icon
التغطية الحية

تحالفات ضخمة وتحركات متبادلة للفصائل.. الموقف التركي يخلط الحسابات بريف حلب

2023.05.26 | 06:00 دمشق

آخر تحديث: 26.05.2023 | 08:36 دمشق

تحالفات ضخمة وتحركات متبادلة للفصائل.. الموقف التركي يخلط الحسابات بريف حلب
حلب - خاص
+A
حجم الخط
-A

بات من الملاحظ بالنسبة للسكان في مدينة اعزاز والبلدات المحيطة بها الحدودية مع تركيا شمالي سوريا، أن المنطقة باتت نقطة توتر بين عدد من التحالفات والتشكيلات العسكرية، سواء التابعة للجيش الوطني السوري، أو المرتبطة بهيئة تحرير الشام، ذلك مع استمرار الرفض التركي لأي تمدد جديد للهيئة في مناطق الجيش الوطني، ولا سيما مدينة اعزاز، وتواصل عمليات التحصين المتبادلة بين الأطراف تحسباً لأي تطور قد يشعل فتيل المواجهة.

وتعيش المنطقة المتاخمة للحدود التركية توتراً عسكرياً منذ أواخر العام الماضي، بعدما تقدمت هيئة تحرير الشام والقوات الحليفة لها في مدينة عفرين واقتربت من السيطرة على مدينة اعزاز معقل الفيلق الثالث في الجيش الوطني، لولا التدخل التركي الذي أجبر الهيئة على وقف الهجوم وسحب قواتها باتجاه مدينة إدلب، ما دفعها لاتباع تكتيك جديد، يعتمد على شراء الولاءات وعقد التحالفات مع مجموعات من أبناء ريف حلب، لتدير المعركة من خلالهم، وتحدّ قدر الإمكان من الضغوط المترتبة على ظهورها العلني في مناطق النفوذ التركي.

وخلال فترة الانتخابات التركية زادت حدة التوتر وارتفعت وتيرة الاستعدادات العسكرية وعمليات التحصين المتبادلة، في ظل احتمالية بدء هيئة تحرير الشام لهجوم باتجاه مدينة اعزاز والسيطرة على معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، مستغلة انشغال الجانب التركي بملف الانتخابات، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن نظراً لاستمرار الرفض التركي للفكرة، وإصداره التعليمات لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة وفصائل الجيش الوطني للتعامل مع أي هجوم محتمل.

تحصينات واستنفارات متبادلة

يدور الصراع حالياً في منطقة ريف حلب الشمالي، بين الفيالق التابعة للجيش الوطني السوري، وبنسبة أكبر، الفيلق الثالث من جهة، وتجمع الشهباء المتهم بالتعاون مع هيئة تحرير الشام، من جهة أخرى، والذي يضم الفرقة 50 (معظم منتسبيها من مدينة تل رفعت)، وأحرار الشام - القطاع الشرقي، ومجموعات من حركة نور الدين الزنكي.

ووُضع الفيلق الثالث في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي في موقف صعب، بعد وصول هيئة تحرير الشام إلى أطراف معقله الرئيسي (مدينة اعزاز)، إلا أن الفيلق بدأ باستجماع قواه لاحقاً مستفيداً من تبدل الموقف التركي تجاه تمدد "تحرير الشام" شمالي حلب، وتناغم عدد من فصائل الجيش الوطني مع الفيلق في رفض ومواجهة مشروع الهيئة.

ورصد موقع "تلفزيون سوريا" في الأيام الماضية تحصينات عسكرية للفيلق الثالث في محيط مدينة اعزاز وفي بلدة سجو ومعبر باب السلامة، وعلى النقاط الحاكمة غربي اعزاز المطلة على بلدتي كفرجنة وقطمة.

وكثّف الفيلق الثالث من التدريبات والمناورات داخل معسكراته، ودفع بتعزيزات عسكرية نحو خطوط المواجهة مع "تحرير الشام" غرب اعزاز، بعد ورود معلومات عن نية الهيئة بدء عملية عسكرية باتجاه المدينة خلال فترة الانتخابات الرئاسية التركية.

بالمقابل، يجري "تجمع الشهباء" المتهم بالتعاون مع الهيئة تدريبات عسكرية لمقاتليه، ويحصّن معسكراته ومقارّه في سجو وشمارين، وبلدة قطمة بريف حلب، وفي بعض الأحيان، يتم نشر أسلحة رشاشة على أسطح المباني، ما يثير القلق لدى قاطني المخيمات في المنطقة.

