icon
التغطية الحية

علي مملوك "كاتم الأسرار".. ما يزال قريباً من الأسد ووضعه الصحي "جيد"

2024.01.23 | 13:53 دمشق

آخر تحديث: 23.01.2024 | 15:11 دمشق

علي مملوك
علي مملوك
 تلفزيون سوريا - خاص
+A
حجم الخط
-A

كان اسم علي مملوك أحد أشهر الشخصيات الأمنية والاستخبارية في سوريا، هو الاسم الأبرز في الأخبار خلال الأيام الماضية، بعد تضارب الأنباء عن عزله من منصبه ودخوله إلى المشفى وأنباء أخرى تحدثت عن وفاته أو تصفيته على يد النظام السوري.

ولم يصدر عن النظام السوري ووسائل إعلامه أية أخبار بخصوص ذلك سوى التي أوردتها الوكالات الروسية أو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت مصادر أمنية خاصة لموقع "تلفزيون سوريا"، إنَّ "علي مملوك على قيد الحياة ولم يتعرض لأي وعكة صحية".

تأكيد الهيكلة الأمنية

وقالت المصادر: إن بشار الأسد أجرى هيكلة جزئية في أجهزته الأمنية من خلال إقالة علي مملوك من منصبه في رئاسة مكتب الأمن الوطني وتعيينه بمنصب مستشار الرئيس لشؤون الأمن الوطني، مع تعيين كفاح ملحم خلفاً له في مكتب الأمن الوطني".

وكان ملحم يشغل منصب رئيس شعبة المخابرات العسكرية، المنصب الذي تركه وفق القرارات الجديدة إلى اللواء كمال حسن الذي شغل منصب نائب رئيس شعبة المخابرات المذكورة، بحسب المصادر ذاتها.

وأكدت المصادر أن هذه التعديلات تندرج ضمن الصراع الروسي الإيراني في سوريا، خصوصاً أن الروس يهيّئون مملوك للعب دور سياسي إضافة إلى دوره الأمني. 

وتزامناً مع المعلومات الخاصة التي حصل عليها موقع "تلفزيون سوريا"، بخصوص أنّ علي مملوك على قيد الحياة ولم يتعرض لأيّ وعكة صحية في الأيام الماضية. نفت مصادر لقناة الميادين المقربة من إيران، "الأنباء المُتداولة عن تعرض المستشار الأمني للرئاسة السورية، اللواء علي مملوك، لوعكة صحية أو أي حادث".

وشدّدت مصادر الميادين على أنّ اللواء علي مملوك "على رأس عمله وفي مكتبه كالمعتاد"، مشيرةً إلى أنّه "بدأ بممارسة مهامّه كمستشار أمني للرئاسة السورية بعد تعيينه قبل أيام".

ورغم أن التعيينات الجديدة في الأجهزة الأمنية السورية لم يصدر عنها أي تصريح من وكالة أو وسيلة إعلامية رسمية تابعة للنظام السوري، فإن العديد من المصادر الروسية والإيرانية أكدتها.

هل سيلعب علي مملوك دوراً سياسياً؟

ومع صعوبة الوصول إلى تفاصيل ما يجري في سوريا، والصراع الصامت بين روسيا وإيران، نفت مصادر عسكرية وأمنية لموقع "تلفزيون سوريا" أن يتمكن علي مملوك من لعب دور سياسي خارج إرادة بشار الأسد حتى لو كان مدعوماً من الروس. مشددة على أن "كل ضباط الأجهزة الأمنية يُختارون بعناية فائقة واحتمال خيانتهم للنظام أو رئيسه ضعيفة جداً". 

وتوضح المصادر، أنه في حال حاولَ الروس أو الإيرانيون إحداث اختراق أمني أو سياسي في بنية النظام عبر ضباطه الأمنيين سيكون النظام على علم بذلك نتيجة ولاء هؤلاء الضباط للنظام ووجود تنوّع ضمن أي وفد أمني يرسله النظام إلى الخارج. 

وأشارت المصادر إلى أن علي مملوك الذي يوصف بأنه "رجل الظلّ" في سوريا، "سيبقى شخصيّة استخباريّة مهمة لا يمكن النظام التخلي عنها بسهولة".

