icon
التغطية الحية

توصيل الطلبات في دمشق.. عمل مرهق بعائد جيد لمئات السوريين

2023.07.14 | 16:46 دمشق

توصيل طلبات "دليفري" في سوريا
توصيل طلبات "دليفري" في سوريا
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

أدى تراجع العديد من المهن في سوريا إلى لجوء المئات من الشباب للعمل في مجال توصيل الطلبات أو ما يعرف بـ "الدليفري"، في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها سكان المناطق الذي تقع تحت سيطرة النظام السوري.

ولم يعد الطلب على النجار والحداد والدهان والطيان والسباك والكهربجي كالسابق، فقد تراجعت هذه المهن بشكل كبير جداً، مع تركيز معظم السكان في سوريا على تأمين لقمة العيش الشديدة الصعوبة، وعدم اكتراثهم بتصليح إلا الأشياء الضرورية جداً.

وفي ظل ذلك يلجأ الكثير من الناس للعمل في مجال توصيل الطلبات إلى البيوت خصوصاً في العاصمة السورية دمشق، وبشكل أساسي في أحياء الطبقة الراقية، مثل المالكي وأبو رمانة والشعلان وكفرسوسة والمزة، والذين يمكنهم دفع تكاليف إضافية على وجبات الطعام من مطاعم أسعارها فوق المتوسط.

ورصد موقع "تلفزيون سوريا" انتشار هذه المهنة في سوريا بشكل كبير، خصوصاً أن دخلها أفضل بكثير من الأعمال الأخرى، مع حصول العامل على "بقشيش" من بعض الزبائن.

ويحتاج الشاب إلى دراجة نارية وخوذة وهاتف محمول وبنزين ليبدأ العمل في توصيل الطلبات مع أحد التطبيقات العاملة في سوريا الآن.

ويعمل "الدليفري" ستة أيام في الأسبوع وبعدد ساعات تتراوح بين 8 إلى 10 ساعات بحسب الوردية التي تحددها شركة التوصيل.

ويصل طلب الطعام أو الحلويات أو العصائر أو الأغراض من السوبر ماركت على تطبيق الطلبات، حيث يصل إشعاران واحد للمطعم أو الماركت والآخر لعامل التوصيل، وبوقت لا يتجاوز الـ 35 دقيقة يجب أن يكون الطلب لدى الشخص.

وتعمل الشركات الناشئة أو ما يطلق عليه "ستارت آب" على إدخال تحسينات وتقييمات على تطبيقات الطلبات بهدف جذب أكبر عدد ممكن من الزبائن إلى جانب وضع خيارات التقييم والعروض، في ظل وجود منافسة كبيرة بين التطبيقات وحتى المطاعم المشاركة أيضاً.

مهنة صعبة بدخل جيد

وقال محمد بريق، العامل في مجال توصيل الطلبات منذ نحو عام، إنها أفضل مهنة عمل بها حتى الآن، بالنسبة للوضع في سوريا، رغم الصعوبات والمخاطر التي يعاني منها العاملون بها.

وأضاف في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن "العمل في مجال التوصيل متعب، خصوصاً في فصلي الصيف والشتاء، في درجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة إلى ما دون الصفر، وفي أجواء المطر والثلج، حيث يمكن أن ينزلق الموتور ونقع على الأرض أو نصطدم بسيارة مسرعة ما يعرضنا لخطر كبير".

وأردف بريق أن "الشركة توظفك ولكن لا تعطيك سوى سلة الأكل، واللباس الرسمي، وكل ما يتبقى فهو عليك، الدراجة النارية والخوذة والهاتف المربوط بنظام الطلبات وباقة الإنترنت والاتصالات".

في المقابل، "تخصم الشركة نسبتها من المطاعم وليس من عمال التوصيل، ولذلك يجب أن يحمل العامل في مجال التوصيل ما بين 300 ألف إلى 400 ألف ليرة باليوم معه ثمن وجبات"، بحسب "بريق".

كم يُحصل العامل يومياً؟

وأكّد أن الشركة غير مسؤولة عن وقوع طلب بالأرض أو صيانة الدراجة النارية أو تأمين البنزين أو الاتصالات، مضيفاً أن هذه الأعباء يتحملها العامل بشكل كامل.