الموقف التركي يخلط الحسابات

منذ أسابيع، بدأت "هيئة تحرير الشام" بالتمهيد إعلامياً لهجومها المرتقب نحو مدينة اعزاز، وتركزت الحملات الإعلامية على "لواء عاصفة الشمال" ضمن الفيلق الثالث، بقيادة صالح عموري، وعلى فصيل جيش الإسلام، عبر اتهام هذه الأطراف بالتواصل مع النظام السوري تارة، أو تجارة المخدرات تارة أخرى.

وقالت مصادر عسكرية مطلعة لموقع "تلفزيون سوريا"، إن "هيئة تحرير الشام لم تستطع حتى اللحظة بدء هجومها المتوقع على مدينة اعزاز، بسبب تصادمها مع الجانب التركي، والذي يعارض بشدة فكرة تمددها نحو المنطقة".

وأضافت المصادر أن "ثبات الموقف التركي بهذا الخصوص، وتوجيهه تعليمات للفصائل بصد الهجوم المحتمل، كان سبباً في قوة موقف الجيش الوطني وخاصة الفيلق الثالث، كما لعب ذلك دوراً في الحد من تواصل بعض الفصائل مع الهيئة، خشية تبرؤ الجانب التركي منها، خاصة بعدما أعلنت وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة عدم تبعية تجمع الشهباء للجيش الوطني".

وينتشر عناصر لـ "هيئة تحرير الشام" في مناطق الجيش الوطني ويتّبعون أسلوب التخفي والمرور على الحواجز ببطاقات ومهام عسكرية صادرة عن فصائل محسوبة على الجيش الوطني، وتقول المصادر: "يدل ذلك على أن وجود الهيئة ضعيف، عكس الوهم الذي تحاول تصويره للناس بأنها ضمنت السيطرة على اعزاز والباب وجرابلس، ولو كانت ضامنة لذلك فعلاً، لما توسلت للناشطين وبعض الوجهاء والفصائل للجلوس والترتيب معها"، حسب وصف المصادر.

تحالفات ضخمة لمقاتلي حلب

علم موقع "تلفزيون سوريا" أن مقاتلي مدينة حلب وريفها، الموجودين ضمن مناطق نفوذ الجيش الوطني، يعملون على تشكيل تحالف فيما بينهم، بصرف النظر على الانتماء أو الفصيل، والاتفاق على التنسيق الدائم والتصدي لأي هجوم محتمل قد تبدأه "تحرير الشام".

وعقد المقاتلون عدة مشاورات واجتماعات بهذا الخصوص خلال الأسابيع الماضية، آخرها يوم أمس الخميس، ويشمل ذلك مقاتلي اعزاز والباب ومارع وسجو ومنغ وصوران ومرعناز وماير وأخترين وكفرة وكفرنايا، فضلاً عن مقاتلين من مدينة حلب.

وأفادت المصادر، بأن العنوان العريض لهذا التحالف، هو التنسيق المشترك وتوحيد جهود الكتل والفصائل كلها، والوقوف بوجه من يعتبرونهم "أعداءً للثورة"، سواء النظام السوري أو "قسد" أو "هيئة تحرير الشام"، بينما يرى ناشطون أن تطبيق فكرة "لا يدافع عن المنطقة إلا ابن المنطقة" قد يعزز ويرسّخ "المناطقية".

تطورات عكس تيار الهيئة يدفعها لتغيير الأدوات

الرفض التركي لتمدد "تحرير الشام"، والرأي العام المناهض لها، دفع الهيئة لمراجعة حساباتها ومحاولة تحقيق أهدافها ضمن مناطق نفوذ الجيش الوطني، عبر أدواتها هناك.

تقول المصادر، إن زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني فهم الرفض التركي للتمدد شمالي حلب، لذلك لعب على مسارات أخرى، ربما يكون من ضمنها التنسيق مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، للضغط على الجانب التركي والتفاوض معه تجنباً لخسارة المكاسب التي حققها بريف حلب قبل أشهر.

