icon
التغطية الحية

الولايات المتحدة وروسيا.. توتر يتصاعد في البر والجو بعدة مناطق

2020.09.02 | 19:11 دمشق

15818447481612851171.jpg
عربات عسكرية روسية وأمريكية وللنظام في سوريا (إنترنت)
NYT - ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

إن المماحكات التي وقعت مؤخراً في أوروبا والشرق الأوسط وقبالة سواحل آلاسكا زادت من التوتر بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية. 

طائرات حربية روسية انحرفت عن مسارها في عدة مناسبات وحلّقت على مسافة 100 قدم لدى مواجهتها لقاذفة بي-52 التابعة للقوات الجوية الأميركية فوق البحر الأسود، كما حلقت ست طائرات حربية روسية بالقرب من آلاسكا فاندفعت طائرات إف-22 التابعة للقوات الجوية لاعتراضها.

وتعرض سبعة جنود أميركان للإصابة عندما عمدت مركبة مصفحة روسية إلى الاصطدام بدورية عسكرية أميركية في شمال شرقي سوريا.

وفي غضون أيام قليلة خلال الأسبوع الماضي، اشتعل التوتر الدفين بين الجيشين الأميركي والروسي في مختلف بقاع العالم، فالعلاقة بين واشنطن وموسكو المثقلة بالأصل بأدلة تكشفت مؤخراً تتصل بالتدخل بالانتخابات الأميركية، شابها كثير من التوتر عقب المواجهات العسكرية الأخيرة.

وقد قرّع جوزف ر. بايدن جونيور في خطاب له في بنسلفانيا يوم الإثنين الماضي الرئيس ترامب لفشله في معالجة مسألة الشجار الذي وقع في سوريا علناً، وقال: "هل سمعتم الرئيس ينطق بكلمة واحدة (بشأن هذا الموضوع)؟ أو حتى يشير له بإصبع من أصابعه؟"

وانتقد السيد بايدن المرشح الديمقراطي للرئاسة الرئيس ترامب لعدم طرح قضية المكافآت الروسية المشبوهة التي وضعت لمن يأتيهم بجنود أميركان في أفغانستان وذلك خلال العديد مع المكالمات الهاتفية التي أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الأشهر الماضية.

وعلق على ذلك بالقول: "لم يلعب قبله أي رئيس أميركي دور المتذلل أمام أي رئيس روسي. وهذا الوضع ليس خطيراً فحسب، بل إنه مذل ومحرج في حال شاهدته بقية دول العالم، كونه يظهرنا بمظهر الضعفاء"، وأضاف: "لم يعد بوسع الجنود الأميركيين أن يشعروا بالأمان في ظل إدارة ترامب".

فالرئيس قال إنه لم يأت على ذكر تقييم وكالة الاستخبارات المركزية لتلك المكافآت والجوائز عندما تحدث مع الرئيس بوتين، ووصف التقارير الاستخباراتية تلك بأنها مجرد خدعة ولم يتضح ما إذا تحدث الرئيس عن الموضوع في مكالمة هاتفية جمعته مع الرئيس بوتين يوم الخميس الماضي.

وبالمقابل، ذكر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأنه أخذ هذه القضية على محمل الجد، لدرجة أنه حذر مع أحد كبار قادة البنتاغون نظيريهما من الروس حيال هذا الموضوع.

وقد وقعت تلك الحوادث خلال الأسبوع الماضي في الوقت الذي أعلن فيه منتقدو ترامب أنه رفض أن ينتقد أو أن يهدد العدوان الروسي المتزايد تجاه الغرب وأنه عمل على تلبية ما تطمح إليه موسكو.

يذكر أن الولايات المتحدة خففت من انتشارها في ألمانيا بعدد يقارب 12 ألف جندي بسبب اعتراضات وجهتها دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي، ولطالما كان تقليص الوجود العسكري مصدر استياء بالنسبة للكرملين، ولهذا دعا الرئيس ترامب الرئيس بوتين في حزيران الماضي لاجتماع موسع يضم مجموعة السبع بالرغم من منع روسيا من حضور تلك الاجتماعات التي تضم القوى الاقتصادية العظمى في العالم بعد قيام روسيا بضم القرم في عام 2014 وهجومها على شرق أوكرانيا.