وعن الإيجابيات في هذا العمل، قال محمد إن "المردود المادي جيد جداً، يعني لا يقل عن 60 ألف ليرة باليوم الواحد صافي وسطياً، بعد اقتطاع ثمن البنزين والإنترنت والاتصالات وصيانة الموتور (الدراجة النارية)".

ولفت إلى أن العائد يختلف من يوم إلى آخر بحسب الزبون، "فمنهم من يعطي (بقشيش) مرتفع أحياناً 5 آلاف ليرة، ولكن بشكل عام لا يتجاوز البقشيش أو كلمة خلي الباقي أكثر من 1500 ليرة، وهناك زبائن لا تعطينا أبداً".

ويرى "بريق" أن "ما يسمى الدفع الإلكتروني أو الاشتراكات الشهرية تقلل من العوائد، صحيح نحصل على أجرة التوصيل لكن بالغالب لا يكون هناك بقشيش".

تطبيقات للطبقة الغنية 

وتعيش مناطق سيطرة النظام السوري أزمات اقتصادية كثيرة، وارتفاعاً مستمراً وجنونياً بالأسعار مع انخفاض دراماتيكي بالليرة السورية أمام الدولار، وبقاء الرواتب عند الحد نفسه بمتوسط 100 ألف ليرة شهرياً (أقل من 10 دولارات وفق أسعار الصرف الحالية).

ما دفع الشباب للبحث عن أي عمل، يعود عليهم بالمال لمساعدة ذويهم في تأمين الحاجات الأساسية.

وتشهد دمشق انقساماً كبيراً بين طبقة قليلة جداً لديها إمكانيات مادية جيدة تتمركز في المناطق الراقية بأحياء المالكي وأبو رمانة والقصور والمزة ومشروع دمر وفلل يعفور، وفئات ثانية أشد فقراً معظمها غير قادر على تأمين الوجبة اليومية لأولاده إلا بشق الأنفس.

وتعتمد شركات توصيل الطلبات على الفئة الأولى رغم قلة عددها في سوريا، حيث إن نسب الفقر تجاوزت الـ 90 في المئة من السكان، وفق أرقام الأمم المتحدة التي تؤكد أن الأمن الغذائي في عموم البلاد مهدد.

سرقة الدراجات النارية

ويختلف سعر الطلب من مطعم إلى آخر، إلا أن أجرة التوصيل متفق عليها، بين الشركات وأصحاب المطاعم، خصوصاً أن العديد من العائلات صارت تعتمد على طلب الوجبات عبر هذه التطبيقات، وفق ما قال حسين خضراوي.

وأضاف خضراوي العامل في مجال التوصيل أيضاً، أن "العمل متعب جداً، يعني 9 ساعات على الأقل على الدراجة النارية من مكان إلى آخر، وصعود أدراج الأبنية لانقطاع الكهرباء عن المصاعد (الأصانصيرات)، يعني في أبنية تصل إلى 12 طابقاً، ولا يوجد مصعد، شي بهد الحيل".

وأشار إلى أن "بعض الناس تتعامل معنا بإحسان كبير منها، عبر إعطائنا إكرامية كويسة، يعني 3 آلاف ليرة، حلوين وإكرامية فوق إكرامية بتجمع، وبالنهاية كتر خيرهم عطونا ولا ما عطونا".

ولفت خضراوي إلى أنه "ينبغي على عامل التوصيل أن يكون واعياً بشكل كبير، لأن هناك الكثير من سرقة الموتورات والدراجات النارية ودراجات البطارية، يعني بلمحة عين بينسرق، وسعره لا يقل عن 1500 دولار حالياً وبالتقسيط أغلى طبعاً".

وشدد على أن "الدراجة التي تُسرق من سابع المستحيلات أن تعود، بلحظة واحدة تفقد عمل سنة كاملة، وهذا حصل معي ومع العديد من الزملاء العاملين في المهنة".

ونبه خضراوي إلى أن "عامل التوصيلات لازم يكون بيعرف منيح بطرقات الشام، وإن كان في خريطة غوغل، أحياناً بضيعنا وكتير مندور عالبيوت ما منلاقيها".