icon
التغطية الحية

كيف يعتزم كليتشدار أوغلو ترتيب أوراقه لجذب القوميين في الجولة الثانية؟

2023.05.18 | 06:52 دمشق

آخر تحديث: 27.05.2023 | 12:18 دمشق

زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح تحالف الأمة المعارض كمال كليتشدار أوغلو (رويترز)
زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح تحالف الأمة المعارض كمال كليتشدار أوغلو (رويترز)
إسطنبول - حمزة خضر
+A
حجم الخط
-A

توجه الناخبون الأتراك إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد الفائت 14 أيار لاختيار أعضاء البرلمان في دورته الـ 28 واختيار الرئيس الثالث عشر لتركيا، والذي تنافس على هذا المقعد 3 مرشحين، وهم مرشح تحالف الشعب رجب طيب أردوغان، ومرشح تحالف الأمة كمال كليتشدار أوغلو، ومرشح تحالف الأجداد سنان أوغان.

وفشلت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في اختيار رئيس الجمهورية التركية، وذلك بعدما حصل الرئيس التركي الحالي على 49.5 في المئة تقريباً من أصوات الناخبين، بينما حصل منافسه التقليدي كمال كليتشدار أوغلو على 44.8 في المئة من الأصوات، في حين خالف المرشح سنان أوغان التوقعات التي أشارت إلى احتمالية حصوله على 1.5 في المئة من الانتخابات، إلا أنه حصل على 5.2 من أصوات الناخبين.

وبحسب قانون الانتخابات التركية الذي ينص على ضرورة حصول المرشح على 50 بالمئة من الأصوات وصوت واحد إضافي لتصبح أغلبية، والذي يعرف عنه بقانون (50+1)، يتوجب على المرشحين اللذين حصلا على أعلى نسبة تصويت في الانتخابات، الذهاب إلى جولة انتخابية ثانية يحدد فيها الرئيس التركي المقبل.

ويحدث في عرف الانتخابات أن يعمل الطرفان المتبقيان في سباق الرئاسة على استمالة المرشحين الذين خرجوا من السباق من أجل الحصول على دعمهم في الدورة الانتخابية المقبلة، ويكون ذلك عبر التوصل إلى اتفاق يستند إلى نقاط وأهداف متقاطعة لكلا الطرفين.

ويعرف عن مرشح تحالف الأجداد، سنان أوغان، معاداته للاجئين السوريين خاصة والمهاجرين عامة في تركيا، وهو ما صرح عنه في مناسبات عديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والوسائل الإعلامية، وضمنه في حملته الانتخابية التي دعمها زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ الذي يتزعم أيضاً تحالف الأجداد.

خطوط أوغان الحمراء

كشف سنان أوغان عن شروطه لدعم مرشحي الرئاسة التركية خلال لقاء أجراه لصالح موقع (BBC) التركية، كان على رأسها محاربة الإرهاب والتخلي عن الأحزاب السياسية التركية "التي تدعم الإرهاب" وإعادة اللاجئين، والتي اعتبرها خطوطاً حمراء لا يمكن النقاش فيها.

وإذا ما اعتبرنا أن هذه الشروط ملائمة لتحالف الشعب بزعامة أردوغان، وخاصة فيما يخص محاربة الإرهاب، والابتعاد عن الأحزاب السياسية المتهمة بدعمها للإرهاب، مثل حزب الشعوب الديمقراطي الذي أعلن عن دعمهم كليتشدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية، إلا أن سنان شدد على ضرورة اتخاذ حزب العدالة والتنمية إجراءاته من أجل إعادة اللاجئين إلى بلادهم من أجل الحصول على دعمه.

وعلى الرغم من تصريحات المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، الذي أفادت بأن سنان يميل أكثر إلى تحالف الشعب، إلا أن نتائج الانتخابات تظهر أن الرئيس التركي كان يبحث عن 0.5 في المئة من الأصوات لكسب السباق الانتخابي، بينما كان ينقص كليتشدار أوغلو أكثر من 5 في المئة من الأصوات، وهي النسبة التي حصل عليها أوغان.

