icon
التغطية الحية

انتخابات تركيا.. سوريون يتابعون أحداثها لحظة بلحظة من دمشق

2023.05.18 | 10:21 دمشق

الانتخابات التركية
الانتخابات التركية
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

لم تكن الانتخابات التركية محط شغل للسوريين اللاجئين في تركيا فحسب، بل كانت أحداثها محط اهتمام بالغ للكثير من السوريين المقيمين في دمشق وريفها، للعديد من الأسباب والمجريات.

ولم يستطع أي من المرشحين الثلاثة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومرشح تحالف الأمة المعارض كمال كلتيشدار أوغلو، ومرشح تحالف الأجداد سنان أوغان من حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى لعدم حصول أي منهم على أكثر من 50 في المئة من الأصوات.

ويخشى كثير من السوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام السوري من ترحيل أبنائهم وأقاربهم إلى سوريا أو شمال غربي سوريا، أولاً لأسباب أمنية تتعلق بالخدمة الإلزامية في جيش النظام السوري، والأمر الثاني متصل بالوضع الاقتصادي حيث يعيش قسم كبير من السوريين على الحوالات والإعانات الخارجية والتي يأتي قسم كبير منها من السوريين بتركيا.

وكان ملف اللاجئين السوريين ورقة سياسية خلال العامين الماضيين وبشكل أكبر في فترة الانتخابات التركية، مع تأكيد المعارضة التركية على أنها سترحل اللاجئين السوريين إلى سوريا خلال عامين بـ "الطبل والزمر" وفق تصريحات المرشح الرئاسي كليتشدار أوغلو، في الوقت الذي تمحورت حملة سنان أوغان المرشح الرئاسي الآخر على ملف طرد اللاجئين والسوريين والمهاجرين الأجانب من تركيا.

من جانب آخر، أرسل الرئيس أردوغان قبل أيام قليلة من عقد الانتخابات رسالة طمأنة للسوريين أنهم لن يجبروا على الترحيل من تركيا سوى عبر عودة طوعية إلى مناطق آمنة؛ رغم الظروف السيئة التي عاشها قسم منهم خلال العامين الماضيين مع ارتفاع وتيرة العنصرية تجاه السوريين.

انتخابات تركية متصلة بالوضع السوري

ولم يفارق أبو عمر شاشات التلفزيون لحظة واحدة في يوم الانتخابات التركية التي أجريت بـ 14 من أيار الجاري، مؤكداً أن الحدث رغم أنه تركيٌ ويجري على أرضٍ تركية، إلا أنه يتصل بالوضع السوري تماماً.

ولدى أبو عمر البالغ من العمر 73 عاماً، 3 أبناء يعيشون في تركيا مع زوجاتهم وأبنائهم منذ ما يقارب الـ 8 سنوات، وليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه في حال تغيرت الحكومة الحالية.

وقال أبو عمر في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" إن الانتخابات التركية حدث عالمي، لم يعد محلياً، لأن تركيا بلد إقليمي مهم ومرتبط بالكثير من الملفات السياسية، مؤكداً أنه يخشى أن تنعكس خسارة الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم على السوريين بشكل سلبي خصوصاً أن المعارضة تريد ترحيلهم خلال عامين بحسب وعودها الانتخابية.

وأضاف أن لدي هناك 12 شخصاً أحب أن يبقوا بخير، لم يحصلوا على الجنسية التركية حتى الآن أسوة بغيرهم، رغم أنهم يتحدثون اللغة ويعملون ليلاً ونهاراً لتأمين لقمة عيشهم ويرسلون لنا مساعدة شهرية أيضاً.

وأكّد بالقول: "أخشى ترحيلهم إلى إدلب أو إلى الشام، يعني بخاف يصير عليهم شي، ما صدقنا طلعوا ونفدوا من الموت أو الاعتقال. ومافي أي خيارات تانية يعني الحالة المادية ما بتسمح أنو يغيروا شغلهم أو أماكن معيشتهم، ناهيك عن أنو نحنا عايشين من هالكم دولار يلي بيبعتهون شهرياً".

الأهالي يخشون ترحيل أبنائهم

من جانبها، قالت أم ماجد، التي لا تهتم بالسياسة عادة، إنها بقيت مع زوجها يتابعان أحداث الانتخابات التركية حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل، على أمل أن يفوز الرئيس أردوغان، إلا أن النتيجة لم تُحسم فاضطرت للخلود إلى النوم، إلا أنها استيقظت باكراً لمعرفة النتيجة ولكنها لم تتغير.

وأضافت لموقع "تلفزيون سوريا"، "أنا بصراحة ما بفهم بالسياسة والانتخابات وهي الشغلات، بس ابني بيحكلي وصرت شوف الأخبار مع زوجي، ومن حكي الأخبار أنو ممكن يرحلوا السوريين، وأنا ابني درس هنيك وعم يشتغل مهندس معلوماتية، والحمد لله مرتاح، ومنخاف يرحلوا على شي مكان خطر أو تشتعل معارك ويصير عليه شي".

