى هولندا وحصل عدد كبير منهم على الجنسية الهولندية، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد أن يستوفوا الشروط اللازمة وأبرزها امتحانات اللغة.

ويقدر عدد السوريين في هولندا بأكثر من مئة وثلاثين ألف شخص بحسب التقارير الرسمية.