بيد أن تلك المماحكات والنداءات القريبة في وسط الأجواء بحراً وبراً وقعت بشكل دوري على مدار السنتين الماضيتين وذلك ضمن المنافسة في التوسع وزيادة الانتشار العسكري، والذي يكرر ما جرى في الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو.

إلا أن المسؤولين الأميركيين لاحظوا ظهور موجة جديدة من الحوادث شبه المتزامنة، وكل منها يزيد من فرص وقوع حوادث وسوء تقدير أو حساب.

وبخصوص هذا الموضوع يقول كيرتس إم. سكاباروتي وهو جنرال متقاعد من الجيش وأحد كبار القادة العسكريين في حلف شمال الأطلسي: "يبدو أن الأعمال العدوانية الروسية قد انتعشت خلال الأشهر الأخيرة، لكني أشك في أنهم يقتنصون فرصة التركيز على كوفيد ليبدوا المزيد من العدوانية. فهم يراعون أيضاً مسألة تخفيض عدد الجنود الأميركيين في ألمانيا وغير ذلك من حالات التوتر التي تعتري ذلك التحالف. فهل هذا هو الوقت المناسب لزيادة التوتر ولو بنسبة قليلة؟"

ولدى سؤاله عن الحادثة التي وقعت في شمال شرق سوريا خلال الأسبوع المنصرم رد بومبيو بالقول: "إنها نوع من الأمور التي نعمل عن كثب مع الروس لنصفها بأنها تمثل سلوكاً غير مقبول وبأن أميركا سوف ترد".

وقد بدأت تلك المشكلة صباح الثلاثاء الماضي ضمن ما وصفه البنتاغون بدورية أميركية اعتيادية بالقرب من ديريك بسوريا.

هذا وقد وقعت اشتباكات بين الجنود الروس والأميركان على الطرقات السريعة في تلك المنطقة، في خرق للاتفاقيات بين البلدين التي تقضي بتجنب أحدهما للآخر بحسب ما ذكره مسؤولون أميركان، وقد انسحبت الولايات المتحدة من معظم تلك المنطقة.

وتظهر الفيديوهات حول ذلك الاشتباك التي انتشرت على تويتر يوم الأربعاء الماضي مركبتين روسية وأميركية وهما تسرعان في حقل مفتوح، لتقوم بعد ذلك المركبة الروسية بالاصطدام بالمركبة الأميركية فيما حلقت مروحية روسية على مسافة منخفضة فوق القوات الأميركية، وقد أشعل هذا الصدام فتيل حرب كلامية وتهديدات بالأيادي بين الطرفين.

وفي بيان للمتحدث الرسمي باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض السيد جون أوليوت صدر يوم الأربعاء الماضي قال: "تمثل تلك الأفعال غير الآمنة وغير الاحترافية خرقاً لمبادئ وقف النزاع، التي التزمت بها روسيا أمام الأمم المتحدة في شهر كانون الأول من العام 2019".

هذا وقد انتقد أعضاء في الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين بل حتى من أعوان ومساعدي ترامب في الأمن القومي رد البيت الأبيض ووصفوه بأنه غير كاف على نحو مريع.

وفي اليوم التالي، أصدر البنتاغون ومسؤولون في الإدارة الأميركية الوسطى بيانات أشد، أدانوا فيها ذلك العمل العدواني من قبل روسيا.

فلقد أقدم الروس على "التحرك وملاحقة الرتل العسكري التابع للتحالف بطريقة عدوانية وطائشة، ويشمل ذلك إصابة مركبة عسكرية أميركية، والتحليق على مسافة منخفضة للغاية من قبل مروحية روسية" وذلك عقب فشلهم في الاستعانة بقنوات التواصل الموجودة للمطالبة بالمرور عبر منطقة عسكرية في شرق سوريا قريبة من ديريك، بحسب ما ذكره النقيب بيل أوربان الناطق الرسمي باسم القيادة الوسطى في بيان له.

هذا وقد تمت معالجة سبعة جنود أميركان من أعراض بدت شبيهة بأعراض ارتجاج الدماغ وذلك في قاعدتهم العسكرية الموجودة في سوريا ليعودوا إلى الخدمة بعد ذلك بفترة قصيرة بحسب ما ذكره النقيب أوربان.