كليتشدار أوغلو يعيد ترتيب أوراقه

أشار الصحفي التركي إسماعيل سايماز، في مقاله اليومي على موقع (Sözcü) إلى أن كليتشدار أوغلو بدأ اليوم التحضيرات للـ 28 من أيار، حيث يخطط للحصول على أصوات الناخبين القوميين عبر عكس الحملة التي تربط حزب الشعب الجمهوري بالإرهاب، مع المحافظة على تحالفه مع حزب الشعوب الديمقراطي.

ونقل سايماز عن مسؤولين من حزب الشعب الجمهوري، أن كليتشدار أوغلو سيتخلى عن شعار "أعدكم بقدوم الربيع" التي استمرت تسعة أشهر والتي كانت تعتمد على عدم التدخل في المسائل الحساسة، وسيتبنى بدلاً من ذلك لغة أكثر عدوانية حتى 28 أيار موعد الجولة الثانية.

وأوضح سايماز بأن كليتشدار أوغلو سيعمل على ضرب العدالة والتنمية عن طريق ربطها بعلاقة مع حزب الهدى الذي يعتبره البعض امتداداً لحزب الله الكردي، مع التركيز على مسألة اللاجئين السوريين في تركيا، وربما يتبنى خطاب أوزداغ وأوغان، الذي ينوي التواصل معهم خلال الأيام القليلة المقبلة.

وتفسر التسريبات التي نقلها سايماز خطاب كليتشدار أوغلو الذي هاجم فيه الحكومة التركية، وادعى من خلاله وجود 10 ملايين لاجئ في تركيا، متهماً حكومة العدالة والتنمية بفتح الحدود أمام جميع اللاجئين لدخول البلاد، بعدما كان يتبنى خطابا "أكثر هدوءاً" فيما يخص اللاجئين السوريين خصوصاً.

مناهضة اللاجئين

وفي تسجيل مصور نشره كليتشدار أوغلو على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، قال فيه: "لن نترك وطننا لهذه العقلية التي جلبت إلينا 10 ملايين لاجئ غير نظامي.. الحدود شرف".

وتابع مهاجماً: "لن نترك الوطن لمن يتعامل مع المواطنين تارة على أنهم أكراد وتارة على أنهم حزب عمال كردستاني، ومرة على أنهم متدينون ومرة على أنهم أتباع فتح الله غولن".

الخطاب الهجومي الذي استعمله كليتشدار أوغلو اليوم يعد مغايراً لما أدلى به قبل أيام خلال مقابلة أجراها مع تلفزيون (DRW) الألماني، حيث كشف عن وجود 4 ملايين سوري في تركيا يعملون دون تأمين صحي واجتماعي يضمن مرحلة التقاعد عند الوصول إليها بعد عدة سنوات.

واستخدم كليتشدار أوغلو خلال المقابلة كلمة "توديع" السوريين وليس إعادتهم، مشيراً إلى أن نظرته ليست عنصرية فيما يخص هذا الموضوع: "نحن لسنا مستائين منهم أبداً، لدينا روابط عائلية معهم"، وأعاد شرح خطته لعودة السوريين التي تعتمد على تهيئة سوريا من أجل سهولة استقبالهم من جديد.

وبعد يومين من انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات، أظهر الحساب الرسمي لكليتشدار أوغلو إعجابه بتغريدة تانجو أوزجان رئيس بلدية بولو عن حزب الشعب الجمهوري، الذي قال فيها: "ستكون هناك انتخابات بين الذين يقولون لن نرسل اللاجئين في 28 أيار والذين يقولون سنرسلهم... الذين يقولون دعهم هنا سيعطون صوتهم لرجب طيب أردوغان، والذين يقولون فليذهبوا سيعطوا أصواتهم لـ كمال كليتشدار أوغلو. مثلما أريد أن أرسلهم (اللاجئين) سيقوم السيد كمال بإرسالهم بالطريقة نفسها".

