icon
التغطية الحية

موازنة 2023 تكشف نية النظام السوري خفض الدعم الاجتماعي

2023.01.14 | 15:26 دمشق

أسواق دمشق
قال التقرير إنه من المرجح أن يتبنى النظام سلوكاً ضاراً لجعل السكان يدفعون أكثر مقابل الخدمات التي يتلقونها - AFP
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

قال الباحث والاستشاري في برنامج الشرق الأوسط في مركز "تشاتام هاوس" البريطاني، حايد حايد، إن الموازنة العامة للدولة التي أعلن عنها النظام السوري تكشف النية لخفض الدعم الاجتماعي، مشيراً إلى أن "عرض الميزانية الجديدة على أساس قيمتها بالعملة المحلية أمر مضلل".

وأصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الشهر الماضي، مرسوماً أقر فيه مشروع ميزانية الدولة للعام 2023، بقيمة 16.5 ترليون ليرة سورية، في حين احتفلت وسائل إعلام النظام بهذا الرقم، على اعتبار أنه يزيد عن ميزانية العام السابق بنسبة 24 %.

ومع الأخذ بعين الاعتبار التضخم في سوريا، فإن مشروع ميزانية العام 2023 هو في الواقع الأدنى على الإطلاق مقابل الدولار الأميركي، حتى عند احتسابها باستخدام سعر الصرف الرسمي، حيث تبلغ مسودة الموازنة نحو 3.6 مليارات دولار، مقارنة بـ 5.3 مليارات دولار في العام 2022، و6.8 مليارات دولار في العام 2021، و 9 مليارات دولار في العام 2020.

وسبق أن أقر وزير المالية في حكومة النظام السوري، كنان ياغي، بأن "تراجع القيمة الحقيقية للموازنة ناتج عن ارتفاع معدلات التضخم".

تخفيض الدعم الاجتماعي

وفي تقرير نشره موقع "Syndication Bureau"، قال الباحث السوري إن مواكبة التضخم تتطلب ميزانية تبلغ ثلاثة أضعاف الميزانية التي أقرها بشار الأسد، والإنفاق بالقدر المعلن عنه في ميزانية العام 2023 لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلات المالية للدولة، كما أنه يتعارض مع هدف حكومة النظام المتمثل بكبح جماح الإنفاق الحكومي لتقليص عجز الميزانية الحالي.

وأوضح أن "نظرة فاحصة على خطة توزيع الموازنة، تكشف أن نية الحكومة هي المضي قدماً في سياستها الخاصة بخفض الدعم الاجتماعي، الذي يشكل شريان الحياة لكثير من السوريين، الذين يعيش 90 % منهم تحت خط الفقر"، مضيفاً أن "الحالة السيئة للاقتصاد السوري دفعت إلى إعادة هيكلة شبكة الأمان الاجتماعي في العام 2020، وفقد العديد من السكان الدعم الاجتماعي منذ ذلك الحين".

وأكد التقرير على أن "مشروع الموازنة الجديد لا يوفر راحة للسكان الذين دمرتهم سنوات من الصراع، الذي غذته إلى حد كبير المصالح الأجنبية والمتطرفون الطائفيون"، مشيراً إلى أنه "على الرغم من خطر الغضب العام، خُفضت موازنة العام 2023 الدعم بنحو 12 % إلى 4.9 ترليونات ليرة سورية".

وأضاف أن "القيمة الحقيقية للتخفيض أقرب إلى 40 %، لذلك فمن المرجح أن تؤدي ميزانية هذا العام إلى انخفاض في دعم الدقيق والقمح، الأمر الذي سيضر بالسوريين الذين يعانون بالفعل".

تقويض أداء المؤسسات العامة

من جانب آخر، قال الباحث السوري إن "الموازنة الجديدة تغطي نحو 30 % من احتياجات البلاد من الوقود، ما يعني أن مخصصات الأسرة من الديزل وغاز الطهي ستظل غير كافية، ما يدفع الناس إلى الشراء من السوق السوداء بسعر أغلى".

ولفت إلى أن "الحل الجزئي لهذه التحديات التي تلوح في الأفق يتمثل في زيادة الرواتب، أو توزيع المنح على العاملين في القطاع العام، وهي استراتيجية قال وزير المالية إنها تنعكس في الميزانية، لكن مجرد تخصيص الأموال لا يعني أنه سيتم إنفاقها"، مشيراً إلى أن حكومة النظام "أنفقت أقل من 80 % مما تم تخصيصه في موازنة 2022، وقد يكون أحد الأسباب هو عدم قدرة الحكومة على تأمين إيرادات كافية لتغطية نفقاتها".

ووفق التقرير، فإن "عجز الموازنة العامة للدولة للعام 2023 يبلغ نحو 30 % من الإجمالي، وهو أعلى بنحو 20 % من عجز العام الماضي، أي أنه هناك احتمال أن يؤدي العجز المتزايد في الميزانية إلى منع الحكومة من إصدار زيادات في الرواتب التي تشتد الحاجة إليها".

وقال الباحث السوري إنه "حتى لو تم منح زيادات، ستظل رواتب القطاع العام غير كافية لتلبية الأسعار المرتفعة للسلع الأساسية، حيث تجاوز متوسط كلفة المعيشة لأسرة سورية مكونة من خمسة أفراد نحو 2.8 مليون ليرة سورية في آذار الماضي، أي أكثر من 28 ضعفاً مما يتقاضاه الموظف المدني".

وأضاف أنه "بالنظر إلى أن الفجوة بين الدخل ونفقات المعيشة آخذه في الازدياد، فإنه من شبه المؤكد انتشار الاستقالات والتغيب بين موظفي القطاع العام، وهذا بدوره سيقوّض أداء المؤسسات العامة والخدمات التي تقدمها".

الأولوية للإنفاق على الاستثمار

وأشار التقرير إلى أنه "بدلاً من صرف الأموال، فإنه من المرجح أن تتبنى الحكومة سلوكاَ ضاراً أشد قسوة، لجعل السكان يدفعون أكثر مقابل الخدمات التي يتلقونها، فيما سيؤدي السقوط الحر لليرة، والذي من المتوقع أن يتسارع هذا العام، إلى مزيد من التضخم في الأسعار، ويضيف صداعاً آخر لسكان سوريا الذين عانوا طويلاً".

وأوضح أنه "على الرغم من المزاعم القائلة بأن أحد الأهداف الرئيسية في العام 2023 هو تعزيز الاقتصاد، تواصل حكومة النظام إعطاء الأولوية للإنفاق على الاستثمار، فوفقاً للأرقام المنشورة تم تخصيص 18 % من الميزانية للاستثمار، وهو مبلغ ضئيل لن يفعل الكثير لتحسين الوضع الاقتصادي لسوريا".

وذكر التقرير أن "القطاعات الأساسية لإنعاش الاقتصاد، وبشكل خاص الكهرباء، تحتاج إلى ضخ كبير لرأس المال، وسيكلف إصلاح محطات الطاقة التالفة، وبناء سعة جديدة، عدة مليارات من الدولارات، وهذه الأموال لم يتم تخصيصها في ميزانية 2023"، مضيفاً أن "النقص المستمر في الوقود، والذي سيستمر بشكل شبه مؤكد، إلى تفاقم الركود الاقتصادي في سوريا".

ودعا الباحث السوري المقيمين في مناطق سيطرة النظام إلى "الحذر من تصديق وعود نظام الأسد الكاذبة، والاستعداد لمزيد من التضييق، بغض النظر عن العملة التي يحسبون أموالهم بها".