icon
التغطية الحية

بالتعاون بين أمراء الحرب و"القصر الرئاسي".. افتتاح أكبر بنك إسلامي في سوريا

2024.02.26 | 06:05 دمشق

آخر تحديث: 26.02.2024 | 17:37 دمشق

البنك الوطني الإسلامي
افتتاح "البنك الوطني الإسلامي" في دمشق
تلفزيون سوريا - محمد كساح
+A
حجم الخط
-A

يسدل افتتاح "البنك الوطني الإسلامي" في العاصمة دمشق، أواخر شهر كانون الثاني الفائت، الستار على أحدث شراكات مجموعات أمراء الحرب في سوريا مع "القصر الرئاسي"، والتي تحاول الاستحواذ على ما تبقّى من أموال المجتمع المحافظ، بالتوازي مع خلق قنوات جديدة لنقل وتهريب الأموال الخاصة بـ"الأوليغارشية" السورية الحاكمة.

بعد ثلاث سنوات من حصوله على الترخيص، باشر "البنك الوطني الإسلامي" بتقديم خدماته المصرفية من خلال مقره الرئيسي الكائن في حي المزة أوتوستراد قرب نقابة المهندسين في العاصمة دمشق.

ويخطّط البنك لافتتاح ثلاثة فروع في دمشق موزّعة في المزة أوتوستراد والمزة فيلات شرقية وشارع 29 أيار، وفرعين في حلب، وفرع واحد في كلّ من اللاذقية وحماة وحمص.

ويبلغ عدد الأسهم التي طرحها البنك للاكتتاب 62 مليوناً و500 ألف سهم قيمتها 6 مليارات و250 مليون ليرة سورية تمثل نسبتها 25% من رأسمال "البنك الوطني الإسلامي" بسعر إصدار 100 ليرة سورية للسهم الواحد والحد الأدنى للاكتتاب 5 آلاف سهم والحد الأقصى للاكتتاب بالنسبة للأشخاص الطبيعيين 5% من رأسمال البنك.

ماذا تقول البيانات الرسمية؟

من قراءة قرار الترخيص وجولة في الموقع الرسمي للبنك الجديد، يمكن التوصّل إلى خلاصة تؤكّد وقوف "القصر الرئاسي" وراء تأسيس المصرف بالتعاون مع أمراء الحرب مثل: مجموعة قاطرجي وعائلة مارتيني، وهي عائلة يجري تكريسها منذ فترة قصيرة كجزء من طاقم "الأوليغارشية" الجديدة المقرّبة من القصر.

ينص "القرار رقم 36" بتاريخ 14-4-201 المنشور في الجريدة الرسمية، على ترخيص مصرف إسلامي خاص على شكل شركة مساهمة مغفلة عامة سوريّة باسم "البنك الوطني الإسلامي"، برأسمال قدره 25 مليار ليرة سورية.

وتضم قائمة المساهمين وفق قرار الجريدة الرسمية كلا من: شركة نيوجنرايشن ش.م.ل (هولدينغ) وهي شركة لبنانية قابضة تسهم بنسبة 49% من رأس المال، وشركة الاستثمار للنقل والحلول اللوجستية المحدودة المسؤولية، وهي سوريّة الجنسية، وتسهم بنسبة 1% من رأس المال، وهي شركة تابعة لمجموعة "قاطرجي"، ما يعني أنّ للمجموعة يداً في تأسيس البنك.

وإلى جانب "المصرف الصناعي السوري" الذي يسهم بنسبة 10% من رأس المال، تشمل قائمة المساهمين السوريين من الأشخاص الطبيعيين:

  • عماد غصن، يسهم بنسبة 4% من رأس المال.
  • رصين مارتيني، يسهم بنسبة 3%.
  • مصطفى غزال حموي، يسهم بنسبة 4%.
  • عماد حنا، يسهم بنسبة 4%.

