icon
التغطية الحية

تعرّف إلى أبرز أدوات "النظام" للتحكّم في سعر الليرة السورية

2021.06.15 | 06:26 دمشق

اللص صار على الحدود
اللص صار على الحدود.. كاريكاتير لـ موفق قات (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

منذ مطلع أيار الفائت، تشهد الليرة السورية استقراراً نسبياً بسعر يتراوح بين 3050 و3150 أمام الدولار الواحد، وذلك بعد أن وصلت إلى أدنى قيمة لها في التاريخ نهاية شباط 2021 عند 4590.

أظهر نظام الأسد قدرة على وقف انهيار سعر صرف الليرة رغم أنّ المؤشرات كانت تدلّ على استمرار الانخفاض حتى قيمة 5000 للدولار الواحد.

يبدو أنّ المصرف المركزي بدعم من الأجهزة الأمنية والتنفيذية قد اعتمد على عدد من الأدوات الفعالة نسبياً لاستعادة التحكّم في سعر الصرف من أبرزها: تجفيف السيولة، وتعديل نشرة المصارف والصرافة، وتخفيض الواردات غير الضرورية، وترشيد الاستيراد، وغير ذلك من القوانين والمراسيم والقرارات ذات الصلة.

ومع ذلك، قد لا تستطيع هذه الأدوات الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة أو الحدّ من الانخفاض مجدداً في المدى المتوسط.

تجفيف السيولة

منذ مطلع عام 2021 بدأ "النظام" حملة أمنية واسعة استهدفت الصاغة والصرافة، طالت على الأقل 80 شخصاً من أبرز العاملين في هذا القطاع ضمن محافظة حلب وحدها مثل تاجر الذهب المعروف عمر حنيفة والذي اعتقل ومن ثم أُطلق سراحه بعد دفع مبلغ قدره مليار ليرة، ليلوذ بالفرار خارج البلاد عقب ذلك.

وباتت أجهزة الأمن تُلزم التاجر الذي يُعتقل على إجراء تسوية مالية، تشمل التعهّد بدفع مبلغ مالي يتم الاتفاق عليه على أن يُسدّد إلى المصرف المركزي ليمنح بموجبها وصلاً يضمن من خلاله إطلاق سراحه.

بعد الانتخابات الرئاسية بدأت وزارة المالية حملة واسعة لملاحقة المتهربين من الضرائب؛ حيث نفّذت لجنة التكليف الضريبي جولة على المنشآت الصناعية في الشيخ نجار بمدينة حلب، وسجّلت العديد من الضبوط بمبالغ مالية تُقدّر بالمليارات لاستيفائها ضمن مهلة محدّدة. من بين الصناعيين الذي طالتهم الحملة هشام دهمان الذي أعلن عن إغلاق منشأته التي تنتج البلاستيك بسبب الملاحقة الضريبية.

ويُلاحظ أنّ "النظام" أصبح يُركّز بشكل أكبر على جمع الأموال بالليرة المحليّة مقارنة مع إصراره سابقاً على القطع الأجنبي والذهب.

ويبدو أنّ هناك اتجاهاً قسرياً لتقليل المعروض من الليرة في السوق كأحد أدوات تجفيف السيولة، وسبق أن صرّح نائب حاكم المصرف المركزي محمد حمزة في أيلول 2019 بأنّ هناك فائضاً في السيولة يتجاوز 1.700 مليار ليرة، وهو رقم ربّما ارتفع بشكل أكبر في النصف الأول من عام 2021 لا سيما بعد طباعة فئة 5 آلاف.

ويُساعد تقليل المعروض من الليرة السورية في وصول الأسواق إلى حالة من الجمود، بما يضمن تخفيف الطلب على الدولار والنقد الأجنبي عموماً، هذا عدا اضطرار التجّار لطرح الدولار في السوق لتأمين ما يلزمهم من الليرة خلال عمليات الشراء والبيع المحليّة. كما أنّ هذه الأداة تُساهم في سدّ عجز الموازنة.

ولخفض الطلب على الدولار والقطع الأجنبي لجأ نظام الأسد أيضاً في نهاية آذار 2021، إلى تقييد سحب رأس المال؛ حيث منع المصرف المركزي تناقل أكثر من 5 ملايين ليرة بين المحافظات، وفرض سقفاً للتحويلات بين المحافظات يصل إلى مليون ليرة فقط.

علماً، أنّ "النظام" يعتمد منذ نهاية 2019 على السياسة التقليدية لتجفيف السيولة والقائمة على تخفيض عدد القروض المسموح منحها يومياً ومنع السحوبات الكبيرة للمبالغ المودعة بالليرة، من أجل مواجهة عمليات المضاربة على العملة، أو سحب الإيداعات بالليرة وتحويلها إلى الدولار.

لكن، يبدو أنّها سياسة غير فعالة لتقليل المعروض؛ لذلك لجأ إلى أدوات أكثر تشدّداً مثل التسوية المالية سواء بعد الاعتقال والاحتجاز للصرافة والصاغة، أو نتيجة تشديد حملات وعقوبة التهرّب الضريبي.

