icon
التغطية الحية

لماذا تعتبر إدلب بيئة خصبة لانتشار الكوليرا؟

2022.09.27 | 07:37 دمشق

مخيمات إدلب
أحد المخيمات في إدلب (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

سجّلت شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة أولى حالات الإصابة بمرض الكوليرا في مخيمات شمال غربي سوريا، وسط مخاوف من انفجار الوضع في إدلب عموماً ومنطقة المخيمات على وجه الخصوص، حيث تعتبر إدلب بيئة خصبة لانتشار الكوليرا، بحسب مصادر طبية مطلعة.

الطبيب واصل الجرك - مدير البرامج في الرابطة الطبية السورية للمغتربين (سيما) - قال لموقع تلفزيون سوريا، إنّ عدد الحالات المثبتة بالتشخيص المخبري هي ثلاث حالات وسجلت في مخيمات كفرلوسين شمالي إدلب.

وأعلن منسقو استجابة سوريا دخول المخيمات مرحلة الخطر بشكل كبير، محذّراً فريق الاستجابة من انتشار الإصابات وعدم القدرة للسيطرة على ذلك، بسبب ما وصفه بضعف الإمكانات اللازمة لمجابهة المرض نتيجة الواقع الطبي الهش في المنطقة.

مخيمات بلا شبكات صرف صحي

يعيش أكثر من مليون ونصف المليون شخص في مخيمات الشمال السوري، في ظل ظروف صحية وإنسانية غاية في الصعوبة، حيث تغيب النقاط الطبية عن 1223 مخيماً من أصل 1396 مخيماً في عموم الشمال السوري.

أيضاً فريق الاستجابة قال في تقريره الأخير حول مراقبة حالة المخيمات في شمال غربي سوريا، إنّ نسبة الاستجابة الإنسانية في المخيمات لم تتجاوز 22% في قطاع المياه، والـ30% في قطاع الصحة والتغذية.

محمد حلاج مدير فريق "منسقو استجابة سوريا" قال لموقع تلفزيون سوريا، إنّ 590 مخيماً في شمال غربي سوريا لا تصلها مياه الشرب النظيفة والمجانية، و 269 مخيماً آخر تعاني من نقص في توريد المياه، حيث يعتمد سكّانها على شراء مياه الشرب بأسعار مرتفعة أو نقل المياه من مصادر غير آمنة من المشاريع الزراعية القريبة، مما يخفّض كمية المياه التي يحصل عليها الفرد إلى ما دون الـ20 ليتراً يومياً، وتمثل تلك المخيمات التي لا تصلها مياه الشرب النظيفة والمجانية ما نسبته 43% من مخيمات الشمال السوري.

لماذا تعتبر إدلب بيئة خصبة لانتشار الكوليرا؟

أيضاً تعاني مخيمات الشمال السوري من نقص كبير في الخدمات والبنى التحتية، وأبرزها المياه والصرف الصحي، حيث أحصى فريق الاستجابة غياب شبكات الصرف الصحي عن 614 مخيماً، مما يجعل أقنية ومجاري الصرف الصحة المكشوفة داخل المخيمات تنتشر بشكل كبير، وتعتبر المسبّب لكثير من الأمراض الجلدية والمعوية، فضلاً عن انعدام المصادر الآمنة لمياه الشرب، وانخفاض كميات المياه التي يحصل عليها الأفراد والتي أدت بدورها لتراجع الاهتمام بالنظافة الشخصية خاصة لدى الأطفال، مما يجعل المنطقة بيئة خطبة لانتشار الكوليرا.

وتعتبر دورات المياه والحمامات المشتركة في المخيمات واحدة من أكبر المشكلات التي تهدّد السكان وتساهم في انتشار العدوى، فالتعرّض لفضلات وبراز المصاب ينقل العدوى بشكل سريع للشخص السليم المتعرّض لتلك الفضلات.

خضراوات إدلب تروى بمياه الصرف الصحي

لا يقتصر خطر انتشار الكوليرا في إدلب على المخيمات ومجاري الصرف الصحي المكشوفة، بل يمتد إلى الطعام الذي يتناول السكّان، حيث رصد موقع تلفزيون سوريا انتشاراً كبيراً لزراعة وري الخضراوات بمياه الصرف الصحي والمجاري.

مخاوف من تفشي الكوليرا في إدلب

وعلى الرغم من أن وزارة الزراعة والري في "حكومة الإنقاذ" تحظر ري المزروعات وخاصة الخضراوات بمياه الصرف الصحي إلا أن ذلك لا يطبّق بشكل فعلي على الأرض بحسب ما رصده موقغ تلفزيون سوريا، حيث رصد عشرات المضخات التي تعمل على استجرار مياه الصرف الصحي وري الخضراوات في الأراضي الزراعية الواقعة ضمن المخطط التنظيمي لمدينة إدلب وعلى جوانب طرقها الرئيسة.

وبحسب ناشطين فإن عمليات الري تلك تتم أمام أعين المعنيين الذين يعملون كل فترة على حراثة بعض الأراضي المروية بمياه الصرف الصحي وإتلاف محاصيلها بعد حدوث ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص ذلك، وهو ما يؤكد بحسب ناشطين غياب الإرادة لتطبيق قرار منه الري بمياه الصرف الصحي، وتعتبر الخضراوات الورقية أبرز الأطعمة المهددة بنقل التلوث كالنعناع والملوخية وغيرها.

توعية محدودة وتجاهل لمخاطر المرض

مع التخوّف الكبير من انتشار الكوليرا يبدو أن إجراءات الوقاية والتوعية المجتمعية أدنى من المتوقع، ففي بلدة كفر روحين غربي إدلب، عزا أحد الخطباء في صلاة الجمعة انتشار الكوليرا وغيره من الأوبئة لـ"الزنى والعلاقات الجنسية المحرمة"، متناسياً أن سد بلدة كفر روحين كان يحوي نصف مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي لعامين على التوالي، وأن 90% من آبار مياه الشرب في البلدة تلوثت بمياه الصرف الصحي.

فريق "إرادتي" التطوعي عمل بالمشاركة مع مجموعة من طلاب كلية الطب البشري في جامعة إدلب، على إطلاق حملة توعية لسكّان المخيمات من خطر الكوليرا.

وبحسب عمر نزهت - أحد أعضاء الفريق - فإن الحملة تستهدف توعية ألف أسرة في مخيمات سرمدا شمالي إدلب، وتشمل بروشورات توعية ونصائح طبية واجابات على أسئلة سكّان المخيمات من قبل طلاب الطب لزراعة الوعي لدى قاطني المخيمات من خطورة المرض وطرق تجنب العدوى ومنع انتشارها في حال حديثها.

يذكر أن أول حالة بمرض الكوليرا سُجّلت في سوريا كانت مطلع شهر أيلول الجاري، في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي سوريا، وعموم مناطق سيطرة النظام السوري، كما سُجّلت أول إصابة بالكوليرا في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، في الـ19 من الشهر الحالي، وذلك في منطقة جرابلس شمال شرقي حلب.