icon
التغطية الحية

فوكس نيوز: كسر عزلة ديكتاتور سوريا في ظل فشل سياسة أميركا في الشرق الأوسط

2023.04.26 | 18:44 دمشق

الأسد مع وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان - المصدر: الإنترنت
الأسد مع وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان - المصدر: الإنترنت
فوكس نيوز - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يرى خبراء مختصين بملف الشرق الأوسط بأن الجهود التي بذلتها بعض الدول الأعضاء المهمة في الجامعة العربية خلال هذا الشهر سعياً لإعادة عضوية النظام السوري في الجامعة بعد تجميد مقعد سوريا منذ عام 2011 بسبب قتل النظام للمدنيين بشكل جماعي، عملت على تسليط ضوء جديد على سياسة إدارة بايدن في الشرق الأوسط.

اتبع ديكتاتور سوريا، بشار الأسد، سياسة الأرض المحروقة مع المدنيين والناشطين المطالبين بالديمقراطية، وهذا ما تسبب بمقتل أكثر من 500 ألف مدني، فضلاً عن لجوئه إلى الحرب الكيماوية بهدف استئصال شأفة السوريين المعارضين للنظام.

تطبيع عربي بالمجان

وحول ذلك يعلق مايكل روبين وهو خبير بشؤون الشرق الأوسط لدى معهد المشروع الأميركي، فيقول: "يتجلى سوء إدارة بايدن للعلاقات العربية اليوم بكسر العزلة والسعي للتطبيع مع الأسد، حيث يأتي التطبيع بالنسبة للأسد الآن نتيجة لإحساس العرب بأنه هو من انتصر في الحرب السورية، إلا أن المشكلة هي أن التطبيع لم يكلف النظام السوري شروى نقير".

يعلق مايكل روبين على ذلك بقوله: "بدلاً من المساومة على التطبيع أو العمل على فرضه، تبدو إدارة بايدن غائبة عن المشهد على المستوى السياسي والدبلوماسي"، ويضيف: "انحسرت مطالب العرب التي ظهرت في البداية فيما يتصل بالإصلاحات والعدالة".

أما الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية فقد صرح بالقول: "موقفنا واضح، فنحن لن نطبع العلاقات مع نظام الأسد في ظل غياب تقدم حقيقي على مسار الحل السياسي للنزاع الأساسي، وسنعمل على توضيح موقفنا أمام العامة والخاصة من شركائنا".

خلال الأسبوع الماضي، قامت تونس بإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، في حين تترأس السعودية الموجة الساعية لكسر العزلة عن نظام الأسد في الجامعة العربية، كما أعادت الإمارات علاقاتها الدبلوماسية مع الأسد في عام 2018، وزار الديكتاتور عُمان والإمارات خلال هذا العام حتى تعود العلاقات مع دولة سبق أن اعتبرت منبوذة دولياً ضمن العالم العربي إلى مجاريها.

قامت كل من إيران وحزب الله اللبناني وكذلك روسيا بإمداد النظام بقوات وآليات عسكرية منعت نظام الأسد من السقوط، ولهذا يعتبر من ينتقدون التقارب الحاصل بين الدول العربية ونظام الأسد بمنزلة جائزة لإيران حتى تقوم بمد نفوذها وسيطرتها بشكل أكبر في هذه المنطقة المتقلقلة.

وتعقيباً على ذلك، أضاف الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية: "أعربت معظم الدول العربية عن رؤيتها وأن من مصلحتها إعادة الوجود العربي لدمشق من دون ترك أي فراغ لتملأه إيران، ولقد شددنا على شركائنا في المنطقة من الدول التي تسعى للتعامل مع النظام السوري وأكدنا على أن اتخاذ خطوات حقيقية لتحسين الوضع الإنساني والأمني للشعب السوري يجب أن يتصدر مسألة التعامل مع الأسد وأن يمثل جوهرها، مع توضيحنا بأن البنية الأساسية لعقوباتنا ما تزال ثابتة".