كيف ستكون النهاية؟

وتوقع رئيس فرع الأمن السياسي في اللاذقية سابقاً، العميد نبيل الدندل، في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا" أن يكون مصير علي مملوك هو القتل، قائلاً: "إذا كان يسمعني، أنصحه بالخروج من سوريا، بشار الأسد لا يسمح ببقاء إنسان يملك معلومات سرية خطيرة تتعلق بمصيره ووجوده في الحكم، لا يرتاح حتى يقتله.. هذا أمر معروف".

وأضاف: "علي مملوك لم يكن صاحب أي قرار خلال المفاوضات مع العرب والدول، كان يجلس مع بشار الأسد لتلقّي أدقّ التفاصيل في أي موضوع".

 وعن كون مملوك يعدّ رأس الهرم الأمني في سوريا، وأن اغتياله سيثير حاشيته ضد النظام، قال العميد: "ألم يكن لغازي كنعان حاشية؟ ألم يكن لرستم غزالة أتباع؟ من هم حاشية علي مملوك؟ هو من لواء إسكندرون وليس له أتباع كثر في سوريا بالمفهوم الاجتماعي".

من هو علي مملوك؟

ليس من السهل الوصول إلى معلومات تفصيلية تخص الشخصيات الأمنية والاستخبارية في سوريا، لقلة المصادر الموثوقة وتضاربها في بعض الأحيان، وعدم وجود أي مقابلات صحفية أو إعلامية متعلقة بهم، إلى جانب نُدرة الصور التي تجمعهم بأي شخصيات سوى التي يتم تسريبها أو نشرها رسمياً.

ولا شك أن علي مملوك الذي أمسك بملفات سورية حساسة داخلية وخارجية واحدٌ من أبرزهم.

تدرّج مملوك في سلّم الترفيعات الأمنية في نظام قمعي يختار ضباط مخابراته بعناية فائقة ودراسات مطولة لضمان ولائهم.

ولد علي مملوك في دمشق عام 1949 (وفي مصادر أخرى عام 1946)، لأسرة هاجرت من لواء إسكندرون في الجنوب التركي واستقرت في دمشق جنوبي سوريا.

لا يُعرف متى انتسب علي مملوك لحزب البعث أو تاريخ تطوعه في الأجهزة الأمنية السورية، إلا أن له تاريخاً طويلاً في إدارة أقبية المخابرات من عهد حافظ الأسد إلى نجله بشار الأسد، حيث شارك في صحبة اللواء محمد الخولي بتأسيس جهاز المخابرات الجوية، أحد أبرز الأجهزة الأمنية في سوريا، ثم أوكلت إليه مهمّة رئاسة فرع التحقيق في المخابرات الجوية، وتدرّج في مناصبها حتى تسلّم إدارتها ما بين عامي 2003-2005، تزامناً مع الغزو الأميركي للعراق، والدور الاستخباري المهم الذي لعبه النظام في إلقاء القبض على "الجهاديين الإسلاميين" الذين كانت تلاحقهم واشنطن وزجّ بعدد كبير منهم في السجون والمعتقلات السورية.

وفي عام 2005 تولى مملوك رئاسة جهاز المخابرات العامة "أمن الدولة"، تزامناً مع اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وظهور ما عُرف بـ"إعلان دمشق" للتغيير الوطني الديمقراطي الذي قادته المعارضة السورية، إذ نشط خلالها في تطوير أدوات مراقبة المعارضين واعتقالهم وزجّهم في السجون السورية إلى جانب الفروع الأمنية الأخرى.

وفي خضمّ ذلك لمع نجمه، وأوكل إليه النظام السوري مهمة التنسيق مع أجهزة الاستخبارات العالمية بما فيها الأميركية والأوروبية والإيرانية وبعض الأجهزة العربية.

الإشراف على برنامج "السلاح الكيماوي"

 وتشير المعلومات إلى أن علي مملوك خلال عمله في فرع المخابرات الجوية أشرف على تصميم البرنامج الكيماوي للنظام السوري، وأسهم قبل ذلك مع عدد من الضباط على تجربة الأسلحة الكيماوية على بعض المعتقلين السياسيين بسجن تدمر الصحراوي بين عامي 1985 - 1995 في الوحدة 417 بالقرب من استراحة "الصفا" في منطقة أبو الشامات بالبادية السورية.

