icon
التغطية الحية

في ظل غياب الرجال.. عمالة النساء تنتشر في شوارع دمشق وأسواقها| صور

2021.12.11 | 10:18 دمشق

dmshq4.jpg
سيدة تبيع على بسطة في مدينة دمشق (تلفزيون سوريا)
دمشق ـ جوان القاضي
+A
حجم الخط
-A

شهدت مناطق سيطرة النظام خلال العامين الماضيين عدة أزمات اقتصادية فاقمت الوضع المعيشي وقلصت القدرة الشرائية للسكان وسط انعدام فرص العمل، ما انعكس سلباً على حياة معظم سكان دمشق خصوصاً النساء ما دفعهنَ للعمل في مهن وحرف كانت في وقت سابق حكراً على الرجال. 

تقول خالدة (45 عاماً) وهي من سكان حي مساكن برزة بدمشق لـ موقع تلفزيون سوريا: "أجبرتني صعوبة الحياة وسنوات الحرب على العمل في مجالات مختلفة. لم أكن أتوقع العمل بها فيما سبق". وتضيف وهي تعمل على بسطتها، أنها اليوم تعمل ما يقارب العشر ساعات بين "بيع الخبز صباحاً أمام أفران ابن العميد والعمل كــ جليسة مع امرأة مسنَّة". 

ويعد مُعدَّل ساعات العمل الأسبوعية في مدينة دمشق من الأعلى في العالم. وبالرغم من أنَّ مُعدَّل ساعات عملِ الرجال كانت أعلى من مثيلتها لدى النساء، فإنَّ مُعدَّل عمل النساء في مدينة دمشق يظلُّ أعلى من المُعدَّلات العالمية. وفقاً لدراسة مركز السياسات وبحوث العمليات، الصادرة في حزيران 2021. 

ويقول خبير اقتصادي في تصريح لـ موقع تلفزيون سوريا، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إنَّ "انخفاض القدرة الشرائية لليرة جعل اعتماد الأسرة على دخل شخص واحد من أفرادها لأجل العيش أمراً مستحيلاً"، مضيفاً أن فكرة الرجل يعمل والزوجة والأولاد بدون عمل لم تعد موجودة. 

ولفت الخبير إلى أن هناك العديد من الأسر التي اضطرت إلى دفع أبنائها للعمل سواء ذكوراً أو إناثاً. وهذا ما نشهده اليوم من ازدياد عمالة النساء في مختلف صنوف العمل، إضافةً إلى هجرة كثير من الشباب وانخراط معظمهم في العمل المسلح سواء في قوات النظام أو قوات الفصائل المعارضة، وفقاً للخبير. 

نساء يعملنَ في بسطات خضراوات

تضطر كثير من النساء بدمشق إلى العمل في مهن حرة في الشوارع وعلى البسطات تحت ضغط فقدانهنَ للزوج أو للمعيل وارتفاع تكاليف المعيشة اليومية وانخفاض أجور العمل سواء كان خاصاً أو في القطاع الحكومي. 

وتذكر خالدة أنها قبل الحرب لم تعتد العمل خارج المنزل نهائياً، إذ كان زوجها يؤمن احتياجات العائلة من ورشة الخياطة التي كان يعمل بها في مدينة حرستا بريف دمشق. أما اليوم فهي مضطرة إلى العمل في عملين لتؤمن بالكاد احتياجات أسرتها الشهرية. 

وفي السنة الرابعة من الحرب قُتل زوجها في حرستا وهُجرت إلى مساكن برزة حيث تقيم اليوم في (قبو) لا تتجاوز مساحته الــ 50 م2 مع أولادها الخمسة. 

 

بسطات بيع للنساء في أسواق دمشق (تلفزيون سوريا)

 

في إحدى زوايا سوق حي الفحامة الدمشقي، تنتشر مجموعة من النسوة اللواتي يعملن في بيع ما يقمنَ بزراعته في الأراضي الزراعية القريبة من سكنهنَ في منطقة كفرسوسة بدمشق.