وأردفت أن الحوالة المالية التي يرسلها ابنها شهرياً منعتهم من طلب المساعدة من أحد، "الحمد لله عايشين ومستورة بفضل الله ثم ابني، لا سمح الله إن رحلوا وبطل يشتغل كيف بدنا ندبر حالنا".

ولا يعرف حجم الحوالات المالية المرسلة من تركيا إلى سوريا شهرياً، خصوصاً أن السوريين يعتمدون على "السوق السوداء" بالتحويل بعيداً عن البنوك ومكاتب التحويل الرسمية التي لا تعطي سعر صرف جيداً.

وبحسب مركز "جسور للدراسات" فإن قيمة الحوالات المالية التي يرسلها السوريون خارج سوريا إلى أقاربهم المقيمين داخل البلاد، قد وصلت قيمتها الشهرية في رمضان الفائت فقط إلى أكثر من 200 مليون دولار.

ويعتمد جزء كبير من السوريين الموجودين في سوريا على مساعدات أقربائهم ومعارفهم في الخارج، حيث يتم تحويل مبالغ شهرية أو شبه شهرية صغيرة تتراوح بين 125 و 150 دولاراً بالمتوسط، ويقدّر عدد المستفيدين من هذه التحويلات بأكثر من 5 ملايين نسمة، يتوزعون على مختلف مناطق البلاد، وبمبالغ شهرية تقدر بين 125 و 150 مليون دولار شهرياً". وفق المركز.

تأثير على الحل السياسي في سوريا

وعلى خلاف الآخرين، ليس للحاج عبد الرزاق (69 عاماً) أي أبناء في تركيا، إلا أنه متابع للانتخابات التركية، ويحبذ فوز الرئيس أردوغان، معتبراً أنه سيكون جزءاً من الحل السياسي في سوريا فيما بعد.

وأضاف الحاج عبد الرزاق لموقع "تلفزيون سوريا" أن التطبيع التركي مع النظام السوري قد يضغط على النظام للإفراج عن المعتقلين أو يحسن الوضع الاقتصادي للسوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرته.

ولفت أن لديه ابناً في المعتقل منذ 9 سنوات لم يسمع عنه أي شيء، حبذا لو يتحرك الحل السياسي، لم نعد نريد سوى معرفة مصير أبنائنا الذين غيبوا في السجون.

وبيّن أن "المعارضة التركية قد تعطي النظام كل شيء مرة واحدة وتصالحه من دون أي مقابل، لكن حكومة أردوغان قد تفاوض، يعني أنا خبرتي السياسية جيدة، حتى موضوع اللاجئين وطردهم من تركيا قد يتغير مع التجديد لأردوغان".

وأكمل أن عدم فوزه من المرة الأولى شكل حالة صدمة للكثير من السوريين خصوصاً المقيمين في تركيا، إلا أن البعيدين أيضاً لم يرتاحوا للنتيجة، معرباً عن أمله أن يفوز في الجولة الثانية.

بانتظار لم شمل

ولم تكن الحالة الإنسانية بعيدة عن أحداث الانتخابات التركية، حيث قالت ميساء (24 عاماً) إنها عقدت قرانها على أحمد اللاجئ في تركيا منذ عام ونصف، ورغم أن الأخير يحمل الجنسية التركية إلا أن طلب الفيزا لزوجته ميساء قد رفض بالسفارة التركية ببيروت.

وأضافت ميساء لموقع "تلفزيون سوريا" أننا كنا ننتظر فوز الرئيس أردوغان ليتم زواجنا، حيث نبهنا الكثير لأن ننتظر لأن التأشيرات إلى تركيا متوقفة أو قليلة جداً.

وأشارت إلى أنها أجرت كتب كتاب كامل في سوريا، وتريد أن تجري عقداً جديداً بتركيا لأن زوجها تركي الآن، مشددة أن الجولة الثانية كانت بمثابة الصدمة عليها.

ويعاني الكثير من السوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام السوري ولبنان من رفض طلب التأشيرة إلى تركيا، إلا أن بعض الحالات تقبل بسبب دفع رشاً عبر سماسرة حيث يصل سعر الفيزا إلى تركيا مع طلب زيارة مسبق ما بين ألفين إلى 3 آلاف دولار.

ولفتت ميساء إلى أنها سألت أكثر من سمسار بخصوص تأمين تأشيرة إلى تركيا، فكانت الأسعار تصل أحياناً إلى 4 آلاف دولار وقد يقل السعر في حال كانت تأشيرة طلابية ولدى الشخص المتقدم قبول جامعي.

وينتظر جميع من قابلهم موقع "تلفزيون سوريا" عقد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بتركيا وفوز الرئيس أردوغان على أمل أن يبقى وضع السوريين على حاله للخمس سنوات المقبلة دون أي تغيير.