وقد ورد اسمه برفقة 75 ضابطاً آخرين في القائمة التي نشرها المركز الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سوريا، ضمن ما عُرف بـ"قائمة 2002" التي طالبت بمحاكمة هؤلاء الضباط لارتكابهم جرائم أو الإيعاز بارتكابها في سوريا، في ثمانينيات القرن الماضي.

الثورة السورية وقيادة القمع

كانت الثورة السورية لحظة مفصلية في تاريخ جميع السوريين بما فيهم النظام السوري وقيادات أجهزة مخابراته الذين كانوا لا يتوقعون أن يخرج السوريون في أي مظاهرات أو احتجاجات مع التاريخ الدموي والقمعي لمن يقف في وجه النظام.

ومع اشتعال شرارة الثورة السورية كلّف علي مملوك بمهمة منع خروج المظاهرات وقمع المتظاهرين وترتيب خطط قطع أوصال المدن بالحواجز العسكرية، وفرض سياسة الاعتقال الممنهج الجماعي وإطلاق الرصاص الحي.

وأوكل إليه بشار الأسد إدارة غرفة العمليات بإدارة المخابرات العامة، مع رفع تقارير دورية مباشرة لبشار الأسد، في ظل تبعية جهاز أمن الدولة مباشرة لرئاسة الجمهورية.

وفي نيسان عام 2012 أدرجت الولايات المتحدة مملوك ضمن قائمة عقوباتها (ضد منتهكي استخدام تقنيات الحاسوب بإيران وسوريا)، وذلك نتيجة إشرافه على برنامج للاتصالات موجه ضد مجموعات المعارضة، حيث شمل البرنامج الدعم التكنولوجي والتحليلي الذي قدمته وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية. 

ووفقاً لبيان وزارة الخزانة الأميركية فإن علي مملوك عمل مع الإيرانيين على تأمين التكنولوجيا والتدريب إلى سوريا، بما في ذلك تكنولوجيا الرقابة على الإنترنت، كما طلب من إيران تأمين التدريب لجهاز المخابرات العامة السورية حول أساليب الرقابة على وسائل الإعلام الاجتماعية وغيرها من أدوات الإنترنت الأخرى، وأكد البيان تورط المخابرات العامة السورية في ارتكاب انتهاكات خطيرة ضد المدنيين، شملت الاعتقال التعسفي وسوء معاملة المعتقلين ووفاتهم في أثناء احتجازهم.

ولعل الحدث الأبرز الذي دفع بعلي مملوك إلى الواجهة كان عملية اغتيال أفراد "خلية الأزمة" التي شكّلها بشار الأسد للإشراف على تنفيذ الخطة الأمنية لمواجهة الحراك الثوري.

وفي خضمّ ذلك، أصدر بشار الأسد قراراً بتعيين علي مملوك رئيساً لمكتب الأمن الوطني "الأمن القومي سابقاً" خلفاً للواء هشام بختيار الذي قضى متأثراً بجراحه، نتيجة تفجير اجتماع الخلية في 18 تموز 2012.

هذا المنصب جعل علي مملوك يشرف على جميع أجهزة الأمن والمخابرات السورية، ويكون المسؤول المباشر عن آلية تعاطي تلك الأجهزة مع السوريين وأعمال القمع والانتهاكات التي تمارسها، خصوصاً مع المعتقلين في أقبيتها، كما أتاحت له المجال للإمساك بعدد كبير من ملفات النظام المحلية والخارجية. 

وفي عام 2015 ذكرت صحيفة "ديلي تلغراف" أن بشار الأسد وضع علي مملوك تحت الإقامة الجبرية بعد الاشتباه في أنه كان يخطط لانقلاب عليه.

ودفعت الأنباء التي نشرتها الصحيفة حينذاك، وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري للتعليق بالقول: "ننفي ما تتناقله بعض القنوات الفضائية الشريكة في سفك الدم السوري ومواقع إلكترونية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي عن اللواء علي مملوك مدير مكتب الأمن الوطني وصحته وعمله، فهو لم يتعرض لأي عارض صحي وهو بصحة جيدة وعلى رأس عمله ويمارس مهامه بشكل اعتيادي".