تعمل أم أحمد (55 عاماً) وهي من سكان حي كفرسوسة في زراعة كل مساحات بستانها لتؤمن مصاريف عائلتها وتقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "قبل الحرب كنا نزرع قطعة من البستان حتى نأكل خضرة طازجة فقط، في حين بتنا اليوم مضطرين إلى العمل في الزراعة وفي بيع ما نزرعه بالشوارع". 

وتفترش أم أحمد يومياً بضاعتها من الخضراوات والبيض البلدي مع مجموعة من النساء في بسطات على طول شارع دوار الحلبوني بالقرب من منطقة الفحامة، وتضيف: "لدي ثلاثة أحفاد لابنتي المفقودة وليس لنا أي دخل غير عملي هذا الذي بدأت به منذ نحو ثلاث سنوات". 

وتضيف، أنها تبيع خضراواتها بسعر أقل من سعر الأسواق الرسمية والشعبية المتعارف عليها كي تستطيع في نهاية اليوم العودة لمنزلها وفي متناول يدها مبلغ من المال يسد احتياجاتها المنزلية. 

نساء يبعن الألبان والأجبان

حال أم أحمد لا تختلف عن غيرها من بقية النساء اللواتي اضطررن إلى العمل في بسطات الشوارع. إذ تتعاون "خولة"، وهي امرأة في العقد الخامس من عمرها، مع زوجة ولدها في صناعة الألبان والأجبان وغيرها من مشتقات الحليب في منزلها الكائن في جرمانا ومن ثم بيعها هنا على بسطة قريبة من بسطة أم أحمد. 

"معاش ولدها الموظف الحكومي بالكاد يكفيه أجرة مواصلاته وشراء بعض الاحتياجات".. تقول خولة لـ موقع تلفزيون سوريا، وتضيف بأنَّها قررت شراء الحليب من بعض المزارع القريبة إليها وتصنيع اللبنة والجبنة البلدية وتخصيص يومين في الأسبوع لتصريف منتجاتها عبر تلك البسطة. 

وتواصل خولة عملها الأسبوعي بين تحضير بضاعتها وبين بيعها، وتشير إلى أنَّ فقر حال ولدها وحاجة أطفاله إلى الغذاء بالدرجة الأولى واحتياجات مدارسهم دفعها للعمل في الشارع وكسر النمطية التي تسيطر على حياة المرأة وعملها داخل المنزل فقط. 

نادلة في مطعم 

وبعيداً عن عمل بسطات الشوارع، اختارت الشابة هبة (23 عاماً) العمل في مطعم بحي باب توما في دمشق القديمة، وتفيد لـ موقع تلفزيون سوريا بأنها تدرس بكلية الآداب في جامعة دمشق، ضمن اختصاص لا يحتاج إلى دوام يومي.. "وأعمل صباحاً في المطعم". 

وتضيف بأن أهلها غير قادرين على تأمين مصروفها ومصروف جامعتها معاً ما اضطرها إلى العمل والدراسة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. وتقول: "أفضل العمل وتوفير مصروفي على أن أترك جامعتي وأعود إلى محافظتي". 

وتنتشر ظاهرة عمل الفتيات في مطاعم ومقاهي دمشق بشكل لافت، وتشير هبة إلى أنَّ نسبة الفتيات العاملات في مكان عملها تفوق بكثير نسبة الذكور.

ويبلغ متوسط الرواتب للعاملين في مؤسسات النظام نحو 60 ألف ليرة (20 دولارا أميركيا) وفي القطاع الخاص ما يقارب الــ 150 ألف ليرة (50 دولارا) وسط قلة فرص العمل وانخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية. 

وترصد منظمة العمل الدولية معطيات الفقر في العمل عربياً إلى فئتين: الفقر الشديد أقل من 9،1 دولار أميركي في اليوم بمعدل القوة الشرائية، والفقر المتوسط بين 9،1 و10،3 دولارات في اليوم بمعدل القوة الشرائية علماً أن المعطى مرتبط بإيراد الفرد المشتغل وليس الأسرة التي يعيلها والتي يمكن أن تكون كبيرة العدد.