وعلى ذلك يعلق عماد بوظو وهو طبيب سوري-أميركي ومحلل سياسي متخصص بالملف السوري، فيقول: "إن السياسات العربية الناعمة في الوقت الراهن تجاه النظامين الإيراني والسوري قد تقوي إيران على المدى القصير، ولكنها لن تساعدها على المدى البعيد نظراً لفسادها ولفشل سياساتها الداخلية ولاستمرار الاضطرابات في الداخل الإيراني، كما أن معظم الدول العربية لم تقدر مطالب الشعب السوري من أجل الديمقراطية بما أن هذه الدول ليست ديمقراطية، ولهذا فإن معظم تلك الدول تحاول إبعاد نفسها عن الحكومات الغربية الديمقراطية وأفكارها التي تدعو لاحترام حقوق الإنسان".

"لا إجماع عربي على التطبيع"

في أواخر شهر آذار الماضي، صرح الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الناصري، بالآتي: "في هذه المرحلة ليس ثمة إجماع عربي على تطبيع العلاقات مع النظام، كما أن المؤشرات لا توحي بأي تطور على الساحة السورية... لذا فإن موقف الدوحة واضح وثابت ولن يتأثر بردات الفعل الخارجية، إلا في حال حدوث تطور على الساحة السورية".

وبحسب ما أوردته منظمات حقوقية، فإن حملة آل الأسد الساعية لتطهير البلاد من المعارضة خلقت أسوأ أزمة إنسانية دولية خلال هذا القرن، إذ أعلنت المفوضية السامية للاجئين عبر موقعها الإلكتروني عن وجود 6.8 مليون نازح داخل سوريا، و5.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، وهنالك 15.3 مليوناً أصبحوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية ولحماية في الداخل السوري.

وحول ذلك عقب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية بالقول: ”في الوقت الذي ما يزال فيه الوضع في سوريا معقداً، تبدي هذه المقاربة نجاحاً كبيراً، إذ قل معها عدد القتلى بين صفوف السوريين على مدار العامين الماضيين مقارنة بأي وقت مضى خلال الحرب، كما قضينا على قادة تنظيم الدولة، وكان من بينهم قائدان كبيران، بعدما أقصيناهم عن ساحة المعركة. وما تزال المساعدات الإنسانية تواصل تدفقها، ويعود شيء من الفضل في ذلك لتجديد الترخيص للمعابر الحدودية في شمال غربي سوريا من قبل الأمم المتحدة".

وتعليقاً على ذلك يقول مايكل روبين: "لقد خسر بايدن معركة الاعتراف في سوريا، إلا أن فريقه يعمي عينيه هو أيضاً عما سيظهر فيما بعد وأعني بذلك: هل ستقف الكتلة العربية ضد الولايات المتحدة عبر إعطاء موافقتها على تمرير الأموال الأممية المخصصة لإعادة الإعمار من خلال الأسد وأعوانه؟ وهل يمكن أن يسمح المجتمع الدولي والولايات المتحدة عبر دعمها غير المباشر للأمم المتحدة، للأسد بالتربح من القتل لاستجرار مليارات الدولارات؟"

التطبيع نكبة على أميركا وأوروبا

في حال نجاح السعودية في إعادة النظام إلى الجامعة العربية خلال مؤتمرها المقبل الذي سينعقد في أيار، فستكون تلك نكبة شديدة الوطأة على الولايات المتحدة وعلى الاتحاد الأوروبي وذلك فيما يتصل بالعقوبات المفروضة على دمشق.

يعلق مايكل روبين على ذلك بقوله: "ثمة مأساة ساخرة بالنسبة لبايدن، فقد وصل إلى السلطة وهو يتحدث عن حقوق الإنسان، إلا أن سذاجة كبار مستشاريه وتبجحهم وغباءهم يكفل لإرثه أن يتحول إلى أسوأ كارثة تحل بحقوق الإنسان منذ أيام هنري كسنجر، إذ في البداية، كان هنالك الآلاف من الأفغان الذين وضعوا ثقتهم بنا وقدموا لنا خدمات، إلا أن وزير الخارجية أنطوني بلينكن لم يكلف نفسه عناء تسريع عملية استصدار تأشيرات سفر لهم. وهنالك الملايين من الأفغانيات أيضاً اللواتي يعانين، كما دفع المبعوث الأميركي للمناخ، جون كيري، ثمناً باهظاً وهو يسعى لدفع الصين للتوقيع على إعلان تغير المناخ ليبرئ ذمته وهو يغض الطرف عن الإبادة الجماعية للإيغور".

لقد تسبب تحالف الأسد مع أهم القوى المعادية لأميركا، وعلى رأسها النظام الإيراني، فروسيا، وأخيراً حزب الله، بانتقادات شديدة لإدارة بايدن التي تدعي أنها بمنأى عن ذلك.

وتعليقاً على ذلك يقول اللواء غيرشون هاكوهين وهو القائد السابق للفيلق الشمالي التابع لجيش الدفاع الإسرائيلي وأحد قاطني مرتفعات الجولان  "تعترف كل الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط بضعف الوجود الأميركي في المنطقة، فلقد أسست الاستراتيجية الأميركية، كما أعربت في وثيقة استراتيجية الأمن القومي الصادرة عن البيت الأبيض، تسلسلاً جديداً للأولويات، يأتي في مقدمته التعامل مع حالة التنافس مع الصين في الشرق الأقصى وفي المحيط الهادي، بعد ذلك تأتي روسيا، وهنا تتوقع الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي والدول الأوروبية أن تتصدر الحرب ضد روسيا عبر المساعدات المباشرة وغير المباشرة التي تقدمها لأوكرانيا".

ويضيف هاكوهين، وهو عضو في منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي: "بالكاد يرد ذكر الشرق الأوسط على لسان الإدارة الأميركية، ويستثنى من ذلك تطرقها إلى تأييدها لحل الدولتين، ولهذا تسبب تحرك السعودية لإحياء العلاقات مع إيران بحدوث تحول إقليمي مهم، شمل إحياء العلاقات مع سوريا والتفاوض مع الحوثيين في اليمن ومع حماس. أما بالنسبة للمصالح الاستراتيجية الوجودية، فلا أحد يكترث إن قام الأسد بقتل نصف مليون من شعبه أم لم يقتل، لأن الجميع نسي هذا الأمر منذ أمد بعيد".

بالنسبة لإسرائيل التي تعتبر أهم حليف لأميركا في المنطقة، فقد رسم هاكوهين خريطة لمستقبل مظلم، عندما قال: "بيت القصيد هنا يتمثل في أن إسرائيل ألفت نفسها معزولة كما لم تكن منذ عقود، وهذا بحد ذاته يسرع من عملية الانضمام إلى التحالفات الإقليمية التي تقف في وجه إسرائيل".

سوريا لا تستحق العودة للحضن العربي

في حين يناقض الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض هذا الرأي بقوله: "ركزنا على استقرار الوضع في سوريا من خلال سياسة استباقية تعمل على تمديد وقف إطلاق النار، وضمان عدم عودة تنظيم الدولة، وإبعاد التهديدات عن إسرائيل، وزيادة المساعدات الإنسانية، مع السعي وراء فرض إجراءات للمحاسبة".

أما جويل روبين وهو مساعد المندوب السابق لوزير الخارجية الأميركي أيام إدارتي أوباما وبوش فيرى بأن: "سوريا تعود بالتدريج إلى حظيرة الشرق الأوسط، لكنها لا تستحق هذه المعاملة في ظل تقديم الأسد للنزر اليسير مقابل كسبه لعلاقات مهمة في المنطقة".

ويضيف هذا الرجل: "ما سيحدث بعد ذلك من وجهة نظر أميركا مهم للغاية، إذ في الوقت التي تواصل فيه الولايات المتحدة العمل على إعادة وجودها في المنطقة بعد خروحها من كل من العراق وأفغانستان في نهاية المطاف، تصبح الدبلوماسية أقوى أداة ضمن ترسانتنا، بيد أن المنطقة والشعب الأميركي يرفضان قيام عمليات عسكرية أميركية لها وزنها في المنطقة، والآن، بعد حدوث كل ذلك، أصبحت الديناميكية وحالة التشكيك هي السائدة في المنطقة، ولهذا صارت العلاقات بين الدول تتخذ شكلاً جديداً كل يوم، وهذا يعني بأن على الولايات المتحدة أن تعتمد في تعاملها الدبلوماسي على حلفائنا بقوة أكبر من أجل البحث عن أساليب وطرق جديدة ومبتكرة للضغط على خصومنا، وعلى رأسهم الأسد، وذلك حتى لا تأتي أي عملية لإعادة تأهيل هذا المستبد بالمجان".

 

 

المصدر: فوكس نيوز