ويعتبر رصين مارتيني أحد الوجود الجديدة المقرّبة من أسماء الأسد، وهو أخ وزير السياحة رامي مارتيني، وشريك مؤسس في شركة "جوليا دومنا ومارتيني للاستثمارات السياحية"، ومدير عام فندق "كورال مارتيني" في حلب.

وفي السنوات السابقة تمكّنت عائلة مارتيني من تمتين علاقات جيدة مع عائلة "الأسد"، وبالتالي يجري الآن استخدام أفراد العائلة في شركات الواجهة التي يديرها "القصر الرئاسي".

ويرأس مجلس إدارة البنك، د. محمد أنس حمد الله، ويضم مجلس الإدارة: أحمد نور الدين الرضي، عماد الدين حسين غصن، رصين محمد رضوان مارتيني، بينما تتكون هيئة الرقابة الشرعية من أحمد سامر قباني رئيساً، وفريد الخطيب نائباً للرئيس، وعضوية عبد الوهاب الشماع.

ويمكن أن تكون شركة نيوجنرايشن ش.م.ل (هولدينغ) عبارة عن شركة واجهة يتم استخدامها من قبل "القصر الرئاسي" لتلافي العقوبات الغربية وتسهيل إجراءات التعامل مع الشبكة المصرفية اللبنانية.

والشركة مسجّلة بموجب سجل تجاري لبناني بتاريخ 10-8-2015، واللافت هو وجود عائلة غزال حموي (عائلة حلبية هناك معلومات شبه مؤكّدة حول صلة القرابة بينها وبين عائلة قاطرجي) ضمن قائمة المؤسسين والمساهمين في البنك الوطني الإسلامي، وشركة "نيوجنرايشن" اللبنانية الشريك الأكبر في البنك.

هل من دور واضح للنظام السوري؟

يرى مدير البرنامج السوري في "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية" كرم شعار، أنّ وجود شركة لبنانية ضمن قائمة التأسيس يهدف إلى تحقيق غايتين: الأولى تسهيل وصول البنك للنظام المصرفي اللبناني الذي ما يزال يمتلك قدرة الوصول إلى الأسواق العالمية والنظام المصرفي العالمي بشكل أفضل من النظام المصرفي السوري، بسبب العقوبات الغربية على النظام.

والغاية الثانية، تغطية الملكية من خلال استخدام شركات واجهة للتغطية على الملاك الحقيقيين للبنك، وهذه الوسيلة متعارف عليها بكثرة ضمن عالم رجال الأعمال السوريين المقربين من النظام، حيث يتم اللجوء إلى هذا التحايل لتحقيق أهداف مختلفة مثل تجنب الضرائب التي يمكن أن تفرضها المالية، والتملص من الإتاوات التي يمكن أن تلزمهم بها الجهات الأمنية.

وبخصوص مقدرة البنك على مساعدة النظام على تلافي العقوبات الغربية، يوضح شعار لـ موقع تلفزيون سوريا، أن "هذا الأمر غير مستبعد أبداً، لكن عملياً فإن البنك لن يستطيع غالبا، إضافة أي جديد غير موجود مسبقا أمام القنوات المتاحة للنظام لتفادي العقوبات".

ويرى شعار أن لجوء النظام السوري  إلى الاستثمار في قطاع المصارف الإسلامية يخدم "تحركات تسويقية بحتة"، ولا يتفق مع الفكرة التي تحذّر من أن البنك الجديد يهدف إلى دعم تيار إسلامي سني يقوده وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، ويستقطب أموال المجتمع المحافظ.

ويتابع: "في سوريا هناك طبقة مجتمعية تفضّل التعامل بنظام مصرفي غير ربوي من حيث الواجهة الخارجية، وهذا النوع من المصارف يخدم هذه الطبقة بشكل خاص، ويبدو أن هناك حاجة إضافية لمساعدة هذه الشريحة مصرفياً، وعلى هذا الأساس تم تأسيس المصرف".

