icon
التغطية الحية

هل ستكون "تحرير الشام" أكبر الخاسرين من آلية التنسيق الأمنية بين ضامني أستانا؟

2023.01.03 | 06:19 دمشق

زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني (إنترنت)
زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني (إنترنت)
إسطنبول - خاص
+A
حجم الخط
-A

صعدت قيادات هيئة تحرير الشام من لهجتها ضد الجانب التركي، بعد اللقاء الذي جمع وزير الدفاع ورئيس الاستخبارات التركيين مع وفد عسكري وأمني تابع للنظام السوري نهاية عام 2022.

وظهر زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني في تسجيل مرئي، اليوم في 2 من كانون الثاني 2023، تحدث فيه عن لقاء تركيا مع النظام السوري، ووصفه بأنه "انحراف خطير" يمس أهداف الثورة، وتحدٍ جديد أمامها، معتبراً أن ما يجري بمثابة مكافأة للنظام على الرغم من كل جرائمه.

القيادي البارز والشخصية الفاعلة في العلاقات العامة ضمن هيئة تحرير الشام ميسر بن علي الملقب بـ أبي ماريا القحطاني، هاجم أول أمس الأحد تصريحات وزير الخارجية التركي، التي تحدث فيها عن عدم اعتراض المعارضة السورية على الخطوات التركية، ووصف من يتظاهرون ضد تركيا في الشمال السوري بأنهم فئة قليلة صاحبة مصالح ضيقة.

وغرد القحطاني على حسابه في تويتر قائلاً: تصريحات وزير الخارجية التركي التي صرح بها وبكل وقاحة أن من يرفضون المصالحة هم قلة!! المصالحة خيانة وحاشا لله أن يخذل من ينصر أهله فمن لم يكترث لدمائنا لن يقرر مصيرنا".

من جانبه استنكر القيادي والقاضي في هيئة تحرير الشام مظهر الويس التصريحات التركية واللقاء مع النظام السوري قائلاً: لعنة بشار ستلاحق كل من يقترب منه، ومن لم يصدق فليعتبر بالواقع المشاهد وما مصير بشير السودان وحرب روسيا وأحداث الأردن وإيران عنا ببعيد، سنن الله لن تحابي أحداً، ولعنة دماء أهل الشام ستمحق من يفرط فيها، والعاقبة لمن يقف في صف المظلومين المستضعفين ويناصرهم تمسكاً بمكارم الأخلاق".

أسباب تصعيد تحرير الشام ضد تركيا

لا يبدو أن التصعيد من طرف هيئة تحرير الشام مرتبط بشكل مباشر باللقاء الذي عقدته تركيا على مستوى وزراء الدفاع مع النظام السوري، وما تبعه من تصريحات لوزير الخارجية التركي، فقد التزمت الهيئة الصمت حيال إعلان مولود جاويش أوغلو في آب/ أغسطس 2022 لقاءه مع وزير خارجية النظام السوري أواخر عام 2021، كما أن الهيئة لم تستنكر دعوات أوغلو لإجراء مصالحة بين المعارضة والنظام السوري آنذاك.

وأكد مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا، أن قيادة هيئة تحرير الشام تعتقد أن الجانب التركي لديه توجه لتنفيذ التزاماته المتعلقة بمحافظة إدلب ضمن مسار أستانا، وإنهاء سيطرة التنظيمات الإرهابية، لكون اللقاء الذي جرى في موسكو ذا طابع عسكري واستخباري، وجاء بعد أشهر من التوافق بين ضامني أستانا جولة آلية تنسيق أمنية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا، لذلك هناك توقعات داخل الهيئة بأنها ستتعرض إلى المزيد من الضغوطات التركية من أجل حل نفسها أو إعادة الهيكلة ضمن فصائل أخرى.

