icon
التغطية الحية

خطوة فرنسية أولى من أجل العدالة.. ثلاثة مسؤولين سوريين يواجهون القضاء الفرنسي

2023.04.04 | 19:09 دمشق

القضاء الفرنسي يوجه تهماً لثلاثة من كبار مسؤولي النظام السوري بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية (تعبيرية)
القضاء الفرنسي يوجه تهماً لثلاثة من كبار مسؤولي النظام السوري بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية (تعبيرية)
باريس - إيلاف القداح
+A
حجم الخط
-A

في قرار هو الأول من نوعه فيما يخص الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المتعلقة بالقضية السورية، أصدر قضاة التحقيق في وحدة الجرائم ضد الإنسانية بمحكمة باريس أمراً بإصدار لائحة اتهام ضد ثلاثة من كبار مسؤولي النظام السوري هم: اللواء علي مملوك نائب رئيس النظام بشار الأسد للشؤون الأمنية ومدير مكتب الأمن الوطني, واللواء جميل حسن الرئيس السابق لإدارة الاستخبارات الجوية السورية, والعميد عبد السلام محمود رئيس فرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية الموجودة في مطار المزة العسكري.

ووجه قضاة التحقيق للمسؤولين الثلاثة تهم التواطؤ في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب على خلفية قتل مواطنين فرنسيين - سوريين تحت التعذيب في سجن المزة العسكري، وهما مازن الدباغ وابنه باتريك عبد القادر الدباغ، بعد اعتقالهما من قبل أجهزة الاستخبارات في العاصمة دمشق في تشرين الثاني عام 2013.

نصر كبير للضحايا السوريين

بعد توجيه الاتهام المباشر لمسؤولي النظام بقتل مازن وباتريك الدباغ والتمهيد لمحاكمتهم، أبدى السيد عبيدة الدباغ (أخو مازن الدباغ) فرحته العارمة بهذا القرار "التاريخي".

وقال الدباغ لموقع تلفزيون سوريا: "اليوم هو نصر كبير لعائلتي وروح أخي وابنه ولكل الضحايا السوريين الذين استشهدوا تحت التعذيب في معتقلات النظام السوري, وخاصة أنه جاء بعد عمل شاق ومتعب نفسياً خلال سنوات طويلة ,بدأً من اللحظة الأولى لاختفائهما ومحاولات عديدة في الأمم المتحدة وجنيف لإنقاذهما من الموت ولكني لم أنجح في ذلك, ليأتي القضاء الفرنسي وينصفنا ويجري تحقيقاً عادلاً في القضية".

وعن موعد المحاكمة أوضح دباغ أنها ستعقد خلال الأشهر القليلة القادمة ولكن لا يوجد موعد رسمي حتى اللحظة لإن الإجراءات القانونية تأخذ وقتاً طويلاً في فرنسا.

وأوضح الدباغ أنه عند اعتقال أخيه وابن أخيه حاول بكل الوسائل الممكنة للتواصل مع أشخاص نافذين في سوريا لإطلاق سراحهما لكن دون جدوى، ثم تواصل مع الحكومة الفرنسية على اعتبار أن الضحيتين تحملان الجنسية الفرنسية إلا أنه لم يتمكن من الوصول إلى نتيجة حينذاك. لاحقاً وصله نبأ مقتلهما بعد تسجيل وفاتهما من قبل النظام في قيود النفوس بدمشق (باتريك الدباغ قُتِل في 20-01-2014، مازن الدباغ قُتِل في 25-11-2017).

وأضاف الدباغ :"بالنسبة لي جربت كل الطرق الممكنة لاسترداد أخي وابنه ووضعت إمكانيات كبيرة عبر وزراء عدد من الدول دون نتيجة، ولكن بالمقابل لا مصداقية مطلقاً للنظام ولم نتأكد من خبر وفاتهما حتى اللحظة، لأننا لم نتسلم الجثث والنظام مشهور بالكذب والابتزاز".

خطوة مهمة نحو العدالة ومحاسبة الجناة

وقال مازن درويش مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير وأحد الشهود في القضية لموقع تلفزيون سوريا: "على الرغم من سعة نطاق جرائم الحرب المرتكبة في سوريا منذ بداية الثورة فإن سبل الضحايا للحصول على العدالة ما تزال محدودة لعدة أسباب منها عدم مصادقة سوريا على نظام روما الأساسي، وعدم تمكن المحكمة الجنائية الدولية من فتح تحقيق بشأن سوريا نتيجة للفيتو الروسي – الصيني في مجلس الأمن".