إدارة إرهاب عابر للحدود

منذ 4 عقود عمل النظام السوري على استثمار الأزمات وتصديرها، وفي ظل ذلك وجهت اتهامات مباشرة لعلي مملوك بالتخطيط لتنفيذ تفجيرات في لبنان، حيث كشفت اعترافات مصوّرة سرّبها الأمن العام اللبناني للوزير السابق (المقرب من النظام) ميشال سماحة تفيد بتلقي الأخير أموالاً وأوامر من مملوك، بنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان لاغتيال شخصيات سياسية وعسكرية ودينية في لبنان.

وكان القضاء العسكري في لبنان طالب بإعدام الوزير سماحة وعلي مملوك بتهم التخطيط لأعمال إرهابية، بعد اعتقال سماحة مطلع عام 2013، وبعد التحقيقات قضت محكمة عسكرية عام 2016 بسجن سماحة 13 عاماً مع الأشغال الشاقة. وأطلق سراحه عام 2022.

كما اتهم أقارب الصحفية الأميركية ماري كولفين المراسلة الحربية لوكالة "صندي تايمز" البريطانية النظام السوري مسؤولية قتل ابنتهم، ورفعوا دعوى قضائية في تموز 2016 أمام إحدى المحاكم الفيدرالية في واشنطن اتهموا فيها عشرة مسؤولين سوريين بقتل الصحفية في مطلع 2012  بينهم علي مملوك. 

وفي مطلع نيسان 2023، أصدر القضاء الفرنسي لائحة اتهام ضد ثلاثة من كبار مسؤولي النظام السوري بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا، ضمت اللائحة علي مملوك، إلى جانب كل من اللواء جميل حسن الرئيس السابق لإدارة الاستخبارات الجوية السورية، والعميد عبد السلام محمود رئيس فرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية.

وكان القرار هو الأول من نوعه فيما يخص الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المتعلقة بالقضية السورية، ووجهت للضباط الثلاثة اتهامات بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية (اعتداءات متعمدة على الحياة أو التعذيب أو الاختفاء القسري أو السجن أو غير ذلك من أشكال الحرمان الجسيم من الحرية) وجرائم حرب (ابتزاز وإخفاء ابتزاز للممتلكات) ارتكبت ضد مازن الدباغ وولده باتريك، وهما مواطنان فرنسيان سوريان قُتلا تحت التعذيب على يد أجهزة الأمن السورية، وحرّك شقيق مازن القضية في المحاكم الفرنسية المختصة عام 2016، وكان من المقرر أن تتم محاكمتهم غيابياً في أيار هذا العام. 

من جانبها، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" عام 2023 أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) تبنى قضية ضدّ جميل حسن، وعلي مملوك، وذلك على خلفية تورطهما بتعذيب وإعدام الناشطة الأميركية وعاملة الإغاثة من أصل سوري ليلى شويكاني.

وأشارت الصحيفة إلى أن شويكاني تعرضت لتعذيب وحشي، في أحد المعتقلات السورية، وأجبرت على الاعتراف بجرائم لم ترتكبها وتلت ذلك في محاكمة لا تزيد على بضع دقائق، وأمر بإعدامها في أواخر عام 2016.

سفير برتبة رجل مخابرات

ورغم كل العقوبات الأميركية والأوروبية والكندية، ومحاولة زعزعة الأمن اللبناني، كان لعلي مملوك خلال العقد الماضي جولات مكوكية سرية للعديد من الدول بينها عواصم تفرض عليه عقوبات بهدف إعادة تعويم النظام السوري وتطبيع العلاقات معه.

وزار مملوك كلاً من الأردن والعراق والسعودية ومصر وروسيا كسفير أمني مباشر لبشار الأسد ومتحدث باسمه، ولعل الفضيحة الأبرز كانت في زيارته إلى إيطاليا عام 2018، ولقائه بوزير الداخلية ورئيس الاستخبارات، رغم العقوبات الأوروبية المفروضة عليه، وفق ما نشرته صحيفة لوموند الفرنسية.

ومع التحركات التركية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري برعاية روسية بين عامي 2022 و2023 تزامناً مع الانتخابات التركية، سبقها لقاءات بين علي مملوك ورئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان بموسكو في كانون الثاني 2020 لبحث سبل تطبيق تفاهمات أستانا خاصة ما يتعلق بإخلاء الفصائل والأسلحة الثقيلة من المنطقة، وفتح طريقي حلب – اللاذقية وحلب – دمشق، وعاود اللقاء بحقان فيدان نهاية آب عام 2022 في دمشق، بحسب صحيفة "صباح" التركية.