اقرأ أيضاً.. مرسوم جديد للأسد باعتقال مَن "يزعزع الثقة في متانة نقد الدولة"

تعديل نشرات المصارف والصرافة

في 15 نيسان الماضي، عدّل المصرف المركزي نشرة المصارف والصرافة ليصبح سعر شراء الحوالات الخارجية 2512 ليرة للدولار الواحد، بعد أن كان 1256 الذي تم تحديده في 17 حزيران 2020، بدل سعر 700 ليرة للدولار الواحد.

يُشجّع تعديل السعر التفضيلي للدولار على زيادة التحويلات الواردة عبر القنوات الرسمية إلى المصرف المركزي والتي تشمل المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية وغيرها. وكذلك، الأشخاص الذين لديهم مخاوف من استخدام السوق السوداء في تحويل الأموال إلى ذويهم في مناطق سيطرة "النظام"، لا سيما أنّ نسبة مساهمة التحويلات تفوق في الدخل القومي مساهمة الصناعة السورية بشكل كبير وفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء.

بالتالي، يحصل المصرف المركزي على القطع الأجنبي بعد شرائه من المصارف وشركات الصرافة المرخصة الملتزمة ببيع القطع وفق النشرة الرسمية مع هامش 0.003.

مع العلم أنّ "النظام" بدأ في حزيران، سلسلة إجراءات تهدف إلى فرض مزيد من القيود على شركات الصرافة منها الإغلاق التام وإغلاق التراخيص والملاحقة الأمنية ومصادرة الأموال من أجل الالتزام بالتعليمات الصادرة عن مصرف سورية المركزي.

أيضاً، يُساهم تعديل نشرة المصارف والصرافة في تقليل استنزاف القطع الأجنبي من احتياطي المصرف المركزي، لكون رفع السعر التفضيلي للدولار يعني مزيداً من تخفيض الدعم الحكومي عن المواد الأساسية والاستهلاكية، التي في الأصل تراجع عددها في لوائح الدعم المحدّدة.

ترشيد الاستيراد

منذ مطلع 2021، بدأ نظام الأسد سياسة حكومية لترشيد الاستيراد قائمة على عدد من الإجراءات مثل تخفيض استيراد المواد غير الضرورية، ومكافحة التهريب الجمركي.

وبموجب البيانات الرسمي فقد انخفضت خلال شهري كانون الثاني وشباط من عام 2021 فاتورة الاستيراد بنسبة 32% مقارنة مع المدّة ذاتها من عام 2020. كما تم شطب 987 مادة من أصل 4 آلاف مادة كانت مسجلة في دليل الاستيراد منذ نهاية عام 2019 وحتى الربع الأوّل من عام 2021.

علماً، أن مجلس الوزراء التابع للنظام كان قد أعلن منتصف أيلول 2019، عن تقليص لوائح المستوردات غير الضرورية في الأسواق.

على سبيل المثال، أصدرت وزارة الاقتصاد قراراً في 23 آذار، يمنع استيراد الهواتف النقّالة حتى إشعار آخر، يُساهم مثل هذا القرار وغيره في توفير الدولار؛ على اعتبار أنّ المصرف المركزي يُقر تمويل لوائح الاستيراد بالقطع الأجنبي.

إلّا أنّ عمليات الاستيراد في سوريا غالباً ما تتم عبر الاقتصاد الموازي، مما يجعل من عملية ترشيد الاستيراد مقترنة أيضاً بالضرورة بحملات مكافحة التهريب الجمركي التي بدأها النظام منذ مطلع عام 2021، والتي من شأنها تعويض خزينة الدولة بجزء من النقد الذي تفقده نتيجة الاعتماد على الاقتصاد الموازي الذي يحرمها من الضرائب والرسوم المستحقّة من عمليات الاستيراد غير القانونية.

القوانين والمراسيم والقرارات

تُعتبر القوانين والمراسيم الصادرة عن رئيس النظام بشار الأسد و"مجلس الشعب" التابع له من أبرز الأدوات التي يتم اللجوء إليها من أجل رفد خزينة المصرف المركزي بالقطع الأجنبي، ومن أبرزها القانون رقم 15 لعام 2021 الذي يقضي بتنظيم استيفاء ضريبة البيوع العقارية، والقانون رقم 17 لعام 2021 الذي تم بموجبه تعديل الرسوم العقارية لتواكب القيم الحالية للعقارات، والمرسوم التشريعي رقم 31 لعام 2020 الذي يقضي بتعديل مواد قانون الخدمة الإلزامية من دفع البدل النقدي داخل سوريا بمقدار 3 آلاف دولار وخارجها عبر عدّة تصنيفات تبدأ بمقدار 7 آلاف دولار.

كذلك، المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2017 الذي قضى بتعديل رسوم تجديد أو منح جواز السفر بشكل مستعجل للسوريين المقيمين في الخارج بـ800 دولار، ولغير المستعجل بمبلغ 300 دولار. إضافة إلى القرار رقم 46 لعام 2020 الصادر عن مجلس الوزراء التابع للنظام الذي يُلزم كل مواطن مغترب بتصريف مبلغ 100 دولار لدى دخوله البلاد مع وجود إعفاء لمن لم يكملوا 18 عاماً وسائقي الشاحنات والسيارات العامة على خطوط النقل وغيرهم.