اقرأ أيضاً.. بنك إسلامي يطلق خدمة الدفع الإلكتروني رسمياً في سوريا

لكن رغبة البنك في استقطاب شريحة محدّدة من العملاء، لا يلغي الدور الواضح للنظام السوري في البنك، بحسب "شعار"، ومن أهم البنود التي يمكن ملاحظتها هو "إسهام البنك الصناعي الذي يعتبر مصرفاً حكومياً في المصرف الجديد، ما يشير إلى وجود تشاركية معينة وغامضة بين البنك والقصر الرئاسي، لكن لا يمكن تحديد طبيعتها بسبب عدم وضوحها بشكل كامل".

لماذا يستثمر النظام في المصارف الإسلامية؟

يتفق المعارض السوري أيمن عبد النور مع رأي "شعار" في كون المصرف الجديد يخدم مساعي النظام لتلافي العقوبات الغربية، فبغض النظر عن طريقة العمل المختلفة كمصرف إسلامي، إلا أنه يصب في نهاية المطاف ضمن هذا المسار.

ويضيف "عبد النور" خلال حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ "هناك مصالح مشتركة بين المصرف وبعض المصارف اللبنانية التي يمكن أن تساعد المصرف في افتتاح الاعتمادات المستندية ثم تتملص من العقوبات المفروضة على التعامل مع النظام السوري، لكنها ستواجه عوائق تتعلق باستخدام مرفأ بيروت الذي ما يزال يعاني تداعيات التفجير، وبالتالي يمكن أن يتم اللجوء لاستيراد البضائع إلى مرفأ طرطوس أو صيدا".

وبموازاة ذلك، لا يستبعد "عبد النور" أن تكون إحدى غايات تأسيس أكبر مصرف إسلامي في سوريا هي "دعم تيار إسلامي يستوعب العملاء الرافضين للتعامل مع المصارف الأخرى، والراغبين بالتعامل مع مصرف موافق للشريعة الإسلامية".

ويوضح أنّ "النظام السوري يستثمر في هذا القطاع بهدف جذب الشرائح الملتزمة وهو يحقق مكاسب كبيرة من هذا القطاع، حيث يستقطب الودائع من دون فوائد، مع الاعتناء بالإعلان عن أسماء اللجنة الفقهية وكونها ذات قبول من المجتمع المحافظ".

ويرى أن "مسألة استقطاب المجتمع المحافظ ليست جديدة، وهي لا تخص المصارف الإسلامية فقط، بل نرى أن النظام استعمل الاقتصادي الكبير عبد الستار أبو غدة وهو نجل المراقب العام السابق للإخوان المسلمين الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، كمستشار في المصرف المركزي، ومن هذا المنطلق نلاحظ استعداد النظام للتعاون مع أي شخص طالما أنه يخدم توجهات النظام ويحقق غاياته".

كذلك، يلاحظ "عبد النور" أنّ معظم المؤسسين في "البنك الوطني الإسلامي" هم من صغار السن، ما يعني أنهم "عبارة عن شخصيات واجهة يتم استخدامهم من قبل النظام لخدمة غايات تتعلق بتهريب الأموال والالتفاف على العقوبات واستقطاب أموال وجيوب المجتمع المحافظ".

يشار إلى أنّ "البنك الوطني الإسلامي" يعدّ رابع مصرف ضمن قطاع المصارف الإسلامية في سوريا، الذي يتكوّن من: بنك الشام (أنشئ عام 2006 برأسمال 8 مليارات ليرة سورية) وقد اشترت مجموعة الأوراق المالية الكويتية 22% من رأسماله، بنك سوريا الدولي الإسلامي (أنشئ عام 2007 برأسمال 15 مليار ليرة)، وبنك "البركة سورية" (أنشئ عام 2007 برأسمال 15 مليار ليرة).