وتابع درويش: "مع قطع الطريق إلى المحكمة الجنائية الدولية توجه الضحايا إلى المحاكم في الدول الأوربية مثل فرنسا وألمانيا للتحقيق في القضايا وفقاً لما يعرف بمبدأ الولاية القضائية العالمية".

وعن المعايير المطبقة في فرنسا لبدء التحقيقات في الجرائم المرتكبة في سوريا، أوضح درويش أنه يمكن لضحايا التعذيب والاختفاء القسري، بغض النظر عن جنسيتهم وبلد الإقامة، تقديم شكوى جنائية لدى المدعي العام الفرنسي والمشاركة في الإجراءات كأطراف مدنية. وتمنح هذه الحالة الضحايا حقوقاً واسعة طوال فترة التحقيق، مثل القدرة على طلب إجراء تحقيقات محددة، أو استدعاء شهود معينين للإدلاء بشهاداتهم.

وأشار مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير إلى أن وحدة جرائم الحرب الفرنسية تعمل حاليا على 85 تحقيقاً أولياً، و79 تحقيقاً قضائياً على صلة بجرائم دولية ارتكبت خارج فرنسا، منها نحو 10 جرائم ارتكبت في سوريا .

وبالرغم من عدم وجود المتهمين الثلاثة علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود على الأراضي الفرنسية، فإن القانون الفرنسي ينص على إمكانية إجراء محاكمة حتى في حال غياب المتهمين.

وفي هذا الصدد يؤكد درويش لموقع تلفزيون سوريا، أن المحاكمة ستكون علنية يترأسها 3 قضاة محترفين من دون هيئة محلفين شعبية، ومدتها أقصر من المحاكمة في حضور المتهمين وربما تستمر لبضعة أيام فقط من بدء الجلسة الأولى التي لم يتم تحديد موعدها بعد.

ولفت درويش إلى أن المحاكمة ستشمل مشاركة الأطراف المدنية والشهود للإدلاء بشهاداتهم، وفي حال ثبت إدانة المتهمين ستصدر محكمة باريس الجنائية أوامر اعتقال دولية جديدة على أساس إدانتهم.

تفاصيل قضية قتل مازن دباغ وابنه باتريك تحت التعذيب

اعتقل المواطنان الفرنسيان – السوريان نهاية عام 2013 على أيدي الاستخبارات الجوية وتم نقلهما إلى سجن المزة العسكري ليختفي أثرهما حتى عام 2017 عندما أعلن النظام عن وفاتهما.

وفي شهر أيلول عام 2015 قامت وزارة الخارجية الفرنسية بنقل ملفات "قيصر" إلى الوحدة المتخصصة في باريس، ما أدى إلى فتح تحقيق أولي في ممارسة النظام السوري للتعذيب المنهجي للمعتقلين، والتي أدت إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من بين انتهاكات أخرى.

في نهاية عام 2016، قامت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) ومنظمتها العضوة في فرنسا، الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان (LDH)، مع السيد عبيدة الدباغ (شقيق مازن الدباغ) وبدعم من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)، بإحالة قضية مازن وباتريك عبد القادر الدباغ إلى وحدة جرائم الحرب الفرنسية.

في 7 تشرين الثاني 2016، فتح المدعي العام الفرنسي تحقيقاً قضائياً وتم تعيين ثلاثة قضاة للتحقيق في القضية، وفي تشرين الأول 2018 أصدر قضاة التحقيق 3 مذكرات توقيف دولية بحق المتهمين الثلاثة بتهمة المشاركة في جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

خلال هذه الفترة تم الاستماع إلى 23 شهادة لسوريين حول هذه القضية، كانوا إما معتقلين في مطار المزة العسكري، أو واجهوا سابقاً أحد المسؤولين الثلاثة المتهمين.

وفي آذار من عام 2022 أغلق قاضي التحقيق القضية، ليُصدِر في 29 آذار 2023، أمراً بإدانتهم أمام محكمة باريس الجنائية بتهم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية .