icon
التغطية الحية

غياب الإرشاد الزراعي يمني مزارعي سهل الروج في إدلب بخسائر كبيرة

2024.04.08 | 06:05 دمشق

AFP__20240227__dpa-pa_240227-911-011652_dpai__v1__HighRes__GermanFrenchSupportedAgri - Copy.jpg
غياب الإرشاد الزراعي يمني مزارعي سهل الروج في إدلب بخسائر كبيرة
إدلب - فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

تلقى مئات المزارعين في منطقة سهل الروج غربي إدلب خسائر مادية كبيرة، بعد تعرض آلاف الدونمات المزروعة بمحاصيل الكمون وحبة البركة واليانسون والعصفر للتلف، وذلك نتيجة إصابة المزروعات بالفطريات التي أدت إلى تعفن وشلل في جذور أو ساق النباتات.

قال سويدان السطم أحد مزارعي قرية البالعة في سهل الروج، لموقع تلفزيون سوريا: لدي 10 دونمات من الأرض، زرعتها بالكمون لأول مرة هذا العام، لكن معظم المحصول أصيب بالفطريات والشلل.

بلغت كلفة زراعة الدونم الواحد من الكمون 100 دولار أميركي، وذلك فضلاً عن أجور العمال، والتكاليف الإضافية بعد تضرر المحصول والتي تتمثل في الأدوية الزراعية المخصصة لمكافحة الفطريات، وفق حديث السطم.

وأفاد السطم أن كثيراً من أقاربه وجيرانه المزارعين (قلبوا الأرض) أي حرثوها معلنين انتهاء وفشل المحصول هذا العام، إلا أنه اختار طريق المكافحة على الرغم من كلفته العالية، فهو يتمسك ببعض الأمل في نجاة قسم من المحصول قد يعوض عليه جزءاً من خسارته.

وبحسب تقديرات محلية من المزارعين فإن مساحة الأراضي المزروعة بالكمون تصل إلى ما نسبته 20 في المئة من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية في سهل الروج.

خسائر القمح العام الماضي سبب لخسائر الكمون هذا العام

يقول السطم إن خسارة المزارعين الكبيرة في محصول القمح العام الماضي، دفعتهم للتخلي عن زراعته، والبحث عن محاصيل أخرى ذات مردود مادي أفضل، ففي الأعوام الماضية شجعت "حكومة الإنقاذ" على زراعة القمح، وسعت لتحقيق الاكتفاء الذاتي عقب الغزو الروسي لأوكرانيا وتوقف إمدادات القمح الأوكراني حول العالم، وارتفاع أسعار القمح، حيث اشترت "الإنقاذ" طن القمح القاسي من المزارعين بـ 450 دولاراً في عام 2022، ثم خفضت السعر بشكل كبير وأعلنت شراءها طن القمح بـ 320 دولاراً في العام 2023، إلا أنها اشترته دون التسعيرة بسبب عيوب في المحصول نجمت عن بذور مجهولة كانت قد سلمتها للمزارعين.

الانخفاض الكبير في سعر شراء القمح بين عام وآخر، تسبب بعزوف المزارعين عن هذه الزراعة الاستراتيجية لأنهم اعتبروا السعر غير عادل، ولا يكفي تكاليف الإنتاج.

بعد تلقي المزارعين الخسائر الكبير في القمح اتجهوا إلى زراعة أنواع أخرى من الحبوب والبقوليات والمحاصيل العطرية، وذلك لمردودها المادي الكبير، ولأن معظم تلك المحاصيل تدخل في سجل الصادرات إلى تركيا وغيرها من البلدان.

بيئة غير صالحة وغياب في الإرشادات

أفاد المهندس الزراعي أنس الرحمون في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن منطقتي سهل الروج وسهل الغاب غير صالحتين لزراعة الكمون، فهما عبارة عن مستنقع مائي كبير تم تجفيفه قبل العام 1955 بواسطة قناة تفرغ مياهها إلى نهر العاصي، وتعتبر تربة سهل الروج ذات طبيعة طينية غدقة سيئة الصرف، تحبس الماء وتعاني صعوبات في تصريفه، وهو ما يسبب تعفن الجذور ومن ثم موتها إثر إصابتها بمعقد مرضي فطري، في حين يحتاج الكمون إلى تربة جافة.

وبحسب الرحمون، فإن محصول الكمون واحد من أكثر المحاصيل حساسية للإصابات الفطرية، وخاصة فطريات التربة، حيث يسبب فطر فيوزاريوم "Fusarium oxysporum " ذبول الكمون، وموت البادرات، ويكون ذلك من خلال إحداث اختناقات داخل الأوعية الناقلة تتسبب فيما بعد بموت النبات، ويعتبر هذا الفطر من أبرز الفطور التي تحد من إنتاج الكمون عالمياً، كما أن الفطر Alternaria alternata بات هو الآخر يشكل تحدياً جديداً أمام زراعة الكمون، فارتفاع درجات الحرارة عقب الأمطار الأخيرة أثر في المحاصيل التي نجت من الفيوزاريوم حيث كانت الظروف الجوية ملائمة لانتشار الالترناريا، المعروف محلياً (اللفحة) أي يباس أوراق النبات وذبوله وموته.

لاحظ موقع تلفزيون سوريا في لقاءاته مع المزارعين غياب المعلومات المذكوره أعلاه عن المزارعين وجهلهم بطبيعة الأرض وبأنها غير ملائمة لمحاصيل معينة كالكمون، ويعتقد المزارعون أن أسباب الفشل مرتبطة بتوقيت زراعة الكمون، أو عدم وضع مبيدات فطرية، دون أن يوعيهم أحد على الأسباب الحقيقية.

يرغب المزارعون بمعاودة الزراعة في العام القادم مع الأخذ بعين الاعتبار تلافي أسباب الفشل التي يظنون بها، وهو ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى النتائج والخسارات ذاتها.

أكد المزارعون عدم تلقيهم ندوات إرشادية زراعية حول زراعة الكمون من وزارة الزراعة والري في "حكومة الإنقاذ"، والتي عاين موقع تلفزيون سوريا معرفاتها الرسمية واقتصر نشاطها في هذا الجانب على الحديث عن الفطريات والأمراض التي تصيب الكمون وطرق مكافحتها، دون توضيح نوع التربة والأماكن المناسبة لزراعة الكمون.

يرى العديد من المزارعين والمهندسين الزراعيين أن غياب الدعم الحكومي يدخل المزارعين في دوامات غير منتهية من الخسائر، فالحكومة التي شجعتهم على زراعة القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي انقلبت عليهم عندما حصلت على قمح مستورد بأسعار أرخص، وفضلت القمح المستورد على المحصول المحلي الذي انخفضت أسعاره بشكل دفع المزارعين للإقلاع عن زراعته، كما أن غلاء أسعار الأدوية الزراعية والمبيدات الفطرية والحشرية وغياب عمليات رش المبيدات الجماعية الحكومية يثقل كاهل المزارعين ويدفعهم نحو محاصيل غير استراتيجية وذلك بسبب مردودها المالي الجيد، وهو ما يمكن أن يهدد الأمن الغذائي في المنطقة مستقبلاً.