تخبط أم تلافي للأخطاء؟

خلال عملية فرز الأصوات، ظهر رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، برفقة رئيس بلدية أنقرة الكبرى، منصور يافاش، عدة مرات في مؤتمرات صحفية قصيرة، دعوا الناس فيها إلى عدم تصديق نتائج وكالة الأناضول فيما يخص نسب المصوتين.

وكشف الطرفان عن إحصائيات الناخبين التي تبين تقدم كليتشدار أوغلو على الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، وبأن مرشح تحالف الأمة سيحصل على مقعد الرئاسة من الجولة الأولى.

وتبين فيما بعد، وبحسب تصريحات الهيئة العليا للانتخابات التركية، أن الأصوات التي فرزت والمتبقية دون فرز أو لم يتم البت في طعونها، لا تخول أحدا من المرشحين الثلاثة للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، وهو ما ينقلهم إلى جولة ثانية من الانتخابات.

وألقى كليتشدار أوغلو كلمة أمام مناصريه، يعبر فيها عن استعداده دخول الجولة الثانية من الانتخابات، وعقب ذلك في اليوم التالي قرار استقالة نائب رئيس مجلس إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في حزب الشعب الجمهوري التركي، ومساعد كليتشدار أوغلو في الحملة الانتخابية أونورسال أديغوزال.

وأكد أديغوزال على أن قرار الاستقالة جاء بسبب الرأي السلبي للجمهور على أدائه في نقل المعلومات ونتائج الانتخابات، إلا أن صحيفة (SÖZCÜ) المقربة من حزب الشعب الجمهوري أفادت بأن كليتشدار أوغلو هو من أقاله من منصبه.

وكشف الصحفي إسماعيل سايماز عن أن كليتشدار أوغلو قطع علاقته مع أكان أبدولا وعلي كرميدتشي أوغلو، اللذين كانا يديران حملته الانتخابية بعد أديغوزال.

وأوضح سايماز أن "هؤلاء الاثنين هم اللذان قاما بتخطيط رحلات كليتشدار أوغلو الشائكة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، ونصحا بتعيين جيريمي ريفكين كمستشار، وهو ما أثار جدلاً".

رابحون كثر وخاسر وحيد

ويمكن أن تدل هذه التبديلات والإقالات على رغبة كليتشدار أوغلو في تبني خط جديد وسريع لإدارة حملته قبل أيام قليلة من الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، وخاصة أنه قدم العديد من المقاعد البرلمانية للأحزاب التي حصل على دعمها عبر "الطاولة السداسية".

منح كليتشدار أوغلو بعض الأحزاب مقاعد في البرلمان عبر ضمهم إلى قائمته الانتخابية، حيث حصل حزب (DEVA) على 15 مقعداً، وحزب المستقبل وحزب السعادة حصلا على 10 مقاعد لكل منهما، وحزب الديمقراطي حصل على 3 مقاعد نيابية.

وبجمع المقاعد البرلمانية التي فقدها الشعب الجمهوري، والبالغ عددهم 38 مقعداً لصالح الأحزاب في الطاولة السداسية، والذي يمكنهم أن يشكلوا كتلة نيابية مستقلة عن الشعب الجمهوري في البرلمان عند تشكيله، ضحى بهم كليتشدار أوغلو للفوز بمقعد الرئاسة.

يسعى كليتشدار أوغلو خلال الأيام القليلة المقبلة على كسب غايته وفرصته الوحيدة في أن يصبح الرئيس التركي الثالث عشر للجمهورية التركية، وهو ما حاول على مدار أشهر عديدة تحقيقه عبر توزيع المكاسب على حلفائه من الأحزاب المعارضة على الطاولة السداسية، وهو ما يحاول تطبيقه الآن في سعيه لاستدراج سنان أوغان لإعطائه مكاسب جديدة تضمن تفوقه على منافسه رجب طيب أردوغان.