icon
التغطية الحية

"العنوسة" في اللاذقية.. ضريبة الحرب التي يدفعها الشبان

2022.10.10 | 06:30 دمشق

صالة أعراس في سوريا (فيسبوك)
صالة أعراس في سوريا (فيسبوك)
تلفزيون سوريا - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

وسط موجة هجرة كثيفة وأوضاع اقتصادية خانقة وسحب عدد كبير من الشبان للخدمة الاحتياطية تدفع الفتيات في الساحل السوري الثمن باهظا مع عزوف الشبان عن الزواج وارتفاع نسب العنوسة بشكل غير مسبوق.

ناقوس الخطر الذي تناقلته قبل أيام صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي لرسالة من فتاة تطلب من الشبان السوريين المغتربين إنقاذ الفتيات من العنوسة تلخص حقيقة ما وصل إليه الوضع من فتيات، وصلن إلى عمر الثلاثينيات وهن ما زلن بانتظار الارتباط.

ندى واحدة من تلك الفتيات تقيم في مدينة جبلة جنوب اللاذقية أنهت منذ أربع سنوات تعليمها الجامعي وما زالت تنتظر إلى اليوم في منزل أسرتها.

تقول ندى (فضلت عدم ذكر اسمها الكامل) إنها لم تتوقع أن تصل إلى يوم تفقد فيه الأمل بأن تصبح أماً مضيفة:" لدينا الكثير من الشبان الأقارب لكن معظمهم سافروا بعضهم في الخليج وآخرون في السودان ومصر وأوروبا".

وتؤكد ندى في حديث لموقع "تلفزيون سوريا"، أن أكثر ما يزعج الفتيات اللواتي وصلن إلى نهاية العشرينيات هي كلام العائلة والأصحاب ممن ينظرون بنظرة الشفقة لنا وتكرار عبارة "إن شاء الله منفرح فيكي عن قريب". وتختم:" يبدو أن الفرح محظور على هذا الجيل الذي دفع فاتورة شبابه في هذه الحرب دون أن يكون لهم أي ذنب".

قصة مرح (26 عاما) مختلفة قليلا عن سابقتها فبعد أن استمرت في علاقة خطبة لثلاثة أعوام مع شاب يقيم في ألمانيا انتهت هذه العلاقة بسبب تراجع الشاب في اللحظات الأخيرة عن إتمام معاملة لم الشمل.

لا تخفي مرح في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا" خشيتها من العنوسة وترى أن المؤهلات الجامعية والتعليم لم تعد أموراً تجذب الشبان عند رغبتهم في الارتباط. موضحة أن الحرب غيرت كثيرا من المعايير وباتت الزيجات معظمها في الساحل تتجه نحو الفتيات الصغيرات اللواتي عمرهن لا يتجاوز 18 عاما.

"العنوسة" للفتيات والشباب

وترى مرح أن السبب الأساسي لذلك هو قبول أهل الفتيات تزويجهن بعمر صغير وارسالهن للخارج خشية من العنوسة، في حين يفضل معظم الشبان الزواج من فتيات صغيرات.

وبحسب آخر بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة النظام السوري فإن نحو 3 ملايين فتاة سورية عازبة تجاوزن سنّ الثلاثين عاماً، ونسبة العنوسة في سوريا تقترب من 70%، وفق المعايير الاجتماعية المحلية.

من جانب آخر لفت المحامي نزار يحيى في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" إلى أن مصطلح العنوسة لا ينطبق فقط على النساء، إنما يشمل الجنسين، وهو تعبير عام لوصف الأشخاص الذين تعدوا سنّ الزواج المتعارف عليه في المجتمعات.

وأضاف يحيى المنحدر من الساحل السوري والمقيم حاليا في إدلب أن الهم الأكبر حاليا للشبان لاسيما في مناطق النظام هو الهجرة وبَدءُ حياةٍ جديدة كلياً بسبب حالة اليأس التي وصلوا لها وترتيب هذه الحياة يتطلب وقتا طويلا يجعل من فكرة الزواج أمرا غير مرغوب فيه.

كما أشار المحامي إلى أن بطء إجراءات لم الشمل في الدول الأوروبية وصعوبته في تركيا فاقم كثيراً من أزمة الشابات اللواتي ارتبطن بشبان مهاجرين والكثير من القصص انتهت بالفشل بسبب صعوبة تأمين الأوراق المطلوبة وطول فترة الانتظار.

ورغم أن سن العنوسة المتعارف عليه في الساحل مرتفع عن باقي المناطق السورية حيث يتراوح للفتيات بين 25 إلى 29 للنساء وبالنسبة للرجال بين 32 و34 إلا أن هذا العرف كما يؤكد يحيى بات غير صالح في السنوات الأخيرة بسبب العدد الكبير من الشابات اللواتي وصلن لهذا العمر من دون زواج.

الأزمة الاقتصادية تمنع الشبان من الزواج

الشاب موسى (34 عاما) يقيم في مدينة اللاذقية لم يرتبط حتى اليوم ولا يزال مصرا وفق قوله على رفض فكرة الزواج في مثل الظروف.

ويبرر موسى في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" قراره بعدة أسباب أبرزها الأوضاع الاقتصادية ومتطلبات الزواج الكبيرة التي لا تتنازل عنها أي فتاة عندما يتم الأمر، مضيفا لهذه الأسباب انشغاله بإعانة والده المتقاعد وأمه.

بدورها قالت متخصصة علم الاجتماع زينب كلاوي إن اختلال توازن المجتمع نتيجة الحرب ومفرزاتها ينتج بالطبع الكثير من النساء العانسات والأرامل وهذه نتيجة حتمية لكن طريقة التعامل مع هذه الأزمة هو ما يمكن أن يخفف من آثارها. واستدركت بالقول:" مشكلة العنوسة في سوريا مركبة فمن جهة خسائر الشبان في السجون والمعارك ومن جهة أخرى الهجرة التي كانت أشد وطأة على النساء في السنوات الثلاثة الأخيرة ومع كل هذه الظروف لا توجد أي تحركات حقيقية من أي جهة في سوريا لحل هذه المشكلة وتسليط الضوء على واقع آلاف الشابات وهذا ما يفاقم وضع العانسات".

وترى كلاوي أن الحلول الواقعية الحالية لمعالجة مشكلة العنوسة تكمن بتنازل الأسر من كلا الطرفين عن الحاجات المادية الباهظة الثمن وتسهيل إتمام الزواج وعدم وضع شروط تدفع الشاب للتخلي عن فكرة الزواج، كما يجب بحسب الباحثة الحد من زواج القاصرات في المجتمع لأن هذا الأمر يزيد من حالات الطلاق ويقلل من فرص زواج الشابات الأكبر. كما نوهت إلى ضرورة أن يتحمل الشبان في المهجر المسؤولية ويقبلوا بشكل أكبر على الزواج من فتيات بلدهم.