بالمقابل، بدأت تحرير الشام تشعر بالضغوط التركية، المتمثلة بتعزيز القواعد العسكرية التركية قرب الخط الفاصل بين مناطق نفوذ الهيئة والجيش الوطني، وتحليق الطيران التركي المسير بين وقت وآخر في أجواء محافظة إدلب، وفرض تركيا والولايات المتحدة عقوبات على "عمر الشيخ" الملقب بـ "أبو أحمد زكور"، أو كما عرف في الأوساط باسمه الحقيقي "جهاد عيسى الشيخ"، الذي يعد من أبرز القياديين في "هيئة تحرير الشام"، وأهم أدواتها لاختراق فصائل الجيش الوطني.

ربما تحاول "تحرير الشام" في الوقت الحالي تغيير الأدوات وتصدير شخصيات أخرى بعد فرض العقوبات على "زكور"، ومن خلال متابعة الإعلام البديل للهيئة، يلحظ أن الأخيرة تحاول تصدير قائد حركة أحرار الشام عامر الشيخ، وقرن اسمه باجتماعات لـ "توحيد الجهود العسكرية من إدلب حتى رأس العين"، ويقول قادة مطلعون، إن "هذه الاجتماعات التي يُروج لها تحت مسمى توحيد الصفوف لم تحدث في الواقع، إنما هي محاولة من الهيئة لجس النبض ومعرفة مدى تقبل الرأي العام لأفكارها".

وذكر القيادي في الفيلق الثالث ضمن الجيش الوطني، علاء فحام، في تغريدات على تويتر، أن "الجولاني اختار أن لا يستسلم للواقع الذي يحيط به فهو يرفض أن يحل هيئته المحترقة ويرفض أن يتراجع عن القيادة، واختار أن يختبئ اليوم ليجعل بعض الأدوات شمالي حلب تتحمل مسؤولية التصدر نظراً لسهولة خداعها وقلة خبرتها ومعرفتها".

وأضاف "فحام" أنه "بعد فشل الجولاني بفكرة الحرب العسكرية يحاول أن يتسلق على الشمال الحلبي باستخدام بعض الناشطين أو الشخصيات تحت مسمى ملتقى مدني"، داعياً الناشطين إلى عدم الاستجابة والانتباه من الاستغلال.

لقاءات بين الفيلق الثالث وتجمع الشهباء

خلال الفترة الماضية، عقد قياديون في الفيلق الثالث، لقاءات مع شخصيات تعمل ضمن "تجمع الشهباء"، سواء "أحرار الشام - القطاع الشرقي" بقيادة محمد رميّ (أبو حيدر مسكنة)، أو الفرقة 50 بقيادة حسين عساف (أبو توفيق)، لمحاولة ثنيهم عن السير ضمن مشروع "الهيئة".

وقال الفيلق الثالث في بيان له، في 10 من أيار الجاري، إنه بسعي حثيث من أحد مكونات الفيلق الأول، تم عقد اجتماع بين الممثل عن الفيلق الثالث عصام بويضاني بتكليف من قائد الفيلق من جهة، وبين أبو حيدر مسكنة (أحرار الشام القطاع الشرقي) من جهة أخرى.

وبحسب البيان، فإن الهدف من اللقاء بيان موقف الفيلق الثالث من "المحاولات المستمرة للجولاني للدخول إلى منطقة درع الفرات، أو محاولة استغلال الأحداث وبعض ضعاف النفوس لتحقيق ذلك الغرض".

وأوضح أن مخرجات اللقاء هي:

  •  تم التأكيد من الفيلق الثالث على أن الجولاني عدو للثورة، وأن أي اعتداء منه على منطقة درع الفرات أو ممن يشارك معه فسوف يتم التصدي له بالقوة، وأكد أبو حيدر أنه ضد أي بغي يحصل في المنطقة.
  •  تم التأكيد على أن الفيلق الثالث ليس لديه نية أن يقاتل (أحرار القاطع الشرقي) ابتداءً منه، ولكن له كامل الحق في الدفاع عن أي اعتداء يتعرض له، في حين أكد أبو حيدر أنهم لا يخططون لقتال الفيلق الثالث في المنطقة ولا خارجها.
  •  التأكيد على أن الاتفاق يشمل الفيلق الثالث بالكامل، فأي اعتداء على الفيلق الثالث أو أحد مكوناته في أي منطقة من مناطق وجود الفيلق الثالث يجعل "الاتفاق لاغياً ومن حقنا رد البغي في كل المناطق"، وفقاً للبيان.