وبحسب المصدر فإن قيادة هيئة تحرير الشام عقدت اجتماعاً في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2022، وأجرت تقييماً للسلوك التركي تجاهها، خاصة بعد توالي المؤشرات على وجود توجه جديد عند أنقرة، فقد تم إجبار العناصر الأمنية للهيئة على مغادرة كفرجنة، وإعادة بعض المواقع للفيلق الثالث، كما أن الجانب التركي لم يعترض على بيان عزل تشكيلات أحرار الشام لقيادتها الممثلة بعامر الشيخ وأحمد الدالاتي المرتبطة بتحرير الشام، وجرى إبعاد الموظفين التابعين للهيئة الذين دخلوا معبر الحمران الخاص بتوريد المحروقات إلى شمال غربي سوريا، بعد فقدان الفيلق الثالث للسيطرة على المعبر،  بالإضافة إلى تصاعد عمليات الملاحقة داخل الأراضي التركية اعتباراً من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، ضد من يشتبه الأمن التركي بعلاقتهم مع تحرير الشام، والإعلان رسمياً عن هذه الملاحقات حتى وإن كانت العلاقات ذات طابع اقتصادي غير مقصود.

أيضاً، فإن الهيئة متوجسة من اتفاق الدول الضامنة لأستانا على آلية تنسق أمنية قبل عدة أشهر من أجل مكافحة التنظيمات الإرهابية، وتعتقد الهيئة بأن الجانب التركي قد يسعى لحل ملف الهيئة مقابل عدم اعتراض روسيا على عمليات عسكرية تركية ضد تنظيم قسد.

ويناقش الجانب التركي مع فصائل الجبهة الوطنية للتحرير منذ أكثر من شهر مسألة إعادة هيكلتها وجمعها ضمن فيلق يتبع لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، وتنظر الهيئة إلى هذا الإجراء على أنه يستهدفها كونه يسعى لتقوية الجبهة الوطنية في إدلب عبر تعزيز تماسكها.

تكتيك جديد لهيئة تحرير الشام 

أعلنت هيئة تحرير الشام في كانون الأول/ ديسمبر 2022 عن سلسلة من العمليات النوعية ضد قوات النظام السوري في جنوب إدلب وغرب حلب، بالإضافة إلى الكشف عن عملية أمنية نتج عنها اعتقال خلية تعمل لصالح استخبارات النظام السوري في إدلب.

كما أصدر كل من ميسر بن علي القحطاني، وجهاد عيسى الشيخ (أبي أحمد زكور) بياناً في 31 من كانون أول/ ديسمبر 2022، دعيا فيه إلى طي خلافات الماضي مع كل الفصائل والشخصيات المعارضة للمصالحة مع النظام السوري، والتركيز على جهود مواجهة النظام.

وأعلن الجولاني في كلمته المرئية الأخيرة انفتاحهم على الجميع، وترحيبه بوضع يدهم بيد من وصفهم "بالحريصين والغيورين" على الثورة، لمواجهة التحديات والعمل المشترك على إسقاط النظام.

وأفاد مصدر مطلع لموقع تلفزيون سوريا، أن تحرير الشام اتخذت قراراً بالعمل على حشد الشارع في إدلب خلفها، وإبراز دورها في قيادة المعركة ضدَّ النظام السوري، كما أنها قررت إفساح المجال أمام خروج المظاهرات التي تندد بالاتفاقيات الدولية الخاصة بإدلب، على اعتبار أنه لم يتم الحديث مع الهيئة بخصوص مستقبل المنطقة، ولم تتمكن من الحصول على أي معلومات متعلقة بتفاصيل مسار التقارب بين تركيا والنظام السوري، وماذا سيترتب عليه بخصوص محافظة إدلب.

ومن غير المستبعد أن تعمل الهيئة في مرحلة لاحقة على تفكيك فصائل الجبهة الوطنية للتحرير، باتباع طرق مختلفة، من ضمنها القوة العسكرية، أو الوسائل الأمنية من خلال تسريب إشاعات عن قبول قيادات فصائل الجبهة بالمصالحة من أجل دفع عناصرها للانشقاق والتنسيق مع الهيئة كونها الفصيل الذي يرفع صوته ضد التقارب التركي مع النظام السوري.

على أية حال، فإن التصعيد الذي تقوم به قيادات الهيئة ضد الجانب التركي، لا يعني بالضرورة أننا سنشهد متغيرات كبيرة في سلوك التنظيم تجاه النظام السوري وداعميه، أو اختلافاً كبيراً في تعاطي الهيئة مع الحاضنة الشعبية، بل الغالب أن قيادة الهيئة أرادت توجيه رسائل للجانب التركي، كنوع من المشاغبة بهدف إيجاد موطئ قدم في التسوية القادمة، وتحسين شروط هذه التسوية قدر الإمكان.