icon
التغطية الحية

"قسد" تبحث تفعيل "البند الخامس" علّه يوقف الهجوم التركي

2022.07.06 | 07:06 دمشق

تلفزيون سوريا
تلفزيون سوريا
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

عندما استشعرت "الإدارة الذاتية" وأذرعها شمال شرقي سوريا باقتراب العملية العسكرية التركية التي لوّح بها كبار قادة أنقرة، سارعت للبحث عن طوق نجاة للهروب من أزمتها الموشكة، فأطلقت مجموعة من التصريحات المتزامنة، ذات الهدف الواحد، وهو العودة إلى تاريخ تشرين الأول 2019، الذي شهد اتفاقا روسيا - تركيا وقعه، حينئذ، الرئيسان التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بعد مباحثات طويلة وشاقة، في مدينة سوتشي.

نرصد في هذا التقرير جملة من التصريحات والتحركات والمعطيات التي من شأنها أن تفضي إلى انحسار احتمال وقوع معركة تركية ضد "وحدات حماية الشعب" و"قسد" و"حزب العمال الكردستاني" (PKK) في مدن سورية على مقربة من الحدود مع تركيا.

 الحل في "البند الخامس" من اتفاق سوتشي 2019

تعكس تصريحات أطلقها أخيرا وبشكل متزامن كل من رئيسة الهيئة التنفيذية لـ "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد)، إلهام أحمد، وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مظلوم عبدي، والقيادي في "وحدات حماية الشعب"، نوري محمود، والرئيس المشترك لحزب "الاتحاد الديمقراطي"(PYD)، صالح مسلم، رغبة في تفعيل حقيقي لاتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا.

وجاء الاتفاق التركي - الروسي في 10 بنود، أهمها الخامس وفق ثيقة الاتفاق التي نشرتها وكالة "الأناضول" التركية، وجاء نص هذا البند وفق ما يأتي:

"اعتبارا من الساعة الـ 12:00 ظهرا يوم 23 تشرين الأول 2019، الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري سيدخلان إلى الجانب السوري من الحدود السورية - التركية، خارج منطقة عملية نبع السلام، بغية تسهيل إخراج عناصر PYD وأسلحتهم حتى عمق 30 كم من الحدود السورية التركية، وينبغي الانتهاء من ذلك خلال 150 ساعة، كما سيبدأ تسيير دوريات تركية وروسية مشتركة غربي وشرقي منطقة عملية "نبع السلام" بعمق 10 كم، باستثناء مدينة القامشلي". يضاف إليه البند السادس الذي ينص على "إخراج جميع عناصر "ي ب ك" وأسلحتهم من منبج وتل رفعت".

تستند تركيا في تهديداتها الأخيرة ضد "قسد" إلى عدم تنفيذ بنود اتفاق تشرين الأول 2019، وهو ما يدفعها لشن عملية عسكرية جديدة ضد "قسد" في شمال شرقي سوريا، ويبدو أن الأخيرة فهمت الرسالة وبدأت تسعى جديا لتفعيله، ووجدت في إدخال النظام السوري مناطقها أمرا يسيرا يدرأ عنها الغضب التركي.

مسؤولو "الإدارة الذاتية" يستحضرون اتفاق سوتشي

 يجد المتابع في التصريحات الغزيرة التي تجري على لسان مسؤولي "الإدارة الذاتية" بشقيها السياسي والعسكري، أن الهدف منها واحد وهو تهيئة الظروف ذاتها التي وقعت في أعقاب عملية "نبع السلام".

تصف إلهام أحمد، في ندوة عبر اتصال فيديو أقامها "مركز القدس للدراسات"، أخيرا، التهديدات التركية بشن عملية عسكرية في شمالي سوريا بـ "الجدية"، مشيرة إلى وجود تواصل وحوارات مع الجانب الروسي والنظام السوري، لتقوية الجبهات وانتشار قواتهم على طول الحدود.

أما مظلوم عبدي، فقد وجه بشكل مباشر في لقاء مع قناة "روسيا اليوم"، في حزيران الماضي، دعوة للنظام "لأخذ أمر الهجوم التركي على محمل الجد ولعب دوره بشكل عملي"، معتبراً أن حماية الأراضي السورية واجب على النظام.

ولم يخف عزمه على الاستعانة بقوات النظام السوري لصد أي هجوم محتمل للقوات التركية في شمال شرقي سوريا.