فيما ناقض البيان الصادر عن البنتاغون وبحدة ما ورد في الروايات الروسية، ففي مكالمة هاتفية أجراها الجنرال مارك أ. ميلي رئيس قيادة الأركان المشتركة وذلك عقب الحادثة بقليل، ذكر الجنرال فاليري في. غيراسيموف القائد الروسي للأركان العامة، بأن الجنود الأميريكان حاولوا أن يقطعوا الطريق أمام الدورية الروسية في "خرق واضح للاتفاقيات المبرمة بين الدولتين" بحسب منشور للسفارة الروسية على فيس بوك.

وخلال تلك المحادثة أخبر الجنرال غيراسيموف الجنرال ميلي بأنه تم إخطار قادة التحالف مسبقاً حول مرور الجنود الروس في تلك المنطقة بحسب ما ورد في ذلك المنشور. فيما ذكر الجنرال غيراسيموف للجنرال ميلي بأن الجنود الأميركان حاولوا منع الدورية العسكرية الروسية التي "قامت بكل خطوة لازمة لمنع وقوع الحادثة ولتواصل مهمتها"، وأكدت الناطقة الرسمية للجنرال ميلي بأنه تحدث إلى نظيره الروسي لكنه رفض الكشف عن تفاصيل تلك المكالمة.

وعلى بعد أكثر من خمسة آلاف ميل وقعت حالة تنافس أخرى يوم الخميس مجدداً، وذلك عندما اعترضت طائرات إف-22 التابعة لسلاح الجو الأميركي ست طائرات من طراز تو-142 كانت تؤدي مهمة دورية بحرية أثناء تحليقها على مسافة تبعد 50 ميل بحري عن ساحل آلاسكا ضمن منطقة الأجواء الدولية بحسب ما ذكرته قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية.

ففي الوقت الذي تقوم فيه روسيا وفي مناسبات عدة بإرسال طائراتها العسكرية لتحلق ضمن هذه المنطقة البعيدة عن المجال الجوي الأميركي والكندي، تعترض سبيل تلك الغارات عادة طائرات أميركية أو كندية لتقوم بتفتيش الطائرات الروسية، فقد ذكر مسؤولون أميركان بأن تلك الطلعات الجوية قد زادت خلال الأشهر الماضية.

وذكر اللواء غلين دي. فانهيريك رئيس قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية في بيان له: "أجرينا خلال هذا العام أكثر من عشرة عمليات اعتراض فكان ذلك الرقم هو الأعلى خلال السنوات الماضية".

وقد أجرت الولايات المتحدة استعراض القوة الخاص بها في اليوم التالي، أي يوم الجمعة، وذلك عندما دفعت بأربع قاذفات من نوع بي-52 إلى التحليق في دول حلف شمال الأطلسي في أوروبا.

وبذلك استمر العمل بمبدأ واحدة بواحدة عندما قامت طائرتان روسيتان من نوع سو-27 فلانكر بالعبور على مسافة 100 قدم أمام إحدى الطائرات العسكرية من طراز بي-52 فيما وصفه الجيش الأميركي في بيان له أرفق بفيديو بأنه أسلوب "غير آمن ولا احترافي" وبالنتيجة فإن الاضطراب الذي اعترى طائرة بي-52 أعاق قدرتها على المناورة بحسب ما ورد في ذلك البيان.

وفي بيان صدر عن الجنرال جيفري إل. هاريجيان، قائد سلاح الجو الأميركي في أوروبا وأفريقيا قال: "إن تصرفات مثل هذه تزيد من احتمال وقوع اصطدام في الجو، ولهذا فإنها غير ضرورية ولا تنسجم مع الروح العسكرية العالية للطيار ولا مع قوانين الطيران الدولية".

فيما ذكر محللون مستقلون مختصون بسياسة الكرملين بأن الاستفزازات الروسية ستستمر على الأرجح في حال عدم إظهار إدارة ترامب المزيد من العدوانية.

وذكرت ألينا بولياكوفا الرئيسة والمديرة التنفيذية لمركز تحليل السياسة الأوروبية في واشنطن بأن: "النهج الروسي يقوم على الدفع دوماً نحو احتواء جزء من القضية ثم انتظار الرد، وهذا النمط المستمر الذي يبديه السلوك الروسي يعني بأننا لم نحدث عواقب وخيمة لمنع التصعيد المتواصل في كل الساحات التي يسعى الروس فيها لتقويض المصالح الأميركية".

المصدر: نيويورك تايمز