كما خلص اجتماع عاجل واستثائي لقيادات مجالس "قسد" في حزيران الماضي، على تجديد الدعوة للتنسيق مع قوات النظام السوري لصدّ أي هجوم تركي محتمل، وحماية الأراضي السورية.

وغازل صالح مسلم وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد بعد تصريحات الأخير عن وجوب خروج القوات التركية من سوريا، مسلم تمنى قبول النظام التعاون معهم في مشكلة التهديدات التركية.

وقال في حوار أجراه مع موقع "ميديا نيوز، "أبدينا استعدادنا للعمل مع النظام لحماية السيادة السورية، إلا أننا لم نتلق رداً حتى الآن، ونأمل أن نتمكن من العمل معاً".

في حين جاء آخر تلك التصريحات وأهمها، وفق مراقبين، على لسان نوري محمود القيادي في "وحدات حماية الشعب" التي تشكل العمود الفقري لـ "قسد"، إذ تحدث قبل يومين عن "تطور إيجابي" في العلاقة مع النظام السوري لجهة تطوير الدفاعات في وجه العملية العسكرية التركية المرتقبة شمالي سوريا.
وقال محمود لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن "قواته تعمل مع مسؤولي النظام السوري لتطوير صيغة عمل مشترك ورسم خطة دفاعية في مواجهة أي عدوان تركي، وهناك تطور إيجابي في هذا المجال".

تحركات على الأرض للنظام السوري وروسيا

من الواضح أن النظام السوري وروسيا تلقيا رسائل الاستنجاد من قيادات "قسد" و"PYD" و"مسد"، لكنهما على ما يبدو يريدان تحقيق مكاسب أكبر، وهذا ما كشف عنه صالح مسلم الذي قال إن النظام يريد مدينة منبج، وهو ما يتطابق أيضا مع ما قاله قائد القوات الروسية في سوريا العماد "ألكساندر تشايكو"، إنه لا يمكن لبلاده حماية من هم "خارج سلطة الحكومة السورية"، وذلك خلال لقائه مع قادة "قسد" في مدينة القامشلي، حزيران الماضي.

لكن ولحين حصوله على ما يريد يرسل النظام السوري أعدادا من قواته بشكل مستمر إلى مناطق سيطرة "قسد" في ريف حلب، حتى أن تلك التعزيزات شملت عناصر من ميليشيات إيران، وفق معلومات حصل عليها موقع تلفزيون سوريا، وتفيد المعلومات أيضا بوجود 30 دبابة وعربات ثقيلة للنظام والميليشيات في قرية مسقان، تتمركز في الجهة الشمالية للقرية المعروفة بـ "الأربعة مفارق"، وهي النقطة الأكثر ارتفاعاً في ريف حلب، وتمتد على مساحة 4 كم مربع، وهي محاطة بشكل كامل بسواتر ترابية أقيمت على أنقاض منازل ومزارع ومعمل قريب من المنطقة.

 

 

أما روسيا فقد سجلت نقاطا جديدة على حساب أميركا في سباق التنافس على مناطق نفوذ "قسد"، إذ نشرت القوات الروسية، منظومة دفاع جوي في مناطق شمالي سوريا، كما  عززت وحداتها ونشرت معدات عسكرية على خط الجبهة من تل تمر إلى القامشلي وشملت أربع منظومات للدفاع الجوي من طراز بانتسير ومنظومتي إطلاق الصواريخ من طراز إسكندر.

وفي 4 من تموز 2022، حطت طائرة نقل عسكرية روسية في مطار القامشلي، وعلى متنها 500 جندي روسي، في تطور يظهر بوضوح توجّه موسكو لتعزيز حضورها العسكري في المنطقة.

يبقى أن نقول، إن كل هذه التصريحات والتحركات، لا تنفي احتمالية أن تشن تركيا عملية مباغتة كما هدد الرئيس التركي، ولعل السباق الانتخابي المبكر في تركيا قد يدفع المسؤولين الأتراك إلى استخدام ورقة محاربة الإرهاب المتمثل بـ "PKK" في سوريا، فيكون هجوما خاطفا، محدود المكان والزمان، يشبع رغبة الأتراك، ويفضي إلى جلوس المتحاورين من أنقرة وموسكو لتوقيع اتفاق جديد بشروط تركية جديدة.